بقلم: سمكو عبد العزيز
الجزء الأول
دوران كالكان، أحد كبار قادة الـ PKK وصنّاع قرارها، اجتاز سنّ الخمسين عاماً، أمضى غالبية عمره بين الوديان والتلال وجبال كوردستان، غير أنه لا يعرف لغاية الآن التحدّث باللغة الكوردية علماً أن بداية حديثه وختامه يدور حول الدفاع عن القومية الكوردية!!
بداية، أردت القول لهذا الحقير المهان، لو كنت فعلاً تحمل في قلبك هذا الكمّ الهائل من الهمّ والغمّ لهذه الأمة وتراثها ولغتها، وحماية تربة وطنها كوردستان، فما الذي وقف حائلاً أمامك من عدم تعلّم وفهم لغة هذه الأمة؟!
فـيا “كالكان” أنت تعرفني جيداً كما أعرفك جيداً، فقد كان لدينا العديد من الأخوة الأتراك الذين انخرطوا في صفوف التنظيمات، ولم يكونوا يعرفون اللغة الكوردية إطلاقاً لا تحدّثاً ولا فهماً، غير أنهم يعرفون هذه اللغة الآن كلغتهم الأم جيداً، فما هي الأسباب التي جعلتهم يتقنون هذه اللغة بحيث وصل الأمر بهم إلى كتابة الروايات والقصائد والقصص باللغة الكوردية؟ غير أنك لغاية هذا اليوم لا تفهم اللغة الكوردية ولا تعرف التحدّث أو الكتابة بها! فلو كنت تملك أدنى شعورٍ أو إحساس أو فكرٍ لكنت سألت نفسك عن الأسباب التي منعك من ذلك! فهلّا تعلّمت هذه اللغة -على أقل تقدير- خجلاً أو من أجل التستّر على استراتيجيتك وتنظيمك!
فهل تتذكّر عندما سألتك وناقشت معك في تسعينيات القرن المنصرم في سهل البقاع، عندما قلت لك: “صون اللغة وحمايتها أعظم وأهم من صون الأرض” فقلتَ لي: وكيف هو أهمّ يا رفيقي؟ فقلت: “لو ضاعت لغتنا فمن الصعب إن لم يكن مستحيلاً إرجاعها واستعادتها، وأتيت لك ببعض الأمثلة التي حدثت في العالم، ولكن لو احتلّت الأرض، فقد يأتي يوم ونملك قوة عسكرية ونستطيع تحريرها واستعادتها، وذكرت لك منطقة جلي وشرنخ كأمثلة على ذلك…”.
وهل تتذكّر عندما أردت أن تبدي نفسك محقّاً في نقاشنا هذا، فدعوت مسؤول الثقافة والفن في تنظيماتكم ليكون حكماً في نقاشنا هذا، غير أن الأغرب في الأمر هو أن مسؤول الثقافة والفن لم يكن يعرف شيئاً عن اللغة الكوردية أيضاً!! فقلت له: “ما هي الفلسفة الأساسية للثقافة يا رفيقي؟ فقال صون اللغة وحمايتها وتطويرها وتنميتها، فقلت له: إذاً فكيف يجوز أن تكون مسؤولاً عن الثقافة والفنّ بينما لا تعرف شيئاً عن اللغة الكوردية؟ فقال لي: اذهب واسأل القائد آبو! فهو من وظّفني لهذا المنصب والمهمة علماً أنه يعرف بأنّني لا اعرف اللغة الكوردية، آنذاك، قلت بأنّي أنتقد القائد آبو أيضاً بسبب عدم معرفته للغة الكوردية وعدم اهتمامه بها إطلاقاً!
وهل تتذكّر عندما غضبت وقلت: كيف تنتقد القائد وتقول له بأنك لا تهتمّ باللغة الكوردية؟ فقلت: رفيقي كالكان، لو كان القائد مهتمّاً باللغة الكوردية لما كانت هناك دورة واحدة باللغة الكوردية بين أربع دورات تربوية أجريت في سهل البقاع؟! ومع أن كوادر هذه الدورة الوحيدة كانوا من جنوب كوردستان وغربها وشرقها كانت اللغة التركية من ضمن الحصص التي تأخذها هذه الدورة في حين لم تكن اللغة الكوردية تدرس في الدورات التي كانت باللغة التركية!
هل تتذكّر عندما قلت: يجب أن تُدرس اللغة الكوردية في تلك القاعات لكي يتعرّف الرفاق كلهم على اللغة الكوردية ويفهمونها ويعرفونها.
وهل تتذكّر أنكم سجنتموني لمدة شهر من أجل هذا النقد! وبعدما أمضيت عقوبتي في السجن طلبتم منّي كتابة تقرير نقد ذاتي أعترف فيه بخطئي، وأنه لا يجوز لي انتقاد القائد واستراتيجية التنظيمات بأي شكل، وأني ما زلت طفلاً!!
رفيقي، ها قد طلعت النتائج، وكشفت من المخطئ ومن المصيب! فاليوم، حزب العمال الكوردستاني هو المتسبّب الرئيسي في كون مدينة مثل “ئامد” والتي تعتبر عاصمة الكورد ألا يتخطّى عدد المتحدّثين باللغة الكوردية حاجز الـ 7% من قاطنيها!! كما أن عموم اجتماعات قنديل هي باللغة التركية…
لهذا، فليتحدّث أي كان عن القومية الكوردية وكوردستان وصون اللغة والتراث الكوردي سواكم أنت وتنظيماتك، غير أنه ما العمل؟! فيا ليتني كنت أملك نعلاً -حذاءً- من خدّيك!