قاضي متقاعد: بغداد تعمل على تفكيك إقليم كوردستان وجهات كوردية تساهم في ذلك!

قاضي متقاعد: بغداد تعمل على تفكيك إقليم كوردستان وجهات كوردية تساهم في ذلك!

أكّد القاضي المتقاعد، رزكار أمين، أن: “المحكمة الاتّحادية لا علاقة لها بقرارات تتعلّق بقانون الانتخابات او رواتب موظفي إقليم كوردستان وهي تتجاوز صلاحياتها، وأن مثل هذه القرارات تعمل على تهميش دور حكومة إقليم كوردستان” مشيراً إلى أن: “قسم من قضاتها مسيّس وقسم يجهلون مواد الدستور حسب اعتقادي، وأقدر أن أقول إن قراراتها ظالمة…”.

محكمة ليست دستورية

وقال القاضي رزكار أمين لشبكة رووداو الإعلامية، إن: “قرار تشكيل المحكمة الاتّحادية غير مستوفي الشروط… وأنا كقاضي، متقاعد، أقول إن المحكمة الدستورية شكلت بقرار غير دستوري، ولكن ليست هناك جهة طعنت بهذا التشكيل… لمن نشتكي؟ يجب أن نشتكي لنفس المحكمة ونقول لها: أنت محكمة غير دستورية! وهذه هي المشكلة، ليست هناك آلية للطعن” مضيفاً: “لو تسألني كقاض ورجل قانون أكاديمي سأقول لك إن كلّ قرارات هذه المحكمة، سواء كانت مع إقليم كوردستان أو ضدّه كلّها محل شكّ، ولا أعرف لماذا يفعلون ذلك؟! هناك مجلس نواب ودستور لماذا لم يشكّلوا محكمة دستورية وفق القانون والدستور؟! هذا يحتاج إلى رأي فقهي قضائي، وأنا سبق وأن قلت لكم في حوار سابق هذا الرأي وأرجو أن تعيد نشره بالكامل… يعني محكمة بلا قرار دستوري! هذا بسبب وجود مصالح ضيقة… وحتى إقليم كوردستان والكورد لهم دور في ذلك، وبرهم صالح كان له دور في تشكيل هذه المحكمة وكذلك لمجلس القضاء دور، وأنا أول من نبّهت وتحدثت عن هذا الموضوع”.

وأوضح القاضي رزكار أمين بأن: “المحكمة العليا هذا اسمها ومهامها تفسير الدستور والرقابة على تطبيقه، مع أن قانون المحكمة وتركيبتها غير متفقة مع الدستور، لأن قانون تشكيلها ينصّ على وجود خبراء في الفقه الإسلامي وفقهاء في القانون ضمن تركيبتها دستورياً وهذا غير موجود، ثمّ إنه يجب أن يصدر قانون بعد تشكيلها ويصادق عليه ثلثي عدد أعضاء مجلس النواب وهذا لم يحصل… الذي حصل هو أن المحكمة تمارس مهامها وفق الأمر رقم 30 لسنة 2005 استناداً إلى قانون إدارة الدولة في المرحلة الانتقالية، الذي حصل أنه سنة 2021 تمّ تعديل هذا القانون، لكن هناك دستور حدّد التركيبة القانونية لهذه المحكمة وفي الأسباب الموجبة للتعديل هي معالجة المادة 3 من قانون المحكمة وهذه المادة تتعلق بتركيبة المحكمة، التركيبة الدستورية، لكنهم تطرقوا إلى تقاعد وعمر الأعضاء وإضافة الاحتياط وهذه كلّها لا علاقة لها بالنصّ الدستوري”.

وقال: “تنصّ المادة 2: أولاً تتكون المحكمة من رئيس ونائب للرئيس وأحد عشر عضواً على النحو الآتي: أ- رئيس المحكمة ويكون من القضاة ب – نائب رئيس المحكمة ويكون من القضاة ج – سبعة أعضاء من القضاة د – عضوان من خبراء الفقه الإسلامي هـ – عضوان من فقهاء القانون. ثانياً – أ- يكون للمحكمة عضوان احتياط غير متفرغين يختارهما رئيس المحكمة بالتشاور مع أعضاء المحكمة الاتّحادية العليا من بين قضاة محكمة التمييز الاتّحادية للحلول محلّ قضاة المحكمة إذا تعذّر اشتراك أي منهم لأي سبب كان”.

قرارات غير قانونية

واعتبر القاضي رزكار أمين: “إصدار المحكمة العليا، أو الاتّحادية قانون يتعلق بانتخابات إقليم كوردستان، تجاوز” منبّهاً إلى أنه: “من حقّ المحكمة إذا وجدت أمر غير دستوري أن تكتفي بالقول إن هذا النصّ غير دستوري، ويمكن إلغائه لكن لا تأتي المحكمة، بنصّ بديل، فهذا ليس من حقها لأن هذا تشريع وليس من اختصاصها أن تشرّع قانون يتعلق بالانتخابات سواء في إقليم كوردستان أو بقية مناطق العراق، التشريع من اختصاص البرلمان” مؤكّداً على أن: “المحكمة الاتّحادية لا علاقة لها بقانون الانتخابات ولا دخل لها برسم قانون خاص بالانتخابات سواء في العراق أو في إقليم كوردستان، هذا اختصاص البرلمان، الأنظمة الانتخابية موجودة، ويمكن الاتفاق عليها سواء كانت قائمة مغلقة أو مفتوحة أو شبه مفتوحة أو منطقة انتخابية واحدة أو متعددة أو غيرها… هذا ليس من مهام المحكمة الاتّحادية”.

وعن موضوع رواتب موظفي اقليم كوردستان، شدّد القاضي رزكار أمين بأنه: “هذا الموضوع ليس من اختصاص المحكمة الاتّحادية، لكن اليوم إذا قلنا إن هذا التدخل خطأ فسوف يعترض علينا آلاف الموظفين في الاقليم لأنهم (فاهمين) الموضوع خطأ والأوضاع المعيشية وعدم نيل استحقاقاتهم أوصلتهم إلى مرحلة لا يهتمون بها سواء كان هذا القرار صحيح أو لا، لكنّ المهم عندهم أن يحصلوا على رواتبهم وهذا من حقّهم بعد كل هذه الأشهر”. مضيفاً: “أنا كمواطن أريد قرار حاسم في موضوع رواتب موظفي اقليم كوردستان، وقرار المحكمة الاتّحادية غير حاسم”.

واستطرد قائلاً: “لا أحد ينكر حقوق موظفي إقليم كوردستان واستحقاقاتهم من الرواتب لكن المحكمة الاتّحادية حلّت محل السلطة التنفيذية، وللأسف المعلومات الدستورية عند بعض القضاة ضعيفة، حتى صياغة منطوق القرار غير مناسبة ليس من حقّ المحكمة أن تطلب انجاز كذا وكذا حول موضوع توطين الرواتب… من حقّها إلزام الحكومة الاتّحادية بمنح استحقاقات موظفي الإقليم حسب الحصة المحدّدة في الموازنة العامة بدون أن تكرّر كلام الموازنة ووزارة المالية وتطالب بتنظيم قوائم الموظفين… الموازنة فيها إشكاليات، وهذا نفس منطوق وزارة المالية وهذا ليس حلّاً بل مجرد القيام بإشغال الناس وليقولوا هذا قرار المحكمة الاتّحادية مع أنه ليس قراراً عمليا ولا دستورياً… ليس من حقّ المحكمة أن تمحو دور الإقليم وتهمّش صلاحياته… للإقليم دوره المهمّ المقرّر في الدستور ولا يمكن إلغاء هذا الدور بقرار من محكمة غير دستورية، وهذا يؤكّد بأن الفيدرالية في تراجع بشكل واضح… حتى أن فائق زيدان، رئيس مجلس القضاء في العراق، صرّح مؤخّراً بأن الفيدرالية تعني تقسيم العراق”.

الفيدرالية في تراجع

وأضاف القاضي رزكار أمين: “دعني أقول وبوضوح، أنا شخصياً غير مرتاح لسياسة إدارة اقليم كوردستان، وخاصة فيما يتعلق بملفات الفساد والتمايز من قبل الأحزاب الكوردية، مثلما أنا غير مرتاح من سياسة إدارة العراق للفساد المستشري في باقي محافظات العراق وعدم الاهتمام بالبنية التحتية، لكن هذا لا يعني أن نهمش دور الإقليم بل يجب المحافظة عليه وعلى تماسكه، خاصة وأن هناك محاولات لتهميشه… العراق اليوم غير فيدرالي مع أن رأيي هو أن العراق فيدرالي منذ وصول الإسلام حيث كان نظام الولايات اللامركزي، لكنهم مصرون، في بغداد، على المركزية، حتى مركزيتهم غير عادلة بسبب الطائفية والفساد والتخريب وتهميش الآخرين… العراقيون، العرب، اليوم الذين يغادرون العراق ليس لأنه بلد مستعمر ومحتل بل لأن السلطة فيه فاسدة وإدارة الحكم خاطئة”.

موضحاً بأن: “إقليم كوردستان الآن ليس دولة، وكان وضع الإقليم أقوى قبل 2003 من حيث تعامل الدول الغربية وحتى العراق معه حيث كان هناك اعتراف ضمني بالإقليم كدولة، وكذلك كانت الدول العربية تتعامل معنا… لكن اليوم بدلاً من أن تترسخ مبادئ الفيدرالية نراها تتراجع وهذا يشكل خطر على الدولة الاتّحادية… هناك تراجع كبير من بغداد في التعامل معنا كإقليم فيدرالي، وهم يعتبرون الفيدرالية تعني تقسيم العراق وهذا مخيب للآمال”. منبهاً إلى أن مفهوم التراجع موجود أيضاً في الإقليم… اليوم بعض الناس هنا يقولون نحن ما يهمّنا كيف يصل الراتب المهم أن يصلني وبأي أسلوب… لكنّني كمواطن كوردي لا أقبل أن يُمس إقليم كوردستان ككيان سياسي”.

وحذّر القاضي رزكار أمين من أن: “هناك جهات تعمل على تفكيك الإقليم بأساليب مختلفة مثل هذه الشكاوى من جهات كوردية سياسية وبرلمانية ضدّ الإقليم في المحكمة الاتّحادية مثل دعوى الاتحاد الوطني الكوردستاني حول ملف انتخابات إقليم كوردستان، لكنهم (أي الاتحاد الوطني) أقاموا هذه الدعوى حتى يقتسمون مقاعد كوتا المسيحيين وبقية الأقليات في الإقليم فيما بينهم خشية أن يستأثر بها الحزب الديمقراطي الكوردستاني، فقامت المحكمة الاتّحادية بإلغاء الكوتا بشكل خاطئ”.

مقالات ذات صلة