في تطور غير مسبوق للخلافات الداخلية بين قطبي الاتحاد الوطني الكوردستاني، الرئيسين المشتركين للحزب، بافل طالباني ولاهور جنكي، والتي ظهرت قبل أيام إثر إجراء تغييرات إدارية في المناصب العليا، استخدم (بافل)، لنفسه مسمى الرئيس عوضاً عن الرئيس المشترك، في بيان رسمي نشره اليوم، رغم لقاء جمع الطرفين يوم أمس ما أوحى بقرب حلحلة الأزمة.
وحدث الخلاف، بعدما عمل بافل طالباني على منح منصب رئيس مؤسسة المعلومات والتي تقوم بمهام استخبارية للحزب، لشخصية مقربة منه وهو “أجي أمين”، الضابط البارز في مؤسسة مكافحة الإرهاب التابعة للاتحاد الوطني الكوردستاني، وطال التغيير الآخر، منصب رئيس مؤسسة مكافحة الإرهاب في الحزب، والذي كان يديره، بولاد شيخ جنكي، وهو شقيق لاهور شيخ جنكي، حيث عيَّن بافل طالباني، الضابط البارز في مكافحة الإرهاب، وهاب حلبجيي لتولي المنصب، وهذا ما جعل الاتحاد على فوهة بركان في السليمانية، كما جعل المتابعين للوضع يتساءلون هل هذه بمثابة الضربة القاضية التي يوجّهها بافل وشقيقه قوباد للاهور؟ أم أن الأمر مجرّد تغييرات كلاسيكية في هيكلة الحزب؟!
وفي خضمّ هذه الخلافات، استخدم مكتب بافل طالباني اليوم، مصطلح “الرئيس” عوض “الرئيس المشترك” لبافل، وعلى هذا الأساس، تمّ عقد اجتماعه الأول السياسي مع حيدر العبادي، رئيس تحالف (النصر) ورئيس الوزراء العراقي الأسبق.
كما غيّر بافل صفة “الرئيس المشترك” بـ “الرئيس” فقط على كافة مواقعه على التواصل الاجتماعي (فيسبوك-تويتر).
ووفق المعلومات التي حصلت عليها موقعنا (داركا مازي) من مصادرها الخاصة في السليمانية، فإن بافل طالباني قد أخطر المقار الحزبية بإلغاء نظام الرئاسة المشتركة، وأصدر تعليمات لهم بتبني نظام الرئيس الأوحد ناصباً نفسه “رئيساً” للاتحاد الوطني الكوردستاني، كما وأخطر كافة وسائل إعلام الحزب.
هذا، والاتحاد الوطني كان قد عقد مؤتمره الرابع قبل عامين (كانون الأول 2019) أحدث فيه وللمرة الأولى نظام الرئاسة المشتركة، وتمّ اختيار (بافل ولاهور) رئيسين مشتركين للاتحاد.
ومنذ ذلك الوقت، بدأ لاهور بحملة تغييرات جذرية في مناصب الاتحاد ومقاره ومؤسّساته عامة، ومارس سياسة التهميش والإقصاء تجاه عموم قادة ومسؤولي الاتحاد وعلى رأسهم بافل طالباني والعائلة الطالبانية، كما وسخّر أهم مؤسّستين في الحزب (المعلوماتية وجهاز مكافحة الإرهاب) لتحقيق أهدافه وتحقيق مصالحه الشخصية، ما جعلت الأصوات المعارضة لهذه السياسة المنبوذة في الاتحاد ترتفع أكثر فأكثر، وبالأخص فيما بين كوادر الحزب المتقدمين والمؤسّسين للحزب.
أسوأ سنة ونصف في تأريخ الاتحاد
منذ كانون الأول 2019، ولغاية الـ 8 من تموز هذا العام 2021، تعتبر المدة المذكورة أسوأ مدة في تأريخ الاتحاد على الإطلاق، إذ صنع لاهور خلال هذه الفترة عدّة أجنحة في الحزب، وأخضع الحزب لسيطرة شبه تامة لحزب العمال الكوردستاني الـ PKK، ومارس شتى صنوف الجرائم والجرائر، منها تسليم مصطفى سليمي للسلطات الإيرانية، واغتيال ئامانج بابان وزوجته وطفله، كما عقد اتفاقات سرية مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية وحزب العمال الكوردستاني (PKK) غضافة لاعتقال وتغييب بيشمركة كوردستان “سمكو بنفشي” وأكبرها إفشاء الدور السرّي لجهاز مكافحة الإرهاب التابع للاتحاد والذي كان يترأسه لاهور جنكي في قضية اغتيال قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني “قاسم سليماني” وفق ما نشره موقع (ياهو نيوز) الأمريكي، وآخرها الاستيلاء على إيرادات محافظة السليمانية والتي يتمّ إرسالها لحكومة إقليم كوردستان لغرض صرف رواتب الموظفين.
وكان صوت بافل طالباني غائباً بشكل تام تقريباً منذ انعقاد المؤتمر، ما خلق لديه حالة بركان يصعب السيطرة عليها إن لم يكن مستحيلاً، وفهم أسس اللعبة الجديدة جيداً، وأدرك أن سياسة التهميش والإقصاء التي تُمارس ضده قد تكون نهايته الوشيكة، وأن عائلة لاهور جنكي انحرفت عن مسيرة الكوردايتي القومية الحقة، كما أدرك بما لا يقبل الشكّ إطلاقاً أن لاهور جنكي كان يستخدمه مجرد درع لتحقيق مصالحه الشخصية، فبدأ بعملية قصّ الأجنحة بحق لاهور وأجنحته التي باتت تسيطر على الإتحاد حتى المخيخ.
وكان أهمّ تغييرين قام بها بافل طالباني وشقيقه قوباد طالباني رئيس فريق الاتحاد الوطني في حكومة إقليم كوردستان، هما: تغيير مسؤول الاستخبارات (المؤسّسة المعلوماتية) ورئيس جهاز مكافحة الإرهاب، وقد عقّب بافل على التغيرات بقوله: هاتين المؤسّستين كانتا تنفّذان أجندات ومصالح شخصية، وحان الوقت لتقوما بدورهما على الأساس الذي وضعه الراحل مام جلال.
كما وكشفت مصادرنا في إقليم كوردستان، أن بافل أحدث هذه التغييرات على مرأى ومسمع جميع مسؤولي الاتحاد وعلى رأسهم لاهور جنكي، وبشكل علني، كما وكشف عن الاجتماع الذي جمعه بلاهور جنكي في 8 من الشهر الجاري، وأنه أخبر لاهور بأن نظام الرئاسة المشتركة كان مصيره الإخفاق والفشل، وتمّ إلغاء هذا النظام، إلا أن لاهور رفض الأمر، ما اضطر بافل إلى اتخاذ خطوات أحادية الجانب هذا اليوم، فألغى نظام الرئاسة المشتركة، وسمّى نفسه بـ”رئيس” الاتحاد، كما وأخطر كافة مقار ومؤسّسات الاتحاد بهذا الأمر وفق بيان رسمي.
والجدير بالذكر، أن غالبية أعضاء المجلس القيادي للاتحاد وكوادره وأعضائه المؤسّسين يميلون لما أطلقه بافل من تغييرات في الاتحاد منذ أيام.
هذا، وحصول بافل على أصوات 128 من أصوات أعضاء مجلس القيادة مقابل حصول لاهور على 85 صوتاً، في المؤتمر الرابع للحزب جعل الأول يشعر بأنه في موقع أقوى من نظيره ما يعطيه أحقية إصدار القرارات بشكل أحادي وإلغاء نظام الرئاسة المشتركة.