بخصوص تسليم مسؤولين غامضين لـ الاستخبارات الوطنية التركية-MIT بين العمال الكوردستاني وتركيا…

بخصوص تسليم مسؤولين غامضين لـ الاستخبارات الوطنية التركية-MIT بين العمال الكوردستاني وتركيا...

كخطوة في إطار الـ “عملية” السرية والمريبة والغامضة بين حزب العمال الكوردستاني بكك والدولة التركية، تمّ تسليم اثنين من مسؤولي جهاز الاستخبارات الوطنية التركية (MIT) إلى الدولة التركية، هذه الخطوات التي تُخطى سرّاً وبصمت بعيداً عن الرأي العام، قد تُشارك الرأي العام أحياناً لأسباب يُجهل كنهها…

وبينما لم يتمّ بعد تسمية العملية الجارية بين الدولة وحزب العمال الكوردستاني بكك ولم يُعرف حقيقتها وكنهها… شُكّلت لجنة ” لجنة الدعم الوطني والأخوة والديمقراطية” في البرلمان التركي، وهذا ما نتج عنه أن يتمّ تعريف العملية كـ وحدة وطنية، لكن مع ذلك، تستمر العملية في اتجاهين: علني وسرّي. فمن جهة، تُتّخذ خطوات مستثقلة أمام الرأي العام بهدف خداع الشعب وتضليله…

ومن جهة أخرى، تُتّخذ خطوات سرية… وقد نشر موقع “داركا مازي” في وقت سابق تقريراً بعنوان “حزب العمال الكوردستاني يُسلّم أسلحته وأنفاق حربه سرًا للجيش التركي!” وقد سلّم حزب العمال الكوردستاني بكك بعض مستودعات ومخازن الأسلحة والأنفاق إلى الدولة التركية مقابل أن تسمح الدولة والجيش التركي بمغادرة مقاتلي الگريلا لتلك المناطق إلى مناطق أخرى دون التعرّض لهم، أمّا تسليم حزب العمال الكوردستاني لاثنين من مسؤولي جهاز المخابرات التركي فهو خطوة أخرى تمّت في غاية السرية والصمت.

سُلِّما في صمت مطبق!

تمّت عملية تسليم مسؤولي-ضابطي جهاز الاستخبارات الوطنية التركية (MIT) في سرية تامة وصمت مطبق، وبحسب التقارير التي نُشرت سابقاً، توفي آيدن گوناي، أحد مسؤولي المخابرات التركية في وقت سابق من عام 2022 إثر نوبة قلبية. بينما تمّ تحرير الآخر في عملية نوعية لجهاز الاستخبارات الوطنية التركي قبل ثماني سنوات، بالضبط في 4 أغسطس/ آب 2014، وكان حزب العمال الكوردستاني بكك قد ألقى القبض على هذين المسؤولين من جهاز الاستخبارات الوطنية بطريقة مريبة غامضة. وكخبر عابر ومفاجئ تمّ إعلام الرأي العام في يوم قائض من شهر آب بأنّه تمّ تسليم هذين المسؤولين الاستخباراتيين إلى تركيا!

(والحقّ أن المثير للاهتمام هو أن الادعاءات القائلة بأن عدد أعضاء جهاز الاستخبارات الوطنية التركي الذين اعتقلهم حزب العمال الكوردستاني هو أربعة. كما كشف الصحفي والكاتب التركي تونجاي أوزكان أيضاً بأن أربعة من ضباط جهاز الاستخبارات الوطنية التركية في أيدي وقبضة حزب العمال الكوردستاني بكك، ولكن لأي سبب غامض نحن لا نعرف لماذا كشف حزب العمال الكوردستاني عن هوية اثنين فقط من ضباط جهاز المخابرات التركي، بينما اختفى الآخران!).

والملفت والمثير للاهتمام أيضاً أن حزب العمال الكوردستاني بكك، عندما اعتقل اثنين من مسؤولي جهاز الاستخبارات الوطنية، كان يتغنّى بنشر أخبار عن اعترافات هذين المسؤولين يومياً ولسنوات، لكنّه لم ينشر خبرًا واحدًا عن تسليمهما وسكت! وكذلك لم تصدر الدولة أي إشعار رسمي أو تصريحات أو تنشر أية أنباء، بل لأول مرة تمّ الكشف عن الأمر عندما نشر عضو سابق في البرلمان الحادث على وسائل التواصل الاجتماعي. بعدها، نشر الكاتب عبد القادر سيلفي، المقرّب من حزب العدالة والتنمية الحاكم، مقالاً حول هذا الموضوع. بعبارة أخرى، كان كلا الجانبين، الدولة وحزب العمال الكوردستاني التزما الصمت والسرية على حدّ سواء بشأن قضية مهمة كهذه!

لم يكن هذا حدثًا عادياً!

بعدما تمّ اعتقال مسؤولي جهاز الاستخبارات الوطنية (MIT) من قبل حزب العمال الكوردستاني هل اعترفا لاحقًا؟

تُعدّ قصة تسليم حزب العمال الكوردستاني لمسؤولي-ضابطي جهاز الاستخبارات الوطنية (MIT) قصّة مظلمة سرية شديدة الغموض، ووفقًا لمزاعم حزب العمال الكوردستاني، فقد أُلقي القبض على مسؤولي جهاز الاستخبارات الوطنية (MIT) في مداهمة قرب بلدة دوكان بالقرب من السليمانية في إقليم كوردستان، وقد نشر حزب العمال الكوردستاني نفسه مشاهد من عملية المداهمة والاعتقال، لكن التراجيدي في الأمر يكمن في أن الشخص الثالث الذي أُلقي القبض عليه مع أعضاء جهاز الاستخبارات الوطنية (MIT) كان رفيقاً مقرّباً لـ جميل بايك ومصطفى قره سو، أي (ملا مهدي گفري)، وكان ابن محمد ظاهر ملا مهدي شخصية غامضة ومريبة في سلسلة علاقات حزب العمال الكوردستاني وجهاز الاستخبارات الوطنية (MIT) وفي مجال المخدرات. ومن غير المعقول أن يستطيع مسؤولا جهاز الاستخبارات الوطنية (MIT) من التوجّه صوب منطقة غير آمنة لهذه الدرجة! كما أن مشاهد عملية المداهمة واالعتقال هي بحدّ ذاتها تشبه أفلام الأكشن ومسرحية تلفزيونية تُعرض مجاناً!

المثير للاهتمام أيضاً هو أن اثنين من مسؤولي جهاز الاستخبارات الوطنية (MIT) متدرّبين وخبيرين قد قدّما اعترافات مفاجئة لحزب العمال الكوردستاني بكك كببغاوين! قدّما عشرات المعلومات السرية بدءًا من حادث مقتل سكينة جانسيز ومروراً بمعلومات حول فريق جهاز الاستخبارات الوطنية التركية في أوروبا وصحفيي الجهاز، ووصولاً لمعلومات حول غرف وزنازين التعذيب في مبنى المخابرات…! في 17 يوليو/ تموز 2019، أطلق حزب العمال الكوردستاني بكك النار على ضابط في المخابرات التركية في مطعم (HuQQabaz) بالعاصمة أربيل وأرداه قتيلًا بينما أصرّ هذان المسؤولان في المخابرات التركية أمام عدسات الكاميرا أنهما “لم نتعرّض للتعذيب!” فيا تُرى: لماذا اعترفا إذن؟

هل كانا عضوين في حركة فتح الله غولن؟

تزعم بعض المصادر المقرّبة من حركة فتح الله غولن أن ضابطي جهاز الاستخبارات الوطنية كانا عضوين في حركة غولن. ووفقًا لهذه المصادر، في عام 2016 وبعد أحداث ما يُعرف بانقلاب 15 تموز، بدأت عملية اصطياد أعضاء حركة غولن في تركيا، أي أن المقرّبين من فتح الله غولن أصبحوا مستهدَفين وتمّت تصفيتهم واحدًا تلو الآخر، أو اعتُقلوا، أو أُجبروا على الفرار ومغادرة تركيا، كما تلقت وكالة الاستخبارات نصيبها من الاتّهام والجرم، فعلى سبيل المثال، اختفى أيهان أوران، المسؤول البارز في جهاز الاستخبارات الوطنية التركية وتلاشى!

ويرجّح، أن مسؤولي جهاز المخابرات الوطني التركي (MIT) اللذان يزعم حزب العمال الكوردستاني اعتقالهما كانا مرتبطين بحركة غولن. والحقيقة أن حزب العمال الكوردستاني كان قد أبرم اتفاقيات مهمة ومتطوّرة وسرية مع حركة غولن خلال محادثات السلام عام 2013، ووفقًا لمصادر عديدة، التقى جميل بايك مباشرةً بممثّل عن غولن في منطقة قريبة من السليمانية. وكان قد تمّ التوصل إلى اتفاق واسع للقضاء على حكومة أردوغان وإسقاطها، فعلى سبيل المثال، كانت الخنادق التي تسبّب بدمار باكور كوردستان-كوردستان تركيا موضوع تعاون مشترك بين الجانبين. حتّى نحن نتذكّر عندما خاطب دوران كالكان الجيش ودعا حركة غولن قائلاً: “لا تتدخّلوا؛ لن تقتل الجنود” وأتاحت حركة غولن لحزب العمال الكوردستاني بكك فرصة لإنشاء لوبي ضغط في الولايات المتّحدة. وكانا متعاونين في العديد من القضايا الأخرى.

بل يمكن القول إنّه انخرط مسؤولان في جهاز الاستخبارات الوطنية التركية وهما أرهان بكجتين وآيدن غوناي، بإرادتهما وطواعيةً إلى حزب العمال الكوردستاني في إطار هذا التعاون. وإلّا فلا يوجد تفسير آخر لمعاملة هذين المسؤولين في جهاز الاستخبارات الوطنية كمخبرين في نظر حزب العمال الكوردستاني.

هل تمّ تسليمهما في روجآفا كوردستان-كوردستان سوريا؟

لم تلفت الدولة التركية قط إلى مسؤولي جهاز الاستخبارات الوطنية الأسيرين في وسائل إعلامها، ولم تتبنّاهما رسميًا بأي شكل من الأشكال، ولن تُكشف أو تُنشر الآن أي تفاصيل وجزئيات حول الشخصين، لكن تقول مصادر من حزب العمال الكوردستاني بكك إن مسؤولي جهاز الاستخبارات الوطنية تمّ تسليمهما إلى الدولة التركية في روجآفا كوردستان-كوردستان سوريا، وفي وقت سابق، ذكرت مصادر عديدة أن مسؤولي جهاز الاستخبارات الوطنية هذان نُقلا إلى روجآفا كوردستان لأن الدولة التركية كانت تبحث عنهما في محاولة تصفيتهما وقتلهما. ووفقًا للمعلومات المتاحة، فقد نقل حزب العمال الكوردستاني ضابطي جهاز الاستخبارات الوطنية إلى روجآفا عام 2020 حفاظًا على حياتهما وسلامتهما. وإلّا فوفقًا لمصادر داخل حزب العمال الكوردستاني بكك أنه لم يمت آيدن غوناي بنوبة قلبية. بل المثير هو أن آيدن غوناي هو من كان يتحدّث أكثر خلال اعترافاته، وكان الأكثر استهدافاً لـ هاكان فيدان، وكانت اعترافاته وتصريحاته هي التي وضعت جهاز الاستخبارات الوطنية في وضع صعب للغاية، وتتمثّل وفاة غوناي هي أيضًا مشكلة بحدّ ذاتها، ومن الواضح جدّاً أن أرهان باكجتين لا يريد العودة إلى تركيا بعد أن وهب هذا القدر الهائل من المعلومات حول الدولة وأضرّ بها هذا الضرر البالغ، وليس من الواضح بعد ما إذا كان قد تمّ إرساله قسرا أم أنه أصبح ضحية اتفاق مظلمة أخرى بين الجانبين.

وممّا لا شكّ فيه أن هناك ندرة ومحدودية في المعلومات لأن كلا الجانبين يُخفيانها، ولكن مع ذلك، فإن حقيقة معلومة أن تسليمها تمّ في روجآفا كوردستان تُعدّ بالغة الأهمية لفهم خريطة العلاقات والارتباطات والتقاربات بين حزب العمال الكوردستاني بكك وجهاز الاستخبارات الوطنية التركية MIT.

الاستنتاجات التي يُمكننا استخلاصها من حادثة ضابطي جهاز الاستخبارات الوطنية هي كالآتي: هناك علاقة تعاون وتنسيق مشترك وقوي بين حزب العمال الكوردستاني بكك والدولة التركية، وليس واضحًا من يقف وراء من. كان هذا صحيحًا في الماضي ولا يزال صحيحًا. الآن، لا تزال القيادة اليومية بين القوتين مستمرة. والحقّ، أن مثل هذه القيادة العملية موجودة يوميًا في روجآفا كوردستان.

وبالطبع، يُمكننا أيضًا استخلاص استنتاج شخصي مفاده: أي شخص يقع بين هذين الجانبين الاستخبارات التركية MIT وحزب العمال الكوردستاني سيصبح في النهاية ضحية وقرباناً لا غير…

مقالات ذات صلة