ويقصفون العاصمة أربيل ويقتلون النساء والأطفال بحجة وجود الموساد الإسرائيلي!!
ربما تعرف لأول مرة بأن إيران من بين أكبر 50 دولة في العالم من حيث عدد اليهود، وتحتل المرتبة الثانية في تعداد اليهود بالشرق الأوسط بعد إسرائيل، حيث يعيش فيها نحو 15 ـ 30 ألف يهودي، ويسكنون في مدن طهران وأصفهان وشيراز، حتى أن هناك ممثّل دائم لهم في مجلس الشورى الإيراني (البرلمان) باعتبارها أقلية معترف بها رسمياً.
وضع اليهودي الفارسي أفضل من المسلم السنّي…
وعلى عكس المسلمين السنة المضطهدين الذين تمنعهم الحكومة من بناء مساجد في العاصمة طهران، يتمتّع يهود إيران بحرية دينية تامّة ولديهم كُنس ومدارس ومقابر ومتاجر، بينما يتمّ منع بقية القوميات، والأديان والمذاهب والطوائف، ومنهم الكورد وهم من المسلمين السنة، من الحديث والدراسة بلغاتها.
والمعابد والكنائس اليهودية لم تكن في أي وقت مصدر قلق للأنظمة الإيرانية المتعاقبة، فهناك عشرات المعابد والكنائس اليهودية في طهران وأصفهان، أهمّها كنيس يوسف آباد في طهران، وكنيس أبريشمي الذي يقع في مبنى جميل وسط المدينة، ويمكن لقاعته الرخامية والمزينة بثريات كبيرة أن تستوعب 500 شخص على الأقل.
قصة الكاتب والبروفيسور الإسرائيلي عاموس عوز لدى زيارته إيران
يقول عاموس عوز: “في زيارتي لطهران تخوّفت كثيرًا مما سمعته من قبل عن النظام الإيراني المتشدّد حيال إسرائيل وأمريكا فكلمة الموت لإسرائيل وأمريكا لطالما كانت لغة الحوار السائدة في إيران، وزاد خوفي أكثر عندما تمّ اختياري ضمن وفد يهودي يضمّ أفرادًا من منظمات يهودية مختلفة حول العالم لتوثيق حال الأقلية اليهودية في إيران والتي تقارب 30 الف يهودي يعيشون في مختلف المدن الإيرانية، ويتمركز جلهم في مدينة أصفهان الإيرانية ، فقرّرت قبل أن انضمّ لهذا الوفد أن أتخلّص من أي دلائل تفيد بأني إسرائيلي حتى ملابسي وأدواتي التي كتب عليها عبارة “صنع في اسرائيل ” وأخذت جواز السفر الكندي الخاص بي وانطلقنا من مطار مونتريال-تورنتو إلى مطار طهران، كانت لحظات رهيبة عندما حطت الطائرة في مطار طهران وشاهدت رجال الأمن الإيرانيين وكأنّي وصلت إلى أرض وشعب يعيش خارج كوكبنا، حتى أن أحد زملائي في الوفد قال لي: لا تقلق بعد أن لاحظ علامات الخوف والهلع تنتابني، تمّ ختم جوازاتنا وكان الاستقبال عاديًا، ووجدنا في المطار وفدًا من يهود طهران بانتظارنا، رحبوا بنا واستقلنا السيارة إلى أحد الفنادق !
في اليوم التالي من رحلتنا بدأنا بجولة تفقديه للمعابد اليهودية في طهران، واستغربت كثيرًا ممّا شاهدته في هذه المعابد من فخامة في البناء والزخارف المعمارية والتي طعمت بلون الفن المعماري الفارسي، واستغربت أكثر عندما سمعت بأن في طهران وحدها اكثر من 12 معبدًا “كنس” لليهود، كما توجد 10 مراكز لبيع لحم الكاشر المذبوح على الطريقة اليهودية في طهران، كما يوجد اكثر من 85 معبدًا “كنس” لليهود في مختلف المدن الإيرانية، فوجدت أن اليهود في إيران يعيشون حياة شبه عادية برغم وجود بعض المضايقات من قبل الحكومة إلا أنها لا تذكر، وليست كما كانت في مخيلتي قبل وصولي إلى أرض إيران، ولفت انتباهي خلال جولتي في أحد احياء طهران، مجموعة من الصبية يلعبون كرة القدم في مسجد شبه مهجور، ولم يخطر ببالي أن يكون هذا مسجدًا، فسألت “يعقوب صديقبور” وهو أحد اليهود الإيرانيين الذين كانوا برفقتنا، ما هذا المكان؟ فقال لي هذا مسجد، فتعجّبت ممّا سمعت وشاهدت! فقلت ليعقوب: أليست المساجد تعتبر أماكن مقدسة لدى المسلمين؟ فلماذا نشاهد الصبية يلعبون الكرة فيها وهي مهجورة بهذا الشكل ونحن موجودن في أكبر دولة إسلامية؟! فأجابني يعقوب على اندهاشي هذا بقوله هذا مسجد سلمان عبد القادر، وهو أحد مساجد السنة في طهران، ويمنع عليهم ترميمه أو حتى أداء الصلاة فيه بشكل علني، وأن من يقوم بالصلاة فيه هم بعض العمال الهنود والأفغان بشكل غير منتظم، فزاد فضولي لمعرفة المزيد عن أهل السّنة في إيران، وبدأت أسأل عن أحوال الأقلية السّنية فتوصلت إلى نتائج مذهلة تفيد إلى أن عدد السّنة في طهران لوحدها مليون ونصف مسلم سنّي ولا يمتلكون مسجدًا سنيًا واحدًا لهم في طهران كلها! كما أن عدد السنة الذين تمّ تنفيذ حكم الإعدام بحقهم خلال الخمس سنوات الماضية يزيد عن 1500 شخص؛ وأن عدد المعتقلين السنّة في السجون الإيرانية يزيد عن 4000 شخص، كما أنّ النظام الايراني يجرّم أي سنّي يحاول نشر المذهب السني في إيران، وبمقارنتي مع النتائج التي جمعناها من الأقلية اليهودية في إيران والتي تفيد أنه لا توجد حالة إعدام واحدة بحقّ أي يهودي حدثت منذ سنوات عديده، بالإضافة إلى عدم وجود أي معتقلين سياسيين يهود في السجون الإيرانية، وحرية إنشاء المدارس والمعابد اليهودية، فكتبت في تقريري الذي توصّلت إليه نهاية زيارتي هذه (اليهودي الفارسي يعتبر أحسن حالاً من وضع المسلم السني في إيران!).
النصب التذكاري لقتلى اليهود في طهران
ولم تجد الحكومة الإيرانية غضاضة في تقديم دعمها المتنوع لليهود، ففي 18 ديسمبر/ كانون الاول 2014، دشنت نصباً تذكارياً جديداً يمتد على ثماني هكتارات للجنود الإيرانيين من اليهود الذين قتلوا في الحرب الإيرانية العراقية 1980–1988، وكذلك لذكرى اليهود الذين قتلوا خلال دعمهم لثورة الخميني والذين تعتبرهم ايران “أبطالا” والنصب محاط بالأعلام الإيرانية والشمعدان اليهودي، حيث أقيم النُصب التذكاري داخل مقبرة اليهود في طهران والتي دُفن فيها قتلى المعارك.، كُتبت على النصب الكلمات العبرية “شالوم عولام” والتي تعني “سلام عالمي” كما ويشارك كبار المسؤولين الإيرانيين اليهود احتفالاتهم ومن دون أي حرج.
وفي حينه، قالت “واشنطن بوست” أن الاحتفال (بافتتاح النصب) شكّل مفاجأة لأولئك الذين تعودوا على الخطاب الروتيني للجمهورية الإسلامية الموجه ضدّ إسرائيل، ووصفه بـ “النظام الصهيوني” الذي يرفض النظام الديني في طهران الاعتراف به.
مصالح إيران وامتدادات اليهود في إسرائيل والغرب
ويهود إيران لهم امتدادهم في اسرائيل وبعض الدول الغربية لاسيّما الولايات المتحدة الأمريكية، وهو ما ترى إيران أنه يمكن أن ينعكس إيجاباً على علاقاتها الخارجية.
وتلعب لغة المصالح الإيرانية دوراً كبيراً حين يتعلق الأمر بيهود إيران وعلاقاتهم بالجاليات اليهودية في الولايات المتّحدة على وجه التحديد، وبحسب التقارير المتعلقة بهذا الشأن، فإن حوالي 12 ألف يهودي إيراني يعيشون في الولايات المتحدة الأمريكية لهم دورهم المهمّ في الحياة السياسية، كونهم أعضاء في الكونغرس بمجلسيه، وبطبيعة الحال يمثّل هؤلاء جزءاً من اللوبي الاسرائيلي الذي يؤثّر بشكل كبير على السياسة الخارجية الأمريكية تجاه الشرق الأوسط على وجه التحديد.
وربّما تفهم الإدارة الأمريكية التحركات الإيرانية الشيعية، وحالة التفاهم حول ملفها النووي كان نتاج التحرك اليهودي.
كما ووفقاً لتقارير عدة نشرتها صحف إسرائيلية خلال الفترات الماضية، فإن أكثر من 30 مليار دولار هي حجم الاستثمارات اليهودية داخل الأراضي الإيرانية، خاصة وأن اعتماد يهود إيران على التجارة كما هو معروف وعدم فرض قيود على تجارتهم من قبل النظام الايراني يعزّز من صحة هذه المعلومة، كما أن حجم الشركات التي استعرضتها تلك الصحف، يصل إلى 200 شركة إسرائيلية على الأقل تقيم علاقات تجارية مع إيران وأغلبها شركات نفطية تستثمر في مجال الطاقة داخل إيران.
ووصل اليهود إلى بلاد فارس بعد استيلاء الملك بخت نصر على القدس وقيامه بسبي الآلاف من اليهود ونقلهم إلى بلاد ما بين النهرين ومن بابل إلى إيران، وبعدها استطاع اليهود التأقلم في هذه البقعة الجديدة، ويسمى يهود إيران بـ “الطيالسة” نسبة إلى رداء أبيض اللون يرتدونه على رؤوسهم وأكتافهم.
علاقة تاريخية
خلال فترة إقامة اليهود في بابل، قدّمت هذه الجماعات المساعدة للفرس الذين احتلوا العراق في ذاك الوقت ونقلوا لهم المعلومات المهمة عن الجيش والتحصينات لتسقط المدينة عام 539 قبل الميلاد، ومقابل مساعدتهم للفرس سمح لهم الملك كورش مؤسّس الإمبراطورية الفارسية، بالمغادرة إلى أي مكان يريدونه وجزء كبير منهم فضل البقاء في إيران.
كتب المؤرخ والكاتب الأمريكي مايكل هارت في كتابه “الخالدون المئة” عن الملك كورش وقال: “عظمة كورش لا ترجع فقط إلى معاركه الضخمة ولا إلى توحيد هذه الدول المتنافرة، إنما ترجع أهميته إلى إنجازاته التي كانت نقطة تحول في التاريخ السياسي للعالم القديم، ولذلك فهو واحد من الذين غيروا مجرى التاريخ”.
وبالتالي تعتبر إيران أرض كورش الذي حرّرهم وفتح لهم الأبواب للحرية، ولذلك يعتز اليهود بهذه القصة التي تعبر عن البقاء ونجاة اليهود من الموت في زمن الإمبراطورية الفارسية، وغالبًا ما تسرد هذه الحكاية خلال احتفالاتهم تقديسًا لهذا الملك الذي جعل بعض اليهود يرتبطون بإيران أكثر من ارتباطهم بـ “إسرائيل”.
وبحسب أحد أعضاء مجلس إدارة المعبد اليهودي روبرت خالدر، في تصريح سابق له، فإن “الثورة الإسلامية عام 1979 كانت خطوة مهمة في حياة يهود إيران، لأن هذه الثورة منحتنا حقوقنا الكاملة في ممارسة عقائدنا وشعائرنا، كما أنها جعلت الشعب اليهودي في إيران أكثر تدينًا وتمسًكا بعقائدهم بسبب الحرية الدينية والثقافية التي منحت لهم”.
والعام الماضي، كشفت هيئة البثّ الإسرائيلية “كان” أنّ “الحاخام الإسرائيلي يعقوب هرتسوغ، الذي يحمل الجنسية الأميركية ويعيش في مدينة القدس، قام مؤخرًا بزيارة إيران”. مؤكّدةً أنّه “نشر عبر حسابه على مواقع التواصل الاجتماعي، صورًا توثق زيارته الى البلاد، حيث يظهر وهو يزور قبر الملكة استر وأحد بازارات طهران” مشيرةً إلى أنّه “اجتمع مع أبناء الجالية اليهودية في المكان، والتقط صورًا مع مواطنين إيرانيين”.