الـ PKK مشروع لمحو الحركة القومية الكوردية وإزالتها
الجزء الرابع
جزء من كتاب (الـ PKK مشروع لمحو الحركة القومية الكوردية وإزالتها) دراسة عن إيديولوجيا وتأريخ حزب العمال الكوردستاني البكك.
بقلم: جميل كولاهي.
سنتحدّث في هذا الجزء عن الفقرة الأخيرة من “تيبولوجيا سلوكيات وشخصية أوجلان” وسنسلّط الضوء فيه مطولاً وبتحليل عميق على كافة محاولات أوجلان في مقارنته لشخصيته مع الأنبياء! ونضع نماذج من خطاباته وأسلوب حديثه مع محيطه ورؤيته الدونية لغيره أمام أنظار قرائنا الكرام..
إدامة مشكلة -معضلة- النبوة
يقول أوجلان: في الحقيقة كثّفت الدولة من جهودها للقضاء علينا قبل عام 1979، فعرفت جيداً أننا لن ننتصر بأسلوبنا القديم.. فكان أمامي خياران: إما التوجه نحو قمم الجبال، أو الذهاب إلى الشرق الأوسط، فوجّهت بعضاً من أصحابي نحو الجبال، أما أنا فقمت بما قام به النبي إبراهيم، وتوجّهت نحو الشرق الأوسط، توجّهت نحو القدس، ولهذا أقول بأن النبي إبراهيم بُعث في المدينة التي وُلدت فيها! نعم كذلك قام نمرود وغيره من مدينة أورفا، غير أني ئابو ولست نمرود، أنا شخصية أخرى، والتزمت بسيرة الأنبياء، في الوقت الذي كان فيه نمرود دكتاتوراً وطاغية! فقصتي وسيرتي تشابه قصة إبراهيم الخليل، فقطع عنه نمرود طريق الصابئة وأجبره على الرحيل للجنوب، وهي تشابه إلى حدّ كبير مع قصة النبي موسى، وبهذا المنحى قطنت في الشرق الأوسط، وكانت الدولة تتعقبنا وتقتفي آثارنا حتى حدثت ضربة 1980، بعدها زادت الضغوطات علينا، وتمّ اعتقال أكثر من 90% من رفاقنا، ولم أستطع التوجه نحو الشرق الأوسط سوى مع مجموعة قليلة.أوجلان:2008، ص116-117.
أوجلان: ولدت أنا والنبي إبراهيم في مدينة أورفا، وإبراهيم قام بدعوته في أورفا وأصبح نبياً هناك!
هنا يصف أوجلان البكك كديانة إبراهيم في الألفية الثانية، فيقول: ولدت أنا والنبي إبراهيم في مدينة أورفا، وإبراهيم قام بدعوته في أورفا وأصبح نبياً هناك! فيقول في حديثه هذا أنا أسير مسيرة الأنبياء والرسل، فهو يعلم جيداً أنه لو ادّعى النبوة لا يحق له رفض هؤلاء الأنبياء وإنكارهم، ولهذا لم يقم أبداً بإنكارهم ورفضهم، وإنما يتحرّى لهم عن الحجج فيقول: فأنا مثلهم وقصصنا متشابهة!
كذلك يقول أوجلان: فتنظيمات حركة عيسى العصرية بحاجة لكل الأطراف، والحق أنه توجد مشابهات غريبة، فحركة -دين- النصارى على عهد عيسى كانت ذات خصائص شبيهة بخصائص الحركات المضطهدة المغلوبة على أمرها، فيحيى يتشابه كثيراً مع دعاة الاشتراكية، والأغرب من هذا أن المجموعة الأولى المؤسسة للبكك كانت تتألف من 12 شخصاً، أحدهم أو إثنين منهم من الشيوخ! أوجلان:2001، ص365.
فأوجلان يقصد بـ(عيسى العصر) نفسه، ويرى من الضروري أن يقاوم، وشبّه التنظيم السرّي وأعضاء البكك المؤسسين بالأنصار والحواريين والنبي يحيى، والأغرب والأعجب من هذا يقول بأن مؤسسي البكك كانت جماعة مؤلفة من 12 شخصاً في تشبيه غريب منه بـ(بالحواريين)! بعدها يتحدّث عن التجسّس والخيانة، كما وجدت الخيانة بين الحواريين “يهودا” الخائن! فكان بين الـ 12 مؤسّسي البكك (فاطمة) زوجة أوجلان و(نجاتي كايا) الطّيّار، وحسب أقوال أوجلان أنهما كانا خائنين جاسوسين للدولة التركية، ويتحدّث بعدها بالتفصيل عنهما!
أوجلان يقارن نفسه بنبي الإسلام
إستكمالاً لمشابهته ومقارنته شخصيته بشخصيات الأنبياء، يصل أوجلان لنبي الإسلام (محمد) فيقول بهذا الصدد: كانت لسيرة حياة النبي محمد تأثير كبير عليّ، وخلقت لديّ تساؤلات جمّة، لأنني أيضاً عشت في الكهوف والمغارات والجبال، فسلوكي وتصرّفاتي متقاربة جدّاً من سلوكه وتصرفاته، وأرى تشابهاً وتداخلاً بين تصرّفاتنا! أوجلان:2008، ص26.
6 أساليب لخطاب أوجلان مع محيطه
يتميّز أسلوب خطاب أوجلان مع محيط بيئته بخاصيتين رئيسيتين، وهما خاصية التكبّر والنظرة الدونية لغيره، وإشكالية النبوة، فيتحدث بأسلوب فوقي كأنه فوق الجميع، وأنه لولا وجوده لحدثت البلوى والكوارث! فيقول لمن حوله: أنتم تنظرون إلى البكك كساحة لتقويتكم، كشيء تستترون به عيوبكم وسلبياتكم وعدم تمليككم للسلطة وتعويضها، فلو سلّمت الزعامة لأفضل مناضلي الحزب فلا أعرف ما سيقوم به، فمن الممكن أن يتاجر به ويبيعه، فلهذا أنا مضطرّ لحراسته! فسأسخّر جميع طاقاتي لأستطيع الحؤول دون خسارة رغيف غير أنكم تهدرون الملايين منها! فهناك فروقات شاسعة بين رقابتي المالية ورقابتكم، فممارساتكم في الجوانب المالية ستجلب الدمار للتنظيم في وقت قصير، غير أن تصرفاتي ستضمن إدامته، فلو أغفلنا مراقبة الكثير منكم ليومٍ واحدٍ فقط فسيتكبرون بشكل يصبح كارثة كبيرة، فمن الواضح أنه لو فتح الباب ولو قليلاً أمامكم فستدمّرون أنفسكم! أوجلان: 2002، ص27-28-53-82.
أوجلان لرفاقه: لستم في مستوى تدّعون الشرف والكرامة
لستم في ذاك المستوى (مستوى أوجلان) بأن تملكوا حرية السلطة وحرية الممارسات والتصرفات، بل حتى لستم في مستوى يمكنكم من ادعاء الشرف والكرامة والتحرّر من وضعكم المخجل! فأنا والبكك مختلفان، فتحملت عبء المسؤولية وانفّذه، غير أن هذا لا يأتي بمعنى أنكم نلتم الشرف كاملاً، وأنكم تقدّمتم نحو الحرية ونلتم حرية حمل السلاح.أوجلان:2002، 83.
ويقول: “كنت مستعدّاً في السابعة من عمري، بينما أنتم تبلغون هذا المستوى في الـ 23 سنة”.. كما يقول أمام مقاتلي البكك: ليس باستطاعتك رعي معزتين، فلو أصبحت قائداً لهيئة أو جماعة أو قائداً لولاية أو منطقة فستخدع نفسك.. لا إلمام لك بعد بمدلول ومعنى الحياة، لا تعرفون قيمة السلاح، التنظيم، المقاومة والمعادلات البشرية، تضعون أنفسكم في مناصب الزعامة والقيادة وتسخّرون القوات والمسلحين، وهذا خطأ كبير. أوجلان:2002، 84.
ويقول أوجلان في اجتماع له أمام مقاتلي البكك وقادتها: إحدى خصوصياتكم هي عطشكم للسلطة وخلق وضع جيد، فهل هذا كامن في شخصياتكم أم كبرتم على هذا؟ فهذا الأسلوب متعلق بالتكبر.. فلو كنتم مكاني أو كنتم تملكون سلطتي ومنصبي ورتبتي لكنتم تعاملتم مع غيركم كإقطاعيين، كأب أو رجل، لكنتم أخضعتموه لحكمكم أو خنقتموه بعهد لا قيمة له.. أعتقد أنكم تنظرون للبكك كوليمة تقتاتون عليها كالورثة! أوجلان: 2002، 89و193.
وقد كتب حول انشقاق عثمان أوجلان من صفوف البكك بنبرة غضب فقال: لعثمان دور حمار يتم اقتياده لحقل ألغام، فليست أعماله سوى أخبث الأعمال! وأقذرها! أوجلان: 2008، ص334.
وسنتحدّث في كتابتنا المقبلة عن الحياة الإيديولوجية لأوجلان والتي سماها أنصاره ومؤيدوه بـ(الآبوجية-ئابوئيزم) لنعرف كيف وصل ئابو من أوجلان إسلامي لـ(موري بوكتشين) من الناحية الإيديولوجية.