وثيقة الاستفتاء تكذّب الزيف والشعوذات السياسية

وثيقة الاستفتاء تكذّب الزيف والشعوذات السياسية

بقلم… ماهر حسن

قد لا يكون- من غير المناسب ألّا يكتنف الحديث عن استفتاء إقليم كوردستان، إذ أنها نتيجة ما تمّ من إغراق متواصل في الدماء، على ضوء سياسات العالم المخزية والذي تعامل مع الكورد ساكناً كما وقف متفرجاً على امتداد عقود من الممارسات والانتهاكات، في موقع غير مسؤول، وإنسان ومكان يذبحان.

لن أدخل في الاسترسال في وصف مفهوم سياسة العالم المصطنعة تحت غطاء الإنسانية، لأن ذلك بكلّ التأكيد، ليحتاج إلى عشرات المقالات بل الكتب والمجلدات. إذ جاء الاستفتاء – في ما هو ضمن خريطة العراق المتشكلة حديثاً، وفق اتفاقات بل تواطؤات وتفاهمات دولية ماثلة امام العين إلى اللحظة، لا بعد تاريخياً لها، بل أرسى لها اتفاقية سايكس بيكو- غطاء لسياسة تجزئة شرق المتوسط. وثمة أمثلة تجلّت على هذا الواقع- ولا تزال عمّن يتبع من ضمن سياسات فرض الذات، وإقصاء الآخر.

يبين أن ما تمّ كان- في الحقيقة- بمثابة ثورة على مشرحة المحو والزوال تجاه الكورد. بل نتيجة حجم التضحيات الأليمة التي تمّت- وسببها الأنظمة القمعية والتي لم تخز ضمير كثيرين، من تجار الدبلوماسية، وذو الألفاظ المدسوسة والكلام المشوّه، في بازار المصالح والصفقات، وبحسب البارومتر: الربح والخسارة. كما كذّبت هراء وشعوذة العصابة المتحكّمة في بغداد، في كل ادّعاءاته التي لجأ إليها لتشويه صورة الواقع بل هزيمة الفكر الذي يؤازره، ولازال مستمرًا في محاولته للتعريب.

استفتاء الإقليم أشعر أعداءنا، لاسيّما هؤلاء المستفيدون من تقسيم مكاننا إلى أجزاء، بخطورة ظهور الكورد من جديد على خارطة العالم، جاء – كخطوة مهمّة في مواجهة عقلية الانظمة القامعة والقابعة على أرضنا ولا سيما السلطة في بغداد، وتحديد الموقف من “مادة 140”  وهو أمر مهم، بيد أن بنية هذا الاستفتاء، وكيفية تشكيله، والأسس التي اعتمد عليها من التخطيط، ترك بصمة واضحة على صعيد في مجابهة حكومة تزرع ثقافة الريبة، والحقد، والكراهية، تعمل على لجم، في إطار تذويب، بعد أن فشلت كل وصفات وتوصيفات محو الكورد من خريطة العالم، عبر سياسات: تمزيق الخريطة، ومن ثمّ التتريك، والتفريس، والتعريب…

ثمّة ما يجب علينا الوقوف عليه، أن بعض التخوّفات التي كانت تساور بعض ساسة كورد سواء داخل الإقليم أو خارجه، من لجوء النظام إلى اللعب واللجوء إلى أساليب مقزّزة، لم تتحقّق، بل محاولة منه لا تزال مستمرة على قدم وساق في مشروع الدمار بطرق مختلفة، كما تمّ قبل الاستفتاء، وبتخطيط ورعاية إقليمية، بعد الاستفتاء في فرض الحصار وقطع الرواتب والتدخل عسكريًا. ذلك أن هنالك ترجمة خاطئة، من قبل كثيرين، أفراداً أو حركات سياسية، في جعل ورقة الاستفتاء مؤشّر خطير في تسفيه الآخر، ومحاولة إلغائه، تماماً، وفي محاولة بسط سيطرة الذات، على العكس تمامًا، جاء الاستفتاء لأن الكورد رفض لعب دور التابع، وضدّ من يمتطي صهوة الوطنية، وتكون له الكلمة الفصل، مع أنه لم يقف حيادياً تجاه سياسية قمع والتنكيل، بل على الأرجح سعى لشرذمة الكورد وكبح وجودهم.

مقالات ذات صلة