معاهدة لوزان… أول حنجلات رقصة الغرب

معاهدة لوزان- أول حنجلات رقصة الغرب

بقلم: ماهر حسن

أعرف أن ثمّة ما يدعو للاستقراء: لأول وهلة، بدءاً، أمام اتّساق من لعبة بعض قادة الأسرة الدولية، ومناوأة وفق الموازنات المشتركة والماثلة إلى اللحظة أمام العين، أرسى لها سايكس بيكو 1916 في المزاد الأممي بالسهولة، في مرحلة تمهيد وفق ما تعوزه معاينات متعدّدة لأطروحات متعدّدة، وهو في الأساس، من أجل ديمومة آلة الحرب، ومن نتيجة مقتضى واقع الحال إزاء الدائر علينا، لاسيّما منذ أن قيض للغرب أن يكون راسم خرائط الشرق الأوسط، وفق إيقاع قراءات مستفزة، وحيث أن معاهدة لوزان تُعدّ من النوع محكم الصنع، عالي الفعالية، تدخّلت في إعداده، أكثر من جهة، لأغراض مختلفة، بتجزئة كوردستان- وتقاسمه بين أربع خرائط مستحدثة، و لا يزالون يواصلون أن يتمّ محوها.

كانوا الكورد، الذين ظهروا على مسرح السياسة في هذه الدول الأربع في مواجهة حملات المحو و التي ازدادت شراستها تدريجياً، ولا تزال مستمرة إلى الآن، لإثبات وجوده، إذ أنه قامت هذه الأنظمة تقديم الواقع، بطريقة مختلفة، كما بينت الوقائع، و محو الهوية الكوردستانية: عن هذا المكان وكائنه، لنكون أمام آلة القمع من دول مصطنعة ما كان لها وجود في التاريخ، يسعون لإقصاء الكوردستانيين بين إلتقاطة أنفاس وأخرى، في تفاصيل المشهد والتي  يحتاج إلى مجلدات هائلة للإحاطة بكل ما تمّ وبات، وإن كان يمكن الحديث الّا أن الكوردي يقول كلمته، ويصرّ على وجوده، رغم تآمر هذه الأنظمة (سوريا- تركيا- بغداد- إيران) عبر رابطة التربّص بالكورد، ومحاولة اجتثاثهم من جذورهم، والتسابق فيما بينهم لتسجيل سبق الأولوية.

بات التمترس في الشعار الجديد (لا دولة للكورد) إلى الوقوف على مقربة من الأنظمة الغاصبة لأرض الكوردستانيين، ونحن نجد بأمات أعيننا كيف أن بعض نهّازي الفرص من هذه الدول امتطوا جياد اللحظة، ليتحولوا إلى بواقين وينفوا الهوية الكوردية، فواجه الكورد، تحديات ومحن كثيرة، ناهيك عن أمر آخر في منتهى الخطورة ألا وهو تشوّش رؤية شعوبهم تجاه تطلعات الكورد، بوطن معافى، يعاد الاعتبار فيه لإنسانه، بعد أن أنهكته آلة الحرب، في محطاتها العديدة، من دون أن أنسى معاناة أي من شركاء المكان، أنّى كانت.

كما أن اتّساع دائرة الحرب على الكورد والتهامها الأخضر واليابس، لم  تنظر إليه الغرب بعناية رغم انها تعنى بحيوات ومصائر قوم، و هذه الإشارات خطيرة، رغم وضوح كلّ شيء، أصلاً، من قبل كل ذي بصيرة، إلا أنه لابدّ من كشف النقاب عنها إعلاميًا وبمهنية عالية، لأجل تقبُّلّ الكوردي واقعاً وتاريخاً وخصوصية وحقوقاً.

وقد جاءت معاهدة لوزان- ما هو معلنًا في الأصل-  أمام كل متعام ، وكأداة، يمكن التعويل عليها، في خدمة- الانظمة الغاصبة- ونبذ حقوق الكورد- وانتشار ثقافة الكراهية المقيتة، وذلك ليعيثوا قتلاً وفساداً وتجبّراً وارتكاب المجازر، وناومت أعين المتحكمين في أسرته الدولية عمّا يدور في مكاننا، وفي مواجهة وجودنا، تراثنا وماضي وحاضر ومستقبلنا واذ بها تحضر أمام صورة الواقع الحالي. فورقة لوزان، تشرعها الديكتاتوريات، بمستوياتها المتعددة: الحزبية منها والفردية، وحتى على نطاق بعض مؤسسات المهيمنة، في أمثلة حاضرة، ماثلة، عديدة، (في العلم والمناهج التعليمية) يحاولون استثمار، وتجيير شعوبهم في خدمة إلحاق الأذى بالإنسان الكوردي، لاعتبارات عدوانية، ولأسباب مكشوفة، وإذ كان العلم ينتج من سموم الثعابين عقاقير وأدوية لها قدرات علاجية من أمراض مزمنة ومستعصية، بينما في الاتّجاه الاخر، يلاحظ ما من شأنه حتى وإن دسّ في العسل يفتك بالإنسان.

مقالات ذات صلة