تصفية مهندس قفزة الـ 15 آب (محمد كاراسونگور) من قبل أوجلان…

تصفية مهندس قفزة الـ 15 آب (محمد كاراسونگور) من قبل أوجلان…

ملاحظات حول التأريخ المسلّح وحروب حزب العمال الكوردستاني بكك…

محمد كاراسونگور أحد أبرز الشخصيات وأشهرها في حركة شبيبة باكور كوردستان-كوردستان تركيا خلال سبعينيات القرن الماضي، تسنّم مركزاً هاماً في أطر حزب العمال الكوردستاني بكك وتولّى مسؤولية قيادة الأنشطة والعمليات العسكرية للحزب، ومع ذلك، فقد أُغتيل في حادث مشبوه مظلم في الوقت الذي كان بإمكانه قيادة العمليات ودفة القيادة…

اتّهم حزب العمال الكوردستاني بكك وكالعادة، الخطّ القومي الكوردي-الحزب الديمقراطي الكوردستاني والحزب الشيوعي العراقي بقتل كاراسونگور، علماً أن كاراسونگور أُغتيل على يد حزب الاتّحاد الوطني الكوردستاني، وبالفعل، وكما يقول نيشروان مصطفى، الذي كان رئيساً للاتحاد الوطني الكوردستاني في قنديل آنذاك، يعترف في مذكراته ويقول إنّهم قتلوا كاراسونگور، وكما أكّد دوران كالكان أيضاً مراراً وتكراراً في العديد من خطاباته السابقة أن الاتّحاد الوطني الكوردستاني هو من قتل كاراسونگو.

الاتّحاد الوطني الكوردستاني لم يقتل كاراسونگور عن طريق الخطأً وإنّما استهدفه واغتاله عمداً، لماذا؟

فهل كانت مخاوف أوجلان من كاراسونگور ورؤيته له كندّ ومنافس، أم رؤية اليساريين الأتراك لهذه الشخصية كشخصية كوردية وطنية مخلصة وراء حادث مقتله؟ أم هل كانت الأسباب المارة الذكر جميعها معاً أسباباً مترابطة وراء حادث مقتل كاراسونگور؟ خلال هذا المقال، يمكننا الإجابة على هذه التساؤلات تحت عدة عناوين.

من هو محمد كاراسونگور؟

ولد محمد كاراسونغور عام 1947 في قرية داره بي بمنطقة كيخي في جوليك، وفي عام 1972 نُقل من مرعش إلى جولميرك بسبب نضاله الثوري والوطني. بدأ مهنة التدريس هناك، وفي عام 1976، ألقي القبض عليه في جوليك، وقام كاراسونگور بضرب مدير الشرطة ضرباً مبرحاً والذي استخدم العنف والقسوة ضدّه، ما تسبّب بتعرّضه لتعذيب شديد ووحشي.

عام 1978 استقال من التدريس وشارك بنشاط وفعالية في النضال الوطني والقومي، تمّ انتخاب محمد كاراسونگور نتيجة مشاركته الفعالة في العملية التأسيسية لحزب العمال الكوردستاني بكك، انتخب لعضوية اللجنة المركزية واللجنة التنفيذية المكونة من ثلاثة أعضاء في المؤتمر التأسيسي للعمال الكوردستاني بكك عام 1978. كانت فترة وسنوات التدريس في جولميرك مرحلة مهمة في حياة كاراسونگور السياسية ومشاركته في النضال الوطني القومي. مثلما كانت مهمة إحسان نوري باشا العسكرية في بايزيد هي قيادة ثورة آگري، بدأ حلم محمد في حرب البارتيزاني في جبال جولميرك هذه.

أوجلان بإقرار الشام وكاراسونگور بموافقة وإقرار جبال كوردستان

خلق سقوط نظام الشاه في إيران وانهياره عام 1979 فرصة لتوسيع النضال الوطني والقومي في روجهلات كوردستان-كوردستان إيران، قيّم كاراسونگور هذا الوضع المستحدث بشكل صحيح، فقرّر الاستقرار في روجهلات كوردستان. وكان درب كاراسونگور ونهجه على نقيض درب وسبيل أوجلان، فأوجلان انتقل إلى سوريا-فلسطين بإيعاز من “القوة الإلهية” أي “الدولة العميقة” في تركيا، هذا الطريق وهذه المسيرة الجديدة والنهج الأوجلاني الجديد والذي لا يمت لكوردستان والكورد بصلة، خلق استياءً شديداً بين الكوادر القيادية والوطنية المخلصة في أطر بكك أمثال محمد كاراسونگور وغيره…

كان كاراسونگور يهدف إلى تنظيم وقيادة النضال على أرض كوردستان. لهذا السبب، كان من المتوقع ألّا يتوجّه كوادر ومقاتلي حزب العمال الكوردستاني بكك الذين بقوا في البلاد بعد انقلاب 12 سبتمبر 1980 ألّا يتوجّهوا إلى المعسكرات الفلسطينية، بل التوجّه صوب روجهلات كوردستان، لهذا الغرض جهّز كاراسونگور وسائل النقل والأوامر المنظمة، وقام بتجهيز المقرات وتوفير المتطلبات اللوجستية بالتنسيق مع قوات الحزب الديمقراطي الكوردستاني المتواجدة في المنطقة. لكن المجاميع التي كان كاراسونگور بانتظار وصولها لم تصل أبداً، وتمّ نقل الكوادر المتفرّقين بعد انقلاب 12 أيلول/ سبتمبر بشكل مجاميع صوب مخيمات فلسطين بأمر من أوجلان، حيث كلّف أوجلان جميل بايك ودوران كالكان بإرسال هذه المجاميع صوب المخيمات الفلسطينية.

كان كاراسونگور دوماً يرسل رسائل إلى أوجلان عبر مكتب الحزب الديمقراطي الكوردستاني في دمشق، ويطالب بإرسال هذه المجاميع إلى منطقة لولان، لكن استراتيجية أوجلان الجديدة وعلاقاته المظلمة والسوداء كانت مختلفة تماماً، فاليسار التركي الذي هو جزءٌ من الدولة العميقة في تركيا كان متمركزاً في فلسطين. بمعنى أن اليسار التركي كان يريد إبقاء أوجلان قريباً منه. وفي النهاية، كانت القوة التي نشرها أوجلان في سوريا عبارة عن خطط طويلة المدى، ولم يكن اليسار التركي يريد دخول حزب العمال الكوردستاني إلى مثلث زاگروس تلك المنطقة الخاضعة لنفوذ الجبهة الوطنية والقومية الكوردستانية، وكانت الخطة التي ارادتها الدولة العميقة في تركيا أن تقوم عبر أوجلان قد بدأت من جديد، كان أوجلان محاطًا بالقادة اليساريين الأتراك أمثال مهري بلي وسارب كوراي، الذين كانوا من عمق الدولة التركية، لذلك فلم يكونوا ليضحّوا بهذه الفرصة من أجل المشاعر والأفكار الوطنية القومية الكوردستانية لـ كاراسونگور. نعم، فعلوا كلّ شيء خطوة بخطوة وبشكل تدريجي.

محاولات وجهود كاراسونگور لجذب أوجلان إلى كوردستان

لم يكن كاراسونگور على معرفة واطّلاع بمؤامرات ومخطّطات الدولة العميقة في تركيا وأوجلان، فكان يجهّز القاعدة لتنفيذ خطته وأراد جذب حزب العمال الكوردستاني بكك إلى أرض كوردستان، جاء في رسالة محمد كاراسونگور إلى أوجلان والذي كان يُعرف حينذاك بالرفيق علي: “الرفيق علي، الثورة الإيرانية خلقت فجوة كبيرة وجدية في المنطقة، وظهرت عشرات المنظمات الكوردستانية وتمركزت في المنطقة، هناك فرص تربوية ولوجستية كبيرة متاحة، كذلك المناطق التي نتوقعها ساحة نضال لحرب الگريلا قريبة أيضًا من منطقة لولان، جبهة لبنان-فلسطين تعاملنا كمنظمة للاجئين كما تجعلنا بعيدين عن البلاد، لهذا السبب فإن كافة النضالات والأنشطة التنظيمية والتربوية يجب أن تنتقل فوراً إلى منطقة (زاگروس).

في المقابل، رأى أوجلان دعوات كاراسونگور هذه تهديداً ومخاطر تحيط به، وبمرور الوقت، كان يتمّ تقديم حياة مترفة ومريحة وآمنة أكثر من ذي قبل لأوجلان في دمشق من خلال اليسار التركي، بل تمّ تقديم وعرض كلّ شيء من أجل بقاء أوجلان في سوريا، وفي الختام، وقفت القوى التي أوعزت بإقامة أوجلان هناك أمام كافة محاولات كاراسونگور لجذبه إلى زاگروس وأفشلتها، والحق أن الجهة التي كانت تخاطب كاراسونگور كانت الدولة العميقة في تركيا، وكان أوجلان واليسار التركي يعرفان هذه الحقيقة جيداً، لكن كاراسونگور لم يكن يرى هذه الحقيقة ولم يكن يعرفها.

لذلك فإن هذا السجال والنقاش والصراع كان يُدار في الأصل بين دولة الاحتلال التركي والخط الوطني الكوردستاني، أفكار كاراسونگور القومية والمعاني الوطنية، ورغبته في بدء حرب مسلّحة ضدّ الاستعمار ودولة الاحتلال التركي، وكذلك اعتقاده بقيادة النضال في كوردستان وفي مقدمة هذه الجهود والمحاولات نضاله من أجل بناء جبهة وحدة وطنية كوردية… كلّ هذا جعل أوجلان منزعجًا للغاية بحيث وصف محاولات كاراسونگور هذه بأنها تهديد لرئاسته وزعامته.

حزب العمال الكوردستاني لـ كاراسونگور وحزب العمال الكوردستاني لأوجلان مختلفان مغايران…

من ناحية أخرى، قيّمت القوى والأحزاب الكوردية في كوردستان مواقف كاراسونگور بشكل إيجابي وجيّد، وبالتالي سمحوا للعمال الكوردستاني بكك بالتمركز وفتحوا له الأبواب على أوسع مصارعها، لكن حزب العمال الكوردستاني بكك الذي يقوده ويمثّله كاراسونگور هو غير حزب العمال الكوردستاني بقيادة أوجلان، فهما شيئان مغايران مختلفان متناقضان تماماً.

وعندما كان محمد كاراسونگور يعمل على جذب كوادر العمال الكوردستاني بكك من لبنان إلى البلاد، كان يحاول أيضًا بناء جبهة وحدة وطنية مع الحزب الديمقراطي الكوردستاني، آنذاك، كان أوجلان قد شرع في بناء وحدة مقاومة ضدّ الفاشية مع اليساريين الأتراك أي المخابرات التركية في دمشق في مواجهة الجبهة الكوردستانية لـ كاراسونگور، كانت هاتان الجبهتان مغايرتين تماماً، كان خط قيادة كاراسونگور في مثلث زاگروس، وخط قيادة أوجلان في الشام-فلسطين خطّين مختلفين مغايرين على طرفي نقيض.

في مثلث زاگروس كانت جبهة كاراسونگور جبهة وطنية وقومية كوردية مخلصة، في الجهة المغايرة كانت جبهة أوجلان في دمشق والتي تقودها الدول الاستعمارية الإقليمية والخاضعة لها والبعيدة كلّ البعد عن الأهداف الكوردستانية بل والمتمثّلة لليسار الكمالي التركي، وبطبيعة الحال، كان جانب كاراسونگور على الحق وهو الصحيح، يفسّر دوران كالكان، أحد قادة حزب العمال الكوردستاني بكك، ذاك الوضع كالتالي: “كان كاراسونگور هو قائد المقاومة في سويركي والمنظّم لها، والمسؤول الأول للكفاح والعملية المسلّحة والمدير والممثّل الرسمي الأول للمجلس العسكري كما كان القائد العسكري للجنة المركزية لحزب العمال الكوردستاني بكك، وكان أول من أُطلق عليه اسم القائد العسكري، وهو الشخص الأول المسؤول عن التنظيم وتنفيذ قفزة الكفاح المسلّح، محمد خوجه نفسه كان قد أجرى كافة الاستعدادات لتنفيذ قفزة 15 آب في جنوب وشرق كوردستان بين أعوام 1980-1988، وكان يقود جميع استعدادات الجنوب، وتحت قيادته خطا المقاتلون-الگريلا خطواتهم الأولى، وخطى الرفاق خطواتهم الأولى على دربه صوب أرض كوردستان”.

أوجلان: اقتلوه وأعلنوا موته قضاءً وقدراً!

لكن، يرى أوجلان أن أنشطة كاراسونگور تشكّل تهديدًا كبيرًا وخطيراً لرئاسته وزعامته، وهكذا ظهرت المحاولات الرامية للقضاء على الخط الكوردستاني داخل حزب العمال الكوردستاني بكك وإزالته من الوجود، وفي عيد نوروز عام 1983، استدعى أوجلان كاراسونگور إلى دمشق لكسر النفوذ المتزايد لـ كاراسونگور في كوردستان، وهناك نظّم لقاءات له مع اليسار التركي والمستويات القيادية العليا للاتّحاد الوطني الكوردستاني وعرّفهم إليهم، رأى أوجلان أن الأفكار الوطنية الكوردايتية عند كاراسونگور أكثر من الأفكار اليسارية، واتّهمه بالولاء والإخلاص للحزب الديمقراطي الكوردستاني، وتقرّر هناك أن اسم كاراسونگور هو بمثابة خطر وتهديد عظيمين.

يقيّم أوجلان في كتابه “تصفية التصفويين” تقاربه مع كاراسونگور كالآتي: “كان المسؤولون هنا (المخابرات) يقولون إن حزب العمال الكوردستاني بكك في لولان يخضع لسيادة الحزب الديمقراطي الكوردستاني، وفي لبنان تركونا وحدنا، الزمرة التي كانت تقول هناك (أي في لولان): “نحن بكك” هم مرتزقة، وإذا قضت هذه المجموعة على سلطاتكم ولم تتمكنوا من الانشغال بهم والتعامل معهم، فاقضوا على أولئك التصفويين في اشتباك أو أسلوب آخر، ثمّ أعلنوا عن الحادث كـ “قضاء وقدر”. الصفحة 365».

إحاكة مؤامرة ضدّ كاراسونگور وقتله بيد قوات الاتّحاد الوطني الكوردستاني

لا شكّ أن قرار قتل كاراسونگور قد اتّخذ في دمشق، وبالطبع فإن القرار أصدره أوجلان أولاً، وتمّ استغلال مشاعر الوحدة الوطنية لـ كاراسونگور، وكلّف بالتوسط من أجل إنهاء النزاع المسلّح الدائر بين الاتّحاد الوطني الكوردستاني والحزب الشيوعي العراقي.

وبعد عدّة اتفاقيات عملية، يطلب كاراسونگور الاجتماع مع مسؤولي كلّ من الاتّحاد الوطني الكوردستاني والشيوعيين في نهاية نيسان/ أبريل، يتوجّه كاراسونگور إلى مقرّ الحزب الشيوعي لروجهلات كوردستان في قنديل، واصطحب معه إبراهيم بيلگين (سائيت) ومحمد أرتورك ومصطفى باتمان، كان من المقرّر أن ينعقد الاجتماع يوم 2 أيار/ مايو في الساعة الـ 11 صباحاً، في ذلك الوقت، كان البيشمركة يقيمون عمومًا في المساجد ليلاً، يتمّ تطويق ومحاصرة المسجد الذي كان يقيم فيه كاراسونگور ورميه بوابل من الرصاص، يخرج كاراسونگور وإبراهيم بيلگين من المسجد ويصيحون بأعلى صوتهم: “نحن أعضاء العمال الكوردستاني-بكك”، شاهدت الوحدة التي يقودها نيشروان مصطفى والذي كان أحد أهم الشخصيات في الاتّحاد الوطني الكوردستاني والتي طوّقت وحاصرة المسجد، شاهدت كاراسونگور لكنّها تجاهلته واستمرت في إطلاق الرصاص عليه!

وكما ذكرنا سابقًا، يعترف نيشروان في مذكراته بأنه قُتل كاراسونگور من قبل وحدته، وحول انتقادات واعتراضات رفاق كاراسونگور، يقول نيشروان: “وماذا نفعل؟ حزب العمال الكوردستاني بكك فعل ذلك بالكورد في لولان! فما الذي حدث؟!

قضية التساؤل الأساسية هي الحدث نفسه، أوجلان الذي لا يهتم إطلاقاً بالوحدة الكوردية، أيا تُرى: لماذا أرسل شخصية هامة واسماً بارزاً كـ كاراسونگور لبؤرة صراع ومنطقة غاية في الفوضى والاضطرابات المظلمة؟! أم لماذا تعمّدت وحدة الاتّحاد الوطني الكوردستاني التي تعرّفت على كاراسونگور من قريب… لماذا تعمّدت قتله وإطلاق الرصاص عليه؟

كما أثارت إقامة كاراسونگور في معسكرات الحزب الديمقراطي الكوردستاني حنق وغضب الاتّحاد الوطني الكوردستاني، بمعنى، أنّ كلّاً من اليسار التركي وحزب العمال الكوردستاني بكك والاتّحاد الوطني الكوردستاني كانوا مستائين غير راضين عن خط كاراسونگور القومي والوطني وعلاقاته مع الحزب الديمقراطي الكوردستاني، وهذه القوى الثلاث مسؤولة بنفس القدر عن مقتل كاراسونگور.

نقطة أخرى ملفتة للغاية، وهي أن حزب العمال الكوردستاني بكك لم يتّخذ أي خطوات في مراسيم تشييع جنازة كاراسونگور، ورغم أنهم حكموا قنديل لسنوات، إلا أنهم لم يأتوا قط ويسألوا عن جثة أو قبر هذا الزعيم الكوردي؟! لأنهم كانوا يعلمون أن مرقد كاراسونگور سيصبح رمزاً وطنياَ، ولكن في عام 2002، وعندما قام قروي من الديمقراطي الكوردستاني والذي دفن جثة كاراسونگور بتذكير بكك بهذا الحادث…

انتهاء أوجلان من القيادة الوطنية القومية-الكوردستانية

المؤامرة الممتدّة من دمشق إلى قنديل هكذا وصلت لغايتها وحقّقت أهدافها، أوجلان: “الزمرة التي كانت تقول هناك (أي في لولان): “نحن بكك” هم مرتزقة، وإذا قضت هذه المجموعة على سلطاتكم ولم تتمكنوا من الانشغال بهم والتعامل معهم، فاقضوا على أولئك التصفويين في اشتباك أو أي أسلوب آخر، ثمّ أعلنوا عن الحادث كـ “قضاء وقدر”.

في الجريمة المنظمة في قنديل حيث قُتل كاراسونگور بهذه الطريقة، حطّم أوجلان وسحق رأس “التمرّد والارتزاق” والتي كانت تقول في لولان (نحن بكك) ودمّر “القيادة والزعامة في لولان” والتي كان يعتبرها أقوى ندّ ومنافس له في مسيرته نحو القيادة والزعامة.

تمت تصفية جبهة كاراسونگور الوطنية المخلصة، واستبدلت بجبهة اليسار التركي التي تتحرّك بإيعازات وتعليمات أوجلان، أوجلان قضى على العقلية القومية والذهنية الوطنية داخل حزب العمال الكوردستاني بكك وقام بتصفيتها ووصفها بأنها “جحوشية وارتزاق” ولو انتصر خط محمد كاراسونگور الوطني الكوردستاني داخل العمال الكوردستاني بكك، لما أصبح حزب العمال الكوردستاني قوة شبه عسكرية تدير حروباً بالوكالة عن الاستعمار كما هو الحال اليوم، كان فهم كاراسونگور للنضال مبنيًا بالكامل على الإجماع والمصالح الوطنية العليا، ميثاق “الوحدة أو الجبهة الوطنية” والمبرم مع الحزب الديمقراطي الكوردستاني عام 1982-1983 كان من ثمار جهود ومساعي كاراسونگور الخاصة نتيجة هذا الفهم للنضال والمصالح العليا للأمة الكوردية، حزب العمال الكوردستاني بكك بزعامة كاراسونگور والذي يستمّد قوته من الوحدة الوطنية، وحزب العمال الكوردستاني بزعامة أوجلان والذي يستمد قوته من تحالفات واتفاقيات مظلمة وقذرة مع استخبارات الدول الاستعمارية في المنطقة، ليسا نفس الشيء على الإطلاق، حزب العمال الكوردستاني بكك بزعامة أوجلان صاحب فكر ووعي مؤيد لقوى الاحتلال والاستعمار، لكن حزب العمال الكوردستاني الذي كان يمثّله كاراسونگور كان يجسّد مطلب الحرية والاستقلال للكورد وكوردستان.

سار كاراسونگور والتجأ إلى القيم الوطنية الكوردية في الوقت الذي كان أوجلان صاحب كلّ حيل وخداع الشرق الأوسط، كان كاراسونگور وحده صاحب البطولة الكوردية الضائعة والمفقودة، ولو انتصر خطّ كاراسونگور لما كان حزب العمال الكوردستاني بكك اليوم يقود المحتلّين الغزاة نحو احتلال جنوب كوردستان، ولكن للأسف الشديد، انتصر دجل واحتيال الشرق الأوسط في صراع الزعامة هذا، وتمّ تدمير القيادة القومية الوطنية المخلصة لزاگروس من قبل زعامة الدجل في دمشق، وتمّ تدمير الخط الوطني القومي لحزب العمال الكوردستاني بكك بمقتل كاراسونگور، وظلّ حزب العمال الكوردستاني يسير عكس الخطّ الصحيح والطريق القويم منذ ذلك الحين…

وبدون فهم حقيقة كاراسونگور… لا يمكن فهم الوضع الراهن الذي يعيشه حزب العمال الكوردستاني بكك اليوم، تصفية كاراسونگور واغتياله كانت الدرب الوحيد الممهّد أمام زعامة أوجلان…

مقالات ذات صلة