الدرع البشري الحيّ… الفنان الشعبي (بابي طيار)

الدرع البشري الحيّ... الفنان الشعبي (بابي طيار)

سمكو عبد العزيزي

في البداية، تحية على أرواح أولئك الفدائيين الذين يضحّون بأرواحهم الطاهرة من أجل تربة وطنهم، وخاصة على أرواح أولئك المدنيين الأبرياء الذين يتمّ توجيههم بأي شكل من الأشكال إلى جبهات القتال وخطوط النار وأصبحوا فدائيين لوطنهم…

إن استغلال المدنيين واستخدامهم كدروع بشرية ليس بالأمر الجديد، بل حدث مراراً وتكراراً على مرّ تاريخ البشرية. وفي أغلب الأحيان، تكون الأطراف التي تستخدم المدنيين كدروع بشرية في الحروب هي قوى سياسية ذات أيديولوجية “يسارية ويمينية”.

ولإثبات كلامي هذا سأقدم لكم بعض الأمثلة الحية:

المثال الأول: خلال الحرب العالمية الثانية، استخدم الجيش الألماني المدنيين في كثير من الأحيان كدروع بشرية، وخاصة في معارك التصدّي للقوات السوفيتية وحلفائها. وفي عام 1944، استخدمت القوات النازية المدنيين البولنديين وغيرهم من المواطنين كدروع بشرية لتغطية انسحابهم أمام الجيش الأحمر السوفييتي.

المثال الثاني: في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، اتّهم كلا الجانبين بعضهما البعض باستخدام المدنيين كدروع بشرية، خلال حرب 2008-2009، وحرب غزة والحروب اللاحقة، وتظهر التقارير الدولية أن مجموعات من المسلّحين الفلسطينيين أطلقوا الصواريخ على إسرائيل من بين المدارس والمنازل وقربها، وعندما استهدفت إسرائيل مواقع إطلاق الصواريخ، اتّهمت وسائل الإعلام الفلسطينية والعربية إسرائيل مراراً وتكراراً باستهداف المدنيين.

المثال الثالث: الإبادة الجماعية ومجازر رواندا عام 1994، حيث استخدمت الميليشيات المسلّحة في هذه المجازر المدنيين كدروع بشرية لوقف تقدّم القوات المعارضة، أي الجيش الوطني الرواندي. وقامت هذه الميليشيات بوضع المدنيين في “المدارس والكنائس والمستشفيات وما إلى ذلك” واختبأوا بينهم ممّا أدى إلى سقوط نحو 800 ألف ضحية من بين المدنيين.

المثال الرابع: خلال الحرب العالمية الثانية، بين عامي 1942 و1943، وفي واحدة من أشرس وأعنف الحروب في التاريخ، استخدمت القوات الألمانية والسوفييتية المدنيين كدروع بشرية، وضع الجيش الألماني آلاف المدنيين السوفييت في المنازل والمباني الصناعية حتى لا يتمّ قصفها وتدميرها، وحماية جيشه، وعلى نفس الشاكلة، فقد قام السوفييت بوضع المدنيين الألمان في ساحات معاركها وجبهاتها لحماية جيشهم من الهجمات الألمانية، النتيجة كانت مقتل أعداد كبيرة من المدنيين.

وبسبب التضحية بالمدنيين وتقديمهم قرابين في الحروب، تمّ التوقيع على العديد من الاتفاقيات والمعاهدات الدولية لحظر استخدام المدنيين كدروع بشرية في الحروب. أهمّ هذه المعاهدات وأشهرها معاهدة جنيف لعام 1949، وبالأخص البند الـ 28 حيث يؤكّد بوضوح لا غبار عليه منع وحظر استخدام المدنيين كدروعٍ بشرية.

وكذلك في عام 1977، أضيفت زيادة على هذا البند-المادة، ونصّت المادة 51 على أنه “يحظر استغلال أو استخدام الخاضعين لحماية اتفاقيات جنيف كدروع بشرية بهدف تحصين المواقع العسكرية من هجمات العدو أو منع الهجمات المضادة الانتقامية خلال هجوم ما (اتفاقيّة جنيف 4، المادتان 28 و49؛ البروتوكول 1، المادة 51-7؛ البروتوكول 2، المادة 5-2-جـ) وعليه يحظر توجيه حركة الأشخاص المحميين بهدف اتّخاذهم دروعًا لحماية الأهداف أو العمليات العسكرية… وتحدّد مثل هذه الأفعال بوضوح على أنها جرائم حرب بموجب القانون الدولي الإنساني. وينعكس هذا في النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية التي تشمل استخدام المدنيين أو الأشخاص الخاضعين للحماية دروعًا بشرية فيما يتعلّق بالعمليات العسكرية في تعريفها لجرائم الحرب عندما ترتكب أثناء نزاع مسلح دولي (المادة 8-2-ب 23 من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية).

في السياق، هناك العديد من الاتفاقيات والمعاهدات الأخرى التي تحظر استخدام المدنيين كدروع بشرية في الحروب والنزاعات المسلّحة، وبحسب كافة هذه الاتفاقيات والمعاهدات فإن ذلك يُعدّ جريمة حرب. والهدف منها كلّها هو حماية المدنيين أثناء الحروب والنزاعات المسلّحة.

الترجمة من الكوردية بتصرّف يسير: موقع “داركا مازي”

مقالات ذات صلة