في 2014/8/3 هاجمت تنظيمات الظلام داعش الإرهابي على قضاء شنگال، حيث مارست هذه التنظيمات الوحشية أبشع عمليات الإبادة الجماعية بحقّ المكوّن الإيزيدي من الشعب الكوردي، فقتلت الرجال وسبت النساء وأحرقت الأملاك والمزارات الدينية، وهُجّر مئات الآلاف من الشعب الإيزيدي عن موطن آبائهم وأجدادهم، وما زالوا يعانون الأمرّين في جحيم المخيّمات، هجوم داعش الإرهابي تسبّب في انقطاع صلات القربى وأحدث تباعداً منعدم النظير بين الشعب الإيزيدي، وما يمارسه اليوم حزب العمال الكوردستاني بكك بحقّ هذا الشعب الأصيل لا يقلّ بشاعة وجريمة عمّا مارسه داعش الإرهابي إن لم يكن يزيد عنه فصولاً…
فلم يبق شيء للإيزيديين لم تنتهكه البكك، لم يبق شيء لم تمسه يد التخريب والفتن للبكك، فمدينة شنگال والتي تُعتبر عاصمة الديانة الإيزيدية على مرّ العصور والأزمان، شنگال التي حافظت لمئات السنين على تراثها الأصيل والتي احتضنت الإيزيديين منذ مئات السنين، شنگال تلك المدينة التي تعدّ نبع إيزيدخان ومنبع السلام والتعايش… باتت اليوم مدينة منكوبة بسبب تواجد البكك وتغلغلها في كافة مفاصل الحياة فيها، شنگال التي كانت مصدر السعادة والافراح والمسرّات للشعب الإيزيدي، والتي كان الإيزيديون يعيشون فيها حياة الفرح والسرور… فقدت اليوم مكانتها التأريخية وقيمها الأصلية وتراثها العريق بفضل سيطرة البكك عليها واحتلالها، فالبكك ما زالت تمارس عملية إبادة ممنهجة ضدّ هذه المدينة الكوردستانية، غيّرت معالمها الديمغرافية، احتقرت تراثها وتأريخها وحضارتها العريقة ومعتقداتها على مرأى الإيزيديين والعالم أجمع.
البكك أبادت شنگال من الناحية الاجتماعية
أصبحت البكك، اليوم، سرطاناً ينخرّ جسد شنگال، مرضاً مزمناً وداءً لا دواء له في شنگال، فأول عمل قامت به هذه التنظيمات الدخيلة على الكوردايتي والمجتمع الإيزيدي هو أنها عملت على غسل أدمغة شباب شنگال، بعدها ملأت عقولهم بكل عمل لا إنساني وممارسة شنيعة لا تقبلها أخلاق هذه الديانة، درّبتهم على احتقار المعتقدات الدينية المباركة، مرّنتهم على الإساءة للتراث الإيزيدي الأصيل، شجّعتهم على الابتعاد عن ثقافة الإيزيديين وديانتهم، لا تسمح لهذا الشعب المسالم أن يعيش حياة حرة، أصبحت حجر عثرة أمام رقيهم الاجتماعي والحضاري والثقافي، من أجل استمرار خضوعهم لسيطرتها والتحكّم بهم إلى أبد الآبدين، جعلتهم يعيشون حياة الذلّ تحت رحمة فوهة السلاح.
نعم، تقوم هذه التنظيمات بتلقين الشعب الإيزيدي آيديولوجيتها العفنة التي عافت عليها الزمن في أنفاق حفرتها بجبل شنگال، وحسب أهوائها! تربّيهم على أفكار بعيدة كلّ البعد عن سماحة الديانة الإيزيدية وإيزيدخان، تحتقر أسمى رموز هذه الديانة كـ (ملك طاووس) وتقول لهم بأنها خزعبلات وقصص مضحكة! لا يجوز لكم تصديقها والإيمان بها! وتزعم أن الفرمانات التي حصلت لهم ما هي إلّا نتيجة هذه الخزعبلات والأساطير والقصص والأوهام… بهذا استطاعت هذه التنظيمات إحداث شرخ عميق بين المجتمع الإيزيدي، وتثقيفهم وفق ميولها ومصالحها الحزبية الضيّقة.
البكك أبادت شنگال من الناحية الجغرافية والأمنية
لا يخفى على أحد، أن جبل شنگال يعدّ بمثابة رمز مقدس في الديانة الإيزيدية، وهو رمز المقاومة للإيزيديين على مرّ العصور وقدم التأريخ، وهو المكان الحصين الذي صان الإيزيديين وحماهم من 73 فرماناً ارتكبت بحقّهم، ففي عمق وقلب كلّ إيزيدي يعتبر هذا الجبل ذا خصوصية دينية مقدّسة، وهو الحصن المنيع لحماية الإيزيديين من أي عدو أراد القضاء عليهم وإبادتهم، لكن البكك حفرت اليوم عشرات الأنفاق والخنادق في هذا الجبل المبارك، وقامت بإنشاء سجون ومعتقلات سرية تحت الأرض على هذا الجبل، ولا تسمح للإيزيديين إطلاقاً بزيارة الجبل المقدّس، كما تقوم تنظيمات البكك بجلب العرب السوريين من أجل حفر الأنفاق لمسلّحيها في هذا الجبل، وحرّمت الإيزيديين من الذهاب لممتلكاتهم ومزارعهم وبساتينهم في هذا الجبل، وقامت بزراعة حقول الحشيش والقنب على هذا الجبل المقدّس، ولو استمرّ الحال على ما هي عليه فسيفقد الشعب الإيزيدي هذا الجبل الذي يعتبر رمزاً مقدّساً في الديانة الإيزيدية في أقرب وقت.
ونتيجة للظروف الاقتصادية السيئة التي يمرّ بها الشعب الإيزيدي في شنگال، استغلّت البكك هذا الوضع الاقتصادي المتردّي لشراء أراضي وممتلكات الإيزيديين بثمن بخس، وهذا ما يثير الشكوك حول نوايا البكك في توطين العرب أو عوائل مقاتليها على هذه الأراضي، والادّعاء في أوقات لاحقة بأنهم هم أصحاب هذه الأراضي الشرعيين وأنها ملك لهم!
وبمرور الوقت، يتدهور الوضع الأمني بوتيرة سريعة في شنگال، وعوض البحث عن حلول تقوم البكك بتجنيد شباب الإيزيديين وأطفالهم تحت سنّ 18 عاماً، وتغريهم بمبالغ زهيدة من النقود التي تموّلها بها شركاؤها وحلفاؤها من ميليشيات الحشد الشعبي أو ما تُدفع لها من رواتب! وتضلّلهم وتخدعهم بل وجعلت منهم بيادقاً ووقوداً في محاربتها لحكومة إقليم كوردستان أو الحكومة الاتّحادية أو أية جهة لا تتوافق مصالح البكك معها.
نعم، ملأت البكك رؤوس هؤلاء الأطفال والشباب بكل فكر سيّء وبطرق لا أخلاقية، وتلاعبت بهم بحيث جعلتهم على أتمّ الاستعداد لقتل إخوانهم الإيزيديين! ولهذا تستمرّ البكك بفتح دورات تدريبية وتربوية وعسكرية لهم من أجل إبقائهم تحت سيطرتها وتحكّمها.
كما تدرّبهم على كيفية صناعة المتفجّرات والقنابل وكيفية تفجيرها بإخوانهم، وخير مثال على ذلك الاعترافات المنشورة لمجموعة من الشبيبة الإيزيديين التي ضبها جهاز مكافحة الإرهاب لإقليم كوردستان.
فقد اعترف هؤلاء الفتية الذين غسلت البكك أدمغتهم وعقولهم وملأتها بالأفكار والآيديولوجيات العفنة للبكك وزعيمها المسجون، وكانوا أعضاءً فيما تسمّى بوحدات مقاومة شنگال (YBŞ) التي أسّستها البكك في شنگال، حيث اعترفوا بأن البكك وجّهتهم لتفجير هذه المتفجّرات في مخيمات اللاجئين الإيزيديين في إقليم كوردستان!
وهنا يطرح هذا السؤال نفسه: ما الذي استفاده الشعب الإيزيدي من تواجد البكك في شنگال؟! عدا الدمار والخراب والخسائر المادية والبشرية اليومية المتكرّرة!! لماذا أحاكت البكك هذا الكمّ الهائل من المخطّطات الإرهابية الشريرة ضد الإنسانية؟! لماذا تقدم على ارتكاب كلّ هذه الممارسات اللاأخلاقية كتوجيه بعض الشباب الإيزيديين بتفجير مخيمات إخوانهم النازحين؟! أيا تُرى ما الصورة التي تريد البكك إظهار الشعب الإيزيدي بها أمام الراي العام المحلي والعالمي؟!!