حول تفاقم تجارة الكبتاجون في روجآفا كوردستان… دور وحدات حماية الشعب (YPG) وموقف حزب العمال الكوردستاني بكك في تهريب المخدرات…

حول تفاقم تجارة الكبتاجون في روجآفا كوردستان... دور وحدات حماية الشعب (YPG) وموقف حزب العمال الكوردستاني بكك في تهريب المخدرات...

خلال السنوات الأخيرة، أصبح مخدّر الكبتاجون-الكبتاغون واستخدامه أسوأ كابوس يهدّد العالم، وباتت معضلة انتشاره ظاهرة منتشرة على نطاق واسع، وقد أكّدت مصادر مطّلعة من روجآفا كوردستان-كوردستان سوريا أنه يتمّ استخدام عقار الكبتاغون بين فئة الشباب والرجال الذين تتراوح أعمارهم بين 30-45 عاماً على نطاق واسع، كون المخدر يمنح القوة والشجاعة، بحيث وصل استخدامه إلى مستوى خطير، وعلى وجه الخصوص في الرقة وكوباني، حيث يكثر استخدامه فيهما من المدن الأخرى، بحيث بات استخدامه وتجارته مصدر تهديد خطير وكبير لروجآفا كوردستان، والسبب الرئيسي لذلك هو أن سوريا هي مركز الكبتاجون، وأصبح بعض أفراد قوات الأمن-الآسايش في روجآفا كوردستان تجار الكبتاجون.

ما هو مخدّر الكبتاجون؟

مخدر “الكبتاجون” أو مخدر الحروب، اشتهر بذلك الاسم، بعدما استخدمه الجيش الأمريكي لتمكين الجنود من البقاء مستيقظين وقت الحروب، وتمّ تصنيعه لأول مرة في ألمانيا عام 1961.

حبوب الكبتاجون هي مركب كيميائى يعرف باسم “الفينيثلين” يتركب من مادتي “الثيوفيلين” و”الأمفيتامين” ولكن بحلول الثمانينات، أعلنت الحكومة الأمريكية أنه مادة خاضعة للرقابة وليس له استخدام طبي مقبول حالياً، وتوقف تصنيعه في معظم دول العالم عام 1986، ومع ذلك استمر الصنيع غير القانوني، وزاد تصنيعه في السنوات القليلة الماضية في أوروبا والشرق الأوسط، وتشير التقارير إلى أن “الكبتاجون” أحد أكثر العقاقير الترويجية (على شكل حبوب أو مسحوق) شيوعاً بين الشباب الأثرياء في الشرق الأوسط.

ولأن مستوى القوة والشجاعة يرتفع لدى الأشخاص الذين يتعاطون الكبتاجون، فمن الممكن أن يؤذي الإنسان نفسه والمحيطين به دون تفكير، ويقضي على الشعور بالخوف والحاجة للنوم، بحيث يعاني متعاطيه الأرق ليومين على التوالي، ومع مرور الوقت يصبح الناس مدمنين على هذه الحبوب.

سوريا مركز تجارة المخدرات…

يستخدم الكبتاجون الآن على نطاق واسع، خاصة في الشرق الأوسط وآسيا.

وسوريا هو مركز صناعة وتوزيع الكبتاجون، يُذكر أن سوريا أصبحت المحطة الرئيسية لتهريب عقار-مخدر الكبتاغون إلى الاتحاد الأوروبي عبر المافيا الإيطالية.

كما وتُعدّ إيران مركزاً مهماً لإنتاج المخدرات في العالم، وتقوم الآن بتصدير المخدرات عبر لبنان وسوريا من خلال ميليشياتها ووكلائها، وتتوزع القوات المسلحة لدول الجوار بسبب المخدرات القادمة من إيران وأماكن تواجد ميليشياتها، والأردن خير مثال على ذلك.

وتستخدم القوات العسكرية السورية-الجيش السوري ومقاتلو حزب الله اللبناني وحركة حماس الكبتاغون ويتاجرون به، وتعتبر روجآفا إحدى المناطق المؤثّرة بشكل مباشر على هذه التجارة، ففي روجآفا لا يتمّ استخدام الكبتاغون فحسب، بل ازدادت تجارته وارتفعت نسبة متعاطيه بشكل كبير.

بروز مشاكل وخلافات حادة بين وحدات حماية الشعب والتجار حول تجارة الكبتاغون

وينشر حزب الاتحاد الديمقراطي (PYD) الذراع السوري لحزب العمال الكوردستاني بكك، أحيانًا أخبارًا على وسائل الإعلام مفادها أنه ينظم حملات ويعقد مؤتمرات لمكافحة المخدرات وتنفيذ عمليات لضبطها… إلا أنه حقيقة الأمر هو أن الحزب ضالع في تجارته ويفرض ضرائب على تجّاره ويساعدهم. وأحياناً تبرز مشاكل وتندلع مواجهات واشتباكات بين مسؤولي وحدات حماية الشعب (الجناح المسلّح لحزب الاتّحاد الديمقراطي) وتجار المخدرات، ومؤخّراً برزت مشاكل عميقة وخلافات حادة بين هذه الوحدات والتجار حول تجارة الكبتاغون في كوباني.

وكانت المصادر الخاصة لموقع “داركا مازي” في روجآفا كوردستان، قد كشفت مؤخّراً، بروز مشاكل وخلافات حادة حول تجارة المواد المخدرة بين المدعو (جلو محمد علي) من حيّ “كانيا كوردا” بكوباني وأبنائه، الذين هم أعضاء وكوادر في رفوف حزب العمال الكوردستاني بكك، من جانب، وبين مسؤولين آخرين في بكك.

وكشفت مصادرنا أن جلو محمد وأبناءه يقومون بتهريب المخدرات من الرقة إلى كوباني ومنها إلى تركيا، ولذلك فإن غالبية شباب كوباني يستخدمون هذه المخدرات، دون أي اعتبار أو شعور بالمسؤولية أو الذنب من قبل كوادر تنظيمات البكك سوى تحقيق المصالح المادية الضيقة.

وحسب المعلومات الواردة، فإن جلو وأبناءه تشاجروا مع عدد من كوادر ومسؤولي حزب العمال الكوردستاني بتاريخ 2024/3/25، حول عائدات تهريب وتجارة المخدرات، بحيث وصل الأمر إلى استخدام الأسلحة وإطلاق عيارات نارية على بعضهم البعض، فقامت قوى الأمن الداخلي (آسايش) لما تسمّى بالإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا بإلقاء القبض على أبناء المدعو (جلو محمد) واقتيادهم لجهة مجهولة، دون الكشف عن ملابسات الحادث لوسائل الإعلام والراي العام أو إصدار أي بيان حول الحادث.

عملية اعتقال جلو محمد، الذي يمارس هذا العمل منذ ما يقارب العامين، لم يكن من أجل منع تجارة المخدرات، بل كان لتحقيق الأرباح فقط، فالعمال الكوردستاني بكك يملك تاريخاً مظلماً في مجال تهريب المخدرات.

بكك يستخدم ويستفيد من الترياك بطريقتين…

يتمتع حزب العمال الكوردستاني بكك بخبرة كبيرة في مجال الترياك ويحصل على عائداته منه بطريقتين:

1- سوق تتمّ إدارته بشكل مباشر من قبل كوادره. ولهذا الغرض يزرع «الأسرار» ويبيعها مباشرة ويصنع سوقاً لها.

2- يحصّل الضرائب من التجار ويتحكّم بطرق تهريب المخدرات في المناطق الحدودية المعروفة بتجارة المخدرات وتهريبها.

بدأ العمال الكوردستاني بكك في جمع الضرائب من تجارة المخدرات في أوروبا في الثمانينيات، وخلال التسعينيات وعندما سمحت الدولة الإيرانية بتمركز وانتشار حزب العمال الكوردستاني بكك على الحدود بينها وبين إقليم كوردستان في مواجهة التطورات التي شهدها الإقليم، انخرط البكك في تجارة المخدرات وأصبح قوة مهمة في هذه التجارة، بل أصبح في تسعينيات القرن الماضي القوة المهيمنة والمسيطرة في باكور كوردستان وتركيا.

كان هناك بعض المافيا الكوردية التي انضمت إلى العمال الكوردستاني بسبب تضارب المصالح في نظام “المافيا البوليسية” داخل نظام الدولة التركية. والحقّ، أن هذا الصراع قد لعب دورًا مهمًا وبارزاً في مقتل أشخاص أمثال “سافاش بولدان”.

أصبح حزب العمال الكوردستاني بكك قوة مهمة في التجارة على طول خطّ (أسندره-گڤر- شمزينان) على الحدود الإيرانية، وعلى وجه الخصوص، أصبح القصر الذي كان يقيم فيه رضا آلتون ومصطفى قرسو في أورميه بترخيص إيراني، في ذلك الوقت، أصبح مقراً لكبار تجّار المخدرات، وكثيرًا ما كانوا يجتمعون للمفاوضات، لذلك، فإن جميع كبار تجار الترياك على خط جولميرك- أورميه-ماكو على معرفة جيدة بـ “قرسو وآلتون”.

بكك يضطرّ إلى تغيير خطوط إنتاج وتجارة الترياك: من زاگروس إلى شنگال-سنجار

كما بدأ حزب العمال الكوردستاني بكك، وخصوصاً بعد انتهاء الحرب بعد الألفية الثانية- بدأ في زراعة وترويج “الأسرار” ودخلوا في شراكة مع المزارعين في لجي، كما كان تتمّ زراعة الحشيش والأسرار في حقول ألكي فرشين وقرية مهري، وفي الوقت نفسه، بدأوا على حدود إقليم كوردستان بزراعة المخدرات في أورمار وبريخان وآلانتوس وتالاني وفي كنيانش وستوني وكهي وشيفرزا وبرجلا، وقام قادة قوات الدفاع الشعبي بتمرير ذلك من خلال ميليشياتهم الإقليمية، وفي هذه الأثناء، كان بعض كوادر العمال الكوردستاني على الحدود يقومون بذلك كأفراد.

استمر هذا الوضع لغاية عام 2017، ولكن ونتيجة للعمليات التي أطلقتها الدولة التركية على الخط الحدودي والاستيلاء على كافة المناطق الخاضعة لسيطرة البكك، انتهت أعمال زرع “الأسرار” وتجارته وعائداته، لكن هذه المرة تمّ فتح باب جديد، فالعمال الكوردستاني بكك في آسوس كان يحصل على عائدات الترياك على خطّ بنجوين وشنگال-سنجار، بعدما تمركزت في المناطق وفق إيعازات وتعليمات إيرانية.

الكثير من الأدلة متوفرة حول قيام حزب العمال الكوردستاني بكك بزراعة “الأسرار” وخاصة في شنگال، فعلى سبيل المثال، كشف الصحفي العربي مزاحم السلوم بالخرائط قيام العمال الكوردستاني بكك بزراعة “الأسرار” من قبل بكك في مناطق واسعة من شنگال خلال فصلي الشتاء والربيع، وأشار إلى أن المنطقة الحدودية لـ “سنوني” يتم اختيار غالبيتها لهذه الزراعة، وتؤكّد العديد من المصادر أنه تجري تجارة وتهريب المخدرات، إلى جانب جميع أنواع التجارة غير المشروعة، في النقاط الجمركية التابعة لحزب العمال الكوردستاني على الحدود بين شنگال وروجآفا كوردستان، علماً أنه يتمّ اختيار هذه الزراعة والتجارة في الغالب لكوادر حزب العمال الكوردستاني وأعضائه، أي أنه لا في روجآفا كوردستان ولا في شنگال توجد مؤسّسات رسمية ومدنية معنية بمثل هذه الأمور، بل تقوم اللجنة المالية ووحدة الاستخبارات التابعة شخصياً لجميل بايك بهذه الأنشطة بعناية فائقة ودقيقة.

مخاوف ومخاطر كبيرة تهدّد إقليم كوردستان

باتت شنگال كالدجاجة التي تبيض بيضاً ذهبياً للعمال الكوردستاني بكك، فهي الطريق الاستراتيجي والرئيسي لتجارة وتهريب المواد المخدرة والحشيش والترياك إلى روجآفا كوردستان، كما يتمّ تهريب حبوب الكبتاجون إلى أسواق العراق وكوردستان عبر نفس الطريق، وكان آخرها ضبط كمية كبيرة من المخدرات في إقليم كوردستان، ومصادرها هي نفسها دائماً (السليمانية–إيران، حدود روجآفا-شنگال، وطبعاً المناطق المحيطة بالمنطقة العربية الخاضعة لسيطرة وهيمنة ميليشيات الحشد الشعبي، بمعنى آخر، تشكّل الشبكة المظلمة لحزب العمال الكوردستاني بكك والحشد الشعبي تهديدًا كبيرًا للمجتمع الكوردي وإقليم كوردستان، وانتشر مؤخّراً تعاطي الترياك والحشيش على نطاق واسع في خانقين وبنجوين، وهذا ما تريده إيران وتخطّط له وتمارسه، والآن تريد إيران توسيع هذه الظاهرة، فتدفق المخدرات من إيران إلى إقليم كوردستان لا يشكّل حرباً اقتصادية فحسب، بل هي حربٌ اجتماعية أيضاً.

إن العمال الكوردستاني بكك جزء من الحرب التي تشنها إيران ضدّ المجتمع الكوردي، مثل جميع الحروب الأخرى. ويشكّل هذا الوضع خطراً كبيراً على روجآفا وإقليم كوردستان، وخاصة على شنگال.

مقالات ذات صلة