في لقاء متلفز على قناة “Sterk-TV” صرح جميل بايك الرئيس المشترك لمنظومة المجتمعات الكوردستانية “KCK” بتصريحات متعلقة بالبيت الكوردي وتشريده ! تحدّث بايك خلال اللقاء عن الاستعدادات التي أُجريت بشأن الهجوم على إقليم كوردستان، والملفت للنظر أنه وقبل فترة قصيرة هدّد وزير خارجية تركيا إقليم كوردستان بنفس التهديدات! وهذا ما فرض حتمية تحليل هذه التهديدات وفهم الاستنتاجات المستخلصة منها!
تصريحات بايك يُشمّ منها أنه يتم التحضير والاستعداد لهجوم يشنّه العمال الكوردستاني البكك الخريف المقبل على حكومة إقليم كوردستان كون بايك خلال تصريحه إضافة لاغتيال المدنيين العزّل هدّد المؤسسات الأمنية والعاملة في الإقليم، فهو يتحدث وبصراحة أنهم سيهاجمون، وهذا ما يُفهم منه أن يوم غدٍ أو بعد غد ستقوم البكك باستهداف العديد من عناصر الأمن “آسايش” والمخابرات وقادة البيشمركة في كلّ من دهوك وأربيل تحت مبرّر تعاونهم مع الأعداء والتجسس على البكك بإعطاء معلومات عنها للعدوّ! كذلك ستقوم باغتيال من لم يمتثل لأوامرها بدفع الجزية والضرائب والإتاوات للبكك تحت مبرّر التعاون مع المخابرات التركية (MIT)! ومما لا شكّ فيه أن وضعاً كهذا لا يمرّ دون ردود غاضبة ما تؤدّي لحرب داخلية!
فقيادي كـ”بايك” وفي معرض حديث كهذا وبوضوح تام من دون خوف أو وجل يجبرنا على التأكد من وجود مؤامرة بهذا الشكل للبكك! فقد انكشفت مؤامرة أخرى للبكك تجاه الإقليم في ربيع هذا العام حول قضية “زيني ورتي”، لهذا أبقت هذا الموضوع على الساحة الكوردستانية والدولية لفترة طويلة، فكل ما حصل آنذاك كان بمثابة تحضيرات لهذه المؤامرة، ومثال ذلك قيام أعضاء البكك وكوادرها في أوروبا بتنظيم حملات إزاء هذا الموضوع، ففي الـ 21 من أيار المنصرم بُعثت رسائل من كل من (الأورغواي وكولومبيا وجنوب أفريقيا) لكبار ساسة الأطراف السياسية في إقليم كوردستان وكذلك الشخصيات المعروفة محاولين التوقيع على الرسالة ضد حكومة إقليم كوردستان، وقد أبدت المنظومة (KCK) تأييدها ومساندتها لمضمون الرسالة، كما شكرت السياسيين الأجانب قائلة في نفس الوقت سنتحرك وفق ندائكم واعدة أنها ستقوم بالمطلوب والضروري في الوقت اللازم! في إشارة إلى أنه لو حدثت حرب داخلية فقد قمنا بكافة التحضيرات والاستعدادات الداخلية والخارجية لكي يستطيعوا التهرب من أية إدانة!
فالبكك في حالة تأهب واستعداد منذ فترة طويلة، فمنذ عام 2017 والبكك في محاولات مستمرة لإشعال حرب ضد إقليم كوردستان، وكانت خطوتها الأولى وبحجة محاربة المحتل المتواجد على أراضي جنوب كوردستان قامت بنشر الكثير من الإشاعات والبروباغندات، عام 2017 وفي شهر نيسان ظهر باهوز أردال وفي شهر أيار/مايس تجلّى رضى ئالتون على وسائل إعلامهم متحدثين عن هذه الاستعدادات وهذه المؤامرة، فقد تحدثوا وعلناً: من الضروري تحويل إقليم كوردستان لساحة حرب! فجاء جميل بايك ليخطو خطوته المتقدمة والأخيرة من غير التطرق لذكر الدولة التركية المحتلة مهدّداً عناصر إداريين في إقليم كوردستان بحجة أن شعب الجنوب عميلٌ ويتجسس على البكك لصالح المخابرات التركية (MIT)!
هنا نتساءل: أيهما أكثر: حجم التنظيم الذي قامت به المخابرات التركية في صفوف البكك أكثر أم حجم تنظيماتها في عمق جنوب كوردستان؟
مما لا شكّ فيه أن الدولة التركية تمتلك مؤسسة مخابراتية قوية وجدية وفعالة، ولها تنظيمات كثيرة وجواسيس في دول كثيرة، بل حتى تواجدت فيما بين كبرى الأحزاب وغالبيتها، غير أن الواقع أثبت سواء في ماضي التأريخ أو حاضره أن تواجد المخابرات واختراقها لصفوف تنظيمات البكك أكبر بكثير من أي تنظيم آخر سواها، كما أن البكك تمتلك علاقات واسعة مع كافة أجهزة المخابرات للدول الإقليمية، وخصوصاً شخصية جميل بايك فهو على علاقات يومية مع المخابرات الإيرانية (اطلاعات) ويحيك الكثير من المؤامرات في ظل أمنية الاستخبارات الإيرانية ضد إقليم كوردستان! في الوقت نفسه يمتلك بايك علاقات جيدة مع المخابرات السورية، وهذه الحقيقة يعرفها الجميع أنه وبعد مسرحية اعتقال عبد الله أوجلان في الشام كانت عناصر مخابراتية يحرسون قصر جميل بايك! وكذلك الآن فالبكك تمتلك علاقات قوية مع المخابرات العراقية وتقوم بعملية نقل السلاح عن طريق (كركوك-مخمور-شنكال) كما وتستخدم مطار بغداد الدولي لهذه المهمة!
والعلاقات بين عبد الله أوجلان والمخابرات التركية جيدة جداً، فلا ننسى حديث أوجلان وإشادته وثنائه على رئيس المخابرات التركية “هاكان فيدان” عندما يقول: هاكان فيدان رجل ذكي، ينبغي علينا حمايته أمام مؤامرات فتح الله غولن، فلو لم أتدخل لكان قد إختُطِفَ “هاكان فيدان” في الـ 7/2/2020، إلا أني قطعت عنهم الطريق! وكذلك عضو المكتب السياسي للبكك “صبري أوك” فهو في خدمة بلغت الـ 25 عاماً للمخابرات التركية، وهذا بحد ذاته موضوع ينبغي التحقيق فيه وتحليله بعمق مجدّ!
تهديدات بايك باغتيال أولئك الأشخاص الذين يتّهمهم بالتعاون مع المخابرات التركية مثيرة للضحك كونه شخصياً شريكاً لمنفّذي الإعدامات بحق شباب الكورد من الاطلاعات الإيرانية! آنذاك سيتم التحقيق في كافة علاقات بايك مع المؤسسات المخابراتية، إذ ينبغي على الشعب الكوردي التحقيق في علاقات بايك عامة، ينبغي الإجابة على دور المخابرات التركية في صفوف البكك! فمن قام باغتيال ساكنة جانسز ورفيقاتها فليكشف ردّ الحكومة الفرنسية حول مقتل الناشطات الكوردية جانسز ورفيقاتها في باريس للشعب الكوردي! فخلال رئاسة جميل بايك وقيادته لتنظيمات البكك أصبحت صفوف هذا التنظيم عشّاً مريحاً للمخابرات التركية!
نقطة أخرى بحاجة للتحليل والمتابعة، مقاتلو البكك وكوادرها الذين يتم استهدافهم وقتلهم سواء خلال تنقلهم أو في الكهوف والمغارات، كيف يتم الإعلان عنهم؟! فعندما تستهدفهم المقاتلات الحربية وتقتلهم يتم الإعلان عنهم وعن أسمائهم! كيف يحدث ذلك؟!! البكك تتّهم شعب الجنوب المدنيين بإعطائهم معلومات لمخابرات الدولة فكيف تتم هذه الجرائم؟ البكك تحاول التستر على عناصر المخابرات المخترقة لتنظيماتها وتتّهم مواطني الإقليم فهذه مجرد تغطية مكشوفة من قبل قادة البكك! فطائرات الدرون -المسيرة- ذات أحدث التكنولوجيا تستطيع كشف القطط على الأرض وتعقبها، فالعدو الوحيد الذي باستطاعته إعطاء المعلومات حول من يستقلون هذه السيارات المستهدفة إنما هو من يعيش في صفوف هذا التنظيم لا غيره، فأقاليم مثل بهدينان وجبال متين وگاره ووادي الزاب وئافاشين وخواكورك لا يعيش فيه مواطنو الإقليم بل قد مُنعوا حتى من المرور هناك!
لا جميل بايك كالذئب ولا الشعب الكوردي كالعنزة الصغيرة!
فهناك قصة في تراثنا حول ذئب وعنزة صغيرة كانا على نبع ماء يستسقيان، فدار بينهما هذا النقاش:
الذئب: إنك تعكّرين عليّ الماء!
العنزة الصغيرة: ولكنك في أعلى النبع وأنا على أسفله فكيف ذلك؟!
بعد فترة، الذئب: لقد سرقت من عائلتي السنة الماضية!!
العنزة الصغيرة: ولكني ولدت هذا العام وعمري لم يبلغ السنة!!
بعد تفكير عقيم، عاد الذئب ليقول: لقد قرّرت أن ألتهمك!!!
فتصريحات بايك وكافة محاولات البكك ضد إقليم كوردستان مثل قرار الذئب سابقاً! فقد أعلنت البكك الحرب على جنوب كوردستان وهي تبحث جاهدة عن حجج غير أنها لم تلق إلا الواهية منها!
فتقول: لماذا توجد قواعد عسكرية للدولة التركية في إقليم كوردستان؟! فقد أعلنت الحرب عليكم!
الردّ: هذه القواعد هي لحلف الشمال الأطلسي -الناتو- ولا نملك أية صلاحيات تجاهها!
البكك: لماذا لا توقفون الطيران التركي؟! لقد أعلنت الحرب عليكم!
الردّ: المجال الجوي للإقليم تحت سلطة بغداد وأمريكا ولا نملك السيادة عليه!
البكك: يفترض بكم الخروج من منطقة “زيني ورتي” وإلا أعلنت الحرب عليكم!!
الردّ: منطقة زيني ورتي من حدود إقليم كوردستان وأراضيها رسمياً فكيف نخرج من أرضنا؟ لن نخرج منها!!
فالبكك أعلنت الحرب مثل الذئب في قصته مع العنزة الصغيرة، فهي تبحث عمّا يقع تحت تسمية المبررات فقط!
جميل بايك ومولود جاويش أوغلو والتهديدات المتزامنة لإقليم كوردستان!
ولكن ينبغي على جميل بايك أن يعرف جيداً هذه الحقيقة، أن الحياة والسياسة ليست مثل تلك البروباغندا التي تلقّنونها لمقاتليكم ومحاربيكم الجدد! فلستم الذئب كما في القصة، كما أن غيركم ليس بعنزة صغيرة! وليس شعب جنوب كوردستان كومة من مؤيديكم الذين تُطلقون بهم شعارات جوفاء على الطرق والشوارع والساحات! فقبل أن تفكّروا في هدم العشّ الكوردي الوحيد في العالم والذي هو إقليم كوردستان فاعرفوا جيداً أن هذا العمل لن يمرّ دون ردّ قوي وعنيف لم يكن تتخيلوه أبداً!
فينبغي على كافة مثقفي الكورد، الأحزاب والحركات الكوردستانية والشخصيات ذات النزعة الوطنية والقومية واليقظة الفكرية أن تكون لها موقف حاد وجاد تجاه تصريحات جميل بايك والتي تحدّثت عن هجوم محتمل وقريب على إقليم كوردستان وتهديداته باغتيال المدنيين، فالسكوت ليس مرحّباً به هنا بل ينبغي عليكم اتخاذ موقف وطني وجدي حيال هذه التهديدات!