هل ستحوّل الـ PKK مظلوم عبدي إلى شاهين جيلو مجدّداً؟

يبدو أن النسيم الهادئ بين الأطراف والأحزاب الكوردية والشعب الكوردي في غرب كوردستان بات يتحوّل شيئاً فشيئاً إلى عاصفة هوجاء، كما أن الإدارة في الغرب باتت تنسلخ من جلدها لتتحوّل إلى إدارة بككية، وتحوّل مظلوم عبدي لـ(شاهين جيلو) ليس ببعيد!

فحرق مقار ومكاتب المجلس الوطني الكوردي في سوريا، ورفع الغطاء عن اللقاءات والرؤى السرية لإدارة الغرب، ومواقف مظلوم عبدي مؤخراً إزاء اعتداءات البكك واستشهاد أحد عناصر بيشمركة كوردستان، وبالأخص تصريحه الأخير حول اعتداءات البكك وهجماتها على نقاط البيشمركة في بيشابور كلّ هذا ملاحظات هامة ينبغي الوقوف عليها.

مواجهات بيشابور كانت ضمن مخطّط للبكك لانهيار إقليم جنوب كوردستان

كانت أحداث ليلة الـ 16-12-2020، الهادفة للاستيلاء على منطقة سحيلا نتيجة فهم سقيم ودراسة خاطئة، فالحادث كان مشهداً لمخطّطات البكك للاستيلاء على أهم نقطة حدودية في المنطقة، فالمحاولات الرامية للاستيلاء على تلك المنطقة مستمرة ومتواصلة، فالعراق من جانب وتركيا من جانب آخر في محاولات جادة لوضع يدها على هذه المنطقة، فالسيطرة عليها بمثابة السيطرة على الشريط الحدودي من معبر إبراهيم الخليل ووصولاً لشنكال، فمواجهة عنيفة في موقع كهذا بالغة الأهمية والحسّاسية وفي وقت عصيب وواقع متقلّب ليست وليدة الصدفة والمفاجأة! بل هي رسالة صريحة من البكك بأننا نمتلك القوة والسلطة والهيمنة هنا أيضاً!

فقد كان باستطاعة مقاتلي البكك ومسلّحيها وقواتها تلك الليلة العبور من منطقة أخرى بعيدة عن نقاط المراقبة للبيشمركة، غير أنهم تعمّدوا المرور من تلك المنطقة واستفزاز قوات البيشمركة، أو إرسال رسالة إلى أنهم قادرون على المرور والعبور أينما شاءوا ومن أية منطقة أرادوا، وأنهم أحرار في تحركاتهم ولا يقدر أحد على منعهم من التواجد والحركة أينما شاءوا، أو كان الهدف إرسال الرسالتين في آن واحد.

فللبكك باع طويل في استغلال المواقف والظروف ما لم يتمّ القيام بإجراءات حادة وأخذ مواقف مناوئة ومعارضة لممارساتها وإظهار ردود أفعال معادية تجاهها، وتلتزم الصمت لدى بروز الجبهة المعادية والتي لا تقبل تصرفاتها، فلو عبرت تلك القوة تلك المنطقة مرة فلم تكن لتنكف عن المرور والعبور في تلك المنطقة دون أية التزامات أو احتياطات، فلو سمح البيشمركة تلك الليلة لتلك القوات البككية بالعبور لتعوّدوا وأعادوا الكرّة دون الخضوع لأية قوانين ومبادئ، ولأصبحت تلك المنطقة ممرّاً لتحركاتهم العسكرية عبر الحدود، وموضع التساؤل هنا هو: ما القوة التي كانت تحاول العبور؟ ولأية أغراض كانت ستتوجّه لجنوب كوردستان؟

تقول قوات الدفاع الشعبي الجناح المسلّح للبكك بأن تلك القوات كانت قوات من شمال كوردستان وأنها تعاونت معهم خلال حرب داعش، وكانت تتوجّه لمناطقها! غير أن الحق أن تلك القوات كانت قوات البكك وكانت تحاول التوجّه لجنوب كوردستان لمساندة البكك لحربها المتوقع ربيع العام القادم ضد حكومة جنوب كوردستان وبيشمركتها، وتلك القوات لا تعرف جغرافية جنوب كوردستان جيداً، فتحاول البكك سحبها في هذا الوقت للتعرف على جغرافية الجنوب كما تحاول تهيئتهم فكرياً وتحضيرهم جسدياً لحربها ضد جنوب كوردستان وبيشمركتها.

عندما حاولت تلك القوة عبور الحدود بطريقة غير قانونية حذّرتها قوات البيشمركة ومنعتها من العبور، فصدرت أوامر من الجبل الأبيض بجنوب كوردستان لا غربها لتلك القوة البككية بمهاجمة البيشمركة، أي أن قرار الهجوم على بيشمركة كوردستان جاءت مباشرة من البكك في الجنوب

مواجهات بيشابور، خلقت الكثير من المشاكل والعراقيل لقوات الدفاع الشعبي وقوات سوريا الديمقراطية في مناحي عدّة، فمن جانب حاولت قوات سوريا الديمقراطية إسكات الراديكاليين من البكك ضمن أطرها، ومن جانب آخر حاولت التباحث مع قوات تابعة لوزارة البيشمركة للوصول لاتفاق أخير وغلق تلك القضية، لذا لم تستطع إصدار أية تصاريح إلا بعد مرور 24 ساعة على الحادث، غير أن قوات الدفاع الشعبي حاولت حتى في تصريحها إنكار الحقائق حول القضية، وإظهارها محقّة بشأنها، غير أنه ينبغي عليها أن تعلم جيداً أن التصريح لتضليل الرأي العام قد يكون سهلاً ومؤثّراً، غير أن القوات الدولية والتي تراقب الأحداث بواسطة الأقمار الصناعية لا تنخدع بالتصريحات وتتأثّر بها! لأن قوات التحالف رأت حدوث مواجهات على الحدود خارجة عن أطر الاتفاقيات الموقّعة، فأبدت موقفاً حازماً وعنيفاً تجاه قوات سوريا الديمقراطية “قسد” وحذّرتها من تكرار حادثة مماثلة على الحدود مع إقليم جنوب كوردستان، ما أجبرت “قسد” على إصدار تصريح متوازن ومسك العصى من الوسط، كما أجبرتها على متابعة الأوضاع ومراقبتها عن كثب لئلا تتكرّر أحداث مماثلة وغير متوقعة، كون هذه القوات تتلقّى دعمها من التحالف الدولي علماً أنها قوات خارجة عن أطر التعاون المشترك وليست خاضعة للتحالف الدولي ما يجعل من احتمالية تلقّيها للدعم احتمالية ضئيلة.

ثلاثة نتائج هامة

أظهرت أحداث بيشابور ثلاثة نتائج هامة على الساحة، هي:

  • أن حكومة إقليم جنوب كوردستان حليمة وحكيمة، وتنظر للأحداث بصبر متناهي، ومسألة استفزازها بالغة الصعوبة، غير أنه لو تعدّى أحد حدوده معها فردّ فعلها يكون عنيفاً تجاه القوى البادية.

  • إدارة غرب كوردستان كالبكك، لا تلتزم بأية حدود، ولا تعرف أية معان للوفاء والولاء والحقوق والواجبات، تفعل أي شيء من أجل مصالحها، يتوقّع نقضها للعهود والمواثيق في أي وقت، وأن البكك مستعدة لطعن ظهر من يدير ظهره لها دون رحمة!

  • البكك مستعدة لوضع مشروعية غرب كوردستان أمام مهب الريح وعلى المحك من أجل مصالحها الحزبية الضّيقة، وأنها ترى غرب كوردستان مجرد فنائها الخلفي.

عملية (نبع السلام) العسكرية لتركيا وموقف البارزاني وشعب غرب كوردستان

النسيم الهادئ بين جنوب كوردستان وغربها لم يكن واقعاً مفروضاً أمريكياً فقط، بل رأت إدارة الغرب أنها مستفيدة وتستمدّ القوة من الجنوب وحكومة الإقليم، وأن مصالحها تتحقّق من الجنوب.

فحتى مظلوم عبدي قال: (أشكر الرئيس مسعود البارزاني) وبهذا المستوى اهتموا لهذا الدعم، وبالأخص بعد غزو سري كانيه وكري سبي واحتلاله، فمن قدّم الدعم لغرب كوردستان معنوياً كان إقليم جنوب كوردستان، وقد لاحظ غرب كوردستان وشعبه أن الجنوب بمثابة سند لهم في الملمات والمآسي، وأن جنوب كوردستان وقف ضد الحملة الاحتلالية عندما سكت الجميع والتزم الصمت، فخرج البارزاني وكسر طوق الصمت وأدان العملية وقال: “بأننا مستاؤون من الوضع المستحدث في غرب كوردستان، وأننا على اتصالات مباشرة مع عدّة قنوات، وسنفعل ما بوسعنا من أجل عدم تكرار الحوادث والمآسي والكوارث بحق شعبنا في غرب كوردستان” وخاطب ترامب نفس الوقت ببيان موقف معاد ضد الاحتلال الذي يتعرّض له غرب كوردستان، وبعد البارزاني دعم جنوب كوردستان غربها من كافة النواحي الاقتصادية والصحية والمادية والمعنوية…

ورغم إنكار البكك لحكومة جنوب كوردستان وتأثيرها الإيجابي على الكورد عامة، فحكومة الجنوب هي الملاذ والمأوى ونبع الأحلام والآمال للكورد في جميع أنحاء العالم، فعندما نرى العلم الكوردي يرفرف على مدرسة في العاصمة أو أية مؤسّسة أخرى، ونرى مدى التطور العمراني خلال الـ 20 سنة الأخيرة نشعر بإحساس منعدم النظير، فرغم إنكار البكك وجحودها غير أن الفاهم الواعي يرى أن مسيرة البارزاني ونهجه ونضاله ومقاومة البيشمركة وكفاحهم مكسب عظيم وسند قوة لكافة الكورد في كافة أجزاء كوردستان والعالم، وغرب كوردستان يدرك جيداً حجم المساعدات المادية والمعنوية والتعاون والتضامن من حكومة جنوب كوردستان وبالأخص بعد احتلال كري سبي وسري كانيه، فما حصل من تقاربات بين جنوب كوردستان وغربها كان لكلّ ما مرّ تأثير جدّي عليه، غير أن تغريدة مظلوم عبدي التي نشرها عقب استشهاد أحد عناصر بيشمركة كوردستان إثر اعتداءات وهجمات مسلّحي البكك، وحملات حرق مقار ومكاتب المجلس الوطني الكوردي في سوريا قد تُحوّل هذا النسيم الهادئ الدافئ إلى عاصفة هوجاء تدمّر كلّ ما بني خلال أعوام وأعوام!

البكك لا تريد شخصية مظلوم عبدي بل تريد شاهين جيلو!

فهنا هل نستطيع القول بأن مظلوم عبدي تحوّل لشخصه القديم (شاهين جيلو) كما في السابق أم لا؟! نعم نستطيع وهو قيد التحوّل الكبير ومتوجّه نحو البكك وفكره البككي.

فقبل فترة عندما قيّم شاهين عبدي أحداث جنوب كوردستان وأزمات ومشاكل البكك فيها وحلّلها، قال بأنهم سيلتزمون بالحياد تجاه الأحداث الجارية هناك، وأنهم لن ينضمّوا لأية جبهة إذا ما حدثت مواجهات أو معارك، فما الذي حصل خلال 15 أيام فقط كي يغيّر مظلوم عبدي أفكاره ونهجه ونفسيته وقراراته وتقييماته؟!

السبب ممّا لا شكّ في هو ضغوطات البكك وكذلك ضغوطات وتأثيرات عامة إدارة غرب كوردستان، فقبل فترة قلنا مراراً وتكراراً أن مظلوم قد استقى من عيون ماء البكك وارتشف منها، ولا يستطيع التحرّر نهائياً من خصائصه ونفسيته البككية، وأنه لو لم يتوجّه نحو البكك مطيعاً منفّذاً لأوامرها فسينهار لا محالة! وإلا فأين شاهين جيلو من أحداث العمادية؟! وهو يعلم جيداً أن العيار الأول الذي أُطلق خلال تلك المواجهة كانت من جانب البكك، وأن البيشمركة استشهد على يديها، وأنه تمارس استفزازاتها لإغاظة البيشمركة وحكومة الجنوب، كما يدرك جيداً أن البكك -ووفق مصالحها وأطرها الحزبية الضيّقة- تريد منه شاهين جيلو وليس مظلوم عبدي، وأن يكون غرب كوردستان وكراً لها ولمسلّحيها، ولو استطاعت تحويله لشاهين جيلو وتحويل غرب كوردستان لوكرٍ لها فالف سلام ووداع على غرب كوردستان!!

مقالات ذات صلة