أدلى عضو اللجنة التنفيذية لحزب العمال الكوردستاني بكك، والقائد العام لمركز قوات الدفاع الشعبي، مراد قره يلان، بتقييمات وتصريحات حول المناقشات التي تجري في أنقرة، فقال: “نحن كحركة لسنا ضدّ عملية الحلّ الديمقراطي ومع ذلك، لن نسمح بالسياسات المضللة الخادعة التي يتم تنفيذها…”.
وفي حديثه لوسائل إعلام حزبه، يوم الأربعاء 23 أكتوبر 2024، أدلى قره يلان بالعديد من التقييمات حول عملية السلام والمناقشات التي تجري في أنقرة وتصريحات أردوغان ودولت بهجلي الأخيرة وتوضيح موقف ورؤية حزبه.
هل حقّقت تركيا أهدافها المنشودة ونتائجها المرجوة؟
في جزء من حديثه، تحدّث قره يلان عن سنوات الحرب التسعة الماضية مع الدولة التركية، وقال إن الدولة لم تتمكن من تحقيق النتائج التي أرادتها! كلام قره يلان هذا يأتي بمعنى أن الطرف المنتصر خلال هذه الحرب خلال السنوات التسع المنصرمة هو حزب العمال الكوردستاني بكك! فيتحدّث بأسلوب وكأن حزبه دحر الدولة التركية وجيشها وهزمها شرّ هزيمة، وكأنهم أجبروا الدولة على الاعتراف بحقوق الكورد وقبولها!
الكلّ يعلم مدى الدمار والخراب والضياع الذي عانى منه الشعب الكوردي وعاشه في جميع أنحاء كوردستان الأربعة خلال السنوات التسع الماضية بسبب حزب العمال الكوردستاني بكك، والتي بدأت عام 2015، فيا تُرى ما الذي حدث خلال هذه الأعوام؟
عام 2015، وعندما أخفقت عملية الحلّ والسلام وهدّمت وردّمت الهدنة القائمة آنذاك نتيجة ممارسات حزب العمال الكوردستاني، بدأت “حرب الخنادق-الأنفاق” تلك الحرب اللعينة التي تسبّبت بتدمير معظم مدن وبلدات باكور كوردستان-كوردستان تركيا وخرابها، لقي آلاف شباب الكورد مصيرهم المحتوم في تلك الخنادق والأنفاق، انهزم حزب العمال الكوردستاني بالمرة وبشكل نهائي وتخلّى عن باكور كوردستان، فتركه بين أنياب دولة الاحتلال، نعم، كانت النتيجة الأولى أن الدولة أرادت قيام حزب العمال الكوردستاني بكلّ سهولة باستهداف سيارة إسعاف والقضاء على عملية السلام بشكل نهائي وإهداء كلّ هذا لتركيا على طبق من ذهب.
إصبع قره يلان وحرق أنقرة!
بعدها وفي عام 2016، قامت الدولة التركية بتصفية باكور كوردستان وتطهيره بالكامل من حزب العمال الكوردستاني بكك، ولم تُبق هناك أي گريلا-مقاتلين، وأصبحت جميع المناطق التي كان ينشط فيها الحزب أماكن ومنتجعات سياحية ومواقع استخراج وإنتاج النفط.
وفي عامي 2017 و2018، ونتيجة للسياسات الخاطئة والمعوجة التي ينتهجها حزب العمال الكوردستاني، توجّهت الدولة التركية نحو روجآفا وإقليم كوردستان، نعم، جذب حزب أوجلان دولة الاحتلال التركي وأردوغان صوب روجآفا التي لم تلملم جراحها بعد من داعش، والكلّ يتذكّر عندما هدّد قره يلان ولوّح بإصبعه وقال: “سنحرق أنقرة إذا تجرأ أردوغان على دخول عفرين!” لكن ماذا حدث؟ ترك قره يلان وحزبه ومرتزقته عفرين خلال ثلاثة أيام وأهداها لأردوغان ولاذ بالفرار! بعدها وفي عام 2019 ضاعت سري كانيه وكري سبي على غرار عفرين وشاكلتها، تركهما بكك لأردوغان والدولة التركية.
حزب العمال الكوردستاني بكك، والذي أضفى الشرعية غزو واحتلال الدولة التركية لروجآفا كوردستان وبرّره، تسبّب في نزوح مئات الآلاف من المواطنين الكورد وتهجيرهم من ديارهم…
بيع أراضي جنوب كوردستان-إقليم كوردستان
خلال السنوات التسع التي يتحدّث عنها قره يلان، نقل حزب العمال الكوردستاني بكك جميع أنشطته العسكرية المسلّحة إلى إقليم كوردستان، فمرت السنوات والأشهر دون سماع صوت رصاصة واحدة تطلق في باكور كوردستان، أطلقت الدولة التركية عشرات العمليات العسكرية باسم (الحزم والمخلب…) بحجة وذريعة محاربة وملاحقة واستئصال العمال الكوردستاني من على أراضي إقليم كوردستان، انسحب مسلّحو بكك من عشرات الجبال والقمم الاستراتيجية والتي كانت خاضعة لسيطرتهم لأكثر من ثلاثة عقود، كجبل شكيف، خاكورك وبرادوست… في غضون ساعات تاركين إياها لجيوش دولة الاحتلال التركي، علماُ أن هذه العمليات والهجمات كانت قد بدأت في ديسمبر/ كانون الأول 2017.
بعدها ولغاية عامي 2021 و2022، خسر الحزب عشرات المواقع الاستراتيجية له بدأً من حفتنين وقمة كيسته مروراُ بجبل متينا وصولاُ إلى قمة كورژار-كوري جهرو، وكذلك عشرات قرى منطقة برواري بالا وتركها لجيش أردوغان وعساكر الأتراك دون قتال…
بينما نرى قره يلان يأتي بكلّ وقاحة وتعجرف ويقول بأن الدولة التركية لم تحقّق أي نتائج ممّا أرادت تحقيقها بالقتال ومن وراء هذه الحرب خلال السنوات التسع الماضية!!
كلما رفع قره يلان إصبعه ولوّح به وتلعثم في كلامه عانى الكورد عزواً واحتلالاً جديدين…
جهود ومحاولات السلام وحرية آبو
الشعب الكوردي بل والعالم أجمع يعلم جيداً أنه ومنذ تأسيسه لحزب العمال الكوردستاني ولغاية يومنا هذا، وضع عبد الله أوجلان هذا التنظيم في خدمة الدولة التركية، وكلّ ما أرادت الدولة التركية ممارسته ضدّ الكورد مارسته وفعلته من خلال آبو وتنظيمه المرتزق وعن طريقهما.
بعد عودة آبو إلى حضن تركيا قادماً من نيروبي عام 1999، التمس علناً وبشكل مخزِ ومهين من الدولة التركية أن توظّفه كمقاول وخادم للدولة لتنفيذ خططها ضدّ الكورد، وهو لا يزال يخدم الدولة التركية وفق وعوده وتعهّداته ويحاول أن يخفي عمالته وخدمته هذه تحت ستار العزلة الكاذبة والتجريد الوهمي في إمرالي.
طوال عقود وسنوات… يحاول قره يلان وعموم قادة حزب العمال الكوردستاني بكك خداع الشعب الكوردي وتضليله بوجود عزلة مشدّدة مفروضة على آبو، ويتحدّثون عن روح المقاومة وعدم استسلام آبو فيقولون بأنهم يقاومون ويقاتلون في جبال كوردستان بروح المقاومة الآبوجية والروح الفدائية لآبو، وأنهم يقفون ضدّ هجمات الإبادة الجماعية لدولة الاحتلال التركي وارتكاب إبادة جماعية جديدة…”.
والحقّ أنه ومنذ اليوم الأول من عودة آبو إلى حضن تركيا وقوله: “أعطوني الفرصة لخدمة الدولة التركية… ووالدتي تركية” فهناك آبو يملك كلّ شيء إلا روح المقاومة والفداء، فهناك على الساحة آبو منهزم ومستسلم ورجل المخابرات التركية (MIT) ولا وجود لآبو مقاوم وثوري، نعم هناك آبو معترف ومخبر وخادم للدولة التركية، ولا وجود لآبو قائد وفدائي.
واليوم، عاد قره يلان مرة أخرى لتسويق أفكاره القذرة، فقال بصدد النقاشات التي تجري في أنقرة: “لا يوجد حلّ إذا لم يكن في إطار حرية القائد آبو…”.
ماذا فعل تنظيم الجحوش والمرتزقة للكورد خلال الـ 40 عاماً من الحرب؟!
يدير حزب العمال الكوردستاني بكك حرباً مزيّفة وشكلية منذ أكثر من 40 عامًا باسم المقاومة وما إلى ذلك، لم تسفر هذه الحرب المدمّرة عن أي نتائج إيجابية أو إنجازات للكورد، بل على العكس من ذلك، لم تتمخّض سوى عن تقوية الدولة التركية وتعزيزها وإضعاف الكورد ودمارهم، ويلعب الحزب التركي دور الوكيل والمقاول للدولة في جرّها لكوردستان وتسليم أراضي كوردستان لها، وهذا السبب وراء عدم هزيمة بكك وانهياره بشكل نهائي وعدم تغيير الدولة التركية لسياستها، فممّا لا شكّ فيه أن الخدمات التي يقدّمها آبو والعمال الكوردستاني بكك لدولة الاحتلال التركي لا تقدّر بثمن! بل لم تصل إليها حتى الخدمات التي قدّمها أتاتورك نفسه لتركيا، ومقولة آبو عندما قال: بأن “حزب العمال الكوردستاني محلّ ثقة تركيا في شمال العراق…” هو خير دليل على الخدمات الكبيرة والعظيمة التي يقدّمها العمال الكوردستاني بكك لتركيا.
قريلان: لن نقبل دعوة دولت بهجلي على الإطلاق
وفيما يتعلق بالنقاشات الجارية في أنقرة ودعوة دولت بهجلي زعيم حزب الحركة القومية، عندما طرح دعوة عبد الله أوجلان لإعلان تصفية حزب العمال الكوردستاني، والإعلان من جانب واحد انتهاء الإرهاب وتصفية التنظيم…قال قره يلان: “إن دعوة دولت بهجلي الأخيرة، على الرغم من أنها تستند إلى ذهنيته الخاصة ولديها مضمون غير عقلاني والتي لا نقبلها أبداً، إلا أنها دعوة تعتبر القائد أوجلان على أنه محاور، وهذه الحقيقة ظاهرة للعيان، وبدون رؤية هذه الحقيقة، لن يكون هناك حل بالإصرار على نسخة مختلفة، هذه هي الحقيقة، وإذا كانت هناك مقاربة وفق هذه الحقيقة، فبالطبع ستقابل بالمثل من الجانب الكردي، أما إذا لم يكن الأمر كذلك، فإن المقاربات التكتيكية في إطار البحث عن الخروج من حالة الضيق لن تثمر عن أي نتائج، وبلا شك، الجانب الكردي اعتاد على مثل هذه المناورات التكتيكية”.
والحقّ، القضية التي تجري فيها النقاشات هي قضية شعب مظلوم مضطهد، فالقضية أكبر بكثير من أن تتعلّق برفع العزلة عن شخص أو إطلاق سراحه، ولو أرادت تركيا بالفعل حلّ القضية الكوردية من جذورها فمن الضروري أن تتّخذ الخطوات اللازمة للتوصل إلى حلّ حقيقي يأخذ في الاعتبار مخاطبة كافة الأطراف الكوردية، وليس التعامل مع طرف بعينه.