دلباك كوردستاني
نشرت وكالة فرات للأنباء (ANF) والتي تعدّ لسان حال حزب العمال الكوردستاني PKK، أحدث تصريح لزعيم هذه التنظيمات المسجون في إيمرالي “آبو” حول الحملة الإعلامية الشرسة التي شنّتها وسائل إعلام هذه التنظيمات ومنصاتها الدعائية وماكيناتها الإعلامية، والتي تزعم مشاركة الحزب الديمقراطي الكوردستاني PDK الجيش التركي في عمليته العسكرية الحالية ضد مقاتلي الـ PKK في إقليم كوردستان.
فرغم المحاولة الحثيثة لوكالة الأنباء البككية هذه، إيهام الشعب الكوردستاني والرأي العام الكوردي وعموم متابعيها أن التقييم الذي نشرته الوكالة لزعيم هذه التنظيمات، يعود لوقت سابق، إلا أن الحقيقة لا يخفى على المختصّين في شؤون هذه التنظيمات، بل كلّ من له أدنى إلمام تأريخ وجذور هذه التنظيمات، فهم يدركون جيداً أن “آبو” مطّلع على سير الأحداث ساعة بساعة، وهو ليس بسجين إطلاقاً، بل يتمتّع بحرية تامّة ومطلقة في مكان محصّن يحرسه نخبة القوات التركية، ويلتقي بمن شاء ومتى شاء، ويصدر التصاريح التي تخدم الدولة التركية حسب عهوده للدولة ومنذ اللحظات الأولى من عودته لحضن الوطن الأم (تركيا)!
وكالة (ANF) حاولت إخفاء حقيقة أن التقييم جديد، فكتبت تحت مانشيت (القائد أوجلان خلال تقييم سابق له: كفى للتواطؤ مع العدو) فيا تُرى أي تواطؤ سابق؟! أم أن كلّ ما يصدر من الديمقراطي الكوردستاني يعتبر تواطؤاً للدولة التركية بالنسبة لـ “آبو” وتنظيماته؟
وذكرت الوكالة بأن “أوجلان أشار في وقت سابق خلال تقييم له، إلى تعاون الحزب الديمقراطي الكوردستاني مع الاحتلال التركي وقال “يرتدون لباس الحزب الديمقراطي الكردستاني إلا انهم كونترا للدولة التركية، مؤكداً انهم سينهون سياسات التواطؤ مع العدو هذه” ونتساءل هنا: متى أشار إلى تواطؤ الديمقراطي الكوردستاني مع جيش الاحتلال؟! علماً أن وسائل إعلام الـ PKK تصرخ بأعلى صوت بأن القائد أوجلان لم يلتقي بأحد منذ فترة طويلة؟! وأنه في عزلة خانقة؟! فكيف اطّلع على حقائق الأحداث؟! وكيف علم بأن الديمقراطي الكوردستاني تواطأ مع الجيش التركي؟! بل وهل تحرّى فعلاً الأحداث لكي يتأكّد بهذا القدر من التأكّد من تواطؤ الديمقراطي الكوردستاني مع جيش الاحتلال التركي حتى يدقّ المسمار الأخير في نعش الحرب الداخلية والاقتتال الكوردي-الكوردي؟!!
اللافت للنظر، أن رؤية قادة الـ PKK عموماً من دون استثناء، هي رؤية مشتركة لدولة الاحتلال التركي، فلا نرى في خطاباتهم ما يشير إلى وجود إقليم كوردي باسم إقليم كوردستان! وحكومة باسم حكومة إقليم كوردستان! أو قوات وطنية باسم بيشمركة كوردستان! فيا تُرى هل هذه مصادفة محضة أم مخطّط مشترك ومؤامرة أحيكت خلف الأبواب الموصدة؟!
بعدها تطرّق الزعيم المسجون لقضية إرادة شعب وحكومة، وكما اعتادت عليها هذه التنظيمات من إنكار التأريخ الكوردي، وانتهاج ثقافة رفض الآخر وعدم تقبّله، نفى زعيمها المسجون أية إرادة للشعب الكوردستاني، وأنكر وجود أية حكومة تحمل وسم الكوردايتي، وجحد وجود إرادة قيادة كوردستانية قادت العديد من الثورات والانتفاضات حتى بلغت بهذا الشعب المظلوم برّ الأمان؟! فيا تُرى أهكذا تورد الإبل؟!! أهكذا يردّ المعروف لأصحابه؟! فلو لم يكن الحزب الديمقراطي الكوردستاني الرائد في قيادة الثورات والانتفاضات، والمؤسّس لتراث البيشمركايتي، لو لم يكن هذا الحزب الأصيل صاحب إرادة، فمن برأيك صاحب إرادة؟! زعيم عاد لحضن أعدائه بمنتهى إرادته واعترف بكلّ ما أراد الأعداء الاعتراف به؟! زعيم أول ما قاله بأن (أمه تركية) وأنه على أتمّ الاستعداد لخدمة تركيا؟! زعيم وقف أثناء محاكمته أمام القضاة الأتراك والذين حضروا المحاكمة ونظر إلى أمهات الجنود الأتراك القتلى وقدّم اعتذاره لهنّ، وعبّر عن أسفه وندمه، وتوجّه إلى القضاة وتوسّل إليهم بأن لا يقتلوه، وأن لا يحكموا عليه بالإعدام وأن يبقوا على حياته، ووعد بأنه سوف يخدم الدولة التركية، وقال بأنه سوف يضع كلّ الكورد من القوقاز إلى البحر الأبيض المتوسط في خدمة الدولة التركية، إلى درجة أن الصحافة العالمية الغربية أصيبت بخيبة أمل كبيرة وبصدمة كبيرة جراء موقفه الهزيل في المحكمة؟!! زعيم اعتذر على ما بدر منه، وطلب النجاة بحايته، وتحمّل مسؤولية جميع جرائم القتل والإجراءات الأخرى التي وجهها المدعي العام ضده ولم ينكرها؟!
فهنا نتساءل: من يستحق أن نقول له: كفى! بل وألف كفى!!
وهنا ومن هذا المنبر أناشد الشعب الكوردي عموماً، الرأي العام الكوردستاني، الأحزاب الكوردستانية الوطنية المخلصة، عموم المثقفين والكتاب والفنانين والحقوقيين والنشطاء والسياسيين والطبقات الكادحة من العمال والفلاحين وكافة طبقات الشعب وأطيافه ومكوناته الشعب، رجال الأعمال وأصحاب الحرف والشركات، الجاليات الكوردية في الخارج وأوروبا على وجه الخصوص، أناشدهم بعدم الوقوف صامتين وكأن الأمر لا يهمّهم، بل الأمر يهمّنا جميعاً، هذه التنظيمات التي قضت على آمالنا نحن الكورد في شمالي كوردستان، ثم أحكمت قبضتها على روج آفا، وأهدت العديد من المناطق الكوردستانية كعفرين وكري سبي وسري كانيه لدولة الاحتلال التركي على طبق من ذهب، ها هي اليوم تواصل نهجها المحرّف وتجذب الجيش التركي لعمق إقليم كوردستان بحجة مقاومة مزيفة ومعارك عبثية، نعم، أصبحت الـ PKK سرطاناً يسري في جسد كوردستان، إن لم توقفوها الآن فمتى ستفعلون؟! قولوا لها: كفى! انبروا لها ولممارساتها…