إیران هاجمت في العلن.. ومؤامراتها في السّرّ أکبر خطورة

إیران هاجمت في العلن.. ومؤامراتها في السّرّ أکبر خطورة

إیران وتحت ذریعة الثأر والإنتقام لمقتل قاسم سلیماني، أمطرت العراق وجنوب کوردستان بوابل من الصواریخ!

قصف لقوات حرس الحدود الإیراني لقاعدة عین الأسد، وإقلیم جنوب کوردستان، بصواریخ بالیستیة، والخامنئي یصرح بـ: الهجوم الصاروخي کان بمثابة صفعة مدویة لأمریکا، وأمریکا تؤکد أنه لا إصابات في صفوف قواتها في العراق! کما أن المراقبین للوضع الدولي یتحدثون عن وجود مؤامرات سریة للجمهوریة الإیرانیة تجاه إقلیم جنوب کوردستان!

في الساعات الأولی من صباح یوم الأربعاء 8\1\2020، وتحت ذریعة الثأر لمقتل قاسم سلیماني، أطلقت قوات الحرس الثوري الإیراني 12 صاروخاً علی قاعدة عین الأسد العسکریة بمحافظة الأنبار، وعاصمة إقلیم جنوب کوردستان/أربیل، وقد أصابت 10 صواریخ قاعدة عین الأسد، وسقطت إحدی الصواریخ بحدود منطقة بردرش، وإحداها بالقرب من مطار أربیل الدولي غیر أن الصاروخین لم ینفجرا.

وفي البدایة أعلن الحرس الثوري الإیراني أن القصف أدی لمقتل أکثر من 80 جندیاً أمریکیاً، غیر أن الأنباء بعد ذلك أکدت أنه لم یقتل أو یصب أي جندي أمریکي، وإنما أصیب 5 جنود عراقیین بجروح طفیفة!

وقد أعلن الرئیس الأمریکي دونالد ترامب ووزارة الدفاع الأمریکیة أنهم قد حُذروا مسبقاً بالهجوم الصاروخي، وأنه لم ترق قطرة دم من إصبع جندي أمریکي!

وقد أدانت عدّة دول الهجوم الصاروخي الإیراني، وطالبوا الجانبین بضبط النفس وعدم الإنجرار وراء حرب دامیة وزیادة تأزیم الأوضاع المؤزمة أصلاً، وصرح خامنئي: هجومنا الصاروخي کان بمثابة صفعة علی وجه أمریکا، ولکن الإنتقام أمر آخر، وسیأتي الردّ الحقیقي عند عدم مغادرة القوات الأمریکیة للمنطقة.

الهجوم الصاروخي کان بمثابة صفعة لوجه أمریکا، وإذا ردّت أمریکا فسنوجّه لها ضربة قاضیة

من جانبه، أکد وزیر الخارجیة الإیراني وبعید فترة وجیزة من الهجوم، أنهم أخذوا الثأر لمقتل قاسم سلیماني، وأنهم لن یهاجموا مرة أخری، وصرح الجیش الإیراني أن الهجوم کان صفعة لأمریکا، ولو ردّت هي بالمثل فسنوجه ضربة کبیرة لها.

وعبّرت الأمم المتحدة عن قلقها واستیائها، وقالت العراق: طهران حذّرتنا من الهجوم، وأعلمتنا به مسبقاً، وقد إشتکت کل من العراق وإیران منفصلتین الولایات المتحدة في مجلس الأمن الدولي، مما أدی لارتفاع أسعار البترول، وانخفاض البورصات في المنطقة.

ولا یُستبعد أن تکون هذه العناوین کثیرة حول الهجوم الإیراني وردود أفعالها، غیر أن القصد من التقریر تسلیط الضوء علی أحداث أُخری.

لماذا هاجمت إیران عاصمة کوردستان/أربیل؟

في وقت بات معروفاً لدی الجمیع وإیران في مقدمتهم أنه لا توجد قوة عسکریة حربیة للجیش الأمریکي أو أي جیش آخر في إقلیم جنوب کوردستان، وإن وُجدت فهي ضمن إطار التحالف الدولي ضد داعش الإرهابي، ومن أجل التدریب والإستشارة، لهذا نتساءل: لماذا هاجمت إیران علی أربیل؟!

وکما تمت الإشارة في تحلیل آخر لموقع دارکا مازي، أن الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة أرادت وتحت ذریعة الإنتقام لمقتل قاسم سلیماني، تنفیذ مؤامراتها في المنطقة، ومن الواضح جداً أن معاداة الکورد وإضعاف موطأ قدم جنوب کوردستان وکیانها یأتي علی رأس قائمة أولویات المؤامرات للجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة، وإطلاق صاروخین تجاه إقلیم کوردستان إشارة واضحة علی ما ندّعیه ونحاول إثباته.

فموقع إقلیم جنوب کوردستان وعلاقاته الدولیة، وتقدّمه الإقتصادي، کان مصدر إستیاء وقلق لمحتلّي کوردستان، والجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة تستوعب جیداً وتفهم حقیقة أن إضعاف إقلیم جنوب کوردستان وعزله من المجتمع الدولي، سیؤثر سلباً علی القضیة الکوردیة والحرکة التحرریة الکوردستانیة، ویعرضها للهزیمة والفشل، بإعتبار أن إقلیم جنوب کوردستان قبلة للکورد في کافة أنحاء کوردستان المحتلة، والکورد الأحرار في العالم أجمع، وإیران تحاول جعل قبلة الکورد هذه عمقها الإستراتیجي وفناءها الخلفي.

وکما جاء في رسالة رئیس الحزب الدیمقراطي الکوردستاني، وزعیم الأمة الکوردية مسعود البارزاني في الأیام الماضیة، حول إبعاد الکورد عن شبح الحرب في المنطقة، وحرب الوکالة علی رأسها، غیر أن أعداء الکورد یحاولون إیقاع الکورد في مصیدة الحروب والأزمات، فقد دأبوا علی تسعیر الحروب بدماء الکورد، وجعلهم وقوداً أساسیاً فیها، فهم لا یحبذون إشعال حرب في المنطقة یکون الکورد بمنأی عنها، ولا تتسبب بتدمیر کوردستان أکثر.

کما کانت هناک رسالة أخری وراء إطلاق هذین الصاروخین علی أربیل، ألا وهي أن الهجوم کان بمثابة توجیه ضربة مباشرة لفکرة إستقلال کوردستان کما إتضح، والوقوف وجهاً لوجه ضد هذه الفکرة وهذا المشروع، کما أن إیران أطلقت هذه الصواریخ من مدینة کرمانشان في شرق کوردستان وهذه رسالة أخری واضحة لمحاولات الأعداء المستمرة لتقسیم کوردستان، وتوسیع الهوة بێن أجزاء کوردستان، وخلق العداوة والبغضاء في أفکار ونفسیات الکورد تجاه بعضهم البعض في کافة أجزاء کوردستان، غیر أن موقف أهالي کرمانشان الوطني تجاه إستفتاء إنفصال جنوب کوردستان لا ینسی، کما لا تنسی دعوات الکورد في جنوب کوردستان عندما ضربت الهزات الأرضیة مدینة کرمانشان الکوردیة، وقد قالت هذه المدینة الکوردیة لأعداء کوردستان ومحتلّیها أن فکرة تقسیم کوردستان وتجزئتها موجودة لدی محتلّي کوردستان، وفي أذهانهم فقط لا غیرهم، إذ لا یوجد وطني کوردي مخلص یفکّر في تقسیم وطنه، ولهذا تستمر طهران بالإنتقام من الکورد في جنوب کوردستان.

المؤامرات السریة للجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة وخطرها علی الکورد

وکما توقع موقع دارکا مازي في تحلیلات سابقة، أن ما یهم طهران وقوات الحرس الثوري الإیراني حول الأخذ بالثأر والإنتقام لمقتل قاسم سلیماني هو الجانب الدعائي والإعلامي فقط، لا ما دعی إلیه وردّده المسؤولون في النظام الإیراني من شعارات جوفاء، فقد بات واضحاً لدی الجمیع أن الإنتقام لمقتل سلیماني کان أضعف وأوهن بکثیر مما نادی به کبار القادة والمسؤولین في طهران، غیر أن ما یزید قلقنا ویعمق جراحنا هو تأریخ الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة في الأوضاع المماثلة في المنطقة والعالم، ومن خلال دراسة هذه الأحداث في هذا الوقت نستطیع القول أن أهداف إیران السریة أخطر من أهدافها المعلنة.

فالجمهوریة الإسلامیة تحاول إخراج القوات الأمریکیة وطردها من المنطقة، وقصفها الصاروخي المتواضع أضعف بکثیر من أن یصبح سبباً في مغادرة القوات الأمریکیة للمنطقة، ولهذا لا یُستبعد أن تکون لإیران مؤامرات سرّیة لتأزیم الوضع في المنطقة عن طریق الإرهاب والتفجیرات لأنها ذات ذکاء حاد وخبرة لا متناهیة في هذا المجال، ولولا وجود أدلة محکمة وإعلانها في الوقت الحاضر لما صدّق أحد أن هناک علاقات وطیدة بین قاسم سلیماني وتنظیم داعش الإرهابي، وحتی الآن ما زال سلیماني بطل الحرب ضد داعش في نظر أناس بسطاء.

وجود أطراف بإستطاعة إیران إحداث الکوارث والمآسي في جنوب کوردستان عن طریقها

کذلك ما یُؤسف له ویندی له الجبین أنّ هناك أطرافاً وشخصیات کوردیة تربطهم علاقات أکثر من وطیدة بطهران والحرس الثوري الإیراني؛ مما تعطي لطهران فرصاً مناسبة بل وذهبیة لتطبیق مشروعها التخریبي، وتنفیذ عملیاتها السریة علی أرض جنوب کوردستان، ووضع سلطات الإقلیم في خانة الخطر وتعریضها للتهدید.

وهنا وفي هذا الوقت بالذات، من الضروري والواجب علی الکورد توحید الصف والمجتمع الکوردي والإرادة الکوردستانیة، والشعور بالوطنیة والقومیة، کما یفترض علیه أن یصطفّ ویتراص وراء الزعامة الحقیقیة والممثلة له ولجمیع الکوردستانیین لکي یستطیعوا إجهاض المؤامرات الإقلیمیة السریة والعلنیة، التي تُحاک ضدهم من قبل محتلي کوردستان وبائعيها المأجورین، وتحویلها إلی فقاعات وغثاء کغثاء السیل، وتحویل أحلامهم إلی کوابیس وأوهام، للحفاظ علی المنجزات التي تحققت للکورد وعدم فسح المجال لهم لإضاعة هذه الإنجازات.

مقالات ذات صلة