نوري جليك
المؤسّسات ودوائر الناس تناضل من أجل تقوية ومؤازرة وحماية مصالح شعوبها وأوطانها.
تناضل من أجل توحيد أمتهم ووفاقها، وتحاول إيجاد الحلول للخلافات والمشاكل بين جماهيرهم.
ففي خارج البلاد، وعدا الشعب الكوردي، فقل ولا حرج بأن جميع الأمم تخدم وحدتهم، وتناضل من أجل تحقيق مصالحهم الوطنية.
فعندما يدور الحديث حول مصالح الشعب والوطن والعلم، فهم يضعون خلافاتهم ومشاكلهم الداخلية جانباً، ويتّحدون ويصبحون صوتاً واحداً وقوة واحدة.
وهذا ممّا لا شكّ فيه نابع من قوة المشاعر القومية والوطنية، نابع من معرفة الذات وأفكارهم الوطنية والقومية المخلصة.
على عكس جميع الشعوب والأمم، فنحن الكورد سواء كنّا في بلادنا أو خارجها في المهجر، لم نصبح يوماً أصحاب مثل هذه المشاعر والأحاسيس وهذه الروح الوطنية والقومية، بحيث نستطيع أن نضع مصالحنا الشخصية والعائلية والحزبية جانباً، ونهتم ونتجمّع حول المصالح الوطنية العليا.
وهذا ممّا لا شكّ فيه نابع من ضعف ووهن وفتور بل وانعدام المشاعر والأحاسيس الوطنية والقومية.
فمشاعر الأمم تنبع من قلوبهم وعقولهم، أما نحن الكورد فمشاعرنا تنبع من لساننا وعلى لساننا، ولا تنبع من قلوبنا وعقولنا وأدمغتنا، ليست من قلوبنا وعقولنا، فوطنيتنا وطنية باهتة مسترخية فاترة لا معنى ولا دلالة ولا هدف لها.
هناك أقوال من دون أفعال، فلا أحد يطبّق القيم والمبادئ الوطنية والقومية.
فالكلّ كوردٌ وطنيون مخلصون باللسان فقط، أمّا في ممارستاهم وأفعالهم فلا تشمّ منهم رائحة الوطنية إطلاقاً.
فمصالحنا فوق كلّ شيء، ومتى ما تعرّضت للخطر فقدنا آنذاك وطنيتنا.
علماً أن اللادولة وعدم التربية تربية قومية وطنية مخلصة تلعب دوراً بارزاً في شخصيتنا ووطنيتنا.
غير أنّنا عندما نتابع الشعوب والأمم الأخرى سواء كانوا يمتلكون دولة أو لا يمتلكونها، فهم مخلصون للقيم والمبادئ الوطنية، وأن مشاعرهم وأحاسيسهم الوطنية أشدّ من مشاعرنا وأحاسيسنا الوطنية والقومية وأكثر منها أضعافٌ مضاعفة.