في الذكرى المئوية لانعقاد معاهدة لوزان التي مهّدت السبل للإبادة الجسدية والثقافية بحقّ الشعب الكوردي، وتقسيم أرض وطنهم كوردستان رسميًا بين الدول، نظّم الكورد فعاليات وأنشطة مختلفة أينما كانوا وتواجدوا في ذكرى هذه الاتفاقية المشؤومة، وكانت إحدى هذه الأنشطة والفعاليات المؤتمر الذي نظّمه الجناح الدبلوماسي لحزب العمال الكوردستاني بكك، أي المؤتمر الوطني الكوردستاني (KNK).
بالطبع، شارك الاتّحاد الوطني الكوردستاني الذي يجمعه تحالف استراتيجي على مدار السنوات التسع الماضية مع البكك في هذا المؤتمر، كما شارك فيه شخصيات أخرى أيضاً.
منذ فترة، أحدثت البكك ضجّة إعلامية كبيرة وأثارتها من أجل هذا المؤتمر، حيث دأبت وسائل الإعلام التابعة لحزب العمال الكوردستاني بكك على الترويج لهذا المؤتمر منذ أسبوع، كما كانت وسائل إعلام الاتّحاد الوطني تضمّ كذلك صوتها إلى صوت البكك وتصرخ معها، لكن كان جلياً منذ البداية أن هذا المؤتمر سيكون مؤتمراً لعبة وخداعاً، فالمؤتمر الذي ينظّم بمبادرة البكك وإدارتها ويشارك فيه أتباعها وأذيالها علاوة على مشاركة الاتّحاد الوطني من المؤكّد أنه سيكون مؤتمراً يُراد من ورائه إخفاء قاذوراتهما وبشاعة خياناتهم لكوردستان، وبالفعل، فعندما ينظر المرء بدقّة وعناية إلى هذا المؤتمر سيتّضح ما قلناه ويُفهم الغرض من تنظيم هذا المؤتمر.
لنترك الماضي المظلم والسياسة المنحرفة لحزب العمال الكوردستاني بكك جانباً، فموقف المؤتمر تجاه علم كوردستان المقدّس وحده كافٍ لكشف هذه الحقيقة، فقد قدّمت البكك خلال عرضها للمؤتمر أربعة أعلام مختلفة لكوردستان!!!!
وكأن كلّ جزء من كوردستان له علمٌ مختلفٌ عن الآخر؟! فكان العلم الملوّن-علم كوردستان- من نصيب إقليم كوردستان-باشور كوردستان! وكأنّه خاصٌ بهذا الجزء المحرّر من كوردستان؟! ألم يرفع الشبيبة الوطنيين المخلصين هذا العلم الملوّن في باكور كوردستان-كوردستان تركيا عام 1920 بل من قبل؟! ألم يتمّ إنشاء علم كوردستان لأول مرة في عام 1919 من قبل جمعية التنظيم الاجتماعي للكورد، بقيادة أمين علي بدرخان-جزيرة بوطان، وبرفقة العديد من الشخصيات الوطنية الكوردية من باقي أجزاء كوردستان؟ أليس هو العلم نفسه الذي رفرف عالياً في السماء وعلى قمم جبال كوردستان أثناء انتقاضات وثورات الشيخ سعيد بيران وثورة ئاكري…إلخ؟ فرغم هذه الحقائق التأريخية المعروفة… وضعت البكك علم منظومتها الحزبية رمزاً وعلماً لـكوردستان تركيا-باكور كوردستان!!وجعلت هذه المنظومة تمثّل الكورد في الجزء الأكبر من كوردستان!
هل بالإمكان أن يمثّل علم منظومة المجتمع الكوردستاني (KCK) علماً لكوردستان تركيا-باكور كوردستان؟!
علم منظومة المجتمع الكوردستاني (KCK) هو أحد رموز وأعلام تنظيمات حزب العمال الكوردستاني، وعلى مدار 40 عامًا، أطلقت البكك جميع الألوان واللافتات ووصفتها وكأنها أعلامٌ، وقامت بتغييرها حسب رغبتها، وهذا ما يؤكّد أن حزب العمال الكوردستاني مجرّد منسلخ من أي وعي قومي أو تجربة تجاه علم كوردستان، تمّ رفع علم منظومة المجتمع الكوردستاني (KCK) لأول مرة في آذار/مارس 2005 في جزيرة عمرلي-إمرالي، كرمز لكونفدرالية آبو، علم (KCK) هو رمز وعلم لتنظيمات حزب العمال الكوردستاني بكك، وقد قدّمته هذه التنظيمات من أجل إضفاء الشرعية على تنظيماتها، بعبارة أخرى، هو رمز وعلم للتنظيمات التي يقودها جميل بايك وبسي هوزات ويشرفان عليها، هذا العلم صنع في إمرالي بضوء أخضر من المخابرات التركية (MİT).
فنصف سكان كوردستان تركيا-باكور كوردستان لا يعرفون حتى ما هذا العلم؟! وعلم من؟! ونصف أولئك الذين يعرفون أنه علم منظومة المجتمع الكوردستاني (KCK) لا يقبلون بهذا العلم، أي أنّنا الآن سنرفض العلم الذي رفرف عالياً في ثورة ئاكري، والذي رفرف في أعالي سماء وارتو أثناء انتفاضة الشيخ سعيد بيران، ونقبل العلم الذي يتحدّث عنه دوران كالكان ومصطفى قره سو…؟! للأسف، فنحن لا نقبل بهذا مطلقاً.
البكك تخطّت الحدود الأخلاقية ورسمت علماً لكوردستان إيران-روزهلات كوردستان!
عموم الشعب الكوردي في كوردستان إيران-روزهلات كوردستان يعترفون ويعرفون أن العلم الملوّن-علم كوردستان- هو علمهم وعلم عموم الكورد والأحزاب السياسية الكوردية، ولم يتبنّوا هذا العلم الآن، بل تبنّوه ورفعوه واستشهدوا في ظلّه منذ عام 1946، وعندما يحتفل الكورد في كوردستان إيران بعيد نوروز القومي الكوردي كلّ عام يرفعون هذا العلم المبارك، بل فقط في العام الماضي، سقط أكثر من مئة شهيد في ظلّ هذا العلم في أحداث الانتفاضة الشعبية عقب اغتيال الفتاة الكوردية ژينا أميني، ووريت جثامينهم الطاهرة الثرى ملفوفة بهذا العلم المبارك، حاربوا الجيش الإيراني في ظلّ هذا العلم، بل لا تزال أضرحتهم في مريوان وسنه ومهاباد وسقز وجميع أنحاء كوردستان إيران-روزهلات كوردستان… مزيّنة بعلم كوردستان الملوّن.
لكنّ حزب العمال الكوردستاني بكك فرض نفسه اليوم قيّوماً على شعب روزهلات كوردستان-كوردستان إيران، وصنع راية وعلماً لهم دون إذنهم! أليس هذا تعجرفاً ووقاحة؟ فحتّى تنظيمات البكك في روزهلات كوردستان-كوردستان إيران والتي سمّاها عثمان أوجلان-شقيق آبو- على اسم عشيقته سابقاً وزوجته لاحقاً (ژیان) أي حزب الحياة الحرة الكوردستاني بيجاك (PJAK) لم يعترف بالعلم الملوّن علماً لكوردستان إيران.
أمّا روجآفا كوردستان-كوردستان سوريا فهي مسألة مختلفة في حدّ ذاتها، تمّ تحديد علمهم ذو الألوان الثلاثة من قبل البكك القيّومة على أمرهم، فليس لعلم روجافا كوردستان أي ظهور أو خلفية تأريخية.
البكك بلطفها وكرمها… قبلت العلم الملّون علماً لإقليم كوردستان!!
في بادرة قد تكون الأولى من نوعها، قبلت البكك العلم الملون الذي يبلغ من العمر أكثر من 100 عامٍ علماً لإقليم كوردستان-باشور كوردستان، والحقّ ولكي أكون أكثر صدقاً، لو كانت الأمور بيد البكك لما قبلت هذا العلم، ولبدّلته بعلم حركتها المسمّاة بحركة الحرية (Tevgere Azadi) لولا خشيتها من ردود الأفعال المعارضة الغاضبة، وكذلك من أجل إخفاء هدفها الحقيقي، نعم، لاستخدمت علم إحدى تنظيماتها وكياناتها عوض العلم الملوّن، قالبكك أُرغمت على رفع علم كوردستان كعلمٍ لإقليم كوردستان، بالإضافة إلى ذلك، تحاول البكك جاهدة عدم ذكر اسم حكومة إقليم كوردستان ومكتسباتها وإنجازاتها، رغم أن إقليم كوردستان أزال لوزان وألغاها وجرّدها من أية معان، ومزّق كفن الموت الذي ألبسته معاهدة لوزان المشؤومة بالكورد، فحكومة إقليم كوردستان بحدّ ذاتها إلغاء لهذه المعاهدة المشؤومة وهزيمة محتومة لها.
لهذا السبب، من الضروري جدّاً أن يجتمع الكورد ويحتشدوا ويتوحّدوا حول حكومة إقليم كوردستان، لكنّ ما تفعله البكك هو عكس ذلك تماماً، تحاول جاهدة إلحاق الهزيمة بسلطات إقليم كوردستان، وتتحالف مع كلّ من يعارض ويناوئ ويعادي كوردستان.
مشكلة البكك ومعضلتها تجاه علم كوردستان تكشف حقيقتها
أولئك الذين يريدون بل يحاولون فصل شنگال عن كوردستان… لا يمكنهم النضال ضدّ لوزان أو إلغائها أو هزيمتها أو أيّ شيءٍ من هذا القبيل، فمن يرفع العلم العراقي في شنگال بدلاً من علم كوردستان لا يمكنه هزيمة لوزان!
فمن يتحالف ويتعاون مع ميليشيات الحشد الشعبي ضدّ إقليم كوردستان لا يمكنهم الوقوف ضدّ لوزان وهزيمتها أو إلغائها.
فلو عقدت البكك آلاف المؤتمرات ونشرت مئات الخطابات المناهضة المعادية للوزان واحتفت وسائل إعلامها بعشرات المقالات حول إلغاء لوزان أو مناهضتها أو هزيمتها أو أيّ شيءٍ من هذا القبيل… تبقى الحقيقة الوحيدة التي لا تتغيّر هي أن البكك ليست ضدّ لوزان على الإطلاق… لا يتعدّى الأمر أنها محاولة لإخفاء حقيقتها القذرة وراء ستار إلغاء لوزان، فالبكك تمثّل خط لوزان، وهي ضامن رئيسي لسريان بنود هذه المعاهدة المشؤومة لغاية الآن… فالبكك ما زالت حامية حارسة للحدود المصطنعة التي قسّمت كوردستان والمنبثقة من رحم معاهدة لوزان…
فما مؤتمر حزب العمال الكوردستاني بكك في مئوية لوزان المشؤومة سوى خطوة مشؤومة أخرى كبنود لوزان، ومحاولة لحشد القوى وتأسيس قوة سياسية جديدة في مسار الجبهة المعادية لإقليم كوردستان…