شكراً قاراسو!!!

شكراً قاراسو!!!

قاراسو يشاطرنا النقاش

الجزء الثالث

كما قلنا بأن تجاذب أطراف الحديث مع قاراسو ممتع ومشوّق، وبالأخص حول عبارته الجريئة (هناك سياسة إبادة جماعية ضد الكورد تُحاك في إمرالي!) آنذاك شاهدنا أحد الكريلا -مقاتلي هذه التنظيمات- شارك في نقاشنا الودّي، وقال بأن قريلان قد قال: سنواصل مقاومتنا ونضالنا بروح التضحية والفداء للقائد ئابو!

كيف ستواصلون مقاومتكم يا صديقي بروح التضحية والفداء لزعيمكم المسجون؟! هلّا أخبرتنا سيد قاراسو كيف ذلك؟ فنحن لا نفهم فحسب؟!

قال قاراسو: نعم، أنتم لا تفهمونها، فهذه عبارة فلسفية لا يفهمها إلا من له إحاطة جيدة بمبادئ الفلسفة ويهضمها جيداً! فأنتم رجعيون وقوميون، لهذا من الصعب أن تستوعبوا مثل هذه العبارات!

فاضطررنا لمواصلة النقاش واستمراره، فقلنا: ما نعرفه أن “مظلوم” كان رمزاً للنضال والمقاومة لأنه أعدم نفسه لئلا يقع أسيراً بيد الأتراك، وكي لا يكون عصى الطاعة بيد الدولة التركية، فقرّر إعدام نفسه خلال الاستحمام وفعل!

كذلك فرهاد كورتاي ورفاقه (فرهاد كورتاي، نجمي أونن، أشرف أنيك ومحمود زنكين) فهم رموز التضحية والنضال والفداء، فقد قرّروا حرق أنفسهم يوم 18 أيار عام 1982، ففعلوا ذلك مردّدين مقولتهم الشهيرة (تحيا كوردستان) وأشعلوا نار الحرية بأجسادهم الطاهرة.

غير أننا لم نلاحظ أية أعمال فدائية وبطولية جريئة لدى المحترم ئابو!!

فأجاب قاراسو: نعم هؤلاء الرفاق كانوا رموزاً للتضحية والفداء والمقاومة، ولكن لماذا لا تقول مثل هذا الكلام بحق الزعيم القائد؟!

فقلنا: اسمع جيداً يا صديقي، فـ “ئابو” الذي تتحدّث عنه لم يطلق ولو عياراً نارياً واحداً مدى حياته في جبهات التضحية والفداء والنضال والمقاومة، ولم يأكل كسرة خبز قطّ في الجبال ووراء الصخور كباقي المناضلين، ولم ينم ولو ليلة واحدة في كهف أو قام بحراسة رفاقه كما هم فعلوا، وعندما اشتدّت أوضاعه في الشمال -كوردستان تركيا- وتعقّدت، فرّ من هناك نحو سوريا مرتدياً لباس نساء، بل ولم يجرء على إدامة حياته هناك أيضاً -أي في كوردستان سوريا روج آفا- فتوجّه نحو سهل البقاع بلبنان، وهناك أنشأ علاقات مع الأحزاب الفلسطينية، وشاطرها معاداة إسرائيل مقابل إيوائه هو ورفاقه، وإمدادهم بالسلاح والنقود -الدعم المالي واللوجستي المسلّح- ففتح هناك أكاديمية (كوركماز) على حساب الأحزاب الفلسطينية ومعوناتها، وبدأ بممارسة أنشطته هناك، بعدها توجّه نحو دمشق وسكن في فيلا كبيرة وأذعن للنظام السوري ومؤسّساته الاستخباراتية وانصاع لأوامرها متذرّعاً بحمله العداء لإسرائيل وتركيا، كون الدولة السورية كانت تناصب العداء لكلّ من هاتين الدولتين آنذاك، وللعلم فإن ئابو كان يعيش هناك حياة الملوك والأمراء، وبعد تعقيد الأوضاع بين سوريا وتركيا، تطرد سوريا ئابو من أراضيها، وعوض توجّهه للجبال جنباً إلى جنب مع الكريلا وحمل السلاح ومحاربة الدولة والنضال والكفاح، توجّه لأوروبا بطرق غير شرعية وغير قانونية إلى أن تمّ القبض عليه بتعاون إسرائيلي، وسلّمته إسرائيل لتركيا كثأر لها نتيجة مواقف ئابو وأنشطته المعادية لها.

وعندما أقلته الفرقة الخاصة التركية على متن الطائرة لنقله إلى تركيا كان أول مقاومة للزعيم القائد هو مقولته الشهيرة: “أمي -والدتي- تركية، وأنا أحب تركيا، وأنا على أتم الاستعداد لخدمة الدولة التركية!!” وعند سجنه في إيمرالي، تغيّر كلّ شيء فجأة، فتغيّرت استراتيجية الـ pkk وأهدافها من المطالبة بدولة كوردستان الكبرى المحرّرة لتنتهي وتقف عند المطالبة بأخوة الشعوب وتحقيق الميثاق الوطني التركي -ميساقا مللي-!!

فلو عُدّ ما قلناه من مواقف لا رجولية لزعيمكم مقاومة ونضالاً وتضحية وفداءً، فما فعلته قوات الكريلا من ترك سواتر المعارك وجبهات القتال وإخلائهم لكوردستان تركيا -شمالي كوردستان- للدولة التركية، والتوجّه لجنوبها -إقليم كوردستان- ليعيدوا نفس السيناريو في الجنوب ويسلّموه للأتراك المحتلين ويخضعوه لسيطرتهم وتحقيق الجانب الجغرافي للميثاق الوطني التركي -ميساقا مللي- لَهُوَ عين الصواب والحقيقة، وهي بالتأكيد فلسفتكم التي لا نفهمها ولا نستوعبها!!

مقالات ذات صلة