البكك تجرّ شنگال نحو الكوارث والمآسي… عودة العرب لشنگال نموذجاً

البكك تجرّ شنگال نحو الكوارث والمآسي... عودة العرب لشنگال نموذجاً

عدم تنفيذ اتفاقية شنگال المبرمة بين حكومة إقليم كوردستان والحكومة الاتحادية في 2020، والتي كانت بمثابة صمام الأمان لتطبيع الأوضاع في شنگال المنكوبة، تلك الاتفاقية الكفيلة بالقضاء على الفوضى وإعادة الاستقرار والأمان لشنگال والإيزيديين… خلق وضعاً كارثياً ومأساوياً يعمّق من جرح شنگال والإيزيديين عموماً.

فمنطقة شنگال تتعرض منذ مدة طويلة إلى حوادث يومية مؤسفة، ومن الواضح أن سبب أي عمل تخريبي في تلك المنطقة يعود إلى انعدام الأمن، فضلاً عن وقوع المنطقة تحت سطوة الميليشيات المسلّحة الخارجة عن القانون والمتمثّلة في حزب العمال الكوردستاني بكك وأذرعها واجنحتها العسكرية وميليشيات الحشد الشعبي، وإعاقتها لتنفيذ اتفاقية شنگال، الأمر الذي أدى إلى تعقيد كافة مناحي الحياة، نتيجة للسياسات الخاطئة التي اتبعتها الحكومة العراقية.

في 28 نيسان الجاري، عادت 25 عائلة من المكوّن العربي السنّي إلى قضاء شنگال بقرار من وزارة الهجرة والمهجرين العراقية، وذلك بعد إغلاق مخيم الجدعة 5 الذي كان يضمّ عوائل التحق أبناءها بتنظيم داعش أو شارك أفرادها في الإبادة التي حصلت في سهل نينوى وخصوصاً في شنگال إبان سيطرة تنظيم داعش على المنطقة، والحق، تظاهر أكثر من 100 شخص من الإيزيديين في شنگال تعبيراً عن رفضهم لتنفيذ هذا القرار وعودة هؤلاء، حيث طالب المتظاهرون الجهات المعنية بإلغاء القرار، مؤكّدين أن معظم تلك العوائل قدّمت يد العون لتنظيم داعش أثناء مهاجمته قضاء شنگال، وارتكابه الفظائع بحق أهلها لا سيما الإيزيديين منهم.

وبمرور الوقت، ترتفع وتيرة الخلافات والنزاعات بين مكوّنات شنگال.

هذا، وكانت خطوة الجيش العراقي في إعادة العوائل العربية، وإنزالها بالقرب من جامع الرحمن، كانت خطوة متعمّدة ومقصودة، والبكك من جانبها حاولت إضفاء الطابع الاستفزازي على الحادث، فوجّهت أنصارها وأتباعها صوب المنطقة المحيطة بالجامع، والحق أن كلّاً من الجيش العراقي والبكك أرادا أن يأخذ الحادث مجرى استفزازياً لتعقيد الوضع أكثر.

فأما البكك فقد أرادت من وراء خلق هذا الاستفزاز التغطية على حقيقة الحادث، فشركاؤها وحلفاؤها في شنگال الذين هم ميليشيات الحشد الشعبي، هذه الميليشيات بنفسها تشرف على عملية إعادة عوائل داعش إلى المنطقة، أي أن من يقوم بإعادة العوائل العربية التي التحق أبناؤها بداعش هم شركاء البكك وخلفاؤها من ميليشيات الحشد الشعبي، كما أن للبكك علاقات تجارية واسعة مع العرب المتواجدين على خط تلعفر-شنگال، ما يؤكّد أن عودة العرب إلى شنگال تصبّ في خانة مصالح البكك التجارية، آنذاك، البكك ليست على أدنى استعداد لهدم علاقاتها مع العرب باي شكل من الشكال.

وسائل إعلام البكك زيّفت حقيقة الحادث

المعادلة هذه تقتضي بأن البكك شريك في إعادة العوائل العربية، لهذا السبب، حاولت وسائل إعلام البكك تغيير مسار الأحداث بتسليط الضوء على نقطة أخرى وجعلها مرتكز الإشكالات والخلافات هناك، فلم تذكر وسائل إعلام البكك أن المشكلة تكمن في عودة العرب، بل حاولت التغطية على هذا الجانب من الحدث، وسلّطت الضوء على أن من بين هذه العوائل العربية هناك متهمان اثنان بالانتماء لداعش الإرهابي، وأن الأهالي طالبو بتسليمهما لقوات وحدات مقاومة شنگال-سنجار (YBŞ) إلّا أن الحقيقة ليست كذلك، بل هي على النقيض ممّا سردتها وسائل إعلام البكك تماماً، كما حاول إعلام البكك إلقاء التهمة على الجيش العراقي للتغطية على دور شريكها الرئيسي في الحادث من ميليشيات الحشد الشعبي، وتبرئة ساحة الميليشيات من أية تهم!

عدم تنفيذ اتفاقية شنگال تجرّ شنگال والإيزيديين نحو كارثة حقيقية

عام 2020، أبرمت اتفاقية تطبيع الأوضاع في شنگال بين حكومة إقليم كوردستان والحكومة الاتّحادية في بغداد، ويقضي اتفاق تطبيع الأوضاع والموقّع في العاشر من أكتوبر/ تشرين الأول عام 2020 بين حكومة إقليم كوردستان والحكومة الاتّحادية برعاية الأمم المتحدة، بإخراج عناصر البكك وفصائل ميليشيات الحشد الشعبي من شنگال وإعادة النازحين، والبدء بخطوات إعادة إعمار المدينة بدعم واضح من بعثة الأمم المتحدة في بغداد التي رعت جانباً من مفاوضات التوصّل إلى تفاهم حول الأوضاع في المدينة المضطربة منذ تحريرها في نهاية عام 2015 من سيطرة تنظيم داعش.

هذه الاتفاقية تعدّ مكسباً تأريخياً للإيزيديين، حيث ستعزّز من موقع الشعب الإيزيدي وشنگال بين كلّ من بعداد وأربيل، كما تضمن الاتفاقية المبرمة قيام أهالي شنگال بإدارة المدينة إدارياً وأمنياً بعيداً عن سطوة الميليشيات المسلّحة الخارجة عن القانون، إلّا أن البكك وشركاؤها وحلفاؤها من الميليشيات المسلّحة المنضوية تحت خيمة الحشد الشعبي بذلت أقصى جهودها وطاقاتها في سبيل تعطيل بنود هذه الاتفاقية التأريخية، ووقفت عائقاً أمام دخول القوات الكوردستانية لشنگال، فعمّت حالة من الفوضى المنطقة عموماً ما سمح لكلّ من هبّ ودبّ بممارسة انتهاكاته، وأصبح الشعب الإيزيدي في شنگال الضحية الأولى والأخيرة لكل هذه الممارسات والأعمال الشنيعة، بحيث وصلت دناءة البكك إلى اتّهام أمير الإيزيديين بالخيانة والعمالة من أجل مصالحها الحزبية الضيّقة.

وما إعادة 25 عائلة من العوائل العربية إلى شنگال إلّا جزءاً يسيراً من مغدورية الشعب الإيزيدي في شنگال.

نعم، فحزب العمال الكوردستاني بكك يستثمر جراح الإيزيديين وأهالي شنگال، ويستخدم تراجيديا جينوسايد شنگال من أجل تحقيق مصالحه الحزبية الضيّقة، ويزيد من آلام الكورد الإيزيديين ويسير بهم نجو مزيد من المآسي والكوارث…

مقالات ذات صلة