كثيراً ما تتداول تنظيمات حزب العمال الكوردستاني PKK عبارة (مهما يحدث سوف نهزم العدو، سنحوّل هذا العام إلى عام النصر، سنغيّر الشرق الأوسط، سنرفع من وتيرة المقاومة والصمود!!) وآخرها كانت على لسان طفلين، حيث قالا: “مهما يحدث فسوف نهزم العدوّ المحتل!!”.
فمنذ تأسيس هذه التنظيمات ولغاية كتابة هذه الأسطر، أصبحت هذه العبارة أساساً لنضال الـ PKK وكفاحها على مدى 40 عاماً، وكلّما ردّدت الـ PKK هذه العبارة فتأكّد أن الخاسر والمتضرّر الوحيد هو الشعب الكوردي! والمستفيد الأكبر هو العدو المحتلّ، فالـ PKK كالبقرة الصفراء غير أن حليبها ولحمها للمحتلين المغتصبين بينما فضلاتها وروثها للشعب الكوردي!
فمنذ 40 سنة الماضية، وتحت شعار (فليحدث ما يحدث أو مهما يحدث) قدّمت هذه التنظيمات عشرات الآلاف من أطفال الكورد قرابين على منصة المحتلين الأتراك، دون تحرير 40 سنتيمتراً من أراضي شمالي كوردستان-كوردستان تركيا، بل لم تكتفي بهذا فحسب، فقامت بجرّ المحتل لباقي أجزار كوردستان (إقليم كوردستان وروج آفا-كوردستان سوريا) بينما عاهدت إيران في شرقي كوردستان -كوردستان إيران، باختصار، إذا سمعت هذه التنظيمات تقول (مهما يحدث أو فليحدث ما يحدث) فاعلم بأن الكورد على عتبة خسارة أجزاء من أراضي كوردستان أو تذوّق مرارة خسائر لا تعوّض!
فلو تأمّلنا أوضاع إقليم كوردستان قليلاً وحلّلناه وفق مقولة الـ PKK هذه (فليحدث ما يحدث أو مهما يحدث) لاتّضح لنا حقيقة سيناريوهات تسليم العديد من المناطق الاستراتيجية والمحصنة للدولة التركية كـ (قمم كيسته وخامتير وكوره زار وخواكورك وشكيف) علاوة على التضحية بدماء المئات من أطفال الكورد وشبابهم على يد جيش الاحتلال التركي.
نعم، فمقولة (فليحدث ما يحدث أو مهما يحدث) بمعنى لا يهمّنا أي شيء، ولا نكترث لأيّ شيء، فليضيع الوطن، ولتحتل التربة، وليقتل الأطفال، ولتهجر القرى وتحرق، وليهجر الشعب ويتركوا قراهم ومدنهم، لا يهمّنا شيء إطلاقاً ولا نكترث له، المهم هو أن نسير على خطّنا المرسوم في الحرب بالوكالة وتدمير كوردستان وتوسيع رقعة خارطة تركيا وفق الميثاق الوطني التركي (ميساقا مللي) وبلوغ الخطّ المعادي والمناوئ للكورد لأهدافه وتحقيق مصالحه!
فتأريخ الـ PKK شاهد على أن الدولة التركية لم تقتل شباب الكورد واطفالهم بقدر تنظيمات الـ PKK، وبتوثيق تقارير الأمم المتحدة فإن الـ PKK تعتمد كلياً في صناعة مقاتليها على اختطاف أطفال الكورد وتجنيدهم عسكرتهم إلزامياً وزجّهم في حروب عبثية، وهذا بحدّ ذاته أحد الأسباب التي ساعدت في إدراج هذه المنظمة ضمن لوائح المنظمات الإرهابية دولياً.
نعم، فالـ PKK تساومنا بالآمال منذ أربعة عقود ونيّف، وتطرب آذاننا بعبارات سئمنا منها، كـ (هذا العام سيكون عام المقاومة والنضال! هذا العام عام الانتصارات وتقرير المصير! هذا العام عام الحرية! هذا العام هو نهاية الاحتلال!…) وما زلنا نسمع هذه الأكاذيب من قادة الـ PKK بشكل شبه يومي، غير أن الحقيقة الوحيدة التي لاحظناها هي أنه لا يوجد أي انتصار للـ PKK أو هزيمة للفاشية والاحتلال خلال الـ 40 سنة المنصرمة، ما يحدث فقط هو إراقة دماء شباب الكورد وأطفالهم هدراً خلال هذه الفترة، واختطافهم على طريق المدارس ومن أحضان والداتهم الثكلى!
وها هي الـ PKK اليوم قامت بتكرار نفس السيناريو، فنشرت صور بعض الأطفال تحت مانشيت (مهما يحدث فإنّنا سنهزم العدو!)
فالـ PKK تستخدم هؤلاء الطفال لتضليل بقية شباب الكورد وأطفالهم وخداعهم، وتظهرهم على شاشاتها ومنصاتها لجذب الأطفال، وإلّا فالجميع يعلم أن هذه التنظيمات أفدت بأرواح آلاف أطفال الكورد وضحّت بهم دون تحقيق شيء أو إلحاق أية هزيمة بالعدو على مدى أربعة عقود!
والحقّ كما تشير إليه غالبية الاحتمالات، أن منصات هذه التنظيمات ووسائل إعلامها سوف تنشر في القريب العاجل خبر استشهاد هذين الطفلين مع صورتيهما في بيان مقتضب تقول فيه: “مهما يحدث سوف نهزم العدو…!!”.