في الذكرى السنوية الـ 10 لثورة روجآفا-كوردستان سوريا، أصدرت القيادة العليا لتنظيمات حزب العمال الكوردستاني بياناً قالت فيه باختصار: “أن الثورة تحقّقت بفضل آبو، وأن غربي كوردستان أصبح كما هو الآن بفضله!” ضارباً جهد ومثابرة ومعاناة الشعب الكوردي بغربي كوردستان-كوردستان سوريا بعرض الحائط! ودون أن يحسب للشعب الكوردي أي حساب! بل كادوا يقولون أنه لولا آبو لما نزلت قطرت مطر من السماء؟!!
مع انطلاق أول شرارة للثورة السورية واندلاع الحرب الداخلية في سوريا، لم يكن يفصل بين الشعب الكوردي في غربي كوردستان -كوردستان سوريا- وحقوقه المشروعة من حكم ذاتي وهوية قومية ووطنية إلا القليل، فقد تهيأت له فرصة ذهبية بداية إشعال فتيل الثورة لولا تدخّل الـ PKK في الحسابات وقلبها المعادلة الجارية هناك راساً على عقب، فكلّف النظام السوري حزب الاتحاد الديمقراطي PYD الجناح السوري للـ PKK بالمحاربة نيابة عن النظام الأسدي، فقتل الكورد بل وأحدث مجازر بحقهم، وقضى على أية أحزاب وحركات وتنظيمات كوردستانية، واغتال الوطنيين المخلصين، وغيّر حتى اسم كوردستان من كوردستان للغرب فـ “شمال شرق سوريا!” وأسّس إدارة بككية هناك باسم الإدارة الذاتية والتي تُعرف بذراع الـ PKK في غربي كوردستان لدى غالبية الدول، كما لا ترى أية دولة هذه الإدارة أنها ممثّلة الشعب الكوردي بغربي كوردستان -كوردستان سوريا.
وفي المرحلة الثانية والتي تبدأ مع بداية ظهور تنظيمات داعش الإرهابية، شرع الشعب الكوردي في كوردستان سوريا بإبداء مقاومة منعدمة النظير، وقدّم أكثر من 11 ألف شهيد وأكثر من 22 ألف مصاب وجريح، غير أن الـ PKK كذلك استثمرت هذه المرحلة وصادرتها، ونفت اية أدوار لغيرها في هذا الجزء والبقعة من كوردستان، وجعلت دماء الآلاف من الشهداء تراق هدراً، وقالت مجدّداً أن ما حصل كان بفضل زعيمها المسجون آبو! وأن ما تحقّق من مكاسب وإنجازات هي بفضل براديغما زعيمها!!
ماذا كانت رسالة الـ PKK للدولة التركية في ذكرى ثورة روجآفا؟!
تضمّنت رسالة الـ PKK لتركيا جملة من القضايا… بداية أنها منعت وحظرت تسمية (كوردستان) هناك، ومنعت رفع علم كوردستان، وأخيراً غيّرت من تسمية روجآفا وغربي كوردستان ومنعته وأبدلته بـتسمية (شمال وشرق سوريا) ورفعت علمها المتألف من النجمة المتوسطة للهلال على العلم التركي! وجعلت رمزها المطلق صورة زعيمها المسجون في إيمرالي “عبد الله أوجلان”! وكانت نتائج هذه التغييرات السلبية احتلال قسم من غربي كوردستان-كوردستان كمدينة عفرين وكري سب وسر كانيه من قبل جيوش الاحتلال التركي ومرتزقته!
ويوم غد الأربعاء 20227/19، هو الذكرى العاشرة لانتفاضة غربي كوردستان-كوردستان سوريا، ورغم ما تمرّ به اليوم كوردستان سوريا من ظروف سيئة بل ومأساوية، وتهديدات متواصلة بإطلاق المزيد من العمليات عسكرية التركية واحتلال المزيد من أراضي كوردستان سوريا، رغم كلّ هذا، ما زالت الـ PKK مصرّة في مسيرتها المعوجّة والمنحرفة، فكرّرت نفس أخطاء عام 2018، وأصدرت بياناً من القيادة العليا تضمّن البيان رسالة لتركيا أن الـ PKK وآبو هما صاحبا روجآفا الشرعيين! والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: أيا تُرى ما الهدف المنشود من هذا البيان؟! وما الرسائل التي تحاول الـ PKK أرسالها لتركيا من ورائه؟! لو لم تكن استفزاز الدولة التركية أكثر، ومحاولة جذب جيوش الأتراك وجرّها لعمق كوردستان سوريا واحتلالها للمزيد من مناطق ومدن وأراضي روجآفا؟!!
آبو: لا وجود لشيء باسم (كوردستان سوريا) في سوريا!
عندما تحدّث زعيم الـ PKK المسجون في إيمرالي عن غربي كوردستان-كوردستان سوريا في كتاباته المعروفة بـ (ملاحظات إيمرالي) قال: “لا يوجد هناك شيء باسم كوردستان سوريا، وأن الكورد المتواجدين هناك هم من النازحين الفارين من كوردستان تركيا-شمال كوردستان في السنوات الماضية!!
فلو كانت هذه رؤية زعيم هذه التنظيمات حول الشعب الكوردي في كوردستان سوريا وحول روجآفا-كوردستان سوريا عموماً، فهل يًأمل خيرٌ من تنظيماته لهذه البقعة من كوردستان؟! فتنظيم كهذا معروف بمحاربته للكورد واغتيال كبار الشخصيات الكوردية والوطنية المخلصة ومحاربة كافة الأحزاب والتنظيمات والحركات الكوردية الوطنية، وانتهاج سياسة الحزب الواحد والرأي الواحد وحصرها للسلطات بل والحياة عموماً بيدها… ما المنجزات والمكتسبات المأمولة منها تحقيقها للشعب الكوردي أو روجآفا؟! بالتأكيد لا شيء… فالتنظيمات التي تنكر وجود الكورد في سوريا كيف ستحقّق لهم شيئاً في الوقت الذي تنكر وجودهم أصلاً!! بالإضافة إلى ذلك أنها ترى أن ما تحقّق اليوم بفضل آبو دون حساب لأي شعب!!
باختصار، منذ عام 2018 ولغاية اليوم ووسط التهديدات المستمرة بمزيد من الاجتياح والاحتلال… تسبّبت الـ PKK من وراء خلق استفزازات غير ضرورية أو مثمرة لتركيا، تسبّبت باجتياح تركيا وتوغّلها في كبرى المدن الكوردستانية لكوردستان سوريا واحتلالها، كلّ ذلك من وراء إعطاء حجج واهية لتركيا بحقّ التدخّل نتيجة رفع هذه التنظيمات لصور زعيمها أوجلان وأعلام الحزب، وإرسالها رسائل متكرّرة لتركيا أننا نحن أصحاب غربي كوردستان! فالحق الذي ثبت بالأدلة القاطعة والتأريخ يشهد له أنه كانت للـ PKK هدف وحيد من وراء هذه الممارسات والاستفزازات دوماً، وما زال هدفها واحداً، وهو يتجسّد في تمهيد الطريق أمام الدولة التركية المحتلّة لاحتلال المزيد من أراضي ومدن كوردستان سوريا وتهجير المزيد من الشعب الكوردي على خلفية المزيد من العمليات العسكرية التركية هناك!