أين القيادي في حزب العمال الكوردستاني رضا آلتون؟

أين القيادي في حزب العمال الكوردستاني رضا آلتون؟

انضمّ إلى رفوف حزب العمال الكوردستاني بكك في سبعينيات القرن الماضي، وتسنّم مناصب قيادية بارزة خلال ثمانينيات القرن الماضي، وأصبح فيما بعد من بين الكوادر القيادية البارزة للتنظيم، بينما أصبح اليوم مصير رضى آلتون محل نقاشات حادة ومستمرة بين جماهير وأعضاء حزب العمال الكوردستاني بكك، حيث تتساءل مصادر مقرّبة من العمال الكوردستاني بكك: أين رضى آلتون؟

تزعم مصادر لحزب العمال الكوردستاني في السليمانية أن رضا ألتون قد فارق الحياة وتوفي بسبب المرض، وتمّ دفنه في مقبرة (سيوان) في السليمانية. في حين قام موقع “داركا مازي” أيضًا بالتحقيق في هذه المسألة.

بعد أيار عام 2019، رضى آلتون غائب عن الأنظار!

رضا ألتون، المعروف خصوصاً في المجالين الدبلوماسي والاقتصادي، تعرّض لاستهداف من قبل مقاتلات حربية تركية في 21 مارس/ آذار أثناء توجّهه من قنديل نحو قرية (ژاراوافه) التابعة لقضاء سنكسر، حيث تعرّضت السيارة التي كانت تقلّه لاستهداف تركي، في هذا الاستهداف، لقي عضو اللجنة الدبلوماسية لحزب العمال الكوردستاني ومسؤول الشؤون الخارجية في منظومة المجتمع الكوردستاني (KCK) ميكائيل أوزدمير الملقّب باسمه الحركي “نافدار آمد” والمتحدث باسم (KCK) أمر الله دورسون والملقب باسمه الحركي (سرحات فارتو) ومسؤول منطقة قنديل علي أكتاش الملقّب باسمه الحركي (سناني سور) لقي هؤلاء الثلاثة مصرعهم في الاستهداف، آنذاك زعمت الدولة التركية أن رضى آلتون أيضاً حيّد خلال الاستهداف.

بينما تقول المصادر المقرّبة من العمال الكوردستاني بكك أن رضى آلتون أصيب بجروحٍ خطيرة في الغارة الجوية التركية التي استهدفت عجلته.

وفي 11 أيار/ مايو 2019، ظهر رضا ألتون في برنامج تلفزيوني وادّعى أنه لم يكن متواجداً في مكان الحادث، إلّا أنه بدا واضحاً عليه خلال البرنامج أنه كان في حالة صحية سيئة. وبعد ذلك اليوم لم يشارك رضا آلتون في أي برنامج تلفزيونية ولم يلقي أي تصريح كما لم ينشر أي مقال، بل غاب عن الأنظار بشكل كلّي.

وتقول مصادر حزب العمال الكوردستاني في السليمانية إنه بعد إصابته الخطيرة، تلقى العلاج أولاً في السليمانية، ثمّ في دمشق وطهران، لكن صحته كانت تتدهور يوماً بعد يوم. ووفق المصادر أنه نتيجة حالته السيئة، نقل رضا آلتون من السليمانية إلى فرنسا، إلّا أن الأطباء لم يقدروا إلّا على تخفيف آلامه، بعدها عاد من فرنسا إلى السليمانية، وتوفي هناك في عام 2024 في إحدى المستشفيات التي كانت حزب العمال الكوردستاني بكك يمتلك حصة فيها.

وقالت مصادر في حزب العمال الكوردستاني بكك إنه تمّ نقل تفاصيل وضعه وحالته السيئة لشقيقته (نور حياة آلتون) وأبناء شقيقته الذين هم أعضاء في حزب العمال الكوردستاني، وتم إعلام عائلته بموته، وقدّم حزب العمال بكك لهم التعازي. إلّا أنه بعد ذلك، قال حزب العمال الكوردستاني: “إذا أعلنا عن ذلك الآن علناً، فستستخدم الدولة ذلك ضدّنا”. لذلك، لن نعلن عن وفاته علنًا للرأي العام، كما يفترض على عائلته أيضاً إخفاء نبأ موته عن الرأي العام والشعب الكوردي.

هذا وحادث إخفاء وفاة رضا آلتون يذكّرنا بوفاة علي حيدر قيتان، فـ علي حيدر قيطان أيضاً كان أحد القادة المؤسّسين لحزب العمال الكوردستاني بكك، وتمّت تصفيته من قبل الحزب في عام 2019 في منطقة گاره، عندما كان يعاني مشاكل صحية، وتمّ إخبار عائلته بوفاته إلّا أن الرسالة كانت “نحن لن نكشف هذا الأمر، أمّا أنتم فإذا أردتم فأعلنوا خبر وفاته، وهكذا تمّ إخفاء الحادث ونبأ وفاته عن الرأي العام والشعب الكوردي”.

من هو رضى آلتون؟

وُلِد رضا ألتون عام 1956 في قيصري من عائلة أصلها من ديرسم. انتقلت عائلته إلى أنقرة ونشأ رضا آلتون في حيّ توزلو جاير، قبل انضمامه إلى حزب العمال الكوردستاني، كان ضمن مجموعة من رجال العصابات، كانت هذه العصابة تقوم آنذاك بـ “سرقة البنوك، فرض الضرائب وعيرها من الأعمال الإجرامية” لمصلحة الحزب، وعُرف لسنوات عديدة باسمه الحركي “شركة” في أطر الحزب.

عام 1978، تمّ إلقاء القبض عليه وسجنه، أُطلق سراحه من السجن عام 1991 وذهب إلى دمشق للقاء عبد الله أوجلان. لكن بسبب علاقات أوجلان المشبوهة مع النساء، ابتعد رضا آلتون عنه وأصبح مقرّباً من جميل بايك وداعماً له.

وفي الفترة ما بين عامي 1993 و2000 بقي في مناطق إقليم كوردستان ومخيم مخمور. وفي هذه المناطق وخلال هذه الفترة، نظّم علاقات حزب العمال الكوردستاني بكك مع صدام حسين والدولة الإيرانية وأدارها، كما كان مسؤولاً عن إدارة عمليات تهريب الأسلحة والمخدرات.

في عام 2000، سافر إلى أوروبا وخضع هناك للاستجواب من قبل أوجلان. رفض الذهاب إلى الجبال، إلّا أن التنظيم أصرّ على ذهابه، وقال له: “إذا لم تذهب للجبال، فسوف يتم إعلانك خائنًا”.

المثير للجدل هو أنه في هذه الفترة، ألقت الدولة الفرنسية القبض على آلتون في ظروف غامضة، بحيث تمّ منعه من التوجّه للجبال! وفي عام 2007، توجّه إلى قنديل وخضع لاستجواب وتحقيق طويل إلّا أنه اجتازه، خاض معركة عنيفة مع مراد قره يلان، وفي عام 2013، وتحت قيادة جميل بايك لمنظومة المجتمع الكوردستاني، عاد رضى آلتون إلى مناصب القيادة العليا وكأنه الرئيس المشارك للمنظومة مع بايك، وخاصة في السليمانية، حيث كان آلتون يدير علاقات حزب العمال الكوردستاني بكك مع ميليشيات الحشد الشعبي والدولة الإيرانية والعراق.

يُعرف رضا آلتون داخل أطر حزب العمال الكوردستاني بكك بأنه شخص كيدي ومؤامراتي، عديم المبادئ، بارغماتيكي… وهو أحد أقرب المقرّبين من جميل بايك، ويقال بأنه أقوى من قره سو ودوران كالكان عملياً وتدريبياً.

حزب العمال الكوردستاني لم يكشف مقتل نحو 3 آلاف من مقاتليه الگريلا

إن دعوة عبد الله أوجلان يوم 27 شباط، والتي لم يطالب فيها بأية حقوق للشعب الكوردي، أثارت ردود أفعال غاضبة لدى الكورد، وتبقى تساؤلاتهم: “هل مات أطفالنا وأبناؤنا سدى في هذه الحرب الملعونة وبلا هدف؟!” بلا أجوبة، وتشير التقديرات إلى أن نحو 40 ألف شخص فقدوا حياتهم في حرب حزب العمال الكوردستاني بكك العبثية.

يُذكر أنه منذ عام 2011 بالذات، لم يعلن حزب العمال الكوردستاني بكك عن أسماء 3500 شخص فقدوا حياتهم. ولم يتم الكشف حتى الآن عن أسماء العديد من شباب الكورد الذين فقدوا أرواحهم أو دفنوا أحياء في معارك شمزينان ومعارك الخنادق-حرب الأنفاق، وحروب ومعارك روجآفا كوردستان-كوردستان سوريا، هذا فيما عدا من فقدوا حياتهم في مناطق العملية العسكرية الموسومة بـ (المخلب-القفل) في المناطق الحدودية في إقليم كوردستان، حيث دُفن العديد من شباب الكورد وأبنائهم في الأنفاق التي حفرها حزب العمال الكوردستاني في جبال كوردستان وهم أحياء، بالإضافة إلى ذلك، فقد العديد من القادة من الرتب المتوسطة والعليا مثل صوفي نور الدين وصبري باشكالا وأمينة ترك حياتهم أيضًا، لكن دون الكشف عنهم أو إعلان موتهم أو مقتلهم لغاية اليوم!

مقالات ذات صلة