تعود علاقات حزب العمال الکوردستاني – البکک – والحزب الدیمقراطي الکوردستاني – البارتي – للثمانینیات ، أي لبدایة تأسیس البکک ، والبکک منذ ولادته تربی علی ید البارتي تربیته السیاسیة والعسکریة ، وبعدها إتضح في مذکرات أوجلان لأیة أهداف کامنة تودّد البکک للبارتي ، وبنی علاقاته معه .
إذا تحدثنا عن علاقات البارتي والبکک والتي تعود لبدایة الثمانینات ، سنجد أن البکک قد أُتیح له التواجد والاستقرار في مناطق ( لولان ، خواکورک ، حفتنین ) بمساعدة وإذن من الدیمقراطي الکوردستاني – البارتي – ، والبارتي قدم مساعدات کبیرة للبکک من ناحیة التربیة السیاسیة والعسکریة ، کما أن البارتي دعم البکک في مجال التسلیح إضافة إلی إیوائها وإطعامها ، فمثلاً ، في أول مرة وبالذات بین عامي 1981 – 1982 ، طلب البکک في سوریا إرسال بعض الأسلحة إلیها عن طریق مقاتلیها ، فأرسل البارتي 4 من البیشمرکة لمساعدة مقاتلي البکک الـ 8 المسؤولین عن إستیراد السلاح للحزب ، ولکن وللأسف الشدید غرق الجمیع أي البیشمرکة ومقاتلي البکک علی الحدود بین جنوب کوردستان وغربها ، وکذلک سنة 1983 ، فقد أمدّ البارتي مقاتلي البکک برشاشات – سیمینوف – إس کيه إس- کمساعدات عسکریة ، وکذلک في نفس العام 1983 ، في الوقت الذي حصلت مواجهات بین البکک والحزب الشیوعي الکوردستاني ، وجرح مقاتلان للبکک أثناء المواجهة ، غیر أن البارتي آوی المقاتلین المجروحین في مقاره ، وقام بحمایتهم ، کما داوی جروحهم ، ومع هذا کله فالبکک وفي مذکراته یسيء للدیمقراطي الکوردستاني – البارتي – ، غیر أن هذا لم یمنع البارتي عن مد ید العون والمساعدة للبکک ، ویقدّر مقاتلیه بل ویکنّ لهم کلّ التقدیر والإحترام ، ویعود هذا التقدیر والإحترام للبکک ومقاتلیه من قبل الحزب الدیمقراطي الکوردستاني وبیشمرکته یعود الفضل في هذا لزعیم البارتي ، والذي أمر کافة بیشمرکة البارتي وأعضائه وکوادره بمساندة ودعم ومعاونة جمیع الأحزاب الکوردیة ، ویمکننا أن نتحدث عن مثال بسیط بهذا الصدد ، وذلک عندما کان الفرع الأول للحزب الدیمقراطي الکوردستاني یسلّح بیشمرکته مقابل مبالغ نقدیة ، غیر أنه سلّح مقاتلي البکک بلا مقابل ! ، ورغم بساطة هذا المثال إلا أنه خیر مثال ، وما وردناها من أمثلة بهذا الشأن ما هي إلا أمثلة قلیلة بالنسبة لعطاءات البارتي ومساعداته وتعاونه للبکک ، ومع هذا فقد جاء في بعض مذکرات أوجلان وکُشف فیها أن البکک قد بنی علاقاته مع البارتي للإستفادة منه ، وإلا فإن أوجلان یوجّه البکک خفیة بمعاداة البارتي ومحاربته .
البکک یحاول إظهار البارتي وتعریفه علی أنه العدو الأول للشعب ، وأن الترک والفرس والعرب أصدقاءٌ وإخوانٌ للشعب
البکک وفي تأریخ نضاله ، ربّی أعضاءه ومؤیدیه علی الإنصات له وحده ، وأن الحق ما صدر منه وحده ، وأن الحقیقة ما یقوله البکک وحده ! أي أن الأفکار والآیدولوجیات والرؤی المغایرة للبکک أو التي لم تنضم للبکک فهي باطلة وغیر صادقة ، ویجب معاداتها بکل الطرق ، فکما یقول البکک دائماً : ( أن النضال الکوردي بدأ منذ تأریخ تأسیس البکک ! ) ، أي أن ما سبق البکک من نضال وتحرر وتنظیم کوردي وحرکة تحرریة کوردیة وحزب کوردي وو لم تقم للکوردایتي ولم تناضل من أجل الکوردایتي ! فبدءاً بثورات الشیخ سعید پیران ، ذاک الشیخ المسن یتهمه البکک بالعمالة للإمبریالیة ! ، ووصولاً لثورات الملا مصطفی البارزاني الذي عرّف الکورد للعالم والذي یُعتبر هویة الأمة الکوردیة .
هاجم البکک في جمیع مراحل نضاله الأحزاب الکوردستانیة دائماً ، وبالأخص الدیمقراطي الکوردستاني – البارتي – ، ولم یهتم لنضاله وتأریخه ، وتضحیة وکدح بیشمرکته وقیادته ، وحاول دائماً إتهام البارتي وتحمیله کافة الأخطاء التي وقعت في الساحة الکوردستانیة والوسط الکوردي ، وتعامل البکک هذا ، ومحاولاته هذه وصلت لدرجة ومستوی أن یحاول البکک إظهار البارتي وتعریفه علی أنه العدو الأول للشعب ، وأن الترک والفرس والعرب المحتلین لأرض کوردستان یأتون بالدرجة الثانیة من العداوة أي بعد البارتي ! وأنهم – أي المحتلین – إخوان للکورد ! والأدهی والأمرّ من هذا أن البکک نجح في سیاسته هذه إلی حدّ ما ، وأن یملأ عقول الکثیر من الکورد بهذه الفکرة الدنیئة ، واستطاع أن یجعلهم یکرهون البارتي ویبغضونه ، وأقصد بهم مؤیدي البکک ومخلصیه ، وهذا ما تتمناه الدول الأعداء والمحتلة لکوردستان تجاه الأحزاب القومیة الکوردیة ، والتي لم تستطع غرس روح العداوة والبغضاء هذه ، غیر أن البکک قامت بهذا الأعمال والأهداف نیابة عنهم ، وأتم مهمته علی أکمل وجه ، واتهم کافة الأحزاب القومیة الکوردستانیة بالإقطاعیة والأصولیة ، والعمالة للإمبریالیة ، وإهانتها وتصغیرها في أعین الشعب .
ومن إحدی مبررات البکک لعداوته ومحاربته للبارتي ، وجود بعض القواعد العسکریة الترکیة في الجنوب – جنوب کوردستان – ، تلک القواعد التي تمت باتفاقات دولیة ما بین العراق وترکیا ، ووُقّعت في الثمانینیات ، وحسب هذه الإتفاقیات أنه قامت کل من العراق وترکیا بفتح حدودها للدولة الأخری بحدود 30 کم عمقاً ، مما یسمح للدولتین بدخول أراضي البعض لمحاربة الحرکات التحرریة الکوردستانیة ، أي تستطیع العراق لضرب البیشمرکة دخول الأراضي الترکیة بحدود 30 کم ، وکذلک تستطیع ترکیا دخول الأراضي العراقیة لضرب البکک ، ومع أن البکک یفهم جیداً أنه وفي تلک الفترة التي تم تثبیت الجیش الترکي وقواعده علی أرض جنوب کوردستان ، لم یکن للبارتي أیة سلطة علی جنوب کوردستان حتی یستطیع إیقاف هذه الإتفاقیة وإعتراضها ، فمع أن البکک یعرف هذا جیداً غیر أنه عمل بشکل مبرمج وجید علی هذه النقطة حتی یُقنع جمیع أعضائه ومنتمیه أن هذه القواعد العسکریة تم تثبیتها في الجنوب بتوقیع إتفاقیة مع البارتي .
البکک یتعامل مع البارتي وکأنهم هم من سلّموا الشمال وحان الوقت لتسلیم الجنوب
بدأ البکک نضاله ، وعرف جیداً أن قوات النظام المحتل في کل مکان وکل جزء من کوردستان ، إلا أنه إتجه نحو جنوب کوردستان ، ونقلوا حربهم ومعرکتهم ونضالهم المسلح للجزء الوحید المستقل من کوردستان ، وبهذه السیاسة طالب بعض المرات بغلق القنصلیة الترکیة في العاصمة أربیل ، وبعض المرات وبحجة وجود القواعد العسکریة الترکیة في الجنوب قام البکک بالقیام بأنشطة حزبیة عسکریة ، وکأنه لا توجد أیة قواعد عسکریة للدول المحتلة لکوردستان علی أرض الشمال والشرق والغرب من کوردستان .
إتفاقیة للبکک مع المحتل في سنجار ضد الدیمقراطي الکوردستاني البارتي
من یتعامل مع البکک یری بوضوح النزعة الإحتلالیة والتدمیریة للبکک ، فالبکک یحاول التواجد في کافة المناطق ، کما یحاول إخلاء منطقة تواجده من أي تنظیم کوردي ، وبعد ذلک یحکم قبضته علی تلک المنطقة ، وهذا ما اتضح جیداً في سنجار ، عندما حاول البکک طرد البارتي من المنطقة ، غیر أنه لم یقم بأي شکل من الأشکال بهذه المحاولة أمام الدولة العراقیة المحتلة عندما وجّهت جمیع جیوشها ومیلیشیاتها والمیلیشیات الإیرانیة وحزب الله اللبناني یوم 16 أکتوبر 2017 علی جنوب کوردستان ! هذا بالإضافة إلی ما لم نذکره أن البکک تستلم رواتب مقاتلیه وعتادهم من الحکومة العراقیة .
وفي غرب کوردستان ، قام البکک بتهمیش وإضعاف وتفکیک الأحزاب والتنظیمات الکوردیة القریبة والموالیة للحزب الدیمقراطي الکوردستاني ، وعلی العکس تماماً من هذا الموقف ، قام البکک بإدخال العشرات من التنظیمات الیساریة الترکیة لغرب کوردستان ، وفي شرق کوردستان قام البکک بخلق العراقیل للحزب الدیمقراطي الکوردستاني في إیران ، ودامت هذه المواقف المعادیة بینهما ، وازدادت الحساسیة حتی وصلت بأن یتلطخ البکک أیدیه بدماء ببیشمرکة الکوردستاني الإیراني ، ویستشهد إثنین من بیشمرکة الدیمقراطي الإیراني ، عام 2016 في منطقة کیلشین ، وبدل أن یعترف البکک بخطئه ویطلب العفو من الشعب الکوردي وعوائل الشهداء ، تجاه فعلته الشنیعة هذه ، عدّ الحادثة من خطط ومؤامرات ودسائس الأعداء والدول المحتلة .