الدولة الترکیة إعتقلت 38 رئیساً للبلدیات حتی الآن
حزب العدالة والتنمیة برئاسة رجب طیب أردوغان ومنذ شروع رؤساء البلدیات الکورد المنتمین لحزب الشعوب الدیمقراطي بمهامهم الإداریة في المدن والبلدات الکوردستانیة في شمال کوردستان، ألقت القبض علی 38 من رؤساء هذه البلدیات واعتقلتهم وسجنتهم وأبعدتهم من وظائفهم، ووظفت قائمین بالأعمال مقامهم، وهذا ما یعتبر هضماً للحقوق ونبذاً واضحاً للدیمقراطیة التي یدّعیها حزب أردوغان الحاکم ویدّعي النضال من أجلها.
معاداة حزب الشعوب الدیمقراطي هـ د ب
في إنتخابات آذار عام 2019، حصل حزب الشعوب الدیمقراطي علی منصب رؤساء بلدیات 63 منطقة، في مدن (ماردین، باتمان، ئامد، سیرت، هکاري، وان، ئیدرێ، وکارسێ)، ولکن وبعد مدة قلیلة من البدء بمهامهم ووظائفهم الجدیدة، قام حزب العدالة والتنمیة الأردوغانیة بمنهجة وتطبیق سیاسة الحزب الأوحد، وعادی الشعب الکوردي والأمة الکوردیة، وبدأ بإبعاد رؤساء البلدیات الشرعیین من مناصبهم.
وبعد مرور 7 أشهر علی إجراء الإنتخابات والشروع في وظائفهم الجدیدة، قام الحزب الأردوغاني بسجن واعتقال 38 من رؤساء البلدیات المنتمین لحزب الشعوب الدیمقراطي بتهم شتی حتی الآن، وتم إعتقال غالبیتهم بتهمة إرتباطهم وإنتماءهم لحزب العمال الکوردستاني المحظور في ترکیا.
حزب العدالة والتنمیة الذي یملک 778 بلدیة في ترکیا، والذي یدّعي النضال علی أسس دیمقراطية ومن أجلها، غیر أن جملة مخاوفها هي من الأحزاب المعارضة، وبالأخص الأحزاب الکوردیة مثل حزب الشعوب الدیمقراطي، وکلما مرّ وقت زاد الحزب الأردوغاني من عداوته للأحزاب الکوردیة وبحث عن المزید من الحجج والمبررات الواهیة لإعتقال وسجن رؤساء البلدیات وأعضاء البرلمان من الشعوب الدیمقراطي وإبعادهم من مناصبهم بذرائع سیاسیة شتی.
فالدیمقراطية التي تنتهجها العدالة والتنمیة تشبه تلک الدیمقراطية التي قیل عنها نکت : عندما أخبر شخص أمریکي عراقیاً أنهم یعیشون في منتهی الدیمقراطية إذ بإستطاعتهم سبّ وشتم الرئیس الأمریکي بوش في وسط العاصمة واشنطن، فأجاب العراقي أنهم أیضا عندهم من الدیمقراطية ما یستطیعون سبّ وشتم الرئیس الأمریکي بوش في وسط العاصمة بغداد!
سار حزب العدالة والتنمیة لرجب طیب أردوغان بترکیا نحو آفاق خطرة إثر الإنتخابات الأخیرة التي جرت في البلاد، فهي تتبع سیاسة مبنیة علی معاداة الشعوب المختلفة، وجعلت منها خارطة للطریق تسیر وفقها، وهذا ما جعلت الأحزاب المعارضة والکوردیة منها علی وجه الخصوص تفکر أن هذه السیاسة تشکّل بدایة النهایة لحزب العدالة والتنمیة الحاکم في ترکیا، والنقد الموجه للبکک أیضاً، وهذا النقد لا یقتصر علی داخل ترکیا، بل حتی المجتمع الدولي ینتقد ترکیا وحزب العدالة والتنمیة نقداً لاذعاً لنقضها أسس الدیمقراطية والحریة وتأطیرها وفق مفاهیم خاصة بعقولهم.
وقد تعرض حزب الشعوب الدیمقراطي لأضرار جسیمة منذ بدایات تأسیسه علی ید حزب العدالة والتنمیة الحاکم في ترکیا، منها إعتقال زعیمه ومرشده صلاح الدین دمیرتاش، والقبض علی العشرات من رؤساء البلدات وأعضاء البرلمان لحزب الشعوب الدیمقراطي، وفي الوقت نفسه إبعاد العشرات من رؤساء البلدیات من وظائفهم، هؤلاء الذین وصلوا لهذه المناصب بأصوات الشعب والذي هو حقّ مشروع لهم.
دمیرتاش : لن أطلب العفو من أردوغان لو بقیت في السجن حتی مماتي
الزعیم ئابو : حریة کوردستان مرهونة بحریة أوجلان
البکک : لا حیاة بلا زعیم
یفهم من أقوال ئابو والبکک وکأن حیاة کوردستان مرهونة بتحرر الزعیم!
ومع أن ترکیا تعدّ حزب الشعوب الدیمقراطي مظلة البکک السیاسیة، فبعد إعتقال دمیرتاش، قال أردوغان: (الذین کانوا یتحصنون بالجبال أصبحوا الآن في السجون، فلیس هناک ما یتحصنون به!) وکان یقصد بقوله هذا جبل قندیل.
غیر أن دمیرتاش الذي مرّ علی إعتقاله وسجنه 3 سنوات، وجه رسالة الیوم الأربعاء 25\12\2019 عن طریق محامییه حول إمکانیة طلبه للعفو من أردوغان قائلاً : لن أطلب العفو من أردوغان لو بقیت في السجن حتی مماتي.
وموقف دمیرتاش هذا یذکرنا بموقف زعیم البکک ئابو عندما تم إلقاء القبض علیه، فکان أول کلمة قالها : أنا علی أتم الإستعداد لخدمة ترکیا!
کما طالب-عبد الله أوجلان- بطریقة غیر مباشرة-ضمنیة- العفو من الدولة الترکیة، وطالب بتحریره من السجن : حریة کوردستان مرهونة بحریة أوجلان، وکما قالت البکک : لا حیاة بلا زعیم!
فلو حلّلنا أقوال الزعیم ئابو والبکک لوجدناها ذات معنی واحد وتفسیر أحادي، مفاده أن حریة کوردستان مرهونة بحریة الزعیم، فلو لم یتحرر الزعیم لن تتحرر کوردستان، وأنه لا حیاة لکوردستان وزعیمهم مازال في مسجوناً.
وحاصل الحدیث أن حزب العدالة الأردوغاني ینتهج سیاسة أحادیة مبنیة علی تجاهل الآخر، ومعاداة الشعب الکوردي والأمة الکوردیة، والبکک دائماً ما تحاول إضفاء الشرعیة علی نوایا أردوغان وتصرفاته، کما تحاول تبریر إنتهاج ترکیا سیاستها المعادیة ضد الکورد، فحقیقة دیمقراطية العدالة والتنمیة أنها تتقمص هذه الدیمقراطية المبطنة بأفتک أنواع الدکتاتوریة!