منذ فترة، شرعت وسائل إعلام حزب العمال الكوردستاني PKK من جديد، بحملة عدوانية وهجمة شرسة على إقليم كوردستان وبيشمركة كوردستان تحت غطاء “الديمقراطي الكوردستاني يفتح الطريق لجيش الاحتلال التركي!” فيا تُرى ما حقيقة هذه المزاعم؟! وماذا يقف وراءها؟
أين فتح بيشمركة كوردستان الطريق أمام تركيا؟!
فوفق المعلومات التي وردتنا من مصادر محلية مطّلعة وأهالي المنطقة، أنه لم يتمّ فتح أي طريق جديد أو تعبيده، فمن ساحة (بري سيلي) وهي إحدى المواقع والحدائق السياحية المعروفة في إقليم كوردستان في قضاء ئاميدي -العمادية، ويقصدها المئات من السياح وأهالي المنطقة، وأنه لا توجد أية طرق هناك غير الطريق المؤدّية إلى نقاط بيشمركة كوردستان وقواعدهم في المنطقة، وهذا الطريق كانت حكومة إقليم كوردستان قد شرعت في فتحه وتعبيده قبل عامين، بمعنى أن الطريق ذاك تحت سيطرة قوات بيشمركة كوردستان المتواجدة في المنطقة دون غيرهم أياً كان إطلاقاً.
ولو كانت تلك الطريق قد فتحت وعبّدت من أجل الجيش التركي كما تزعم وتدّعي وسائل إعلام الـ PKK لكان الجيش التركي ينتقل بدباباته ومدرّعاته ومدافعه من مركز مدينة ئاميدي -العمادية- ومصيف سولاف ويعبرهما، غير أنه لغاية اليوم، لم يعبر حتى جندي تركي واحد من مركز العمادية، والطريق التي أنشأ مؤخّراً يؤدّي فقط لسواتر البيشمركة وقواعدهم والمتواجدين هناك لحماية قضاء ئاميدي -العمادية.
ومن يدرك هذه الحقيقة جيداً هو الـ PKK نفسها، ومسلّحوها المتواجدون هناك، غير أنهم كالعادة يحرّفون هذه الحقائق، وممّا لا شكّ فيه أن هذه الافتراءات وتحريف الحقائق مقصودة وموجّهة وهادفة لو درسناها عن كثب وبعيون نقدية.
من هم مهندسوا هذه الدعاية السوداء؟
من الواضح أن وسائل إعلام الـ PKK ومنصاتها المأجورة تبنّت حملة (البيشمركة يفتح الطريق امام جيش الاحتلال التركي) والتي هي جزء من الحملة الهوجاء والمؤامرة الدنيئة والمخطّط القذر لكبار قادة الـ PKK وجناحها المسلّح قوات الدفاع الشعبي HPG، كون الحملة قد بدأتها في البداية القيادة المركزية لقوات الدفاع الشعبي NPG وإعلام الـ PKK فهما من نشرا هذه الأخبار الزائفة وقاما بتحريف العديد من الحقائق.
بمعنى أنه في نفس اليوم الذي شرعت فيه القيادة المركزية لمركز الدفاع الشعبي بحملة (مركز الدفاع الشعبي يدعو الديمقراطي الكردستاني لعدم الانصياع لأهداف تركيا الاحتلالية) أدلت بتصريح حول الموضوع، لتقوم بعدها وكالة فرات للأنباء (ANF) التابعة لحزب العمال الكوردستاني PKK، والتي تبثّ من أوروبا، قامت هذه الوكالة بنشر مشاهد تزعم قيام بيشمركة كوردستان بفتح الطرق لجيش الاحتلال التركي، بمعنى أن الخبر تمّ إعداده مسبقاً، وهذا ما يجعلنا نتساءل: من هم مهندسوا هذه الحملة؟ ومن يقف وراء صناعة هذا السيناريو المسبق للأحداث؟ ممّا لا شكّ فيه أن مهندسوا هذه الحملة هم قوات الدفاع الشعبي والقيادة المركزية لمركز الدفاع الشعبي أي شخصية مراد قارايلان، في الجانب الآخر، تكفّلت وسائل إعلام الـ PKK والمركز الإعلامي لهذه التنظيمات في بروكسل (فردا جتين) وباقي المنصّات الدعائية والماكينات الإعلامية والأبواق المأجورة لهذه التنظيمات بالشقّ الآخر لهذه الحملة المضادة والعدوانية على إقليم كوردستان وبيشمركة كوردستان، والحق أن القيادة المركزية لـ “حرب الزاب” متواجدة في بروكسل إذ لا توجد أية معارك أو حروب في منطقة الزاب أصلاً، فالحرب دائرة على وسائل إعلام الـ PKK لا غير!
فالأنباء الواردة بأن بيشمركة كوردستان يفتح الطرق أمام جيش الاحتلال التركي من أصلها كذبة وافتراء محض ولكنّها هادفة ومدبّرة، ولكن لماذا؟
قارايلان قيادي مهزوم مغلوب…
لو قلنا صراحة: “قوات الدفاع الشعبي (HPG) والقيادة المركزية لقوات الدفاع الشعبي (NPG) تلقّت الهزائم والاخفاقات تحت قيادة قارايلان” آنذاك حتى لو كان قارايلان قيادياً عسكرياً لأية دولة لكان أقيل من منصبه العسكري، ولحكم محاكمة عسكرية، ألا يكفي هذا الكمّ الهائل من الشباب في صفوف الـ PKK الذين تمّت التضحية بهم في مناطق العمليات إشارةً ودلالةً على هزيمة مراد قارايلان وإخفاق القيادة المركزية لقوات الدفاع الشعبي والحركة التي يمثّلها؟! فالـ PKK ضحّت بعموم مقاتليها وأرسلتهم إلى طريق الموت والهلاك وقتلت أية معنويات وحماسة في أعماقهم وقضت عليهما، ورغم كلّ هذه الهزائم والاخفاقات والانتكاسات تأتي هذه التنظيمات اليوم لتلقي باللوم في كلّ ما مرّ على ذمة بيشمركة كوردستان ورقبتهم؟1 وتتّهمهم بالتعاون مع جيش الاحتلال التركي، زاعمة كما تقول بأنه لولا تعاون البيشمركة لقضينا على الجيش التركي الذي أصبح عالقاً في ساحة المعارك والحروب حسب مزاعم وافتراءات يعرف حتى صغار هذه الأمة كذبها!!
ففي نهاية أيلول، ونتيجة الظروف والوقت ستتوقف العمليات التركية شيئاً فشيئاً، آنذاك ستظهر إحصائيات حقيقية عن حصيلة المعارك والحروب الدائرة هناك، وستتّضح المناطق التي احتلها جيش الاحتلال التركي، وأين وصلوا! كما ستنكشف حقيقة المقاومة التي أبدتها قوات قارايلان، والمناطق التي حمتها وحرّرتها من دولة الاحتلال التركي! والحق أن الـ PKK ووسائل إعلامها تحاول جاهدة إخفاء هزائهمها والتغطية على انتكاساتها وإخفاقاتها من وراء هذا الكمّ الهائل من الأخبار الكاذبة والمفبركة، وإخفاء هذه النتائج الكارثية لحروبها العبثية عن أعين الشعب الكوردي والراي العام الكوردي، كما ستعيد عرض مسرحية أن “قوات من بيشمركة روژ قد قتلوا عدداً من الگريلا في منطقة خليفان” تلك المسرحية التي وضعتها جانباً الآن لعرضها فيما بعد ووقت الحاجة أمام الرأي العام الكوردي صالات عرضها في كافة أجزاء كوردستان وبالأخصّ غربي كوردستان؛ للتغطية على غيرها من انتكاساتها وإخفاقاتها وإلقاء اللوم على الغير تلك السياسة المستديمة لهذه التنظيمات.
فخلال هذا الصيف، حاولت الـ PKK وعن طريق منصاتها الدعائية وماكيناتها الإعلامية إقناع الراي العام الكوردي أنه توجد هناك معارك محتدمة وحروب ضارية تدور رحاها على خط الزاب متينا آفاشين، وكم من تصريحات غبية بليدة صدرت من وسائل إعلامها في بروكسل والسليمانية وقامشلو، كم من حصيلة وهمية لمعارك وهمية نشرت من خلال وسائل الإعلام هذه؟! وكمّ مرت زعمت أنها استولت على جثث الجنود الأتراك؟! غير أن الحقيقة الوحيدة هي أنه لا توجد أية معارك في المناطق التي تتحدّث عنها إطلاقاً، فلا توجد لا معارك ولا حروب ولا أية مقاومة إطلاقاً!
فالجيش التركي ومنذ بدأ العملية العسكرية في 14 من نيسان هذا العام، استولى على كافة المناطق وعموم جبهات الزاب التي أطلقت فيها هذه العملية واحتلّتها، وحقّق أهدافه وللأسف الشديد بنسبة 90% في مناطق الزاب وآفاشين، غير أنّنا لا نجد على وسائل إعلام الـ PKK غير العنتريات وأنباء مثل “قوات البيشمركة تفتح الطرق لجيش الاحتلال التركي” وأن “قوات البيشمركة هرعت لنجدة الجيش التركي المحاصر في شكفتا برينداران وتلة وورخله!” يا للهول، ما علاقة وورخله بالبيشمركة المتواجدين في “بري سيلي”؟! فحتى لو أردتم أن تكذبوا فاكذبوا بكذب قد يُصدق! ولتكن أكاذيبكم مصفّطة ومرتبة وقريبة من الصدق والحقيقة! فـ (ووخله وشكفتا برينداران (سري سينيا) لا تربطهما أية علاقة جغرافية بـ “ئاميدي”).
فـ “شكفتا برينداران-كهف بريندارن” قد استولت عليه الدولة التركية واحتلّته عشية بدء العملية العسكرية في 14 نيسان، ومنذ ذلك اليوم ولغاية اليوم لم تطلق قوات الدفاع الشعبي ولو عياراً نارياً تجاه العدو هناك، والـ PKK وقادتها ومقاتلوها يعلمون هذا جيداً.
يجب على الـ PKK أن تسدّد حسابات الطرق التي جرّت بها جيوش الأتراك من شمالي كوردستان-كوردستان تركيا لإقليم كوردستان!
الحق أن من الواجب أن يتمّ مساءلة الـ PKK عن كيفية فتح تلك الطرق وإنشائها وتعبيدها؟ تلك المناطق كانت معاقل وقواعد وساحات ومعسكرات الـ PKK منذ عقود، كانت تزعم بأنها مناطق الدفاع المشروع (باراستنا ميديا) وأنها لن تدع الاحتلال يطأ فيها قدمه! وأنها ستجعل هذه المناطق مقابر لجيش الاحتلال!! غير أن الجيش التركي بات يتجوّل فيها اليوم ويفتح شوارع سايدين مبلطة في مناطق الدفاع المشروع (هريمين باراستنا ميديا)؟! فالـ PKK مسؤولة عن كلّ ما جرى ويجرى الآن هناك، مسؤولة عن تواجد معسكرات وقواعد جنود الأتراك هناك، مسؤولة عن الطرق التي أنشأها جيش الاحتلال التركي لربط قلبان بولاية شمزينان، فعندما كانت هذه الطرق قيد الإنشاء كانت الـ PKK منشغلة بأخذ الضرائب من المقاولين المشرفين على مشروع افتتاح وتعبيد تلك الطرق! واليوم ها هي الدولة التركية ترسل جيوشها من تلك الطرق لإقليم كوردستان.
أيا تُرى من أوصل الطريق ذو السايدين والمبلّط لأرتوش؟ ألم تكن أرتوش ووادي كنيانش مركزاً للقوات العسكرية للـ PKK وقوات الدفاع الشعبي HPG؟! الطرق التي تؤدّي اليوم لمناطق دوسكي زوري -العليا- أرتيس وهساره وسري داري -كانيا كا- وورخله، وكذلك مناطق مزوري زوري -العليا- سري بوتني ووصولاً لـ عفدال كوفي وأرموش وعموم خواكورك، فأنشأت جميع الطرق من الشمال -كوردستان تركيا- نحو الجنوب -إقليم كوردستان- علماً أن عموم هذه المناطق كانت تحت سيطرة الـ PKK وهيمنتها منذ 40 أربعين عاماً مضت!!
على النقيض من هذا، لم يتمّ إنشاء وفتح طريق واحد ولو بمسافة كيلومتر من إقليم كوردستان نحو كوردستان تركيا! فما ينبغي على الـ PKK الحديث عنه بصدق هو الطرق التي أُنشأت كالطرق السريعة والأوتوبانات التي فتحت في المناطق الخاضعة لسيطرتها، فلم تنشأ مثل هذه الطرق على مرّ تأريخ الجمهورية التركية إطلاقاً، لم تنشأ طرق كهذه على جبال وسهول ووديان كوردستان قطعاً، كلّ هذا حدث بفضل الـ PKK!! فهي قد وسّعت من خارطة الاحتلال التركي جغرافياً كما جعلت الاحتلال التركي يحتل عموم كوردستان فكرياً وثقافياً!
سيناريو كسيناريوهات العام الماضي
يبدو أن قوات الدفاع الشعبي HPG منشغلة بصناعة سيناريوهات زائفة مفبركة على غرار سيناريو العام الماضي، حول مزاعم بتعرّض 6 من الگريلا لكمين لبيشمركة كوردستان، ومقتلهم في الكمين! وهذا ما يبدو خلف أسطر بيان هذه القوات!
وكأنها تقول بملء فيها: من اليوم فصاعداً، سننظّم تظاهرات واحتجاجات استفزازية في غربي كوردستان-كوردستان سوريا، وأوروبا وتركيا، ضد الحزب الديمقراطي الكوردستاني وإقليم كوردستان وبيشمركة كوردستان، نعم سترون العديد من هذه الاستفزازات، حيث سندفع بشباب وأطفال غير واعين يرفعون شعارات تخوينية مندّدة، ولافتات مكتوبة عليها لا للخيانة – والشعب ضد الخيانة والاحتلال!!
ستكون هناك أهداف أعمق…
إحدى خصائل تأريخ حزب العمال الكوردستاني PKK، والتي لا تتغيّر بتغيير الزمان والمكان، أنها متى ما بدأت بدفع جماهيرها إلى الشوارع وزجّهم في احتجاجات، تقوم بالاختفاء وراءهم، وتخلق فوضى عارمة، وهذه المرة أيضاً، عندما قامت وسائل إعلام الـ PKK بصناعة أخبار مفبركة وكاذبة والتي من شأنها أن تتسبّب بإحداث مواجهة بين الكورد في السليمانية وبروكسل، فهي على دراية تامة بوظيفتها اللاأخلاقية والأجندات التي تنفّذها، وبالأخص في هذه اليام الصعبة التي تمرّ بها العراق، فالـ PKK تحاول إضعاف مواقف قادة إقليم كوردستان في هذه الأزمة التي كشفت عن مواقف كوردية قوية، كما قامت في هذا الوقت بالذات بلقاءات سرية مع الدول المحتلة لرغبي كوردستان!
باختصار، انطلاقاً من الشعور بالمسؤولية الوطنية والقومية الكوردستانية، ينبغي على كلّ كوردي أصيل أن يتابع هذه الفوضى التي تحاول تنظيمات الـ PKK خلقها في هذه الظروف الحساسة، والكشف عنها وتبيان الحقائق التي حرّفتها هذه التنظيمات وإظهارها على الساحة ليراها عموم الشعب الكوردي…