المثقف التنويري في خدمة قرار السياسي الجاهل… الأسباب والدوافع

المثقف التنويري في خدمة قرار السياسي الجاهل الأسباب والدوافع

بقلم: ماهر حسن

تتعرّض المؤسّسة التربوية منذ أن حلّت لعنة منظومة العمال على مناطقنا، مثل غيرها من المؤسّسات للتشويه والتخريب إذ تنفّذ مشروع التجهيل عبر غسل أدمغة الطلاب والطالبات وكسب ولائهم العقائدي والسياسي، وفتح أبواب الأمية العالية على مصراعيها، وتسبّب في انهماك العوائل في خضمّ هذه الإشكالية وباتت العملية مثار ومدار قلق للعوائل على أبنائها، ولئن كان التخريب في المجالات الاجتماعية على جميع مناحي الحياة والخدمات والأمن والكهرباء وغيرها يمكن إصلاحه بالمال؛ لكنّ التخريب في التعليم لا يمكن لكلّ أموال الكون أن تصلح آثار فساده.

ولكن ليس هنا هو الطامة الكبرى، بل الطامة الكبرى هي في تحوّل بعض الأصوات الشّاذّة من الوسط الثقافي إلى بؤر أيديلوجية لحزب العمال وفق عقد واضحٍ معها، ورفد مستنقع الجهل بالتنظير الهشّ الرخيص، إذ ينشرون الكثير من الأفكار الهدّامة جزافاً، طالما لم يبق لنا سوى متابعة فصول تملّق هؤلاء مع سلطة الأمر الواقع بعد أن ملأوا آذاننا بكلامهم الفارغ عن منجزات سلطة الأمر الواقع، ويبدو أنه لم يبق في كوردستان سوريا أية مشكلة خدمية ولا أمنية فكلّها قد حلّت، وبقي فقط أن يضعوا الأيدي على الحقل التربوي.

وأغلب هؤلاء يسحبون رؤوسهم من الجحور مترسّمين بالكرافيتة والطقم، محاولين أن يعطوا لأنفسهم ثقلاً ووزناً على أنهم منظرون، وتقديم الولاء ولو على حساب الشراكة في هدر الدم، ولهذا الصنف المكشوف تجارب يمكننا من متابعة الأفكار والنصائح التي يطرحونها أن نجد تصنيفاً للظواهر التي نعايشها، لكن قبل الكلام المشيخاتي المموّج والسباحة في مستنقع الجهل من خلال إرسال أبنائهم إلى جامعات عالمية ليحاولوا بصورة مشوهة وملفقة، في نفس الوقت منع الطلاب الآخرين وخاصة الفقراء من اختيار المناهج التعليمية ويعتبرون فرض مناهج الأمر الواقع “المؤدلجة” خطوة جيدة، وهذا أمر بحدّ ذاته يدخل ميدان الإفك والتزوير حتّى ولو ادّعى هؤلاء الثقافة أو الخطّ الثالث، الذي يخدم خطّ العصابة ليكون في إطار خطّ على هواه مأجوراً تحت خدمة منظومة حزب العمال عند اللزوم وباسم الاستقلالية المفضوحة ووفق سياسة زئبقية غير مبنية على المبدأ، هذه خلاصة عقلية البعض المبنية على الإلغاء والتفرّد وسحق الآخرين.

بين يديّ الآن منشور لأكاديمي من هذه النخبة المتلوّنة وهو يستطرد ويبتهج لقرار الإدارة البكاكاوية وكأنه يذكرنا بـ “سايكولوجيا الإرهابي” الذي يفجّر جسده كي يستمتع بقتل من حوله، وهو أخطر أنواع السلوك البشري الذي ظهر على حين غرّة-مع الانتشار يميناً وشمالاً لوسائل القتل الجماعي، إذ يقول: (ولكنّ المطالبة بإلغاء التدريس باللغة الكوردية فهي إحدى الأخطاء الممكنة توقّعها من حراكنا الكوردي، وجلها نابع من الخلافات الحزبية وليست مبنية على الدراية وقراءة مستقبل الأمة الكوردية) وما يدعو للوقوف عنده هو ليس أنه يتناسى أن الاهتمام باللغة الكوردية لم ينقطع من قبل الحركة الكوردية، فقد كتب برنامج أول مؤسسة حزبية بهذه اللغة، وأقيمت دورات لغوية كوردية لا تعدّ ولا تحصى في زمن الترهيب والرعب، بل وكلّ من كتب ونشر بهذه اللغة في ذلك الزمن نفسه عندما كان مجرد ضبط ألفباء كوردية يؤدّي إلى السجن والتعذيب في حين كان هو ومن على شاكلته يدفعون ليدفعوا البلاء عنهم بالتضرّع والدعاء ويواصلون حياتهم، ويقولون يا ربّي سترك!

لذا، فأي تلكؤ وسوء تصرّف سيجعلاننا هدفاً للمحو، ولا يغرّن أحداً بقوة هرولة العمال الكوردستاني التي هي مجرّد وهم خارج مصلحة شعبنا، ولا للانصياع إلى الأصوات الشّاذّة.

مقالات ذات صلة