الميليشيات العراقية المسلّحة تُصعّد من خطابها الطائفي والإقصائي كوسيلة للتحشيد الانتخابي…

الميليشيات العراقية المسلّحة تُصعّد من خطابها الطائفي والإقصائي كوسيلة للتحشيد الانتخابي...

مع انطلاق الحملات الإعلاميّة المبكّرة للأحزاب استعداداً للانتخابات التشريعية العراقية المقرّرة في 11 نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، لجأت قوى سياسيّة وجماعات وفصائل وميليشيات مسلّحة تمتلك أجنحة سياسيّة، إلى استغلال وسائلها الإعلاميّة ومحلّليها وصحافيّيها ومراقبيها، لإطلاق خطابات عنصريّة وإقصائيّة وطائفيّة باعتبارها وسيلةً للتحشيد، في وقتٍ يواجه فيه القضاء والادّعاء العام انتقاداتٍ حادّة بسبب عدم تحرّكهما لضبط تلك المواقف والتصريحات، والتي تكون غالباً مصحوبةً بلغة التحريض والكراهية، رغم أنّ هذه الخطابات لم تعد تجد مريدين ولا مؤيدين لها.

ففي مارس/ آذار الماضي، دعا رئيس البرلمان العراقي محمود المشهداني إلى تشريع قانونٍ يُجرّم الطائفيّة في العراق، مع إغلاقٍ وحجبٍ وإزالة الصفحات والمنشورات والفيديوهات والتسجيلات التي تدعو إلى الطائفيّة، موضّحاً في تصريحات له أنّ “الطائفيّة التي عانيناها لسنواتٍ قد مضت، كما مضى الإرهاب وسيمضي الفساد، لكن ما تبقّى من تلك الآثار بدأ يظهر مجدّداً في أحاديث الإعلام التقليدي، ويُروَّج له عبر (الذباب الإلكتروني) في مواقع التواصل الاجتماعي، بدعوى نقض مظلوميّةٍ قديمة بظلمٍ جديد، أو مظلوميّةٍ جديدة بظلمٍ تاريخي، وينعق خلف ذلك من ينعق قائلاً إنّ الطائفة توازي الأرض والقوميّة والتاريخ”. لكنّ السلطة التشريعيّة (البرلمان) لم تتّجه بعد نحو كتابة تشريع قانونيّ خاصّ بمحاسبة الطائفيّين.

وخلال الفترة الأخيرة، أثار عدد ممّن يُسمّون بالمحلّلين والصحافيين القريبين من أحزاب وميليشيات نافذة، وأعضاء في مجلس النواب (البرلمان) تصريحات عنصرية وطائفية عادة ما تُوجّه إلى مكونات رئيسة في المجتمع العراقي. وكان آخرها التصريح الذي أثار جدلاً واسعاً في الأوساط الشعبيّة والإعلاميّة، حين دعا النائب عن ميليشيا “عصائب أهل الحق” والقيادي فيه، علي تركي، إلى تحويل مدينة سامراء إلى “مدينة شيعيّة” معتبراً أن “المدينة ستكون صبغتها شيعيّة أكثر ممّا هي صبغة وطنيّة” في تصريحٍ يُنذر بمحاولات تغييرٍ ديموغرافي وعمليات تهجير قد يتعرّض لها سكان سامراء ذات الأغلبيّة العربيّة السنية. كما صدرت تعليقاتٌ مشابهة من بعض النواب والسياسيين بحقّ المكون الكوردي.

ويمنع الدستور العراقي، وفق المادة السابعة منه، أيّ شكل من أشكال التحريض الطائفي، كما تُعاقب المادة 200 من قانون العقوبات بالسجن لمدّة 7 سنواتٍ على إثارة النعرات الطائفيّة أو المذهبيّة أو ترويجها.

في المقابل، ينصّ قانون مكافحة الإرهاب لعام 2005 على اعتبار الفتنة الطائفيّة جريمةً إرهابيّة، وفق المادة الرابعة من القانون. لكن، ورغم هذه القوانين، لم يُشرّع العراق حتى الآن قانوناً خاصّاً يُجرّم التحريض أو الخطاب الطائفي، ما يجعل المتّهمين بهذه الخطابات يحتالون على النصوص القديمة إذا ما تقدّمت جهةٌ ما بشكوى ضدّهم.

مقالات ذات صلة