بعد الهجوم التذي تعرّضت له عاصمة إقليم جنوب كوردستان أربيل، حيث استهدف ما لا يقلّ عن 14 صاروخاً محيط المدينة ومطار أربيل الدولي، وما خلّفه الهجوم من خسائر بشرية ومادية، من مقتل متعاقد مع القوات الأمريكية وإصابة 9 آخرين.
وفي الوقت الذي خلق الحادث ردود أفعال عالمية وإقليمية، وأبدت الولايات المتّحدة وأوروبا والأمم المتّحدة مواقفها الصارمة والغاضبة تجاه الحادث، مندّدة بالحادث ومتّهمة الفاعلين بالإرهابيين ومتوعّدة لهم بأشدّ العقوبات، في خضمّ كل هذه الأحداث لم نر حزب العمال الكوردستاني البكك قد ولّى الحادث أي اهتمام، غير ما نشرته وكالة (ANF) الرسمية للبكك خبراً مختصراً في ثلاثة أسطر!
هكذا كان الخبر في الوكالة الرسمية للبكك
انفجارات في أربيل
حصل انفجار يوم أمس في حيّ الوزراء في مدينة أربيل بجنوب كوردستان، وقد سمعت المدينة بأكملها دوي الانفجار وخيّمت سحب من الدخان على المدينة!
فقد احتقرت تنظيمات البكك من شأن هذا الهجوم لغاية وكأنه انفجار قنينة غاز، فجلّ ما ذكرته كان: حصل انفجار في أربيل غطى صوته كافة المدينة!
بل حتى اتّضح للمتابع أنها ذكرتها باسم (مدينة أربيل في جنوب كوردستان) فقط دون ذكر أنها عاصمة إقليم جنوب كوردستان!
وقد نشرت فضائية (STERK) خبراً مفاده: في الإقليم، وقعت ما لا يقل عن 3-4 صواريخ في مدينة أربيل!
فيا تُرى لماذا لم تُعِرْ البكك أي اهتمام بهذا الهجوم؟
لو تابعنا وكالة (ANF) والتي تنشر بعشر لغات ولهجات للمنطقة والعالم، لرأينا أنها تطرّقت لهجوم أربيل في القسم الكوردي باللهجة السورانية، فقد نشرت خبراً في هذا القسم حول الهجوم الصاروخي الذي تعرّضت له العاصمة أربيل، غير أنها اهتمّت فقط بتصريحات وزارة الصحة بصدد وجود قتلى وجرحى جرّاء الهجوم.
وفي اللهجة البادينية (كرمانجية) نشرت خبراً في سطر ونصف السطر، جاء فيه: انفجار يهزّ أربيل والدخان يغطي المدينة.
كما أنها نشرت في القسم التركي نفس الخبر.
والحق أننا لا نقول بأن البكك سعيدة ومبتهجة بهجوم أربيل، غير أنها لم تولّي أي اهتمام بالحادث، وبالأخص لمتابعي إعلامهم في قسمي اللغة التركية واللغة الكوردية اللهجة الكرمانجية، بحيث يظهر أن الخبر يهمّ تنظيماتها، فلو كانت البكك تعير أي اهتمام بالحادث لنشرته -على أقل تقدير- في كافة الأقسام وبجميع اللغات كما نشرتها في قسم اللغة الكوردية باللهجة السورانية.
النقطة الثانية والأساس هي أن البكك احتقرت هجوم أربيل ولم تعرها أي اهتمام خوفاً من سخط وغضب شركائها في القدر والمصير (الحشد الشعبي)!
من الذي نفّذ هجوم أربيل؟
بعد الهجوم مباشرة وبوقت قصير، أعلنت ميليشيا تابع للحشد الشعبي يدعى (سرايا أولياء الدم) مسؤوليتها عن الهجوم، وهي جماعة انضمت لراية الحشد وصفوفها في الآونة الأخيرة، وهي ضمن صفوف حزب الله العراقي أبرز أجنحة الحشد الشعبي.
والكلّ يعلم جيداً أن البكك تربطهم علاقات جيدة مع الحشد الشعبي، بل وصل التنسيق بهما لغاية النضال والكفاح لتحقيق هدف واحد في شنكال ألا وهو حماية مشروع (الهلال الذهبي) واستراتيجيات إيران في المنطقة ضمن ما يسمّى بـ “محور المقاومة”، فمسلّحو البكك يستلمون رواتبهم هناك من الحشد الشعبي، ويتمّ تسليحهم من قبله، وكلّ هذه عوامل وأسباب تكاتفت لئلا تعير البكك أي اهتمام بالحادث لئلا تضطرّ لاتهام الحشد وإدانته وإغضابه، ومن ثمّ التأثير في علاقاتها مع الحشد وإضعافها!
لو كان بمقدور البكك لاتهمت حكومة الجنوب والبارتي بالوقوف وراء الحادث!!
لم تمرّ أية فرصة أمام البكك دون استغلالها وتسخيرها ضد حكومة جنوب كوردستان وتوجيه أصابع الاتهام لها، ففي كلّ معضلة ومشكلة دأبت البكك على اتهام حكومة الجنوب بإحداثها والوقوف وراءها! وقامت بتشغيل ماكناتها الإعلامية بأبشع صورة وأخبثها ضد حكومة الجنوب والبارتي، بدءاً من معضلة زيني ورتي ووصولاً لاتفاقية شنكال ومروراً بأحداث واحتجاجات مدينة السليمانية، فهذه كانت أمثلة حيّة لمواقف البكك المعادية والمتّهمة لحكومة الجنوب دون استناد إلى أية أسس صحيحة وبعيداً عن أية مسائل أخلاقية! والحقّ أنه لو كان بمقدور البكك اتهام حكومة الجنوب والبارتي بمسؤوليتهما عن الحادث والوقوف من ورائها لفعلت، غير أنها لم تستطع بأي شكل من الأشكال اتهام حكومة الجنوب والبارتي بهذه الجريمة، لذا رأت من الأفضل ألا تولّي أو تعير أي اهتمام بالحادث!
فهنا ينبغي مساءلة البكك: ألم تعلن سرايا أولياء الدم التابعة للحشد الشعبي مسؤوليتها عن الحادث؟ فلماذا لم تندّدوا بالحادث؟ غير أن الحق هو أن البكك لا تريد إسخاط وإغضاب شركائها وحلفائها من الحشد الشعبي!!
الجدير بالذكر، أن العاصمة تعرضت لاستهداف صاروخي بما لا يقلّ عن 14 صاروخاً بالقرب من مطار أربيل الدولي وعدة أحياء سكنية، أسفر الحادث عن مقتل متعاقد أمريكي وإصابة العديد من المدنيين الأبرياء، أردفه تهديد أمريكي توعّد بإنزال أشدّ العقوبات بالفاعلين.
وقد أعلنت سرايا أولياء الدم الموالية لإيران مسؤوليتها عن الحادث، ذلك الفصيل المسلّح الذي ظهر على الساحة في الآونة الأخيرة، وهو معروف بتبعيته لحزب الله العراقي أبرز ميليشيا الحشد الشعبي الشيعي، نفّذت العديد من الهجمات ضد المصالح الأمريكية والقوات الدولية والبعثات الدبلوماسية للأمم المتّحدة، هذا وقد أدرجت الولايات المتّحدة حزب الله العراقي في لوائح المنظّمات الإرهابية.
وقد تمّ العثور على السيارة التي أطلقت منها الصواريخ من قبل قوات مكافحة الإرهاب لجنوب كوردستان، وأبدت أمريكا موقفها من الهجوم على لسان وزير خارجيتها آنتوني بلينكن، حيث ندّدت بالهجوم بأشدّ العبارات وتوعّد بلينكن الفاعلين بإنزال أشد العقوبات بهم.
كما أبدت العراق موقفها على لسان رئيس الجمهورية برهم صالح، حيث وصف الهجوم بالإرهابي والجبان، كما أدان رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي الهجوم وطالب بتشكيل لجنة مشتركة تحقيقية للكشف عن الجهة المسؤولة للهجوم.
كما ندّدت الأمم المتّحدة والمجتمع الدولي والدول الأوروبية الهجوم وعدّدوه عملاً إرهابياً وسابقة خطيرة تهدّد المنطقة.