تصريح ملفت ومثير من منظومة المجتمعات الكوردستانية بشأن الإتحاد الوطني الكوردستاني
في الـ 26 من حزيران الجاري، ورد تصريح للهيئة الإدارية لمنظومة المجتمعات الكوردستانية (كجك) حلّلت الضربة الجوية التي تعرض لها مصيف (كونه ماسي) في مدينة السليمانية.
ألقت البكك الضوء أو بالأحرى أن نقول أنها أثبتت وجودها الرسمي في السليمانية من خلال التصريح، فكما تعرفون أن وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو كان قد صرّح:”دخلت البكك مدينة السليمانية وسيطرت هليها” وفي نفس السياق وبنفس التفكير تحدّث (دولت باغجلي) رئيس الحزب القومي العنصري وردّد مثل ما قاله، ومن خلال حديثهما كان من المتوقع استهداف مدينة السليمانية.
تصريحات البكك بمثابة نداء للأتراك وإعلامهم عن تواجدها في السليمانية
إضافة لهذا حمل تصريح البكك دلالات أخرى عندما قالت: نعم، نحن متواجدون منذ فترة طويلة في السليمانية! فهذا ما جعلت الأطراف السياسية في الجنوب تتعرّض بحذر لهذا الموضوع متشككة في هذا الأسلوب العلني والمكشوف، فحزب مدرج على لوائح المنظمات الإرهابية وقد رُصدت جوائز قيمة لمن يدلي بمعلومات عن قادتها كيف لها أن تتعامل بهذا الشكل من الصراحة والعلنية مع هذا الموضوع؟! “نحن متواجدون في السليمانية ولا أحد يستطيع إخراجنا منها! فهذا التصريح بحد ذاته بمثابة نداء للأتراك لإعلامهم بتواجدهم وتمركزهم الرسمي!
فالهجوم الجوي الذي تعرض له مصيف (كونه ماسي) والذي أظهر مشاهد إصابة مدنيين وأطفال وضع تركيا في مأزق ضيّق، غير أنه وبعد تصريح (بيجاك-البكك) بيومين بعد الحادث أن السيارة التي تعرّضت للقصف كانت لهم ويستقلها مقاتليها غيّرت مجرى الأحداث والرؤية السابقة!
فبعد هذا التصريح تغيّرت المعادلات والرؤى حول الهجوم التركي ومال عن الأنظار بل انتفى، غير أنه وفي ظرف مماثل وقبل أيام استهدف الجيش التركي بعض المدنيين في قرية (هاليجه) التابعة لكوباني، وقد لقيت عضوة الهيئة الإدارية لوحدات حماية المرأة (ليلى وان) مصرعها إثر الهجوم.
فالبكك ولإدانة هجمات غرب كوردستان وإظهار عدم شرعيتها لم تتحدث بشكل رسمي عن قياديتها (ليلى وان)!
فالحساسية التي أظهرتها البكك تجاه غرب كوردستان لم تبديها تجاه مدينة السليمانية كونها تسير وفق أجندة سرية تتضح حقيقتها لكل من دقّق النظر وحلل الواقع!
تركيا تحتلّ من 15-20 كم من جنوب كوردستان سنوياً
حوّلت البكك جنوب كوردستان إلى ساحة حربٍ لها ولمصالحها، فنراها في كلّ ربيع تقول: هناك مؤامرات تركية لاحتلال الجنوب غير أننا لن نسمح لهم بالمجيء!
فكانت نتائج هذه التصريحات أن تحتل تركيا من 15-20 كم من أرض جنوب كوردستان سنوياً، والبكك في انسحاب مستمر وتقهقر متواصل، فيتم قصف مناطق وقرى جنوب كوردستان، وحرق ممتلكات المواطنين ومزارعهم ومحاصيلهم، وقتل الناس الأبرياء والبسطاء من أجل دمقرطة تركيا وسحق وتدمير فاشية (AKP-MHP) إضافة لهدف تأسيس “أخوة الشعوب”! فلم يتبق إلا القليل لأن تجتذب البكك الجيش التركي لحدود دهوك وأربيل!
لماذا يتم الفداء بجغرافية كوردستان من أجل دمقرطة تركيا؟ ولأي سبب يتم قتل الشباب الكورد؟ لماذا يدفع جنوب كوردستان ضرائب دمقرطة تركيا؟
البكك تخدّر قاعدتها الجماهيرية تحت تأثير مصطلحات (الأبطال-الشهداء-المقاومة والنضال..) غير أنها تمارس سياسة الحفاظ على مصالحها من وراء هذه الممارسات، فهي على اتم استعداد للتضحية بكل شيء (المدن والقرى والجبال والوطن والمواطنين..) من أجل مصالحها.
(نصيبين، الجزيرة، سلوبي وكَفَر) كانت ضحايا عام 2015-،2016، والآن جاء الدور على جنوب كوردستان!
قامت البكك بنقل معاركها وحربها لأراضي جنوب كوردستان لإدامة وجودها، فهي تحاول خلق فرصة “كسب السلطة” في الجنوب، وهي على أتمّ استعداد لأية مساومات لتحقيق هذا الهدف.
فهي كـ”عدوةٍ لنفسها” فعقليتها السلطوية نفس العقلية السلطوية للدولة التركية، فتركيا ولـ”إدامة الدولة” صاحبة مفهوم ومبدأ “أقتل أخاك واستأثر بنفسك للسلطة” وقد تبنّت البكك نفس المبدأ!
فهي والدولة التركية كتوأمين متشابهين في كافة الجوانب، فالبكك تحاول التضحية بمستقبل جنوب كوردستان من أجلها!
البكك تحاول تدمير العلاقات بين الأحزاب السياسية وخلق صراعات بينها لتحقيق أهدافها في الجنوب
البكك تعرف جيداً أن العلاقات الثنائية بين الديمقراطي الكوردستاني (البارتي) والإتحاد الوطني الكوردستاني (اليكيتي) مهما ساءت فإنها على وئام ووفاق وعلاقات موجودة، فكلا التنظيمين مبنيان على فهم منطق الخلافات والعلاقات، الأسس المشتركة ونقاط الخلاف، وأنهما يعرفان جيداً أن عدم وجود طرف يؤدّي بالضرورة لالغاء الطرف الآخر.
وقد استوعبت البكك هذه اللهجة المشتركة بين البارتي واليكيتي ولهذا تحاول بكافة قدراتها كسر هذه الأواصر وإضعاف كليهما بالآخر.
فالبكك تهدف من وراء تأييدها المفتوح والحر والظاهر للإتحاد ممارسة سياسة عدائية لإدارة إقليم كوردستان كسياسة الدولة التركية المبنية على مبدأ “فرّق تَسُد”.
فهي في لقاءات متقاطعة مع قوى وأحزاب جنوب كوردستان، وهذه العلاقات واللقاءات ليست مبنية على أساس احترام (الوحدة الوطنية-القومية) وإنما هي هواية البكك المفضلة في تقسيم جنوب كوردستان حسب مبدا “فرق تسد”.
تقول منظومة المجتمع الكوردستاني (كجك) في تصريحها: “الدولة التركية تحاول توجيه البكك والإتحاد ضد البعض” فهنا نتساءل: لماذا لا تتحدث (كجك) عن قيام تركيا بتوجيه البكك ضد إدارة إقليم الجنوب؟!
وقد ذكرت المنظومة في تصريحها إسمي “إبراهييم أحمد وجلال الطالباني” معاً قائلة: قاعدة صداقتنا المتينة تعود لهذين الشخصين.
فعلى هذا المنوال اوصلت البكك خطابها ورسالتها لقطبي الإتحاد، غير أن تقييمات البكك لـ”مام جلال” والإتحاد واضحة منذ البداية، فكانت البكك وزعيمها عبد الله أوجلان يلقبان جلال الطالباني بـ”السياسي الفاحش” وكانت تنتقد الإتحاد نقداً لاذعاً، وهي الآن تريد أن تُنسيَ هذا الموضوع طي النسيان بتصريح وكأن شيئاً لم يحدث!
باختصار: تصريح المنظومة في الـ 26 من حزيران لا هدف له سوى إضفاء الشرعية على الهجمة التركية المحتلة على مدينة السليمانية
فكما قلنا ونكرّر، البكك تضحي بكل شيء من أجل مصالحها، فهي الان تضحي بالجنوب، وتحيك مؤامرات وتخلق فتناً عظيمة لخلق صراع بين أكبر قوتين في جنوب كوردستان، فهي توأم تركيا وفي نشاط دؤوب ومحاولات مشتركة مع تركيا ومستمرة لبلوغ أهداف الدولة التركية المتمثلة في “الميثاق القومي” ذلك الميثاق الذي أُعِدّتْ خططٌ ومؤامراتٌ جبارة لتحقيقه وتطبيقه على أرض الواقع.