من بين كلّ 3 من كوادر البكك… عنصر للمخابرات التركية (MIT)!

عنصر للمخابرات التركية (MIT) من بين كلّ 3 من كوادر البكك!

خلال الأعوام الماضية، اخترقت المخابرات التركية (MIT) عمق رفوف حزب العمال الكوردستاني بكك بشكل عميق وكبير، بحيث اجتاحته بشكل كامل، سواء في ذلك المستويات القيادية العليا والأدنى، لدرجة يمكننا القول -لو اصطفّ كوادر هذه التنظيمات- أن من بين كلّ 3 كوادر في رفوف البكك أحدهم عنصر للمخابرات التركية!

هذا التغلغل والاختراق لجهاز المخابرات التركي، أو ما يسمى بـ (تشكيلات الاستخبارات الملّية” Millî İstihbarat Teşkilatı، ويرمز له اختصاراً بـ (MİT) لعمق وقاعدة حزب العمال الكوردستاني ليس بالشيء الجديد على الساحة، فتغلغل جهاز المخابرات التركي في عمق هذه التنظيمات قديم قِدَمَ هذه التنظيمات، وهناك المئات من الأدلة والاثباتات من مقاطع الفيديو وتسريبات صوتية ووثائق سرية تؤكّد مقولتنا هذه، فانطلاقاً من أحداث الـ 7 من نيسان عام 1972، عندما اعتقل أوجلان خلال مظاهرات لليساريين الأتراك وإطلاق سراحه على وجه السرعة، ومروراً بحدث زواجه من كسيرة يلدرم، ابنة مسؤول بارز في جهاز المخابرات التركي، وانتهاءً باعترافات أوجلان سواء للمخابرات التركية أو أمام القضاء التركي خلال محاكمته، وإبدائه الاستعداد التام والمنعدم النظير لخدمة تركيا، باختصار نقصد به فترة عودة أوجلان لحضن دولته الأم (تركيا) عام 1999، تلك العودة التي ما زالت البكك تصرّ على تسميتها بـ (المؤامرة) بات نضال حزب العمال الكوردستاني بكك يصبّ في خدمة الدولة التركية، وعلى وجه الخصوص بعد عام 2004 عندما تحوّل أوجلان رسمياً لقوة وأداة لتنفيذ سياسات الدولة التركية وأجندتها، وللأسف الشديد فهذا ما يستمرّ إلى يومنا هذا…

هو من العائلة!

كما تُعدّ اعترافات عبد الرحمن دلباك، رجل الدولة التركية، مثالاً واضحاً وبراهين قاطعة على أن أوجلان هو رجل المخابرات التركية، وذلك عندما قال دلباك: (كانت زوجة أوجلان (كسيره) عميلة للاستخبارات التركية في حين كان حموه -والد زوجته- يتسنّم منصباً هاماً ومكلّفاً بمهام رفيعة في الاستخبارات التركية… ولهذا فعندما أقول بأنه ليس غريباً أقصد أنه من العائلة!).

في هذا المقال، لن نسرد تأريخ البكك، كما لن نناقش كيفية تغلغل المخابرات التركية في مفاصل البكك وعرين قادتها ورفوف مقاتليها، بل سنتحدّث فقط عن السنوات الأربعة الأخيرة وكيفية اختراق المخابرات التركية لكافة المستويات القيادية الرفيعة والقاعدية الأدنى لهذه المنظومة واجتياحها بالكامل.

صرّح وزير الداخلية التركي السابق، سليمان صويلو، في بيان له بالقول: “مصادرنا في قنديل هي بالمئات، لا بل بالآلاف!” وهذا يعني أنه لا يخلو اجتماع لحزب العمال الكوردستاني بكك من الحضور التركي الدائم على كافة المستويات! بل وصل اختراق المخابرات التركية لرفوف البكك لدرجة أن رجال المخابرات التركية يلعبون الدومينو والطاولة مع أعضاء البكك من المستويات الرفيعة، ويحتسون معاً الشاي والقهوة بينما يأكلون التمّن بالماش مع الصفوف الأدنى.

وفي السنوات الأربع الماضية، مارست البكك أبشع ضروب الخيانة بحقّ العشرات من كوادرها الرفيعة المستوى والقيادية، أهدتهم جميعاً للمخابرات التركية على طبق من ذهب، بينما قامت الأخيرة بتصفيتهم جميعاً بشتّى الوسائل والطرق، وبالأخص في حدود محافظة السليمانية بإقليم كوردستان، وعموم مناطق ومدن وبلدات روجآفا كوردستان-كوردستان سوريا، فخلال الشهر الجاري فقط (كانون الثاني 2024) قتل 6 من أبرز كوادر البكك في عمليات خاصة للمخابرات التركية استخدمت فيها أسلحة مزوّدة بكواتم الصوت!

ففي 18 كانون الثاني 2024، اغتال جهاز المخابرات التركي، كادرة حزب العمال الكوردستاني (فريال سليمان خالد) في كركوك بسلاح مزوّد بكاتم صوت، وبتاريخ 4 كانون، قُتل كادر البكك المدعو صادق شيخ أحمد في السليمانية بسلاح مزوّد بكاتم صوت، وبتاريخ 12 كانون، عثرت الشرطة على جثة تعود لمواطن كوردي من كوردستان تركيا-باكور كوردستان، في شقته بمحافظة دهوك، قتل بسلاح مزوّد بكاتم صوت، كما حيّدت المخابرات التركية اثنين آخرين من كوادر البكك عن طريق طائرات مسيّرة-بدون طيار- أحدهما في حدود ئاميديي والآخر في حدود السليمانية، أحدهما كان يُدعى (آسو هوراماني).

وفي الآونة الأخيرة، أقدمت البكك على تصفية عدد كبير من كوادرها وقادة تنظيماتها من المستويين الأول والثاني على يد جهاز الاستخبارات الوطنية التركي، من بينهم (شكري سرهد، وزيلان قونيا، وأمين بختاري، وعلي قنديلي) وآخرين، كانوا يُعدّون أعضاءً بارزين في الجناح العسكري للبكك، إلى جانب العشرات الآخرين الذين استهدفتهم الغارات الجوّية التركية منذ النصف الثاني من عام 2021.

وفي 2023، استهدف جهاز الاستخبارات التركي ما مجموعه 63 كادراً وقيادياً، غالبيتهم أعضاء في اللجنة المركزية للحزب-البكك.

جديرٌ بالذكر، العمليات الخاصة التي تنفذها أجهزة الاستخبارات التركية تجاه كوادر وقادة البكك في إقليم كوردستان ليست جديدة، لكنها تضاعفت في الأشهر الأخيرة، ممّا يعني ويؤكّد أن جهاز الاستخبارات التركية أصبح أكثر نشاطاً داخل عمق البكك، وأنه على علم واطّلاع تامّين واسعين بأمكنة وتواجد وتحرّكات أعضاء البكك النشطين، وأنه يتتبّعهم بشكل مستمر، وذلك بعد صدور الأمر بتصفيتهم من قبل قيادة البكك وموافقتها.

مقالات ذات صلة