قبل يومين، تمركز الجيش التركي في منطقة (سورا سكيري) والتي تبعد فقط 5 كلم عن مركز قضاء ئاميدي-العمادية، علماً أن أهالي المنطقة كانوا قد طالبوا العمال الكوردستاني PKK قبل شهر بمغادرة محيط قرية سكيري لتتمركز قوات بيشمركة كوردستان فيها، غير أن الـ PKK كالسابق رفض طلب الأهالي في تسليم المنطقة للبيشمركة، وقالت: “سننظر لمسألة اقتراب البيشمركة من هذه المناطق هجوماً عدوانياً ومؤشّراً لإشعال فتيل الحرب، وسنهاجمهم!!”.
على ماذا تطلّ هذه التلة؟
تعتبر هذه التلّة أهم موقع استراتيجي في حدود ئاميدي-شيلادزي ووصولاً لمنطقة گاره، كونها تلّة مطلّة على مركز قضاء ئاميديي والمناطق المحيطة بها، ومسيطرة عليها.
هذا وقد بدأت محاولات الجيش التركي لاحتلال المناطق الجبلية الاستراتيجية والهامة في إقليم كوردستان منذ عام 2017، وقد احتلّت العديد من المناطق والمواقع الاستراتيجية الهامة منذ إطلاقها للعملية العسكرية نيسان الماضي، وبالأخص في مناطق بهدينان، ما بدّدت العملية هذه والعديد من المواقف المشابهة، الشكوك والهواجس لدى أهالي (منطقة بهدينان وسهل زي وبارزان وبرادوست خصوصاً) من وجود معاهدات سرية واتفاقيات مبطنة بين الدولة التركية وحزب العمال الكوردستاني PKK، ورغم العديد من المحاولات المبذولة من أهالي هذه المناطق ومطالباتهم المستمرة من الـ PKK بمغادرة المنطقة لئلا تقع تحت سيطرة المحتلّ التركي وتخضع لنفوذه، وإخلائها لتتمركز قوات بيشمركة كوردستان فيها، إلا أن جميع هذه المحاولات باءت بالفشل!
علاوة على هذا ردّت الـ PKK دائماً هذه المطالبات الشعبية بلسان صلف ولهجة شديدة، ولم تقبل بأي شكلٍ من الأشكال تمركز البيشمركة في هذه المناطق للحدّ من توغّل واجتياح العساكر الأتراك، رغم المحاولات الحثيثة والجادة لأشراف هذه المناطق ووجهائها.
اجتماع أشراف ووجهاء ئاميديي ونهيلي مع ممثلّ قاريلان
عندما أحسّ وجهاء المنطقة وأشرافها بالخطر يداهمهم، ورأوا أن المعارك تتّجه صوب ئاميديي ونهيلي وسهل زي، حاولوا صدّ المحتلّ وإيقافه من اجتياح هذه المناطقة، فعقدوا اجتماعاً في نهاية شهر حزيران المنصرم أي قبل أربعة أسابيع، فعقد أشراف ووجهاء منطقة ئاميدي وعشيرة نهيلي اجتماعاً مع ممثّل مراد قاريلان في منطقة بري گاره، وناقشوا معه مطالبهم حول الوضع الراهن والأحداث الساخنة، وطالبوا الـ PKK بمغادرة المنطقة وإخلائها لتتمركز قوات بيشمركة كوردستان في مواقعهم لصدّ العساكر الأتراك ومنعهم من التوغّل أكثر في عمق هذه المناطق.
فطالب أهالي ئاميديي ونهيلي الـ PKK بتسليم التلال الخاضعة لسيطرة مقاتليها والتي تعتزم تركيا مهاجمتها واحتلالها والسيطرة عليها، قبل دخول المعارك لقلب القرى التابعة لقضاء ئاميديي.
من جانبه، ردّ ممثّل قاريلان مطالب الأهالي واقتراحاتهم ردّاً قاطعاً، وقال: “هذه مناطقنا، وسنعتبر قدوم البيشمركة لتلك المناطق كمؤشّر على الحرب وهجوماً علينا، ولو حاول التقرّب من تلك المناطق سنضربهم!”.
ولكن، بعد مرور أقل من شهر من هذا اللقاء والاجتماع، انسحبت الـ PKK من هذه المناطق والتلال وأخلتها للعساكر الأتراك!
في الخامس من حزيران عام 2021، هاجم مسلّحوا الـ PKK بالصواريخ، قوات بيشمركة كوردستان عندما حاولوا التوجّه لتلك المنطقة لمنع العساكر الأتراك من التقدّم في تلك الجبهة، الهجوم العدواني أسفر عن استشهاد 5 من كوكبة بيشمركة كوردستان وإصابة 4 آخرين.
فالمناطق الخاضعة لاحتلال الدولة التركية تعدّ مناطق استراتيجية هامّة بالنسبة لأهالي قضاء ئاميدي ونهيلي، وباحتلال هذه المناطق أصبحت مناطق (ئاميدي، ديرالوك، كاني، دير، سهل سبنه وبري گاري) كلها تحت سيطرة الدولة التركية، والحق أن هذا حصل بعد احتلال تلك التلّة، وهذا لن يدع منطقة بري گاري منطقة آمنة مستقرّة وآمنة، وبسببها وقعت مزارع وبساتين ومراعي أهالي المنطقة تحت نفوذ وسيطرة المحتلّ التركي، كون المنطقة التي سيطرت عليها تركيا منطقة مسيطرة على غالبية المناطق الواقعة في سفح جبل گاره تجاه ئاميدي.
أهالي تلك المناطق لموقع “داركا مازي”: الـ PKK أهدت قمم الجبال بل وحتّى مراعينا وقرانا للعساكر الأتراك
استشاط أهالي المنطقة غضباً من إخلاء الـ PKK لهذه المناطق الاستراتيجية وإهدائها للجيش التركي المحتلّ، في الوقت الذي رفضت فيه تسليمها لبيشمركة كوردستان لحمايتها والحفاظ عليها ومنع التوغّل والاجتياح التركي نحو المنطقة، ووفق أقوال الأهالي الذين تحدّثوا لمصادر موقع داركا مازي في إقليم كوردستان، قالوا: “منذ سنوات، كنّا نعتقد أن الـ PKK تقاوم المحتل وتحاربه فعلاً، ففتحنا أبواب بيوتنا لمقاتليها، واستقبلناهم في منازلنا وفي مزارعنا وبساتيننا، كنا نمدّ لهم يد المساعدة فكنا نرسل لهم كلّ ما يحتاجونه من مواد غذائية وغيرها، باختصار ساعدناهم حسب إمكانياتنا وجهودنا، غير أنّنا لا نراهم يطلقون ولو عياراً نارياً في إسطنبول ولا ئامد بل وعموم كوردستان تركيا! بل توجّهوا لمناطقنا واستولوا على منازلنا ومزارعنا وتسبّبوا بزعزعة أمننا واستقرارنا، فالـ PKK أهدت قمم الجبال الشامخة والتلال والوديان الوعرة بل وحتّى مراعينا وقرانا للعساكر الأتراك!!”.
وقال قروي آخر من أهالي قرية سركلي -طلب عدم الكشف عن اسمه خوفاً من ملاحقة الـ PKK له-: “الـ PKK لم تستمع لنا، وجذبت جيوش الأتراك إلى قرانا واحتلّوها، رغم رجائنا وتوسّلنا الدؤوب بانسحابهم منها لتتمركز قوات بيشمركة كوردستان فيها! غير أن الـ PKK لم تقبل بذلك ولم ترض به، واليوم ها هي أعلام الدولة التركية المحتلّة ترفرف عالياً على قمم جبالنا وفوق رؤوسنا! فهمنا جيداً أن الـ PKK والجيش التركي وجهان لعملة واحدة وأن بينهما معاهدات سرية، وأن الطرف الخاسر والذي يعاديه كلاهما هم نحن!!”.