أفادت معلومات من العراق، أن أبو تقوى السعيدي الذي قُتل (أمس الخميس) في الهجوم الذي نفّذته القوات الأميركية على مقر ميليشيا حركة «النجباء» في العاصمة العراقية بغداد، هو المسؤول عن «كتيبة الصواريخ» التي نشطت على نحو غير مسبوق منذ بدء المعارك في قطاع غزة، متنقلاً بين مدن عراقية وسوريا.
وحسب بيانات «هيئة الحشد الشعبي» فإن السعيدي هو «آمر لواء 12» في ميليشيات «الحشد الشعبي» ضمن ميليشيا حركة «النجباء» التي يقودها أكرم الكعبي، وهو أيضاً «معاون قائد عمليات حزام بغداد» في إشارة إلى المناطق الزراعية المحيطة بالعاصمة العراقية بغداد.
وتعدّ ميليشيا حركة «النجباء» من بين أكثر الفصائل المسلّحة ولاءً لطهران وقرباً منها والحرس الثوري الإيراني، ورغم أنها لا تملك تمثيلاً في البرلمان العراقي فإنها يشار إليها على أنها «صاحبة نفوذ قوي للغاية داخل الإطار التنسيقي» الذي يقود الحكومة العراقية الحالية برئاسة محمد شياع السوداني.
وأطلقت طائرة من دون طيار أميركية، صباح يوم أمس الخميس، 4 صواريخ على رتل عجلات تُقلّ عناصر من ميليشيا «النجباء» داخل مقر أمني في منطقة شارع فلسطين، شرقي بغداد.
وذكرت مصادر مقرّبة من ميليشيات الحشد الشعبي، أن الطائرة لاحقت الرتل من الحدود السورية حتى وصلت إلى بغداد، قبل أن تنفّذ العملية أخيراً داخل المقر الأمني، القريب من موقع وزارة الداخلية العراقية.
وقال الجيش الأميركي إنه نفَّذ هجوماً على مقرٍّ لفصيل مسلّح في بغداد، واستهدف شخصية كانت مسؤولة عن هجمات ضدّ القواعد العسكرية في البلاد.
ماذا نعرف عن السعيدي؟
اسمه الكامل مشتاق طالب السعيدي، الملقّب في نطاق ميليشيا حركة «النجباء» باسم «أبو تقوى» وينحدر من أحد الأحياء الشعبية شرقيّ العاصمة، لكنّ عائلته تنحدر من محافظة ديالى، شرقي البلاد.
يقول مقرّبون من السعيدي، إنه كان أحد العناصر النشطة في التيار الصدري الذي يقوده الزعيم الشيعي مقتدى الصدر، قبل أن تعتقله القوات الأميركية بين عامي 2007 و2012.
وطبقاً لهذه المصادر، فإن السعيدي انشقّ عن التيار الصدري لينضم إلى حركة «عصائب أهل الحق» التي يقودها قيس الخزعلي، قبل أن ينشق مرة أخرى ويلتحق بحركة النجباء.
وتشهد العلاقة بين التيار الصدري و«عصائب أهل الحق» توتّراً حاداً طوال السنوات الماضية، لكنَّ العلاقة بين «العصائب» و«النجباء» لم تعد هادئة منذ خلاف نشب بينهما على المناصب الأمنية في حكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، وتصاعُد الخلاف أكثر بسبب ما يشاع عن أنه “تباين في وجهات النظر بشأن استهداف القوات الأميركية”.
وحسب المصادر، فإن السعيدي وافق على صفقة عرضها عليه مسؤول عراقي رفيع تضمّنت شرط “الانشقاق عن التيار الصدري مقابل المساعدة من الأميركيين على إطلاق سراحه”.
ومنذ انضمامه إلى ميليشيا النجباء، تولّى السعيدي مناصب محورية على صلة مباشرة بإدارة وتخطيط العمليات العسكرية، لا سيّما استهداف القواعد العسكرية التي يشغلها التحالف الدولي بقيادة الولايات المتّحدة الأمريكية في العراق وسوريا.
وخلال المعارك ضدّ تنظيم «داعش»، كان السعيدي قائداً ميدانياً في مناطق الطارمية شمالي بغداد، قبل أن يرتقي إلى منصب أمني رفيع في عمليات «حزام بغداد» التابع لميليشيات الحشد الشعبي.
ولاحقاً تولّى السعيدي منصب مسؤول «العمليات الخاصة في حركة النجباء» قبل أن يتولى إدارة «كتيبة الصواريخ» منذ بدء «طوفان الأقصى» في قطاع غزة، وكان “من أكثر الشخصيات الميدانية التي تنقلت بين العراق وسوريا خلال الشهر الماضي” وفق معلومات موثوقة ومؤكّدة.
وقال زعيم ميليشيا النجباء، والمدرج على اللوائح الإرهابية، أكرم الكعبي، في بيان صحافي، إن “فراغ السعيدي لن يسدّه أحد، وإنه “لن يهدأ قبل أن ينتقم له من الأميركيين”.
صورة نشرتها منصات إيرانية مقرّبة من «الحرس الثوري الإيراني» تجمع زعيم ميليشيا النجباء، أكرم الكعبي مع السعيدي.
وحمَّلت القوات المسلّحة العراقية التحالف الدولي وعلى راسها الولايات المتّحدة الأمريكية “مسؤولية الهجوم غير المبرّر على جهة أمنية عراقية تعمل وفق الصلاحيات الممنوحة لها، الأمر الذي يقوّض جميع التفاهمات ما بين القوات المسلحة العراقية وقوات التحالف الدولي” طبقاً لما ذكره المتحدّث باسم القائد العام للقوات المسلحة.
جدير بالذكر، أن ميليشيا حركة “النجباء” هو الفصيل المسلّح الأكثر نشاطا من ناحية الاستهدافات التي تطال القواعد الأمريكية في سوريا والعراق، وسبق أن استهدفت واشنطن مجموعة منهم في محافظة كركوك أثناء التحضير لاستهداف القواعد الأمريكية، في الربع الأخير من العام الماضي.
وأسفر القصف الجوي المسيّر عن مقتل ثلاثة أشخاص وجرح أربعة آخرين من عناصر ميليشيا حركة النجباء بينهم مساعد المسؤول العراقي، علي أبو سجاد، في حصيلة أولية.