حزب العمال الكوردستاني طمر مصير كورد باكور كوردستان في قاع بحر لا نهاية له…

حزب العمال الكوردستاني طمر مصير كورد باكور كوردستان في قاع بحر لا نهاية له...
  • سمكو عبد العزيز

عبر التأريخ، لم تُخفق ثورة أو تنتكس بهزيمة الثوار في ساحة المعركة، ولكن عندما لا تكون هناك لغة في ساحة المعركة، تُجفّ الكلمات والعبارات على وجه السرعة وتصبح البيانات والتصريحات كـ سفك الدماء، وتتحقّق الهزيمة والانهيار…

آلاف الشباب الذين ضحّوا بأرواحهم ودمائهم من أجل القضية الكوردية وحرية أمة وتحقيق حلم الدولة الكوردية المستقلة أصبحوا ضحايا وقرابين لمعاهدة أحادية الجانب ومصير مجهول. وأصبح فداؤهم فداءً وتضحية من أجل حرية مزيّفة وهمية…

لم تنشر الحقوق المشروعة لهؤلاء الفدائيين المضحّين على صفحات الصحف والجرائد، بل في مقطع قصيدة، بهوس الإنسانية وباللغات الأصيلة العريقة، وكان بيان حزب العمال الكوردستاني الذي أقرّ في المؤتمر الثاني عشر بمثابة الصلاة الأخيرة على جسد ميت غائب.

لم توقع الأمة الكوردية معاهدة مكتوبة مع العالم ولم يكتب اسم الكورد على خريطة قانونية.

بات مصير الكورد في باكور كوردستان اليوم مطموراً في قاع بحر لا نهاية له. كورد باكور كوردستان يواجهون اليوم البيان الأخير لحزب العمال الكوردستاني بكك وجهاً لوجه، والذي لا يوثّق أسماء محتلّي كوردستان كما لا يُرى الطرف الثالث في مشروع السلام هذا.

خرج حزب العمال الكوردستاني من بيت جريح وحمل السلاح ضدّ الجانب الذي احتل كوردستان وغزاه. واليوم وقّع على معاهدة وحلّ نفسه دون رعاية دولة مستقلة.

السؤال الذي يطرح نفسه هنا، هو: من له الحقّ في التحدّث باسم آلاف الشهداء والجرحى والمهجّرين واللاجئين والأسرى والمسجونين؟؟ وكيف نحقّق تلك الأحلام التي كنّا نسردها على مسامع المزارعين؟

كيف نستطيع أن نعيد الجثث التي أحرقت وسحقت تحت زناجير دبابات العدو؟؟

كيف نزور المقابر الجماعية والمجازر؟ وماذا سنقول لها؟؟؟

في الفلسفة السياسية، وخاصة من خلال فلاسفة العالم مثل كانت وهابرسمان، تم تحذيرنا من أن السلام يصبح حقيقة عندما يكون كلا الجانبين:

1- يتقبلان بعضهما البعض.

2- التنازل عن مبدأ توازن القوى.

3- وجود ضمانات قانونية.

لكن ما رأيناه الآن ليس سلاماً سياسياً، بل فراغاً سياسياً وثقافياً وإنسانياً.

يدخل هذا السلام مرحلة متناقضة لأن الإجابات على جميع الأسئلة لم تُعطَ بطريقة عملية وجميع آلام ومآسي وصرخات المضحّين الفدائيين دُفنت في وادي عميق ساكن وصامت…

والآن، نواجه ثنائية: حزب مثل حزب العمال الكوردستاني بكك اتّهم الدولة التركية دوماً بالحكم العسكري، واليوم استسلم نفس الحزب لتلك الدولة العسكرية. دون معاهدة مبرمة أو لقاء أو اجتماع بين الطرفين للتعريف بالمطالب على الأقل، هذه المعاهدة على غرار المثل الكوردي حول الحمار الذي يطلب منه صاحبه بألّا يموت حتى ينبت الخرفيش (نبات شوكي تعشقها الحمير-قيفار).

إن مانيفيستو-بيان حزب العمال الكوردستاني ليس وثيقة سياسية، بل وثيقة وجودية أنطولوجية، وتعريف جديد للكورد فكرياً حسب فكر شخص واحد، أعدّه عبد الله أوجلان. يقول أوجلان في تعريفه هذا: الصراع الكوردي في باكور كوردستان لم يعد صراعاً وطنياً-قومياً، بل تحوّل لمشروع دمقرطة الشعوب، دون فهم وطني، أي مداواة الجرح باسم السلام وتغيير الوعي باسم التجديد الدائم والراسخ.

من سيعيد أجساد الشباب الذين نجهل أمكنة قبورها؟؟

من سيعيد دموع تلك الأم التي خُدعت باسم الحرية؟

من سيعيد القرى المحروقة وقروييها؟!

من سيقنع طفلاً نشأ في المهجر بأن القضية الكوردية ليست قضية وطنية، بل قضية دمقرطة شعوب؟؟

وأخيراً، فإن بيان وقرار حلّ حزب العمال الكوردستاني ليس حدثاً سياسياً فحسب، بل هو أيضاً بيان أن الكورد عموماً وكورد باكور كوردستان خصوصاً ليسوا الوحيدين الذين استسلموا لهذا المشروع.

مقالات ذات صلة