انهار نظام الأسد وتداعى في 13 يوماً. وكما غيّر سقوط نظام صدام مصير جنوب كوردستان-إقليم كوردستان وكافة الأجزاء الأخرى، فكذلك سقوط نظام الأسد والوضع والمستحدث في سوريا سيغير مصير الكورد أجمع، لذلك، يكترث عموم الكورد بمصير روجآفا كوردستان وينظرون إليه باهتمام وعناية فائقة، كما ويطالبون بوحدة وطنية كوردية في هذه المرحلة الحساسة العصيبة.
والحق، أنه ومنذ عام 2011، يساند عموم الكورد في كافة أجزاء كوردستان القوات الكوردية في روجآفا كوردستان-كوردستان سوريا في شتّى الظروف والأوضاع على مدى السنوات الـ 13 الماضية، بشكل لم يتلّق أي جزء آخر من كوردستان مثل هذا الدعم.
وكان الدور الأسمى في هذه المساعدات للزعيم الكوردي مسعود بارزاني، حيث لعب دوراً ريادياً وبارزاً وواضحاً جداً. ففي عام 2012، وبينما كان روجآفا كوردستان على وشك الانهيار وآيلاً للسقوط أمام الهجمات الهمجية لجبهة النصرة، قدمت القيادة الكوردية في أربيل بقيادة الرئيس بارزاني مساعدات عسكرية وسياسية ودبلوماسية وغذائية وطبية لروجآفا كوردستان.
وما زال روجآفا كوردستان يعيش ظرفاً حسّاساً للغاية وبأمسّ الحاجة على دعم الكورد، لذا يجب على جميع الكورد دعمه ومساندته. لكنّنا لن ندعمه من أجل الأهداف السياسية والخطابات الأيديولوجية للعمال الكوردستاني بل من أجل أن تصبح هذه البقعة من كوردستان (روجآفا كوردستان) قلعة كوردستانية، لأن العمال الكوردستاني بكك أصبح عقبة رئيسية أمام كوردستانية روجآفا بحقّ.
كان روجآفا موجوداً أيضاً عام 2012، وبينما كان بإمكان الكورد أن يجعلوا منه قلعة كوردية منيعة، لكن العمال الكوردستاني بكك وبدلاً من رؤية روجآفا كجزء من كوردستان المحررة، رآها كساحة تنفيذ أجندات وتحقيق مصالح حزبية وتبرير وإضفاء الشرعية على تنظيماته، وممارسة الدبلوماسية على حسابه.
انخرط العمال الكوردستاني بكك في دبلوماسية مع أوروبا على حساب روجآفا كوردستان، تلقّى الدعم من إيران وحاول التعاون والتنسيق مع الحشد الشعبي. لم يصوّغ العمال الكوردستاني أي سياسة كوردستانية في روجآفا، تعامل مع هذه البقعة ضمن إطاره الحزبي الضيّق، غيّر اسم روجآفا كوردستان إلى شمال شرق سوريا. خوّن العمال الكوردستاني بكك أي حركة أو تنظيم أو شخصية لا تنتمي لحزبه وعدّه عدواً خائناً وجاسوساً… قُتل العشرات من سياسيي ومثقفي روجآفا ممّن انتقدوا الحزب، اعتقل وغيّب المئات، وأُجبر الكثيرين منهم على مغادرة روجآفا والهرب منه…
لم يمنع العمال الكوردستاني بكك تأسيس الوحدة بين الكورد فحسب، بل زرع بذور النفاق والتفرقة بين التنظيم والشعب الكوردي، أنكر رموز كوردستان ولم يعترف بها، عدّ علم كوردستان – هذا العلم الملون – عدواً كما وصف من حملوا العلم الملون ورفعوه عالياً بأنهم خونة وإرهابيون…
رفع حزب العمال الكوردستاني بكك شعار “أخوة الشعوب” في روجآفا كوردستان، لكنّه عادى إخوانه الكورد، مكّن العديد من التنظيمات اليسارية التركية-غالبيتهم جواسيس- في العديد من المخيمات وفي مختلف أنحاء روجآفا، أشرك زعماء العشائر العربية في نفط كوردستان، وأثراهم من ميزانية قوات “قسد”، وهب امتيازات كبيرة للعرب، بالمقابل، لم يمنح الكورد غير المنتمين لتنظيمه أي شيء، بل حتّى لم يمنحهم حقّ الحياة. اعتقل الإعلاميين والصحفيين الكورد وتمّ حظر القنوات التلفزيونية الكوردستانية.
رأى العمال الكوردستاني بكك روجآفا كوردستان واستخدمه كساحة معركة وجبهة للإطاحة بحكومة أربيل. استخدم مؤسّساته الإعلامية كمركز حرب خاصة ضدّ إقليم كوردستان. وحشد أنصاره وجماهيره ووجّههم ضدّ سيادة أربيل وفق أهدافه الحزبية الضيقة.
باختصار، قطع حزب العمال الكوردستاني بكك الطريق أمام روجآفا كوردستان من إبداء موقف كوردي وكوردستاني وأن يصبح ملاذاً آمناً للكورد وقلعة لوحدتهم الوطنية.
واليوم، لا يستطيع روجآفا كوردستان الخروج من هذا الوضع المتأزم، ولكن إذا أعاد روجآفا بناء ذاته من جديد على أساس المصالح الكوردستانية ووحدة الكورد، فسيكون بإمكانه خلق تأثير إيجابي على عموم الكورد.
فإذا كان روجآفا كوردستان يرغب في كسب دعم عموم الكورد، فيتعين عليه أولاً أن يناضل من أجل الوحدة الكوردية داخله.
عليه أن يتلاحم ويتّحد مع بيشمركة روژ الكوردستانية الذين هم أبناء روجآفا الأصليين، وأن يؤسّسوا معاً جبهة دفاع-وطنية، عليه أن يرفض خطط العمال الكوردستاني ومؤامرات كتحالفه وتعاونه مع الحشد الشعبي وهجماته واعتداءاته المستمرة على أربيل… عليه أن يظهر بوضوح أن روجآفا ليس مقرّاً ومعقلاً للعمال الكوردستاني وحده، بل هو موطن عموم الكورد وملاذهم الآمن…