انتهت الانتخابات التركية، وبدأ كلّ حزب وطرف يقيّم نتائجها، لذا ينبغي على حزب الشعوب الديمقراطي HDP تقييم أوضاعه جيداً، كونه أكبر الخاسرين في هذه الانتخابات من حيث الأصوات والمقاعد البرلمانية، ففي انتخابات حزيران عام 2015، حصل (الشعوب الديمقراطي HDP) على 6058489 (ستة ملايين وثمانية وخمسين ألف وأربعمئة وتسعة وثمانين) صوتاً، بلغت نسبتها 13.12 في المئة، متمثّلة في 80 مقعداً برلمانياً.
بينما انخفضت نسبة أصواته في انتخابات هذا العام لـ 8.78 (ثمانية فاصلة ثمانية وسبعين بالمئة) وحصل على 62 مقعداً برلمانياً.
خسر الأصوات في جميع المناطق، مثال ذلك:
في ئامد انخفضت نسبة أصواتها من 67.03 سبعة وستين فاصلة صفر ثلاثة بالمئة إلى 60.03 ستين فاصلة صفر ثلاثة بالمئة، وخسر مقعداً هناك.
في إسطنبول انخفضت نسبتها من 12.08 اثنتي عشر فاصلة صفر ثمانية بالمئة إلى 8.18 بالمئة وخسر 3 ثلاثة مقاعد برلمانية هناك.
خسر ملايين الأصوات، انخفضت نسبتها 5 فاصلة وعدداً من المقاعد البرلمانية.
فيا تُرى ما هي الأسباب؟
الخطأ القاتل تمثّل في ضياع HDP لقبلته، فخسر HDP الكورد وكوردستان من أجل تركيا ومشروع التتريك، ولكن رغم هذا فجميع من صوّتوا لـ HDP هم من الكورد! غير أن الكورد لم يصوّتو لـ HDP على أسس اليسارية أو الشيوعية-كومونيست، أو البيئة-الإيكولوجيا- أو النقابات اللاسلطوية-الأناريكية وغيرها من الآيديولوجيات المختلفة، بل يصوّتون لـ HDP في سبيل إنهاء سياسات الإنكار بحق الكورد في كوردستان تركيا وإيجاد حلّ للقضية الكوردية في تركيا، ولو خلت مطالب الحزب من أية حقوق للكورد فما الفرق آنذاك بينه وبين أحزاب الدولة التركية؟! نعم، ضرب HDP بطموحات وآمال الكوردستانيين الذين صوّتوا له عرض الحائط، وضيّع القضية الكوردية تحت شعار التتريك، الكورد لم يعودوا يستسيغون الأفكار السياسية لـ HDP، الشعب الكوردي غاضب وممتعض من قيادة HDP التتريكية والمتعصّبة للعنصرية التركية، فليست استراتيجية HDP وحدها هي الخاطئة والمعوجّة بل امتدّ لتكتيكات الحزب أيضاً، فـ HDP لم يأخذ بالحسبان مطاليب الكورد ومصالحهم في هذه الانتخابات وتحرك وفق هواه، وتجسّد أكبر أخطائه في عدم تحديد مرشّح لرئاسة الجمهورية، وهب أصوات الكورد لـ كليجدار أوغلو مجاناً دون اتّفاقية سياسية أو المطالبة بأيّ شيء للكورد! وعوض ذلك لو تحالف HDP مع جميع الأحزاب والشخصيات الكوردستانية لكان بالإمكان ترشيح شخصية يتّسم بالكوردستانية، آنذاك كان باستطاعته حصد أكثر من 10 بالمئة من الأصوات بكلّ أريحية، ولإستطاع فيما بعد المتاجرة في بازار سياسي في اختيار رئيس للجمهورية باسم الكورد، لكنّه عوض هذا جعل الكورد أتباعاً لليساريين الأتراك، نعم، فلا حاجة للكورد في معاداة أردوغان كما لا حاجة لهم لأن يكونوا داعمين أوفياء لأوغلو! بل هم بأمسّ الحاجة للنضال من أجل أصغر حقوقهم، ولكن للأسف ضحّى HDP بمطاليب الكورد من أجل اتّفاقاته السرية المظلمة، هذه السياسة لم تضيّع HDP وحده بل ضيّعت معه عموم الكورد، فعوض تحالفه مع اليساريين الأتراك المتطرّفين كان المفروض أن يتحالف مع الكورد، فتحالف مع TIP والتي لا تخطو نسبة عموم أصواته عتبة الـ 1.5 (واحد ونصف) بالمئة! نعم أعرض HDP عن تحذيرات عموم الناخبين الكورد وواصل مسيرته في التحالف مع اليساريين الأتراك الكماليين الذين يحتقرون الكورد، فخاض TIP غمار المعترك الانتخابي على حساب HDP ولم يعدّ أية قوائم مشتركة، على إثرها ذاق الحزب طعم الهزيمة والضياع، نعم، لم يسمع HDP لصوت الشعب ومعاناته ولم يأبه، فرشّح من رفضه الشعب، مثال هؤلاء (سزاي تمللي) التركي حيث ضمن المرتبة الأولى بين مرشّحي HDP في موش، فأبدى الشعب ردّة فعل عنيفة نتج عنها خسارة 7 آلاف صوت في موش وحدها! فـ HDP حزب انفصل عن شعبيته وفقد حاضنته الجماهيرية، ولا يأبه إطلاقاً لصوتهم ولا تطالب بشيءٍ للكورد، لأن سياساته خاطئة من أسسها، وطالما غرّد الحزب (HDP) بعيداً عن سرب الكورد وكورستان فستتلاحق الهزائم والخسائر وتتوالى، فالكورد لا يريدون التتريك بل يريدون سياسة كوردستانية…