قرار للإدارة الذاتیة في شمال وشرق سوریا بفسح المجال أمام المجلس الوطني الکوردي السوري -أنَکَسَ- بفتح مکاتبه ومقاره في غرب کوردستان، ومواصلة وموازلة العمل السیاسي، ومع أن قرار السماح هذا جاء متأخراً إلا أنه یُعتبر بدایة جیدة وآفاقاً منفتحة لتوحید الخطاب السیاسي الکوردي لغرب کوردستان.
قررت الإدارة الذاتیة لغرب کوردستان في الثلاثاء الماضي17\12\2019، وبمبادرة من قیادة قوات سوریا الدیمقراطية قسد، بفتح المجال أمام المجلس الوطني الکوردي السوري أنکس بفتح مکاتبه ومقاره في غرب کوردستان من غیر إجازة أمنیة لأیة جهة أو طرف ومتابعة أنشطته السیاسیة والإجتماعیة والإعلامیة في المنطقة.
کما کشفت أن المجلس مجاز ولا یحتاج لإجازة رسمیة ورخصة فعلیة لمزاولة عمله وأنشطته في غرب کوردستان.
وفي الوقت نفسه وضّحت الإدارة الذاتیة في بیان لها بغلق کافة الملفات والقضایا والتهم الموجهة لقیادات وشخصیات المجلس الوطني المقیمین خارج البلاد، وطمأنوا قیادة المجلس بعدم وجود أیة مشاکل وعراقیل أمامهم وأنهم یستطیعون العودة لغرب کوردستان متی شاؤوا ومزاولة نضالهم وعملهم السیاسي بکل بحریة.
وقالت الإدارة الذاتیة : وحول ملف المعتقلین والمسجونین، قدّم المجلس الوطني قائمة تضم عشرة أشخاص لقوات سوریا الدیمقراطية، ومن جانبها قامت القوات بتشکیل لجنة وسیتم الإعلان عن نتائج المباحثات مع المجلس الوطني في أقرب وقت ممکن.
خطوة عظیمة تأتي بعد إنهیار عظیم
قرار السلام للإدارة الذاتیة تجاه المجلس الوطني قرار جید إذا کان عن حسن نیة، ولا یخفي أیة مؤامرات تحت عباءته، فهو بدایة جیدة لتنظیم وتوحید الخطاب السیاسي الکوردي، فکان القرار خطوة جیدة غیر أنها جاءت متأخرة وبعد إنهیار عظیم.
إنتهجت الإدارة الذاتیة في غرب کوردستان سیاسة الحزب الأوحد ومعاداة التعددیة الحزبیة والسیاسیة ومعارضة التنوع والشمولیة، فقامت بمعاداة الأحزاب والقوات الکوردیة الأخری في غرب کوردستان، علی العکس تماماً من سیاستها تجاه القوات غیر الکوردیة حیث إستخدمت سیاسة التحابب والتقارب مع القوات العربیة وغیرها، وخیر مثال علی ذلک عندما قام حزب الإتحاد الدیمقراطي بنبذ قرارات وتوجیهات إتفاقیتي دهوک وأربیل وعدم الإلتزام بها، بل حارب الإتحاد علی إثرها القوات الکوردیة واشتدت في عداوتها، وفي الوقت نفسه إنفتح الإتحاد علی القوات غیر الکوردیة في المنطقة، حتی وصل الأمر إلی الإستغناء عن لفظة – الکورد – في تسمیة قواتها من أجل القوات غیر الکوردیة، واحترام المقابل.
یعتقد المتابعون والمحللون للوضع القائم في غرب کوردستان، أن الإتحاد الوطني لو إلتزم باديء الأمر بمقررات وتوجیهات مؤتمري دهوک وأربیل، ومارست سیاسة التعددیة الحزبیة وتقبل الآخر، وفسحت المجال لـ بیشمرکة روج آفا بمشارکة القوات الأخری في المنطقة، ولم ترفع أیة شعارات لحزب العمال الکوردستاني البکک، واستقلت بصنع وإصدار القرار عن قیادة قندیل لما آل الوضع إلی ما آل إلیه الآن! ولحسبت ترکیا لإدارة غرب کوردستان الذاتیة ألف حساب قبل أن تقدم علی شن هجوم إحتلالي وغزو غرب کوردستان، وکان ینبغي علی البکک إدراک وفهم حقیقة أن الدولة الترکیة لن تقبل بإنشاء منطقة متآخیة لحدودها تدیرها البکک وتتحکم بکامل مفاصلها.
البکک وصناعة الأحزاب الموالیة لها في کافة مناطق کوردستان للإضرار بالشعب الکوردي
وحسب رؤیة المحللین للوضع القائم في کافة أجزاء کوردستان، ینبغي للبکک فهم حقیقة أن ساحة نضالها وکفاحها هي شمال کوردستان، وأنها بتأسیسها لأحزاب موالیة لها في أجزاء کوردستان الأخری تضر ولا تنفع، وأنها تأزّم الوضع للشعب الکوردي في کافة أجزاء کوردستان لیس إلا.
وحسب رؤیة المتابعین والمحللین أن زمن السلطة الوحدویة في إصدار القرار ونظام الحزب الواحد ولّی إلی غیر رجعة في العالم الحدیث، إلا ضمن إطار وتحت مظلة السلطات الدکتاتوریة، وأن آیدولوجیة الحزب الأوحد وغیاب التنوع والمعارضة تعرض للتراجع والإنهیار، فآیدولوجیة الحزب الواحد لا تستطیع توفیر الحقوق والحریات للمجتمع الذي یتحکم به، نظام الحزب الواحد أخفق في غالبیة دول العالم، بعکس التعددیة الحزبیة وتنوعها ووجود المعارضة، فالتعددیة والشمولیة أصبحت أنجح نظام حکم ووسیلة للتقدم وتطور البلاد، وخیر مثال علی ذلک نظام التعددیة والشمولیة في إقلیم جنوب کوردستان والذي أصبح الوجه الحقیقي للدیمقراطية.
مثال آخر، إنهیار النظام الإشتراکي لم یکن بمؤامرة رأسمالیة أو محاربة علنیة، وإنما کان بسبب ضیاع وهضم الحقوق والحریات، مثل ما حدث مؤخراً في الدول العربیة -الربیع العربي- کان السبب من ورائها أن السلطات الحاکمة في هذه الدول ومنذ سنوات صادرت الحریات ونهبت الحقوق تحت مظلة وهْم العروبة وتدمیر ومسح إسرائیل، غیر أن الحقائق ستکتشف لا محالة، الیوم أو غداً أو بعد غد، وانکشفت الأقنعة، واتضح للشعب أن ما تدعو إلیه حکوماتهم مجرد أوهام وسراب یحسبه الظمآن ماءاً.
لهذا ینبغي للشعب الکوردي أن لا یضیّع من عمره عشرات السنوات لیکتشف فیما بعد أنه کان ضحیة فهم سقیم وآیدولوجیة عرجاء لسلطة وحدویة لا تسمن ولا تغني من جوع، لیکتشف فیما بعد أن الوحدویة في صنع القرار ونظام الحزب الواحد لا یخلف وراءه غیر الدمار والإنهیار، وأنه لا یتمخض عنه إلا الویلات والآهات، وأن البکک تعید تجربة الآیدولوجیات الفاشلة في العالم بحق الشعب الکوردي.