قال مايك بومبيو، مدير وكالة الاستخبارات المركزية ووزير الخارجية الأمريكي في عهد الولاية الأولى للرئيس دونالد ترامب، إنّ الكورد أثبتوا أنهم أحد الشركاء الأكثر موثوقية لأمريكا في الشرق الأوسط، لكن الشعب الكوردي لا يزال بلا وطن حقيقي خاص به. مضيفاً، وبينما يزور مسرور بارزاني، رئيس حكومة إقليم كوردستان، واشنطن، فإن هؤلاء الأصدقاء يستحقّون معاملة أفضل .
وأشار بومبيو، في مقال نشرته صحيفة “new York post” الامريكية إلى أن الجهات الإقليمية الفاعلة الأخرى تقدّم صداقة خطابية، لكن الكورد يظهرون صداقتهم من خلال العمل والتضحية.
وأضاف بأن طموحات الكورد نحو مزيد من الحكم الذاتي ليست مشروعة فحسب، بل إنها تتماشى أيضًا مع المصالح الأمريكية الجوهرية. وبصفتي وزيرًا للخارجية ومديرًا لوكالة المخابرات المركزية في الولاية الأولى للرئيس ترامب، شهدتُ بنفسي التزامهم الراسخ بأهدافنا المشتركة.
وتابع: لقد خاض المقاتلون الكورد معارك مستمرة ضدّ أسوأ أعداء أميركا ــ الجماعات الجهادية مثل داعش والقاعدة وغيرها ــ ممّا أدى إلى إنقاذ دماء الأميركيين وأموالهم.
وأردف بالقول: “وعلى النقيض من العديد من الشركاء الآخرين في المنطقة، لم ينخرط الكورد قطّ في الإرهاب المناهض لأميركا، ولم يتسبّبوا قط في خسائر بشرية أميركية، ولم يتزعزعوا قط في صداقتهم، وقد حقّقت ولائهم عوائد استثنائية على استثمار متواضع، مقارنة بالتريليونات التي أنفقت في صراعات أخرى في الشرق الأوسط”.
ومضى بالقول: “تتمتع المناطق الكوردية بموارد طبيعية كبيرة، ممّا يجعلها في وضع يسمح لها بالاكتفاء الذاتي اقتصادياً”.
جديرٌ بالذكر، يحتوي إقليم كوردستان وحده على ما يقدّر بنحو 45 مليار برميل من النفط – أي ما يقرب من ثلث إجمالي احتياطيات العراق – بالإضافة إلى حقول كبيرة من الغاز الطبيعي.
وتحتوي الأراضي الكوردية أيضًا على رواسب معدنية قيّمة لم يتم استغلال معظمها بسبب القيود السياسية.
وأشار مايك بومبيو إلى أن حكومة إقليم كوردستان أثبتت فعاليتها في الحكم على الرغم من القيود التي تفرضها بغداد، حيث نجحت في بناء اقتصاد فعال وجذب الاستثمارات الدولية.
وشدّد بالقول: “في حالة حصولها على الحرية الاقتصادية، فإن كوردستان سوف تتطوّر بسرعة إلى شريك مكتفٍ ذاتياً يعمل على تعزيز الموقف الاستراتيجي لأميركا دون استنزاف مواردنا”.
وتابع “خلال مشاركاتي الدبلوماسية في مختلف أنحاء الشرق الأوسط، رأيت ما يجعل الكورد استثنائيين: ففي منطقة يهيمن عليها الاستبداد والتطرف، تبرز المناطق التي يحكمها الكورد كجزر من التسامح والتعددية”.
“رفضت المجتمعات الكوردية الأيديولوجيات المعادية لأميركا والمعادية للسامية التي تسمّم جزءًا كبيرًا من المنطقة”.
ومثلهم كمثل الأميركيين، فإنهم يتوقون إلى تقرير المصير والحكومة التمثيلية، وليس لديهم أي رغبة في أن يصبحوا دولة تابعة لعدو أميركي.
لقد أهملت الولايات المتحدة لفترة طويلة الإمكانات الاستراتيجية التي يمكن إطلاقها من خلال دعم كوردستان ــ خوفاً من العواقب الإقليمية، وفي بعض الحالات، بسبب الجمود التام.
وأكّد على أنه في هذه المرحلة الحرجة من مشاركة أميركا في الشرق الأوسط، يتعيّن علينا أن ندمج الكورد في استراتيجيتنا الإقليمية.
وقال: “أولاً، يجب على أمريكا أن تتصدّى بقوة للجهود الإقليمية الرامية إلى تقويض الحكم الذاتي الكوردي. عندما يُطلق الحرس الثوري الإيراني صواريخ على مواقع كوردية، كما فعل العام الماضي، يجب على واشنطن أن تردّ بعواقب، لا ينبغي لأي قوة إقليمية أن تتصرف دون عقاب ضدّ شركائنا، ولإبراز القوة الأمريكية بنجاح، يجب على الولايات المتّحدة وضع وتطبيق خطوط حمراء تحمي حلفائها من الانتهاكات المنهجية”.
وأضاف “يجب علينا أيضًا منع خنق المناطق الكوردية (إقليم كوردستان) اقتصاديًا عقابًا لها على استقلالها. فقد حجبت بغداد مرارًا وتكرارًا الأموال ومنعت صادرات النفط، وهي تكتيكات شجعتها طهران لإجبار الكورد على الخضوع”.
ومضى يقول: “ينبغي على واشنطن أن تستغل نفوذها الكبير لدى الحكومة العراقية لرفع حظر التصدير (استئناف تصدير النفط) سيسمح هذا للكورد بالازدهار، ويزيد من إمدادات النفط العالمية، ممّا يعزز أمن الطاقة”.
“ينبغي لأميركا أن تحترم شرعية استفتاء استقلال كوردستان الذي جرى عام 2017، والذي اختار فيه 93% من الكورد العراقيين الاستقلال”.
“وبدلاً من تكريم هذه العملية الديمقراطية، أرسلت بغداد (بدعم من إيران) الدبابات والميليشيات لمعاقبة الكورد وفرض الحصار عليهم”.
وفي ذلك الوقت، اختارت الولايات المتّحدة أن تضع الاستقرار المصطنع في العراق فوق التطلعات الكوردية ــ وهو الخطأ الذي يتعين علينا الآن تصحيحه.
“إن الاعتراف بصحة الاستفتاء من خلال دعم الحكم الذاتي الكوردي يعني احترام الإرادة الديمقراطية لشعب اكتسب الحقّ في تقرير مصيره”.
وقال: “وأخيراً، يتعين على الولايات المتّحدة أن تعمل مع الكورد نحو طريق سلمي تفاوضي نحو مزيد من الحكم الذاتي والاستقلال”.
“إن هذا الهدف الطويل الأمد لا بدّ من متابعته من خلال القنوات الدبلوماسية لتجنب إثارة صراعات جديدة، ولكنه هدف يستحقّ السعي لتحقيقه من أجل تعزيز المصالح الأميركية في المنطقة”.
“وينبغي لأميركا أن تشجّع بغداد وأربيل على إنشاء إطار قانوني لسيادة كوردية أكبر تعالج التطلعات الكوردية والمخاوف العراقية”.
ويمضي بومبيو بالقول: “على نحو مماثل، يتعين علينا أن نشارك تركيا ــ التي تضمّ عدداً كبيراً من السكان الكورد ــ من خلال التأكيد على الفوائد الاستراتيجية المترتبة على استقلال كوردستان ووضع حدّ للصراع الدائم هناك”.
“لقد تعلمت خلال سنوات خدمتي أن أمريكا تصبح أقوى عندما نقف بثبات إلى جانب أولئك الذين يشاركوننا قيمنا ويعملون باستمرار على تعزيز مصالحنا”.
وختم مدير وكالة الاستخبارات المركزية ووزير الخارجية الأمريكي في عهد الولاية الأولى للرئيس دونالد ترامب مقاله بالقول: “ينبغي أن يحظى رئيس الوزراء مسرور بارزاني بترحيب حار في الولايات المتّحدة بينما نستكشف سبل تعزيز السلام والازدهار بشكل مشترك”.