تتواصل هجمات الـ PKK العدوانية على كيان إقليم كوردستان، وكانت آخر حلقة من مسلسل الاعتداءات هذه، قولها: “كم تمتلك العائلة البارزانية من ثروات؟!”
ومنطلق هذه الهجمات هو من أجل إظهار جنوب كوردستان أي إقليم كوردستان، وكأنه مصدر خطر وإقليم معادي، والمطالبة بعدها بحتمية زواله!
فالـ PKK تحاول خلق هذا المفهوم لدى الكورد، فعداوة الـ PKK اللدودة للكورد وكوردستان تدفعها لتأليب الكورد على معاداة الكيان الرسمي الأوحد للكورد، والذي كان نتاج نضال دامٍّ ومرير لقرون، وتُدار هذا العداوة بدقّة متناهية، علماً أن هذه العداوة صُنعت وتُدار من قبل ذهنية وعقلية أكبر من الـ PKK بكثير، فالحقّ أن الـ PKK تلقّت تدريبات تربوية على يد دول الجوار لسنوات وعقود لتحقيق هذا الهدف، وملخّص هذه المؤامرة هو (ثقّفوا الـ PKK وسلّحوها لتهاجم على الكورد).
والاستراتيجية الرئيسية لهذه التنظيمات تكمن في مواقفها المعادية لكوردستان والمتمثّلة في خداع وتضليل الشعب الكوردي فكرياً، بينما الثانية تتمثّل في تدميرهم اجتماعياً، والقواعد الأساسية التي تتلاعب بها في هذا المجال هي المجال الفكري، فعموم أفكار أوجلان التي كتبها وعبّر عنها وتحدّث بها تمّ تحديثها ذات طابع معادي للكورد، ولكي يثمر هذا التحريف الذهني والفكري حصاده، استخدّمت الـ PKK وسائل إعلامها بمنتهى البراعة والإتقان، فإعلام الـ PKK إعلام معادي ومناوئ للكورد.
فالـ PKK ومنذ تسعينيات القرن الماضي خلقت وبشقّ الأنفس مفاهيم وأفكار ليست كوردية وكوردستانية، وهذا ليس تغييراً جسدياً إيجابياً لهذه التنظيمات بل هو سرطان انخرّ في جسدها.
فالسرطان كما هو معروف ينشأ من خلية عفنة فاسدة، ثمّ تقوم هذه الخلية بالانقسام ذاتياً كما وتؤثّر على باقي الخلايا لتحولّها لخلايا مسرطنة، فحتى الخلايا السليمة تتحوّل لخلايا مسرطنة، فينهار النظام المناعي للجسم، ولا يقدر على التصدي للمرض ما يؤدّى في النهاية إلى انتشار السرطان وغزوه لكامل الجسد.
وكذلك هي ممارسات الـ PKK ومهامها وأجندتها في كوردستان، فهي نسخة مماثلة لهذه الخلية السرطانية تماماً، لأنها تستهدف كافة القيم والمكتسبات والرموز الكوردية، فتبذل كافة إمكانياتها لمصادرة القيم والمبادئ التي أبقت الكورد كأمّة قائمة في وجه التحديات التي عصفت بها، وتغيير الجسد الكوردي، فكما الخلايا السرطانية تحاول السيطرة على النظام المناعي للجسم وانهياره فكذلك تفعل الـ PKK بالضبط!
فالـ PKK قضت على كل السبل أمام الكورد لتأسيس دولتهم الكوردية بحجة انتهاء صلاحية المفاهيم القومية! ولهذا تهاجم الـ PKK اقتصاد الكورد، وتهاجم ثقافتهم وتأريخهم، تهاجم الأحزاب الكوردية، كما تهاجم الأفكار الوطنية المخلصة والشخصيات الكوردية، تهاجم علم كوردستان، كما تهاجم فسيفساء تأريخهم، ولهذا السبب، فهجوم الـ PKK على إقليم كوردستان ليست الحلقة الأولى من مسلسل هجماتها، بل هي الحلقة الأخيرة منها، ولو تابعتم محيط تنظيماتها عن كثب لوجدتم أن عمومهم أفرادها يهاجمون القيم التي أبقت الكوردايتي حيّة لغاية اليوم!
مثال ذلك، محاربة الـ PKK للعشائر الكوردية التي أنقذت الكورد من المجازر والإبادات خلال الـقرنين 19-20، فهي تزعم أن العشائر تمثّل نماذج الحقبة الرجعية ويجب القضاء عليها.
والـ PKK أظهرت المذهب الشافعي بين الكورد وكأنه أفكار ومعتقدات رجعية ويجب استئصاله من المجتمع الكوردي والتخلّص منه، علماً أن غالبية الانتفاضات والثورات التي اندلعت في القرنين الماضيين قادتها شخصيات كوردية دينية يتبنّون المذهب الشافعي.
كما أعلنت الـ PKK الحرب على الطرائق الدينية لدى الكورد، وبالأخص الطريقة النقشبندية، وأبدتها كطريقة معادية للكورد، غير أن الحقيقة هي أن الطريقة النقشبندية كانت منبع الأفكار القومية والوطنية، وقد قاد شيوخ النقشبندية الحركات الوطنية الكوردية، بدءاً من الشيخ عبيد الله النهري ووصولاً للشيخ سعيد بيران وانتهاءاً بشيوخ بارزان…
بعد عام 1993، قال أوجلان بصريح العبارة بأن “الشيخ سعيد بيران كان عميلاً لبريطانيا!” كما قال خلال تقييماته عام 1997 أنه يجب محو رجعية شيوخ نورشين من الوجود، وتابع قائلاً: “إن بدليس منبع هذه الطرائق، وأن المنخرطين في صفوفنا من بدليس لن يصبحوا ثوريين كما لن يكونوا PKK أبداً!”
كما حاربت الـ PKK الأحزاب والحركات الكوردية في كوردستان تركيا، علاوة على محاربتها للشخصيات الوطنية والقومية.
ولدى تأمل الساحة السياسية المشروعة في تسعينيات القرن المنصرم، نلاحظ بوضوح الجيل الوطني المخلص والذي قضت عليهم الـ PKK وأزالتهم من الوجود! من بين هؤلاء ليلى زانا، فكثيراً ما يُتساءل أين ليلى زانا؟ وليست ليلى وحدها، بل كلّ من يحمل بين أضلاعه روحاً وطنية مخلصة ويحلم بالاستقلال أصبح هدفاً للـ PKK.
والحق عندما يتأمل الإنسان هذه الأحداث، تتفنّد الشكوك لديه في قضية معاداة الـ PKK ومحاربتها لكلّ ما يمثّل نبعاً قومياً وطنياً للكورد، بل وحاربت كلّ ما يؤمل منه تحقيق حلم الدولة للكورد!
وعندما يتّضح كلّ ما مرّ، نعرف وقتها سبب عداوة الـ PKK اللدودة للبارزاني ومحاربتها له، فاسم البارزاني من عائلة أعظم من الـ PKK وأجلّ وأرفع، فالبارزاني فكر سياسي ومنهج ومسيرة حركية، البارزاني خطّ كوردستاني أصيل يبدأ من أحمد خاني وينتهي بالنهري، البارزاني هوية الكورد الأحرار المطالبين بالاستقلال ومصدر إلهام لتحقيق حلم الدولة الكوردية.
كما ويتزامن عداوتها للبارزانيين في الوقت الذي يشهد العالم أجمع، على أنهم قادة الثورات الكوردية ورموز الحركة التحررية الكوردستانية لما يزيد عن قرن، وقد قدّموا الآلاف من الشهداء والمؤنفلين من أجل قضيتهم العادلة، وما زال الآلاف منهم بيشمركة في صفوف بيشمركة كوردستان، فالـ PKK بعداوتها للبارزاني تعادي القومية-الدولة الكوردية، وتعادي سياسة الكورد الدولية، فعداوة الـ PKK تجاه البارزاني مؤشّر على عداوتها لكوردستان، وما معاداة أحمدي خاني والشيخ عبيد الله النهري والشيخ سعيد… إلخ إلا من هذه العقلية الرجعية.
بل هي عداوة شرسة بحيث وصلت بزعيمها المسجون في إيمرالي عبد الله أوجلان أن يقف بجانب مرافق لغسل اليدين ويقول لضابط تركي، تعالوا معاً لنستولي على أربيل ونحتلّها! سنمنع البارزاني من تنفّس الصعداء! وسنجعل أربيل جزءأ من تركيا! وما زالوا مستمرين بسرد أكاذيبهم لتشويه خط البارزاني القومي والوطني، غير أن البارزاني جعل من إقليم كوردستان جنة وسط جحيم الشرق الأوسط، يعيش فيها الكورد بسيادة وكرامة وفخر واعتزاز.
فهجوم الـ PKK ليست على ثروات وممتلكات البارزانيين، بل هو حقدها الدفين لقيادة البارزاني للأمة الكوردية نحو تحقيق حلم الدولة الكوردية القومية.