خلال الأيام الماضية، عقد مؤتمر تحت مسمّى (الإدارة الذاتية لشنگال) وقد استمرّ لمدة 5 أيام، وتوصّل المؤتمر أخيراً لهذا القرار (حماية شنگال هو حماية آبو!!).
حزب العمال الكوردستاني بكك، والذي تمركز في شنگال بضوء أخضر من الدول المحتلّة والقوى المعادية لكوردستان، وبالأخص الجمهورية الإسلامية الإيرانية وميليشيات الحشد الشعبي، دمّر كلّ شيء هناك، نشر الفوضى والاضطرابات، زعزع استقرار هذه البقعة من خارطة إقليم كوردستان-جنوبي كوردستان، غيّر التركيبة الاجتماعية للمجتمع الإيزيدي، أثّر بشكل سلبي على معتقد وديانة الكورد الإيزيديين، غيّر ديمغرافية المنطقة، عدا الجرائم اليومية التي يرتكبها بحق الشعب الإيزيدي من اغتيالات واختطافات واعتقالات وتعذيب وتجنيد لأطفال الإيزيديين وسوقهم لجبهات القتال والتضحية بهم على يد الدولة التركية، باختصار، هم حلقة مستمرة لفرمانات داعش ضدّ الشعب الإيزيدي، فهذا الشعب المضطهد نجا من داعش ليقع في جحيم حزب العمال التركي وارتزاقه لقوى الاحتلال.
فبعد سقوط شنگال بعام، تقدّمت قوة من بيشمركة كوردستان قوامها 7500 وطنياً كوردستانياً، بقيادة الزعيم الكوردي مسعود بارزاني، تقدّمت صوب شنگال في تشرين الثاني عام 2015، وحرّر شنگال من براثن داعش الإرهابي وأنقذهم من الظلم والاضطهاد والإبادة الجماعية التي مارسها داعش الإرهابي، ولم يمرّ سوى وقت قصير لتأتي تنظيمات البكك المحتلّة لشنگال لغاية اليوم، حتى فرضت نفسها على المدينة المنكوبة، واستولت على كلّ شيء، ولم تسمح لغاية اليوم بعودة النازحين واللاجئين من أبناء شنگال الذين يعيشون جحيم المخيّمات بعيداً عن موطن الآباء والأجداد.
تقول البكك بأن مهامها وأعمالها في شنگال لم تنته بعد، والحق كذلك فمهمة هذه التنظيمات لم تنته في شنگال، فهي الآن جزء وحلقة هامة من سلسلة (محور المقاومة) وهدفها يتجسّد في تنفيذ مشروع الهلال الشيعي وحمايته في حدود منطقة شنگال، فتقوم بخطف أبناء الإيزيديين وأطفالهم وبناتهم وتضحّي بهم على يد الدولة التركية المحتلّة.
قضية الإيزيديين وآبو
باختصار، ما تقوم به البكك اليوم في شنگال هو استمرار لفرمانات داعش الإرهابي، بل قامت البكك بما لم يقدم داعش على فعله وارتكابه، فضلّلت الشعب الإيزيدي، وأسّست مجلساً وهمياً باسم مجلس الإدارة الذاتية في شنگال، وتتحدّث بلسانهم قائلة بأن (حماية شنگال هي حماية آبو وكوردستان!) ولكنّها رفعت أعلام ميليشيات الحشد الشعبي والعلم العراقي موضع علم كوردستان المبارك في قاعة المؤتمر الخامس لمجلس تلك الإدارة!
السؤال المطروح هنا هو: أيا تُرى ما علاقة آبو بشنگال؟! فهل فعلاً تتجسّد مشاكل الإيزيديين وقضيّتهم في شخص آبو؟! أم عودة شنگال وإعادة تعميرها وإنهاء جحيم المخيّمات؟!!
على الرغم من الدمار الذي خيّم ظلامه على مدينة شنگال منذ هجمات داعش الإرهابي ولغاية يومنا هذا، تتعرّض المدينة المنكوبة يومياً لهجمات المقاتلات المسيّرة لدولة الاحتلال التركي، ويتمّ ممارسة القتل بشكل ممنهج ضدّ الشعب الإيزيدي البائس، بل تسبّبت تحركات البكك وتواجدها في شنگال، تسبّبت بجعل المدينة المنكوبة مهدّدة بشكل مستمر على لسان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وتصريحاته بين الفينة والأخرى بشنّ هجوم على المدينة على حين غرّة من أهلها، وعدم السماح بتحويل البكك للمنطقة إلى قنديل ثانية!
بسي هوزات: شنگال جزء من العراق!
والجدير بالذكر، نذكر إطلالة الرئيسة المشتركة لمنظومة المجتمع الكوردستاني (بسي هوزات) في كانون الأول عام 2021 وإدلائها بذلك التصريح المنبوذ القائل بأن (شنگال جزء من العراق وليست كوردستانية وبالتالي ليست جزءًا من إقليم كوردستانية!) وهذا ما لا ينساه أي كوردي وطني من عموم الشعب الكوردي وعلى وجه الخصوص المكوّن الإيزيدي، واليوم تحاول البكك تضليل الإيزيديين وخداعهم وتتحدّث باسمهم وعلى لسانهم بأن حماية شنگال هو حماية آبو وكوردستان!!
البكك استقطعت شنگال من كوردستان على مرأى العالم والكورد والإيزيديين عموماً، وجعلتها مخبأً وعشّاً لميليشيات الحشد الشعبي (كتائب حزب الله وميليشيات النجباء وعصائب أهل الحق…) وهذا ما تسبّب بمنع عودة أكثر من 80% من أهالي شنگال الأصليين إلى موطنهم وتفضيلهم البقاء في جحيم المخيّمات على العودة لموطن الآباء والأجداد!
في 9 أكتوبر/تشرين الأول عام 2020، أُبرم اتفاق بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كوردستان، بصدد إدارة قضاء شنگال بصورة مشتركة وإخراج جميع الجماعات المسلّحة غير الشرعية منها، من ضمنها الجماعات المسلّحة المرتبطة بحزب العمال الكوردستاني بكك، وميليشيات الحشد الشعبي تمهيداً لعودة السكان النازحين إلى مناطقهم.
هذا وقد استبشر الشنكاليون خيراً بعد اعلان الاتفاقية، واعتبروه قراراً في الاتجاه الصحيح وتصحيح المسارات الخاطئة والأوضاع الشاذة التي عاشتها المدينة لعدة سنوات، لتنتهي بذلك عقدة النزوح وفتح آفاق المستقبل المنظور لتعود شنگال إلى سابق عهدها كما كانت مدينة للتعايش السلمي، ويعود الحق لأهله بعد اغتصابه من قبل اعتى منظمة ارهابية عرفها التاريخ المعاصر وما نجم عنها من تعرّض أهل شنگال عامة وخصوصاً الشعب الإيزيدي لأبشع انواع القتل على الهوية والتعذيب والتشريد والاغتصاب والخطف والسبي وبيع الفتيات العفيفات في أسواق النخاسة وتغييب المئات منهم إلى يومنا هذا بصورة تقشعر منها الأبدان وخلافاً لكل التقاليد والأعراف الاجتماعية ومخالفة لكل مبادئ الأديان السماوية والمعتقدات الدينية.
إلّا أنه لغاية اليوم، لم تنفّذ بنود هذه الاتفاقية وذلك نتيجة وقوف البكك في وجه هذه الاتفاقية وفق أوامر إيرانية من أجل تنفيذ مشروعها المتمثّل في مشروع الهلال الشيعي…