الـ PKK فعلاً حوّلت إقليم كوردستان لـ “فيتنام الثانية” ولكن للشعب الكوردي لا لعساكر الأتراك!

الـ PKK فعلاً حوّلت إقليم كوردستان لـ"فيتنام الثانية" ولكن للشعب الكوردي لا لعساكر الأتراك!

بعد انتفاضة شعب إقليم كوردستان، وتأسيس أول حكومة كوردستانية وبرلمان كوردستاني لإقليم كوردستان، صرّح زعيم حزب العمال الكوردستاني PKK بأنهم سيجرّون تركيا لإقليم كوردستان ويحوّلون إقليم كوردستان لـ “فيتنام الثانية” لهم! غير أنه أنجز حرفياً الجزء الأول من كلامه أتمّ إنجاز، حيث قام أوجلان وتنظيماته التي تأسّست على يد المخابرات التركية بجرّ الأتراك الفاشيين لإقليم كوردستان فعلاً، ولكنهم لم يجعلوا إقليم كوردستان فيتناماً ثانية لهم، بل أصبحوا جسراً لتوغّل الجيش التركي لإقليم كوردستان، وأداة ووسائل لاحتلال قمم جبالها الشامخة والمستعصية والمحصّنة لمئات السنين والتي لم تقدر جيوش الاحتلال من أعداء الكورد على احتلالها على مرّ التأريخ والعصور!

أوجلان أنجز عهده ووعده للدولة التركية…

فقام زعيم تنظيمات الـ PKK بسحب الغالبية المطلقة من مسلّحي الـ PKK من كوردستان تركيا لإقليم كوردستان إثر قراره هذا، ولدى انتقال مقاتلي الـ PKK من كوردستان تركيا لإقليم كوردستان لقي العديد من هؤلاء المقاتلين مصرعهم في ظروف غامضة! كما حصد البرد القارص ووعورة الطريق حياة العديد منهم، فيئسوا من الحياة، رغم كلّ هذا لم يسال أحد منهم نفسه لماذا ننسحب من مناطقنا لبقعة أخرى من كوردستان هي محرّرة أصلاً! ولماذا لا نحوّل كوردستاننا لفيتنام ثانية للجيش التركي في حين نتّجه لبقعة محرّرة من كوردستان على أمل أن نحوّلها لفيتنام بالنسبة للجيش التركي؟! نعم لم يسألوا أنفسهم أسئلة مشابهة لأنهم أدركوا بل تيقّنوا أن تساؤلاً كهذا هو بمثابة الخروج على أوامر الزعيم التي لا معنى لها والوقوف في وجهه، وهذا ما سيؤدّي في النهاية العاجلة إلى تصفية حساباتهم في صفوف التنظيم! أو سيتمّ التعامل معهم على أنهم خونة وعملاء للمخابرات التركية!

فانتقل مسلّحوا هذه التنظيمات من المناطق الحدودية في كوردستان تركيا لإقليم كوردستان، واستولوا على قرى مناطق برواري بالا، نهيلي، نيروه، ريكان ومزوري وصولاً لمناطق برادوست، بعدها زعمت تنظيمات الـ PKK وبشكل يومي أنها ستحوّل إقليم كوردستان لفيتنام الثانية بالنسبة للجيش التركي، غير أنها لم تحوّل أية منطقة منها لأية فيتنام للجيش التركي، بل على العكس تماماً من مزاعمها وادّعاءاتها، هاجمت هناك المؤسّسات الحكومية لإقليم كوردستان، هاجمت الأحزاب الكوردستانية في إقليم كوردستان، هاجمت عموم منجزات ومكتسبات الشعب الكوردي، وعوض تحويل الإقليم لفيتنام ثانية بالنسبة للجيش التركي حوّلته لفيتنام وجحيماً لا يُطاق لشعب إقليم كوردستان فقط!

في إقليم كوردستان… الـ PKK وجّهت فوهة بنادقها لعموم الكوردستانيين عدا الأتراك المحتلّين!

غيّرت الـ PKK  من مسار حروبها المزيفة ومعاركها المزعومة مع الدولة التركية، لمعارك وحروب حقيقية وطيسة مع حكومة إقليم كوردستان وشعبها، فعوض نقل حربها لساحتها المفترضة -إن كانت هناك حرب أصلاً- في كوردستان تركيا، قالت بأنّنا سنتوجّه للجنوب -إقليم كوردستان- وسنجعل إقليم كوردستان فيتناماً ثانية للعساكر الأتراك، ولكنها لم تفعل هذا، بل على النقيض تماماً وجّهت مسار فوهات بنادقها لصدور بيشمركة كوردستان، وجّهتها لقلوب أمهات الشهداء، لصدور البيشمركة المرابطين في الجبال من أجل تحرير إقليم كوردستان، بل وجّهت فوهة بنادقها لعموم الكوردستانيين عدا الأتراك المحتلّين!

والحقّ أن الـ PKK لو كانت تُدار من قبل شخصيات وزعامات كوردية لكان من السهل جدّاً تحويل كوردستان تركيا -شمالي كوردستان- فيتناماً للجيش التركي، غير أنه يصعب بل يستحيل أن تجعل تنظيمات الـ PKK والتي تأسّست على يد المحتلين الغزاة، والتي يقودها رجل المخابرات التركية الأول (عبد الله أوجلان) يستحيل أن تجعل من أية بقعة من بقع كوردستان الأربع، فيتناماً للجيش التركي! بل من السهل أن تجعل من هذه الجنات جحيماً لا يُطاق للكورد، كما نراها فعلت الآن!

فعدا إهدائها للقرى الحدودية لإقليم كوردستان للمحتلّين الغزاة، قامت الـ PKK وبشكل منظّم وممنهج بتسليم هذه القرى للجيش التركية، ومنعت من بناء وإعمار هذه القرى بذريعة أنها مناطق عسكرية، فلم تدع أهالي عشيرة نيروه وريكان ونهيلي وبرواري بالا وبرادوست بالتوجّه لقراهم، وسمّت هذه المناطق بمسمّيات لا أساس لها كـ (مناطق الدفاع المشروع) وبمرور الأعوام والسنين تنسحب من هذه المناطق منطقة تلو الأخرى لتهديها للجيش التركي بعد القضاء على أية مظاهر للحياة فيها.

فالـ PKK تسبّبت بتوغّل الجيش التركي في عمق الأراضي الكوردستانية، فتوغّل الأتراك لـ 35-40 كيلومتراً في عموم المناطق الحدودية لكوردستان، وسلّمت الـ PKK هذه المناطق للدولة التركية وأهدتها له على طبق من ذهب، وبمرور الوقت تقوم بتسليم العديد من المناطق عداها تباعاً للجيش التركي، والأمرّ من كلّ هذا أنها تأتي بعد كلّ هذا وتدّعي وتزعم أنها ستهزم جيوش الأعداء، وأن تلك الجيوش على حافة الانهيار طيلة أربعة عقود ونيّف حسب مزاعم هذه التنظيمات!

فعلاوة على عدم فسح المجال لأهالي تلك القرة بالعودة لقراهم وبنائها وتعميرها وإعادة الحياة إليها، لم تسمح هذه التنظيمات لأهاليلها بالعيش حياة هادئة مريحة في المناطق التي نزحوا إليها بعد إخلائهم لقراهم وتركها نتيجة ضغوطات هذه التنظيمات، فتوغّلت في تلك المناطق أيضاً، واقتربت من المناطق الآهلة بالسكان والمدن البعيدة عن الحدود لتحويلها أيضاً لساحة حرب ومنطقة عسكرية يتمّ استهدافها يومياً من قبل الدولة التركية بالقصف المدفعي والغارات الجوية، وكثيراً ما تسفر هذه الغارات والقصف المدفعي ضحايا وشهداء من بين المدنيين، كلّ ذلك من أجل الحصول على وقود إعلامي لمنصّاتها الإعلامية وماكيناتها الدعائية!

الـ PKK هاجمت المتنزّهين للحصول على مادة إعلامية للدعاية بها واللعب بمشاعر الناس والرقص على جراحهم من جديد!

كانت آخر هذه الأحداث، يوم الـ 2022/5/26، حينما قام أهالي قرية (زيوا سري) والذين نزحوا عن قريتهم قبل الآن بسبب استيلاء الـ PKK على قريتهم وتسليمها في وقت سابق للجيش التركي، علماً أن غالبية أهالي هذه القرية يسكنون شيلادزي وديرالوك وغيرها من مدن وبلدات محافظة دهوك حفاظاً على أرواحهم وحياتهم، قاموا بنزهة لتقوية أواصر المحبة والقرابة فيما بينهم، توجّهوا لمنطقة بعيدة عن شيلادزي قرابة 47 كم، وهناك أيضاً هدّدت الـ PKK حياتهم وعرّضتها لمخاطر عظيمة من جديد، فعندما كان أهالي القرية يمضون أوقاتاً ممتعة وسعيدة مع بعضهم البعض، قام مسلّحوا الـ PKK بإطلاق 3 صواريخ على النقطة العسكرية للجيش التركي هناك بالقرب من ناحية بامرني، فقام الجيش التركي من جانبه بالرّدّ على مصدر إطلاق النيران لمسلّحي الـ PKK، وقصف المنطقة قصفاً عنيفاً، ما أسفر القصف عن استشهاد أطفال كانوا يلعبون هناك، فاستشهد طفلان بينما أصيب الثالث بشظايا إحدى القذائف.

نعم، كان بمقدور الـ PKK ألّا تقترب من موقع احتفال أهل القرية، كما كان بمقدورها عدم القيام بأية عملية عسكرية في ذلك الوقت بالذات، فكان بمقدورها تأجيل هذه العملية ليوم آخر لا يتزامن مع حضور شعبي قروي في تلك المنطقة، غير أنها استغلّت الفرصة المواتية للحصول على وقود إعلامي لماكيناتها الدعائية، وكذلك كي تستغلّ الفرصة للهجوم على حكومة إقليم كوردستان واللعب بمشاعر الناس والرقص على جراحهم كما دأبت، فتسبّبت باستشهاد طفلين ذو 10 أعوام وجرح طفل ثالث في الثامنة من العمر، بحيث حولّت الـ PKK أفراح ومسرّات قرويي قرية زيوا سري لمأساة وحزن وكرب عظيم!

باختصار، الـ PKK لم تحوّل إقليم كوردستان لـ “فيتنام ثانية” بالنسبة لتركيا وجيوشها، بل حوّلته لفيتنام وجحيم لا يُطاق للشعب الكوردي، وعوض أن يقوم مقاتلوها بمحاربة الغزاة المحتلّين على غرار الجيش الفيتنامي، أصبح مسلّحوا الـ PKK جسراً لعبور وتوغّل الأتراك المحتلّين الغزاة الفاشيين لعمق أراضي إقليم كوردستان.

مقالات ذات صلة