تحويل التعقيدات والعوائق إلى حوافز وطموحات…
هكذا تناولت صحيفة العرب اللندنية جولة الزيارات التي قام بها رئيس حكومة كوردستان، مسرور بارزاني، إلى أنقرة وأبو ظبي ودافوس…
حيث وصفت الصحيفة الحراك الكثيف لرئيس وزراء إقليم كوردستان، مسرور بارزاني، والذي امتدّ من أنقرة إلى دافوس مرورا بأبوظبي وعمّان عكس اتّساع شبكة علاقات إقليم كوردستان عبر المنطقة والعالم وحيوية دبلوماسيته وقدرة قيادته على إيصال صوتها في الدفاع عن مصالحه وشرح قضاياه لكبار الفاعلين الإقليميين والدوليين متجاوزة الضغوط المسلّطة عليها محلياً من قبل الشركاء في الدولة الاتّحادية العراقية.
وأضافت الصحيفة، أن مشاركة مسرور بارزاني رئيس وزراء إقليم كوردستان، أتاحت في أشغال منتدى دافوس الاقتصادي العالمي في سويسرا فرصة عرض رؤى قيادة إقليم كوردستان وقضاياه الراهنة على طيف واسع من القادة وكبار المسؤولين الإقليميين والدوليين مرسّخاً بذلك مكانة الإقليم كشريك أساسي للدول والهيئات التي يمثلونها.
وجاءت المشاركة في المؤتمر امتداداً لحراك أشمل كان بارزاني قد بدأه من العاصمة التركية أنقرة التي زارها مؤخّرا حيث أجرى مباحثات مع الرئيس التركي رجب طيب، قبل أن يتوجّه إلى العاصمة الإماراتية أبو ظبي حيث التقى رئيس دولة الإمارات الشيخ محمّد بن زايد آل نهيان وناقش معه “عدداً من القضايا والموضوعات محلّ الاهتمام المشترك” ومنها إلى العاصمة الأردنية عمّان حيث التقى العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني وناقش معه جملة من القضايا الثنائية والإقليمية.
وقال مسرور بارزاني في تدوينة عبر منصة إكس بعد اختتامه المشاركة في المنتدى “نختتم مشاركتنا في منتدى دافوس الاقتصادي العالمي بعلاقات أقوى وفرص أكثر لمستقبل كردستان.”
أهمية الحفاظ على الشراكات الإقليمية والدولية للإقليم في ظلّ تعقيدات العلاقة مع الشركاء في الدولة العراقية
وأجرى رئيس وزراء إقليم كوردستان في دافوس سلسلة من اللقاءات مع مجموعة من الشخصيات الدولية والإقليمية من بينها أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، ورئيس أذربيجان إلهام علييف، ووزير خارجية فرنسا جان نويل بارو، ورئيس وزراء كرواتيا أندريه بلينكوفيتش، وولي عهد الأردن الأمير الحسين بن عبد الله الثاني، وجواد ظريف مساعد الرئيس الإيراني للشؤون الإستراتيجية، وأحمد الشيباني وزير خارجية سوريا.
واكتسى النشاط الكثيف لرئيس حكومة كوردستان، أهمية استثنائية بفعل طبيعة المرحلة التي يمرّ بها إقليم كوردستان والتي تتميّز باشتداد الضغوط المسلطة عليه من قبل القوى السياسية المتحكّمة في زمام الدولة العراقية والتي اتّخذت من القضايا الاقتصادية والمالية وسيلة لتصفية الحسابات السياسة مع قيادة الإقليم من خلال إثارتها المشاكل بشأن حصته من الموازنة الاتحادية والأموال المخصّصة لصرف رواتب موظّفيه.
وتُظهر مجموعة من الأحزاب والفصائل والميليشيات الشيعية المتنفذة في مؤسّسات الدولة العراقية مواقف سلبية تجاه سلطات إقليم كوردستان كون تلك السلطات يقودها بشكل رئيسي الحزب الديمقراطي الكوردستاني غير المحسوب ضمن دائرة المحور الإيراني الذي تنتمي إليه تلك الأحزاب والفصائل وتعمل كأذرع لتنفيذ سياساته وحراسة نفوذ إيران داخل العراق، حسب ما أوردته الصحيفة.
ويمرّ الإقليم حالياً بمرحلة حساسة بعد إجرائه انتخابات برلمانية في أكتوبر الماضي، ويحاول إعادة تشكيل سلطاته في ضوئها وهي عملية لا تخلو من تعقيدات بسبب الشراكة الضرورية بين الحزبين الكبيرين الحزب الديمقراطي الكوردستاني والاتّحاد الوطني الكوردستاني-ضمن المحور الإيراني- وصعوبة التوفيق بين مطالب كلّ منهما من المواقع القيادية والحقائب الوزارية.
وزادت من حساسية المرحلة الصعوبات الاقتصادية والمالية ذات التبعات الاجتماعية، التي يشهدها إقليم كوردستان بسبب تعقّد قضية الموازنة والرواتب، في ظلّ خسارته لموارده من النفط المنتج في حقوله بعد توقّف تصديره عبر خط كركوك-ميناء جيهان التركي منذ أكثر من عشين شهراً وتعذّر استئناف التصدير بفعل العراقيل التي تضعها جهات فاعلة في حكومة رئيس الوزراء العراقي محمّد شياع السوداني في طريق تعديل قانون الموازنة الاتحادية الذي يتوقّف عليه استئناف تصدير الخام من تلك الحقول.
وتمكّن بارزاني سواء من خلال لقاءاته في دافوس مع كبار الشخصيات والمسؤولين الدوليين، أو من خلال التصريحات الاعلامية على هامش مشاركته في المنتدى من تسليط الضوء على تلك القضايا والدفاع عن موقف الإقليم منها.
ووضع رئيس حكومة الإقليم أمين عام الأمم المتّحدة في صورة الخلافات بين بغداد وأربيل. وجاء في بيان لرئاسة الوزراء أنّ لقاء بارزاني-غوتيريش في دافوس تناول آخر مستجدات الوضع العام في العراق والقضايا الخلافية بين إقليم كوردستان والحكومة الاتّحادية مع التأكيد على ضرورة احترام الحقوق الدستورية وضمان المستحقات المالية للإقليم.
كما أورد البيان ثناء بارزاني على “جهود محمد الحسان الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة ورئيس بعثتها لمساعدة العراق يونامي، في سبيل حلّ المشاكل العالقة بين أربيل وبغداد، وحفظ السلام والاستقرار في البلاد.”
وتمّت خلال لقاء رئيس حكومة كوردستان مع وزير الخارجية الفرنسي مناقشة تطوير العلاقات بين الإقليم وفرنسا واستعراض “نجاح انتخابات برلمان الإقليم وجهود تشكيل الحكومة الجديدة” وجرى التأكيد “على أهمية حلّ القضايا الخلافية بين إقليم كوردستان والحكومة الاتحادية العراقية”.
وأكّد خلال اللقاء أن “الإقليم أوفى بجميع واجباته والتزاماته الدستورية على أكمل وجه مشدّداً على وجوب إنهاء انتهاكات حقوق شعب كوردستان وضرورة احترام الكيان الدستوري للإقليم والإسراع بإرسال الرواتب والمستحقات المالية للمواطنين”.
وعرض بارزاني خلال مقابلة صحافية على هامش المنتدى لقضية النفط بالغة الحيوية. وقال لوكالة رويترز إن المفاوضات بين بغداد وشركة بي.بي بشأن اتفاق كبير لإعادة تطوير حقول نفط في كركوك يجب أن تشمل إقليم كوردستان.
وأشار إلى أنّ “المنطقة التي تتحدّث عنها بغداد مع بي.بي هي منطقة متنازع عليها. ووفقاً للدستور فالمناطق المتنازع-المناطق الكوردستانية الخارجة عن إدارة إقليم كوردستان- عليها لا يمكن اتّخاذ قرار بشأنها من أربيل وحدها أو بغداد وحدها” موضّحا “لسنا ضدّ تطوير الحقول عموماً لكننا نختلف مع الآلية” ومطالباً بعقد اجتماع ثلاثي للتنسيق.
كما عرض رئيس حكومة إقليم كوردستان لمسألة توقف صادرات النفط من الإقليم مشيراً إلى أنّ الأخير خسر أكثر من عشرين مليار دولار نتيجة لذلك، وأن الحكومة الاتّحادية لم تقدّم له أي تعويضات.
وأرجع عدم التوصل إلى حلّ للقضية إلى التعقيدات التي أوجدتها بعض الأطراف في عملية تعديل قانون الموازنة الذي يرتبط به استئناف التصدير. وذكر أن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني أضاف في اللحظة الأخيرة مادة إلى مشروع تعديل قانون الموازنة الذي كان من المفترض أن يتمّ التصويت عليه في البرلمان هذا الأسبوع ما جعل التعديل “غير مقبول إطلاقاً” بالنسبة للكورد.