Skip to contentلماذا أُغتيل الهاشمي؟
حادثة إغتيال المحلل والباحث السياسي العراقي “هشام الهاشمي” هزّت وكالات الأنباء ومنصات التواصل الإجتماعي، وانتشرت لقطات الفيديو المصورة للحادث على نطاق أكثر من واسع، وغضب شعبي جماهيري من فَعَلَة الحادثة الوحشية، والملفت للنظر أن الهاشمي أنهى دراسة تحليلة في الأيام القلائل الماضية حول “الخلاف الداخلي في هيئة الحشد الشعبي” والذي نشر بالضبط قبل ستة أيام أي في الأول من الشهر الحالي، فهل ترى أن يكون الإغتيال حصاداً مرّاً لهذه الدراسة؟
أبدى الهاشمي في دراسته الصراع الدائر بين قطبي الخلاف في الحشد الشعبي المتمثل أحدهما في المهندس الذي يستقي شرعيته من المرشد الأعلى في إيران علي خامنئي، بينما يتكون القطب الثاني من مجمل الفصائل المرتبطة بالعتبات المقدسة في العراق والتي يستقي شرعيتها من المرجع الأعلى في العراق آية الله علي السيستاني.
كما كشف المحلل العراقي أن الصراع بات يتّسع ويتعمق ويكبر حجمه يوماً بعد يوم وبالأخص بين (فرقة العباس القتالية) التابعة للمرجعية العراقية وبين الهيئة الرئيسية للحشد وتحديداً مع القيادة الولائية في الحشد.
مقتطفات من الدراسة
بدأت شرارة المشاكل بين فصائل “العتبات” والمهندس عقب موافقة رئيس الوزراء العراقي السابق حيدر العبادي على ضم فوج كامل من “فرقة العباس” إلى الجيش وربطه تنظيميا وهو ما وصفه مراقبون وعسكريون بأنه “تحول إيجابي في مسيرة الحشد الشعبي، وضمه إلى صفوف القوات النظامية”، ولكن القيادات الولائية في هيئة الحشد أصبحت في حال من الذهول من التطور اللافت بين الحكومة وفصيل عائد لمرجعية النجف، وهو ما تسبب ببدء انهيار العلاقة بين فصائل “العتبات” والأخرى الولائية.
نائب رئيس الهيئة أبو مهدي المهندس أصدر في كانون الأول 2018 قـراراً رسميا بفك ارتباط فرقة العباس رسميا من العتبة العباسية، والانصهار ضمن قيادة قوات الحشد في الفرات الأوسط، بقيادة اللواء المتقاعد علي الحمداني، بتكليف مباشر من المهندس.
الأمر الذي أغضب قائد “فرقة العباس”، ميثم الزيدي، الذي شن حملة تصريحات ضد المهندس، منتقداً الولاء لطهران والمرجعية الدينية فيها، المتمثلة في المرشد الإيراني علي خامنئي.
وفي رد على ممارسات المهندس مع “فرقة العباس”، قال وكيل المرجعية في النجف السيد أحمد الصافي، في خطبة جمعة من داخل كربلاء: “الانتماء لفرقة العباس القتالية، لابد له من ثمن، وجزء من ذلك الثمن هو الصبر وعدم التنازل عن مبادئنا وهويتنا وقيمنا، على الرغم من وجود خيارات مفتوحة”. وهو ما أكد عمق الخلاف بين الطرفين.
موقف التحالف الدولي من العراق وفصائل الحشد
وكان من شأن اعادة الولايات المتحدة نظرها في انتشار قواتها في الجغرافيا السورية وخاصة في مناطق الشرق المحاذية للعراق، وان تقطع طريق طهران-بيروت، وتستهدف نفوذ الفصائل الولائية من الجنسيات غير السورية داخل سوريا وخاصة العراقية واللبنانية منها، وغض النظر عن الغارات الاسرائيلية.
توسعت أهداف الغارات المجهولة احيانا والاسرائيلية المعلنة في احيان اخرى، داخل الأراضي العراقية في استهداف ممنهج لقوات الفصائل الولائية لمخازنها ومقراتها وكان اشدها استهداف معسكرات؛ آمرلي، وجنوب بغداد، وبلد، والقائم، في الفترة بين تموز/يوليو 2019 ولغاية أيلول/سبتمبر 2019.
تلك الغارات الاسرائيلية دفعت قيادات الفصائل الولائية والأحـزاب السياسية الشيعية ان تحمل الولايات المتحدة والتحالف الدولي كامل المسؤولية لأنها تملك النفوذ الأكبر على الأجواء العراقية، الولايات المتحدة تحدثت انها لا تعلم عن الجهة التي نفذت، ولو كانت اسرائيل فإن اعتداءها مبرر!
عمليات فصائل الحشد تحت مسمى مجهولية المصدر
الفصائل الولائية عاملت الوجود العسكري للولايات المتحدة بالعراق بالمثل، من خلال استخدام خلايا الكاتيوشا مجهولة المصدر والجهة المنفذة، فكما تتحدث الولايات المتحدة عن جهلها بالجهة التي تستهدف مقرات الفصائل، فكذلك الفصائل تتحدث عن عدم مسؤوليتها وعن عدم علمها بالجهة المنفذة!
ومنذ تشرين الثاني/ اكتوبر 2019 ولغاية 15 آذار/ مـارس 2020؛ ارتفعت عمليات خلايا كاتيوشا المجهولة حتى بلغت نحو 58 عملية استهدفت الوجود العسكري والمدني الأميركان وقوات التحالف الدولي، ثم ظهرت ثالث تنظيمات لم تعرف بخلفيتها الفصائلية تتبنى عمليات قصف معسكر التاجي ومعسكر بسماية.
وتبنت عمليات استطلاع بطائرات درون لتصوير مقر السفارة الأميركية في بغداد وقاعدة عين الأسد في الأنبار وقاعدة علي السالم في الكويت، هذه التنظيمات هي عصبة الثائرين واصحاب الكهف، وقبضة الهدى، جميعها تزعم انها في حرب وليست في هدنة مع القوات الاميركية وقوات التحالف الدولي في العراق.
وبحسب بيانات نشرت على حسابات تتبع تلك التنظيمات تتضمن شعارا يحمل اسم ”المقاومة الإسلامية“ ونصوصا قرآنية، وشـرحا لمواقف تلك التنظيمات بعبارات مختلفة لكن بمعنى واحـد؛ ان السلاح وحده من يحسم قرار انسحاب القوات الاميركية والتحالف الدولي، ولا يعدو ما تفعله السياسة سوى تمديد وجود القوات!
قيادة التحالف الدولي وبحوارات مباشرة مع القيادة المشتركة العراقية نسقت انسحاب قواتها من 9 معسكرات وقواعد مشتركة عراقية، وإعـادة انتشار وتموضع قواتها في ثالثة قواعد، ونشرت وفعلت منظومتين لصواريخ الباتريوت واحدة في الأنبار وأخرى في أربيل للتصدي للصواريخ الباليستية الإيرانية.
خلايا الكاتيوشا بحسب تحليلات العالم الولائي تعلن انتصارها واجبار بعثات قوات التحالف الدولي على الانسحاب، وتسخر من تعليق قيادة التحالف الدولي انسحابها بإجراءات الحد من انتشار فيروس كورونا، لكن الواقع يقول ان إيران خسرت قدراتها على تهديد اسرائيل والسعودية عبر الأجواء العراقية! وقـد خسرت الفصائل الولائية حريتها في إنشاء المعسكرات واستخدام مخازن السلاح بعناوينهم المعروفة وضعفت قدراتها على التصنيع، وتقيدت حركاتها وتنقلاتها، ووضـعـت قياداتها على قوائم العقوبات الاقتصادية والارهابية وأصبحت القيادات تعاني من تقييد حريتها في التنقل خاصة بعد حادثة مطار بغداد.
ويقول الهاشمي في معرض حديثه عن اغتيال سليماني: وقبل عملية اغتيال قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس مطلع العام الحالي كانت القيادات المهمة تركن إلى طمأنينتها أن الولايات المتحدة لن تجرأ على استهداف قادة الصف الأول، وهذا يعني أنهم كانوا يتعاملون مع أمنهم الشخصي باللامبالاة. الولايات المتحدة وضعت مكافأة مالية لمن يدلي بمعلومات عن محمد كوثراني المنسق السياسي بين حزب الله اللبناني والأحزاب السياسية العراقية وله صلات عميقة مع الفصائل الولائية، والمعروف عنه أنه لا يهتم كثيرا لأمنه الشخصي خلال تواجده في العراق، وقد يكون أسهل استهدافا من قبل الدرونز.
هذا وقد اغتيل الخبير الامني “هشام الهاشمي”، إثر هجومٍ مسلح بواسطة إطلاق النار عليه داخل سيارته من قبل مسلحين على ثلاث دراجات نارية، أمامَ بيته بمنطقة زَيُّونة في العاصمة بغداد في مساء 6 تموز 2020، وكان الهاشمي قد رُويَ عنه أنه تلقّى تهديداً متكرراً من أحد منتسبي كتائب حزب الله يدعى أبو علي العسكري، الذي توعّده قائلاً “سوف أقتلك في منزلك” وانتقد الهاشمي أبو علي العسكري واسمه الحقيقي هو “حسين مؤنس” باعتباره مسؤولاً عن “أزمات سياسية بين مؤسسات الدولة العراقية الرسمية وخلايا وشبكات اللادولة المسيطرة على الدولة العراقية”.
ما تقدّم كان مقتطفات من أصل الدراسة…