حرب إسرائيل وحماس… ووضع الكورد!

حرب إسرائيل وحماس... ووضع الكورد!

في الـ 2023/10/7 شنّت حركة حماس أكبر هجوم على إسرائيل في تأريخ الحركة وإسرائيل على حدّ سواء، قُتل فيه حوالي 1400 شخص، وتمّ أسر أكثر من 200 شخص، وتعرّضت إسرائيل لأضرار جسيمة، بل حتى موثوقية ومصداقية وقوة أجهزة الأمن الإسرائيلية أصبحت مثار جدل وموضع نقاش واسع النطاق، وكان من بين القتلى والأسرى نساء وأطفال، ومعظمهم من المدنيين.

وردّت إسرائيل بشنّ هجوم عنيف على قطاع غزة، ممّا أدّى إلى تدمير آلاف المباني، وتسوية أحياء كاملة بالأرض، أسفر عن مقتل الآلاف من الأشخاص، وتشريد عشرات الآلاف من الأشخاص، وما زالت الحرب مستمرة ولا تكهّنات إلى متى ستنتهي، بل ويمكن أن تؤدي حتى إلى صراع وحربٍ إقليمية بل وصراع عالمي.

ووفقاً لتقارير إعلامية، فإن حماس كانت تستعد لشنّ مثل هذا الهجوم منذ عامين، ولكن الجميع يعلم أن حماس لا تستطيع القيام بعمل كهذا بمفردها وبإمكانياتها المحدودة، وأن إيران تقف وراء حماس وقدّمت لها كلّ ما تحتاجه وساعدتها بكافة إمكانياتها للتحضير لهذا الهجوم، كما قدّم حزب الله اللبناني الدعم لحماس، وكذلك كافة التنظيمات والأطراف الخاضعة للنفوذ الإيراني في المنطقة قدّمت الدعم اللازم لحماس لشنّ هذا الهجوم.

يأتي هذا في الوقت الذي قامت فيه الدول العربية وتركيا بتطبيع العلاقات مع إسرائيل، ومن الواضح أن إحدى أهداف إيران هو تدمير هذه العلاقات وانهيارها، وعند النظر حالياً لموقف الدول العربية وتركيا، فمن الواضح أن إيران قد حقّقت هدفها، ومن ناحية أخرى، فإن موقف الأمم المتحدة والدول الغربية يؤدي إلى تدهور موقف إيران وكشف نواياها.

الدول العربية لا تدعم حماس بشكل علني، بل حتّى الرئيس الفلسطيني، محمود عباس نفسه لا يدعم حماس، وصرّح قائلاً بأن حركة حماس لا تمثّل فلسطين والفلسطينيين، لكن رغم كلّ هذا فهناك حرب تدور رحاها بين في غزّة ويُنظر إليها على أنها حرب إسرائيلية فلسطينية، ولا يُنظر إليها على أنها حرب بين إسرائيل وحماس، وهذا أيضاً يعني أن إيران نجحت إلى حدّ ما في سياستها.

تهاجم القوات المدعومة من إيران والموالية لها، سواء في العراق وسوريا وروجآفا كوردستان-كوردستان سوريا وإقليم كوردستان القواعد الأمريكية وقواعد التحالف الدولي بشكل يومي، ويطالب بعض المسؤولين العراقيين الآن بانسحاب القوات الأمريكية وقوات التحالف الدولي من العراق. ولو حدث ذلك، أيا تُرى: ألا تتحوّل العراق آنذاك مرة أخرى إلى ساحة حربٍ مفتوحة وأوسع نطاقاً من ذي قبل؟ في هذه الحالة: كيف سيكون وضع إقليم كوردستان؟ هذه قضية بالغة الأهمية، وينبغي على الكورد في إقليم كوردستان أن يجعلوها قضيتهم الرئيسية والأساسية وإيلائها الأولوية التامة، والإجراء الأهمّ تجاه هذه القضية هو أنه يجب على الكورد توحيد الصفّ الكوردي وتنظيم البيت الكوردي وتعزيز وحدتهم بكل السبل، إذا أنّ الأولوية الرئيسية بالنسبة للكورد هي حماية الإنجازات والمكتسبات الكوردستانية التي تحقّقت في إقليم كوردستان.

عندما يقيّم الإنسان العلاقة بين الكورد والفلسطينيين بشكل موجز، فإن الوضع سيء للغاية، ففي الماضي، كانت جميع الأحزاب والأطراف الكوردية تدعم الحركة الفلسطينية، بل حتى المنظمات الإسلامية واليسارية والليبرالية كلها تدعم الفلسطينيين، لماذا كلّ هذا الدعم؟ كلّ طرف وكلّ جانب يبرّر هذا الدعم بما يراه، فالكورد يدافعون عن الدولة الفلسطينية، بل حتّى شاركوا -أي الكورد- ذات مرة في الحرب الفلسطينية الإسرائيلية إلى جانب الفلسطينيين، بالمقابل، أيا تُرى كيف يفكّر الفلسطينيون تجاه الكورد؟! وهذا مهمّ للغاية بالنسبة للكورد.

يفكرّ الفلسطينيون وفلسطين بنفس أسلوب الدول المحتلة لكوردستان، ينظرون إلى الكورد مثل (سوريا وعراق صدام)، الفلسطينيون لم يدافعوا ولم يطالبوا بدولة للكورد، بل على العكس يعارضون تأسيس دولة كوردية ويعادونها وهم ضدّها، يُذكر أن الفلسطينيين قاتلوا الحركة التحرّرية الكوردية إلى جانب صدام حسين في كارثة وفاجعة حلبجة الشهيدة، لكن على الرغم من هذا الموقف الفلسطيني، لم يعادي الكورد الفلسطينيين وفلسطين، بل قدّموا الدعم لحركتهم التحرّرية.

وممّا لا شكّ فيه أن هناك الكثير مما يمكن قوله عن وضع الفلسطينيين وموقفهم، لكنّ المهمّ هو أن تتحرّك كلّ دولة وكل حركة في المنطقة والعالم من أجل مصالحها الخاصة، فلا يضحّي أحدٌ بمصالحه من أجل طرف آخر أو جهّة أخرى.

ففي كل حرب، الشيء المحزن والمفجع للقلب هو ما يحدث بحقّ المدنيين الأبرياء من النساء والأطفال، من قتل وتشريد ونزوح وجوع وللأوطان من دمار وخراب، وفواجع وكوارث إنسانية، فهذه المآسي تفجع قلب الإنسان فعلاً.

في تركيا وباكور كوردستان-كوردستان تركيا، تتّحد الأيديولوجيات والأحزاب والمنظمات السياسية التركية والكوردية واليمينية واليسارية والإسلامية وجميع أنواع الأيديولوجيات في دعم فلسطين والقضية الفلسطينية، أيا تُرى ما السّرّ في ذلك؟ لو تمّ تداول هذا الأمر واستعراضه ومناقشته، آنذاك، قد يصبح سبباً للكورد لإيجاد طريقة للعمل معاً من أجل مصالحهم الوطنية القومية!

مقالات ذات صلة