هدّدت تنظيمات حزب العمال الكوردستاني PKK المثقفين والكتاب والباحثين والسياسيين والوطنيين المخلصين الكورد بالقتل حال انتقادهم لممارسات هذه التنظيمات على وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي بل وعموم منصّات السوشيال ميديا، بل تعدّى الأمر ذلك، فقد أوعزت هذه التنظيمات أوامر لمرتزقتها بإرسال هذه الرسالة مباشرة لعوائل البعض من هؤلاء وتحذيرهم: (سنسكت أبنائكم إن لم يسكتوا!!).
ونظراً لانخفاض شعبية هذه التنظيمات خلال الآونة الأخيرة وفقدانها لتوازنها وثقلها بين الشعب الكوردي، وازدياد المناوئين والمخالفين والمنتقدين لها في محيطها، انتابت نوبات الهلع والشعور بالذعر وعدم الاطمئنان هذه التنظيمات، فعندما يتمّ الكشف عن الجوانب المظلمة لتأريخ هذه التنظيمات على وسائل التواصل الاجتماعي، أو إبراز السياسات المنحرفة التي تتبنّاها هذه التنظيمات في حياتها اليومية وبالأخص تلك المواقف المعادية للكورد والمنبوذة وطنياً وقومياً، ولدى انتقاد هذه التنظيمات وتأنيبها وردعها عن ممارسة مثل هذه الأعمال لا تزيدها هذا إلا شراسة وبغضاً وعداوة لكوردستان.
فردا جتين أعطى الضوء الأخضر، والجيوش الإلكتروني شرعت بالهجوم!
وكان آخر هذه التهديدات ما وُجّهت لمن قيّم وحلّل على مواقع التواصل الاجتماعي، كما أن أول من أطلق هذه التهديدات من كوادر الـ PKK هو مناضلها ومدافعها في إعلامها بأوروبا (فردا جتين) فقد هدّد المذكور يوم الـ 27 آذار الماضي المحامي والسياسي والحقوقي (صدقي زيلان) على خلفية انتقاداته خلال تغريدة له على تويتر، فـ “زيلان” كان قد غرّد على تويتر منتقداً أنشطة وفعاليات الـ PKK في إقليم كوردستان (جنوبي كوردستان) فقال: “المسؤول في روج آفا-غربي كوردستان أو كوردستان سوريا- هو حكومة غربي كوردستان كما أن حكومة إقليم كوردستان مسؤولة في الجنوب -إقليم كوردستان).
بعدها قامت الجيوش الإلكترونية التابعة للـ PKK بإطلاق التهديدات جزافاً على مواقع التواصل الاجتماعي، فهدّدت منتقدي الـ PKK واحداً تلو الآخر، ونشرت على منصات السوشيال ميديا بأنهم سيطبقون قوانين الثورة ضد من ينتقدونهم، وأن الـ PKK ستردّ على كلّ شيء! فجيوش الـ PKK الإلكترونية ذكرت في تصريحاتها أسماء العديد من السياسيين والمثقّفين والكتاب الكورد علناً، ومن بين من طالهم هذه التهديدات الكاتب والسياسي والباحث الصحفي (سربست فرهاد سندي).
سياسة الـ PKK المحرفة للحقائق والمزيّفة للواقع و “تهشيم الكورد بيد الكورد”
في الآونة الأخيرة، وجّه كافة أنصار وأتباع ومناضلي ومؤسّسات الـ PKK وسياسييها فوهات بنادقهم لصدور الكورد وإقليم كوردستان، بحيث نستطيع الجزم أن إعلام الـ PKK نسيت مهامها الأساسية المفترضة في محاربة الأعداء المحتلّين، وانشغلت بهجماتها الهوجاء على القيم والرموز المكتسبات والمنجزات التي تحقّقت للكورد، وأصبح هدفها إشعال فتيل الحرب والاقتتال الأخوي بين الكورد وتوسيع هوة الخلاف والفراق بينهم، فسخّرت كافة قدراتها في نشر العداوة والبغضاء والكراهية بين الكورد، واتّبعت كافة الوسائل لصدع البيت الكوردي وهدمه داخلياً، وهي لهذا تأسّست أصلاً، ومن المعروف أن كلّما لوحظ انشغال الـ PKK بمثل هذه الأمور واستهداف البيت الكوردي فتأكّد أن وراء هذه الخطوة مؤامرة دنيئة وخطط شريرة وأجندات تكافح هذه التنظيمات لتحقيق أهدافها من ورائه، ومن المؤكّد أن الـ PKK هذه المرة تحاول تغطية علاقاتها وارتباطاتها مع دول الاحتلال من وراء مواقفها العدائية للكورد، وهذا تكتيك مكشوف لهذه التنظيمات!
تأريخ الـ PKK بداية تأريخ انتكاسات الكورد وإخفاقاتهم
استهداف الكورد الذين لم ينحنوا ولم يطأطوا رؤوسهم للـ PKK مرتبط بتأريخ وحقيقة جوهر هذه التنظيمات
لدى البحث والتحليل في ثنايا تأريخ الـ PKK وبدقة، يلاحظ وبوضوح أن هذه التنظيمات أطلقت أولى عياراتها النارية تجاه صدور الكورد لا الأعداء المحتلين، فقبل اندلاع المواجهات المسلّحة والشروع في الكفاح المسلّح عام 1984، قتلت الـ PKK خلال عقد من الزمن قبل التأريخ المذكور (أي بين عامي 1974-1984) من الوطنيين الأحرار الكورد أضعاف ما قتلتهم الجيوش التركية والجنود الأتراك، فقد استهدفت هذه التنظيمات كلّ ما عداها من الحركات والأحزاب الكوردستانية، واتّهمتهم بالخيانة والعمالة، فاستباحت دماءهم، وقتلت المئات من أعضاء وكوادر وأنصار الأحزاب السياسية الكوردستانية في كوردستان تركيا، ومن بين هؤلاء الوطنيين المخلصين رئيس تنظيمات (دنكي كاوا-صوت كاوا) فريد أوزون.
فبعد عام 1980، شنّت الـ PKK هجوماً عدوانياً على اجتماعات وندوات ومؤتمرات ومراسيم واحتفالات التنظيمات الكوردية الأخرى في أوروبا، كما هدّدت مناضليها وكوادرها.
كما استهدفت عموم المخالفين والمنتقدين لها بالقتل والتنكيل وأسوء الممارسات!
بل طالت هذه الممارسات العدوانية لتشمل العديد من أنصار ومؤيدي هذه التنظيمات نفسها، ممّن انتقدها في بعض المواضيع، فتمّ إسكاتهم بأساليب وطرائق شتّى، ومن بين هؤلاء (آبي موسى عنتر) “آبي بمعنى العمّ” فرغم ما عُرف من هذا الشخص بكرمه وسخائه لهذه التنظيمات وتقديمه شتى المعونات والمساعدات لها، إلا أنها هدّدته أشنع تهديد!
الـ PKK استخدمت شباب الكورد المتشدّدين والمتطرفين أدوات لتحقيق أهدافها
حشدت الـ PKK بعضاً من شباب الكورد المتشدّدين والمتطرّفين حول تنظيماتها، لشنّ اعتداءات على عموم المخالفين والمعارضين لها وإسكاتهم، فأغرقتهم في مستنقع ممارساتها الظلامية أيما غرق! وربّتهم وثقّفتهم على مثل هذه الأعمال، فاستخدمت قيادة الـ PKK هؤلاء الشباب المتطرفين الجامحين المتشدّدين في الجبال لإسكات الأصوات المعارضة والمخالفة داخل هذه التنظيمات، كما أسّست هذه التنظيمات مجاميع مماثلة لهؤلاء الشباب في أوروبا واستخدمتهم لنفس الأسباب والقيام بنفس الأفعال، فقاموا بإحراق المحلات التجارية والمطاعم والشركات التي لم تخضع لتنظيماتهم ولم تدفع ضرائب لها، واعتدوا على أصحابها بالضرب المبرح، فحتى عندما قام الفنان الكوردي (شفان برور) بانتقاد الـ PKK قام هؤلاء الشباب بمحاولة الاعتداء عليه وضربه على خشبة المسرح وإلغاء الحفلة التي كان يحييها، فتمّ تهديد من لم يشارك في ندوات وفعاليات وأنشطة الـ PKK، بعدها قامت الـ PKK بإرسال هؤلاء الشباب الذين تربّوا في أوروبا على مثل هذه الممارسات للجبال، أو توجيههم للقيام بالممارسات الشبيهة بالممارسات المافياوية، ونتيجة تعامل الـ PKK هذا مع هؤلاء الشباب انشقّ عموم هؤلاء الشباب الذين تجمّعوا حول هذه التنظيمات من صفوفها بعد عام 1990 في أوروبا، وانخرطوا في صفوف أعتى المنظمات الارتزاقية المتطرفة.
تهديد الناقدين لها على وسائل التواصل الاجتماعي
ما زالت تنظيمات الـ PKK تواصل مثل هذه الممارسات على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث أسّست هذه التنظيمات مجاميع جاهلة ومتطرفة وفوضوية تنكلّ أشدّ التنكيل بمعارضيها ومنتقديها، وتتّهمهم بأبشع التهم كالخيانة والتجسّس والعمالة دونما تفكير! بحيث وصل الأمر في نهاية المطاف إلى توجيه التهم لبعض المنتقدين من أعضاء وكوادر ومؤيدي هذه التنظيمات نفسها، فخلال احتفالات نوروز في سويسرا، ولانتقاده الـ PKK لرفعها صور أوجلان فقط في ساحات الاحتفال، هدّدت هؤلاء المجاميع مناضل الـ PKK باسم (ا.ب)!
فالجيوش الإلكترونية التي أسّستها الـ PKK تطلق التهديدات لعموم الوطنيين المخلصين، فتقول لهم: “نحن نعلم محلّ إقامتكم جيداً! وسنقتلكم!”.
الكورد لم يعودا كالسابق!
في تسعينيات القرن الماضي، كانت الـ PKK قادرة على إسكات أيٍّ كان، فبمجرّد إطلاق تهديد كانت الـ PKK تكمّم أفواه الشعب، ولكن اختلفت الموازين اليوم اختلافاً كبيراً، فوسائل الإعلام ومنصات السوشيال ميديا والتقدّم الكبير الذي شهده هذا المجال اليوم غيّر مسار الأحداث، بحيث بات بإمكان الإنسان الوصول لحقائق الكثير من الأمور التي كان يجهل حقيقتها وكنهها آنذاك، وهذا ما أثار استياء وامتعاض الـ PKK في الوقت الراهن، فهذه التنظيمات دأبت على إخضاع عموم الشعب الكوردي لآرائها وتوجّهاتها وتعليماتها وكأنها آيات قرآنية لا تقبل الجدال والنقاش، وأن الشكّ فيها جرم منعدم النظير! وعندما لم يكن يتحقّق هذا المقصد كانت وسيلتها الثانية إطلاق التهديدات وممارسة الترهيب فكرياً كان أو جسدياً، أما الآن، فقد اطّلع الشعب الكوردي على حقيقة هذه التنظيمات المخبوءة منذ عقود، وتأريخها المظلم وعلاقاتها المشبوهة بالمحتلّين الغزاة، كما أنه سيطّلع على غيرها من الحقائق الكامنة يوماً بعد يوم، وأعظم الواجبات وأسماها في هذا المجال يقع على عواتق المثقّفين والكتاب الكورد المخلصين.