الثورة لا تنتصر بالأكاذيب…

الثورة لا تنتصر بالأكاذيب…

سمكو عبد العزيزي

حزب العمال الكوردستاني بكك حزب بني وصنع من الأكاذيب، فمنذ اليوم الأول من تأسيسه ولغاية اليوم أصبح مصنعاً لصناعة وإنتاج الأكاذيب والأباطيل، وهو يخدع الشعب الكوردي من خلال دجله وكذبه، وأول كذبة له أنه قدّم نفسه على أنه حزب وطني قومي لكنّه في حقيقته حزب ماركسي، وبهذا الكذب والدجل بات يتّجه ويجرّ الشعب الكوردي معه يوماً بعد يوم نحو مصير مجهول وغامض قاتم.

نعم، ثقّف حزب العمال الكوردستاني كوادره على ألّا تخرج الحقيقة من أفواههم بتاتاً.

شيّد نظاماً باسم “الجسر الحديدي” داخل حزبه، استمدّ هذا النظام من حزب اليسار السوفييتي والذي تبنّى هذا النظام كنظام داخلي له بعد الحرب العالمية الثانية، وخاصة بعد وصول ستالين إلى سدّة الحكم.

تمّ بناء هذا النظام في الاتّحاد السوفييتي بحيث لا يمكن لأي شخص دخول الاتحاد السوفييتي إلا إذا كان شيوعياً، أو يجب عليه أن يصبح شيوعياً، شمل المناهج التعليمية والصحافة والإعلام والتفكير والتعبير وكافة نواحي الحياة… كان من الضروري أن يكون كلّ شيء وفق رؤى وأفكار ماركس، وأنّ كلّ فكر ورؤية في العالم خارج أطر مفهوم الشيوعية كانت بمثابة تخلّف ورجعية… بل وصل الأمر إلى أن الحزب الشيوعي السوفييتي فرض على شيوعيي العالم على حمل المظلة أينما كانوا عندما يهطل المطر في موسكو، حتى إذا كان الجو حاراً في ذلك البلد بل ووصلت دراجة الحرارة فيه إلى 50 درجة مئوية!

من خلا نظام الجسر الحديدي، وصل الاتحاد السوفييتي إلى مستوى أنه لم يكن يُسمح فيها للمواطنين السوفييت بمعرفة ما يجري ويحصل خارج الاتحاد السوفييتي! معنى آخر، كان قد فرضت على المواطنين السوفييت فكرة أن الماركسية هي الطريقة الوحيدة لتحرير الطبقة المضطهدة المظلومة.

وعندما ينظر المرء عن كثب إلى تاريخ حزب العمال الكوردستاني بكك، يتّضح أن نظام الجسر الحديدي السوفييتي أقوى وأعنف داخل هذا الحزب.

أحد أهم نقاط هذا النظام، مثال الرجعية والتخلّف، أي أن كلّ من لم يتقبل الفكر الشيوعي يتمّ تعريفه على أنه شخص متخلف ورجعي، وعلى هذا الأساس كان عدد الأشخاص الذين قتلوا وأعدموا وسجنوا في الاتّحاد السوفييتي خلال حكم ستالين أعلى من ضحايا الاتّحاد السوفييتي في الحرب العالمية الثانية، وكذلك، فالوطنيون المخلصون الذين استشهدوا وأعدموا أو غيّبوا واعتقلوا على يد حزب العمال الكوردستاني أكثر من الوطنيين الذين استشهدوا على يد العدو، وهذا ما يعترف به أوجلان نفسه.

في الاتّحاد السوفييتي كان كلّ من يفكر خارج إطار الشيوعية يعتبرون خونة، وكانت السلطات السوفييتية تجتثّ مثل هذه الأفكار المختلفة من جذورها.

استخدم حزب العمال الكوردستاني بكك نفس النظام ضدّ الشعب الكوردي عموماً، وداخل أطر الحزب والتنظيم بشكل خاص، فعند حزب العمال الكوردستاني أن الوطني المخلص هو فقط من يناضل في إطار الحزب ويبايع زعيم الحزب عبد الله اوجلان ويقدّم له ولاءه المطلق!

يجب على المناضلين والعاملين في أطر حزب العمال الكوردستاني أن تتوفر فيهم الشروط التالية: “يجب أن يعّرفوا عبد الله كـ إله، أن يؤمنوا بكتب أوجلان ككتب مقدسة، أن ينظروا إلى من يشيد بهم عبد الله أوجلان ويختارهم لتسنّم المسؤولية كخلفاء. وكلّ من لا يلتزم بهذه الشروط وينفّذها سيتمّ تعريفه كـ “خائن” وممّا لا شكّ فيه أن مصير الخونة هو القتل والضياع…”.

إن مفهوم حرية التعبير لدى حركة ستالين هو أنها قدّست الشيوعية واعترفت بالرأسمالية كرجعية وتخلّف، أي أنك حرّ بقدر ألّا تتجاوز هذا الإطار، وهذا عينه موجود لدى العمال الكوردستاني بكك، فكلّ ما هو خارج عن إطار ما يحدّده الحزب ويوافق عليه، هو تخلّف ورجعية.

قد يسأل البعض: ما هي أدلتكم وبراهينكم التي تستندون عليها في أقوالكم هذه؟ لذلك أطلب من القراء أن يتحرّوا هل ومنذ تأسيس حزب العمال الكوردستاني بكك ولغاية اليوم، والذي يمتلك المئات من المؤسّسات الإعلامية والصحفية… هل سيرون مثالاً واحداً فقط انتقد حزب العمال الكوردستاني وحده أو انتقد قولاً أو تصريحاً لأوجلان؟! أو قدّم تفسيراً أو تقييماً مختلفاً لتفسير حزب العمال الكوردستاني وأوجلان لأي شيء؟! الجواب بلا شكّ: كلّا.

النقد والنقد الذاتي مفاهيم استخدمها الشيوعيون على نطاق واسع، لكن في عهد ستالين ظلّت الكلمة مجرد كلمة، وتغيّر محتواها، وأصبحت فقط انتقاداً للرأسمالية وتأييداً للشيوعية، كما أن النقد كان مسموحاً به فقط أن يوجّه لشخص خارج إطار الشيوعية، وكذلك يفعل العمال الكوردستاني ذلك بشكل كامل. وتاريخ العمال الكوردستاني يثبت ذلك ويؤكّده.

أي باختصار، إن معاني هذه المصطلحات في حزب العمال الكوردستاني هي كالتالي:

الحرية: آبو هو إله الكورد، باقي الزعماء والقادة الكورد هم رجعيون متخلّفون وأتباع وأذيال الاستعمار!

الديمقراطية: حزب العمال الكوردستاني بكك هو الحزب الوحيد الذي يمثل الحركة الكوردية، ويجب على الأحزاب الكوردية الأخرى إما أن تصبح تابعة لحزب العمال الكوردستاني أو ألّا تبقى في الساحة السياسية.

النقد والنقد الذاتي: يجب أن تقفوا بشتى الأساليب ضدّ أي فكرة مختلفة مغايرة عن فكرة ورؤية الزعيم القائد، كما ويجب على كلّ من ينتقد زعيمهم أن ينتقد ويهين نفسه أو يُقتل.

مقالات ذات صلة