هوية كركوك كوردية وستبقى كوردية…

منذ أيام، تتواصل الاستفزازات في مدينة كركوك الكوردية العريقة، حيث قرّرت الجبهة المناهضة المعادية للكورد القيام بفعاليات وأنشطة مشتركة ضدّ عودة الديمقراطي الكوردستاني وفتح مكاتبه في كركوك قبيل إجراء انتخابات مجالس المحافظات، فقامت قوات من ميليشيات الحشد الشعبي والعرب الشوفينيين الوافدين إلى كركوك والتركمان ومثيري الشغب البكك وخونة الاتّحاد الوطني الكوردستاني الذين باعوا كركوك… بأعمال شغب واحتجاجات.

فبعد خيانة الاتحاد الوطني عام 2017، عانت مدينة كركوك الكوردية ظلماً وجوراً واضطهاداً بلغ حدّ فقدانها لهويتها الكوردستانية، فبات من احتلّوا كركوك في 16 أكتوبر عام 2017، هم أنفسهم من يعارضون اليوم عودة الديمقراطي الكوردستاني، فخلال خيانة الـ 16 أكتوبر، كانت إيران وتركيا والعراق وخونة الداخل (العمال الكوردستاني بكك والاتحاد الوطني) يديرون المدينة من نفس المركز الذي أدار عملية احتلال المدينة، وبعد احتلال أعرق مدينة للكورد، وبينما كان قادة الاتّحاد الوطني وحزب العمال الكوردستاني بكك يحتفلون بهذا “النصر” في قصر “دباشان”… كان قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس وصنّاع القرار الأتراك يوقّعون الاتفاقيات بصدد توسيع مخطّطهم الاحتلالي ليقضم عموم إقليم كوردستان، على خطّ شنگال-زمار ضدّ زاخو ودهوك، وعلى خط كركوك ضدّ أربيل، وبدأ مشروع غزو إقليم كوردستان، وبدأت دول الاحتلال الثلاث وخونة الإقليم (الاتّحاد الوطني والبكك) بشنّ أعنف هجماتهم الاحتلالية وبما أوتوا من قوة عسكرية.

فكما قال أردوغان عن كوباني: “آيلة للسقوط وستسقط” فكذلك ابتهجت وسائل إعلام البكك وقالت بحماسة منقطعة النظير (هولير آيلة للسقوط وستسقط) لكن الكورد المخلصين الشرفاء وأبطال الوطن، لم يدعو فرحة الغزاة تكتمل، وهزمت جبهتهم على ضفاف نهر دجلة والزاب الصغير، وسطر بيشمركة كوردستان ملحمة المقاومة الوطنية في سحيلا وبردي، وانهزم المحتلّون وكلابهم المسعورة خائبين يجرّون أذيال الهزيمة والعار هاربين أمام اسود الوطن، وما استفزازات اليوم للجبهة المعادية للكورد في كركوك إلاّ استمراراً لمسلسل خيانة الـ 16 من أكتوبر.

الديمقراطي الكوردستاني هوية الكورد عشاق الدولة

إنّ عودة الحزب الديمقراطي الكوردستاني إلى كركوك تعني نهاية خط خيانة الـ 16 تشرين الأول/ أكتوبر، ولدراية البكك والاتحاد الوطني وإدراكهما حقيقة أنّ باب الخيانة سيغلق في وجههما، يتحرّكان بسرعة البرق، فالوحيد القادر على نسف خرافة البكك هو الهوية الوطنية الحقة للديمقراطي الكوردستاني، فالبكك ثعلب الحقائق وبطل الأكاذيب لا غير…

فالديمقراطي الكوردستاني يمثّل الهوية والإرادة الوطنية للكورد في كركوك بشكل موضوعي، والبارزاني عُرف بهوية الدولة القومية للكورد، لهذا كلّما مرّ الزمن ازداد إصرار الديمقراطي الكوردستاني على رفع علم كوردستان وتمكين الهوية الوطنية للكورد والإرادة السياسية الكوردستانية هناك، وهذه الهوية الوطنية القومية للديمقراطي الكوردستاني تثير الرعب في قلوب أعداء الكورد وكوردستان، فأينما تواجد الخطّ الوطني الحقيقي انكسرت تعويذة الخطوط الخيانية الزائفة، وانتهت بازارات الخيانة.

إن عودة الديمقراطي الكوردستاني إلى كركوك؛ يعني نهاية التعريب، يعني إيقاف مشروع التغيير الديمغرافي، يعني استعادة القيم الكوردستانية وإعادة بناء الهوية العرقية للكورد في كركوك، فخونة الكورد وغزاة كوردستان يخافون من هذه الهوية الشعبية والوطنية القومية للديمقراطي الكوردستاني، وعندما أدركوا أنهم لا يستطيعون إيقاف هذه المسيرة شرعوا بإثارة الشغب في شوارع كركوك، وانطلاقاً من هذه الحقيقة أقول إن العداء للديمقراطي الكوردستاني هو عداء للهوية القومية للكورد، فالخط واضح جدًا وحاد، وهذا هو سبب قلق دول الاحتلال وحراسها في الأزقة والشوارع (البكك-حزب العمال الكوردستاني-الاتحاد الوطني الكوردستاني).

مخطّط أوجلان لاحتلال أربيل يخضع للاختبار في كركوك

خسرت البكك باكور كوردستان-كوردستان تركيا عسكرياً وسياسياً، حاول عبد الله أوجلان تقديم هذا الفشل والإخفاق كنموذج جديد في بازار السياسة وفق نظريات مختلفة، حاول آبو صهر الكورد في بوتقة دولة الاحتلال بأفكار تحرّرية، فحاول القضاء على مشاعر عداء الكوردي تجاه الغزاة المحتلّين، ووضع الكورد في قفص المستعمرين بإخلاص، بهذه الطريقة يحاول آبو فرض خيانته واستسلامه على عموم الكورد، ورسم خط الخيانة والاستسلام كخط مبتكر في ترمينولوجيا السياسية، فسلخ القضية الوطنية القومية من معانيها ودلالاتها وأهدافها، وسمّاها بالمشكلة الديمقراطية، وانطلاقاً من هذا المفهوم، أهدى أوجلان أرض الكور ووطنهم للأتراك وفق مفاهيم ونظريات مضلّلة خادعة كـ (الوطن المشترك) فأضفى أوجلان طابعاً رسمياً على احتلال كوردستان من قبل المهاجرين الأتراك المحتلّين وفق مفهوم (الوطن المشترك) فكان الكورد يرون الاحتلال والمحتلّين أعداءً، ويعيشون على أمل طرد هؤلاء الغزاة المحتلين من أرضهم يومًا ما، لكن أوجلان فرض علينا نحن الكورد أن نتقبّل محتلّي وطننا كأخوة لنا، وأن نقبل بأراضينا التي سلبت منا بالقوة “كوطن مشترك” فالاستراتيجية السياسية لأوجلان لم تمنح الشرعية للمستعمرين المحتلين فحسب، بل فرضت علينا أيضًا الخضوع الإجباري للاستعمار.

تفرض البكك مشروع “الوطن المشترك” هذا على جميع أنحاء كوردستان، وما المشروع الذي تحاول تحقيقه في إقليم كوردستان إلّا جزءاً منه، أي أنها محاولة لإخضاع أرض الوطن الحرّ لنفوذ العرب وحكمهم، أعدّ أوجلان هذا المشروع وفق ضوء أخضر من صناع القرار الأتراك في إمرالي، وما يسمّى بـ “خطة أربيل” هي مخطّط لتعريب إقليم كوردستان وتركمنته وجعل العرق الكوردي أقلية على أرضه ووطنه، وما توسّلات أوجلان من الدولة التركية كما تظهرها (فيديوهات إمرالي) إلّا لإحياء هذا المشروع، فيقول: “الآن يكره الشعب بارزاني وطالباني، ومن المعروف أن الشعب لديهم علاقة وطيدة بنا، فإذا قدّمتم القليل من الدعم والمساعدة، فسوف ندمّر قوتهم، وبعد وقت قصير سيتحوّل جمهورهما إلى أنصار للبكك، ما أقوله لكم الآن هو أن هذا أمر تأريخي للغاية، وفي رأيي يجب أن تظلّ كلماتي هذه سرية للغاية، وبقليل من توجيهكم وتعاونكم سنبني ديمقراطية في الجنوب-أي إقليم كوردستان- في أربيل على غرار الديمقراطية الموجودة في تركيا، أنا أعرف الشعب، وسوف نشجّع التركمان، وفي هذا الصدد، أرى أن ينعقد مؤتمر السلام هناك -أي أربيل- ولتركّز البكك هناك، وبالتأكيد سترون بأم أعينكم كيف سنجعل البارزاني يتوقف عن التنفس! فما لم تتمكّن تركيا من فعله وتحقيقه خلال 10 سنوات و20 سنة، سنفعله مجانًا، أقول إننا سنفعله، وهل هناك خدمة أكثر قيمة لتركيا منها!”. لكنّ المخطّط الأوجلاني الخياني والغادر هذا تجاه أربيل باء بالفشل نتيجة حزم وعزم سلطات الإقليم أمنياً وإدارياً تجاهه، فباتت محاولات خنق أربيل في الفوضى والاضطرابات آمالاً ام تتحقّق.

والآن، تحاول البكك اختبار هذه المؤامرة في كركوك، فحشدت بجنبها جماعات معارضة معادية للكورد كالاتحاد الوطني وإيران وبعض الفصائل والمجاميع العربية، هدفهم هو تجريد كركوك من هويتها العرقية الكوردية، وتبذل جهودٌ لإنشاء نظام إداري ضدّ الكورد تحصل فيه البكك على موطأ قدم، فالبكك تنظيم بلا هوية عرقية أو قومية، أي بلا أب ولا أم.

ولهذا، فعودة الديمقراطي الكوردستاني إلى كركوك كفيلة بإحباط هذه الخطط والمؤامرات الخيانية، وسيُرفع علم كوردستان بين يدي تمثال البيشمركة، وستتنعّم روح مام ريشه والدكتور نجم الدين كريم وآلاف الشهداء، فلو كان الوطنيون المخلصون الحقيقيون لا يريدون أن تصبح كركوك عفرين الثانية، فعليهم أن يلعبوا دورهم بشكل أكثر نشاطاً وحيوية، ويقطعوا الطريق أمام لعبة الخيانة هذه.

فكركوك خط أحمر بالنسبة للكورد والخط الأحمر يُصان ويُحمى بالدم الأحمر…

مقالات ذات صلة