بقلم: ماهر حسن
إن سياسة حزب العمال PKK، ليست سوى مؤشرات هينة لطور اللحاق والتبعية للدول الغاصبة لمكاننا، وترفض أن تكون عنصراً محيطياً راكداً، بدّلت شعاراتها إلى أخوة الشعوب، وباتت قاعدة عسكرية تركية متقدمة في مواجهة الحركة الكوردية. الواقع آنذا يلخص بجملتين : حركة يتبعها الكورد لكنها تقارع وتناهض قيام دولة لهم ونصبت نفسها وصياً على جميع الأجزاء مع استعداد مبدئي لانقلاب على أية خطوة من شأنها أن يستحوذ الكورد على حقوقهم مثل مشاركة الحشد الشعبي العراقي باجتياح كركوك بتاريخ 16 اكتوبر لعام 2017 ولم نشهد أي تمرد خشن مع أعداء الكورد سوى كلمات رنانة يباح بها قادة العمال يتوهم للمرء أن الحرب على وشك الحدوث في المناطق غير الكوردية.
الحركة ذو أهمية تقليدية بوصفها درعاً للدول الغاصبة في مواجهة الحركة الكوردية، وذو أهمية إيديولوجية حاضرة وباقية ولكنها بلا مشروع كورديايتي متكامل تعرف بها دورها الريادي في كوردستان.
من تطبيق القوة الناعمة إلى أخوة الشعوب:
أولا: إذ انخرطت المنظومة في جولات سياسة مكوكية مع الحركات الكورية تحت حجة نسج علاقات كوردية كوردية وتصدر نفسها بوصفها نموذجاً مثالياً في السياسة وصفرية المشكلات. كان حزب أوجلان لحاقاً بالحركة الكوردية ومن ثم انعتاقاً منها إلى المواجهة وتخوينها.
ثانياً: تظاهرها بالأفكار الايجابية باتت تشبه بهيئة استشارية بين الكورد لا أكثر، ولكن الحقيقة عكس ذلك تماماً، وليست إلا اجراءات بتصفية للمناوئين. وكأنما عمليات التصفية الجسدية أصبحت ضرورة لخروج الكورد من عزلتهم، وما أن يخمد الخلاف مع الحركة الكوردية حتى ينشب آخر وتشعل المواجهة من جديد، بالمحصلة تحاول المنظومة إبعاد الكورد عن فكرة الدولة وإعداده ليكون أمام موعد مع جبهات حرب خارج حدود وجغرافية كوردستان.
فمثل جميع الديكتاتوريات في الشرق الاوسط، سطوة منظومة العمال متوقفة على التخوين ونشر الاكاذيب وإلى جانب دور النظام البعثي والميت التركي المقربين منها، بالتالي تحوّلت المنظومة إلى حالة من الضعف الذاتي غير المرئي. هكذا تقوم إيديولوجية العمال الكوردستاني على الخوف من الحركة الكوردية لا سيما من بروز دور البيشمركة في المطالبة بحق تقرير المصير في إطار نمو المجتمع ومؤسساته وإصلاحاته في إقليم فيدرالي، لذلك ليس محالاً أن تكون هذه الايديولوجية قابلة للكسر في لحظة مفصلية.
في الحروب الوهمية طيلة أربعة عقود، خسر العمال ثقة أنصاره، لهذا السبب ومن أجل أن ينقذ نفسه، قرّر حزب العمال بعد تسليم عفرين وسري كانيه فتح جبهات مع البيشمركة وشنّ حملة تخوين من دون وجود أدنى مبرر لعمل متهور كهذا. لقد مثلت انتهاكات العمال تجاه سيادة إقليم كوردستان استمراراً لحروبه الطائشة ولعقليته تجاه البيشمركة، كما ليس لدى المنظومة تفكير جادّ حول القضية الكوردية ومستقبلها. فكلّ ما قامت وتقوم به أنها تحاول حلّ وتصهير القومية الكوردية في بوتقبة الأتراك والفرس والعرب، ودشن الحزب تاريخه بسلسلة من عمليات الاغتيال والمجازر حتى بات يبرّر اشتباكاته مع قوات بيشمركة كوردستان بحجة أن حكومة الإقليم تتآمر عليه لإلهائه عن القضية الكوردية في تركية، ولم يتردّد لدى تسليمه السلطة من البعث في كوردستان سوريا في إلقاء نفس التهمة على الحركة الكوردية ولا سيما المجلس الوطني.
وللأسف، يعتبرها البعض سياسة عقلانية وموضوعية، حيث لم يتردّد في بعض الأحيان في اللجوء إلى البراغماتية وتغير لونه مثل الحرباء في قراءة الواقع، وتبرير الآبوجية رغم أنهم لا يمتلكون القدرة على صياغة أية استراتيجية أو أية سياسة عقلانية. كما أن جردة سريعة لأهم محطات سياسات حزب العمال كفيلة بأن تساعد على إضاءة الأسباب الفعلية التي قادته إلى هذا الانغمار العميق ضد القضية الكوردية وتنفيذها أوامر نظام البعث والميت التركي.
اتّضح في السنوات الأخيرة أن حزب العمال أكثر خطراً من الدول المحتلة لكوردستان، ليس لإمكاناتها ولا لقدراتها العسكرية، بل لترسانتها من الأفكار البالية وإيديولوجيات لا خير فيها تسببت إشعال حروب مدمرة. طبعاً أحقية التسلط والتحكم لدى العمال الكوردستاني يعوّق الحركة الكوردية في أي جزء كان، لأنه مبني على أوهام ولا تتّسم بالواقعية والحكمة…