الـ “جحوشية” هوية الـ PKK الإقليمية

يتعرّض إقليم كوردستان لهجمة شرسة من كافة وسائل إعلام الـ PKK وسياسييها وعموم مؤسّساتها الذكورية والنسوية وقدامى برلمانييها وإعلامييها وغيرهم، وممّا لا شك فيه أن الهجوم يستهدف نضال البارزاني الدؤوب، ورغم تجنّب وسائل إعلام الـ PKK باللغة الكوردية -بعض الشيء- هذه المعركة الشرسة التي أشعلتها الـ PKK نظراً لحساسية الشعب الكوردي، غير أن قسم اللغة التركية في إعلامها بني على معاداة البارزاني، وآخر حملاتها الهوجاء انطلقت عقب المشاهد التي انتشرت على وسائل الإعلام المحلية والإقليمية لزيارة رئيس حكومة إقليم كوردستان مسرور بارزاني لتركيا، فحاولت ماكيناتها الدعائية تنظيم حملة دعائية مندّدة لها، فقامت صحيفة (أوزغور بوليتيكا) والتي تذاع باللغة التركية بنشر صور اللقاء الذي جمع البارزاني برئيس الجمهورية التركية أردوغان تحت مانشيت (جەردەڤان-أي-الجحش)!

وهنا حقيقة ينبغي على الكلّ الإلمام بها، يكمن جوهرها في البحث عن المرتزقة والجحوش في كوردستان فالـ PKK من أكبر الجحوش في المنطقة، والحقيقة هي أن الوقت قد حان لإطلاق لقب (الجحش) على الـ PKK بشكل رسمي وعلني، بل كان الأولى إطلاق هذه التسمية عليها عندما قامت بارتداء زيّ الحشد الشعبي لمسلّحيها في شنگال ورفعها العلم العراقي هناك، آنذاك، كان من الواجب على الرأي العام الكوردي تعريف الـ PKK بجماعة المرتزقة والجحوش في كافة أجزاء كوردستان، أما الآن فينبغي إطلاق هذه التسمية رسمياً على هذه التنظيمات، وأن يقال بأن: “الـ PKK حركة جحوشية، وميليشيات مرتزقة والجحوشية هويتها الإقليمية رسمياً، فهي تأسّست لخدمة الدول الأربعة المحتلة لكوردستان ضد أي مكتسبات أو تطلّعات كوردية” كما ينبغي إفشاء الأب الحقيقي للـ PKK رغم ازدواجية الوالد بين كلّ من تركيا وإيران!

فالـ PKK مرتبطة بتركيا عن طريق سرّتها -عبد الله أوجلان- بينما ارتباطها بإيران فهو عن طريق جميل بايك، بمعنى أنها ترضع من هاذين المركزين وتتلقّى أوامرها منهما، ولو تمّ قطع أحد هذين الحبلين السريين لانتهت الـ PKK وقضي عليها بالكامل، ولهذا فالـ PKK ضامنة لأجندات هاتين الدولتين، فعندما حظي إقليم كوردستان بموطإ قدم في أسواق النفط العالمية عقب الحرب الروسية الأوكرانية، هذا الوضع المستحدث لم يتماشى مع رغبات إيران وتركيا، ما أدى لعدوان ثلاثي (تركي وإيراني والـ PKK) على إقليم كوردستان، فالأمر لم يكن حدثاً مفاجئاً إطلاقاً.

فوظيفة الـ PKK تنحصر في عدم فسح المجال لبناء إقليم قوي ومزدهر، ولو منيت بالفشل في أداء هذه المهام فلا بدّ أن تسدّد فاتير باهظة لأولياء أمورها (تركيا-إيران) لذا فهي تعادي الإقليم بكلّ ما أوتيت من قوة، بل هي على أتمّ الاستعداد لتدمير نفسها لتحقيق هذا الهدف، فهي تحرّف كلّ حقيقة راساً على عقب بأكاذيبها وافتراءاتها.

مثال ذلك زيارة مسرور بارزاني لأنقرة، فهذه الزيارة ينبغي أن تكون مصدر فخر وشرف لكلّ كوردي، فالزيارة بحدّ ذاتها مكسبٌ وطني وقومي، فقبل مئة عام مضت، وبعد انتفاضة ئاكري، الجمهورية التركية التي كتبت آنذاك (كوردستان الخيالية مدفونة هنا) أجبرت اليوم على استقبال سياسي وقيادي كوردي على مستوى رئيس الجمهورية!

فتركيا التي رفضت إقليم كوردستان عام 1992 ولم تحترمه، ها هي اليوم مرغمة على تطوير علاقاتها الدبلوماسية مع إقليم كوردستان، وتتعامل معه كندٍ وجار، فيستقبل رئيس جمهوريتها رئيس وزراء كوردي لإقليم كوردستان، وهل هناك شكوك أن هذا مكسب عظيم للشعب الكوردي؟! نعم، هذا المكسب مكسب لعموم الكورد، فكيف لا نفتخر به؟! علماً أن الدولة التركية لم ترغب بالوضع القائم ولم تطب به نفساً ولو ليوم واحد، وجميعنا يعلم هذا كما يدرك زعماء وقادة إقليم كوردستان هذا الأمر جيداً.

غير أن الـ PKK لم تقدر على رؤية هذه المكتسبات تتحقّق أمام ناظريها، ولم تتقبّل الاعتراف بحقيقة أن إقليم كوردستان أقوى من تركيا في أسواق النفط، نعم، بإمكاننا الرّدّ على كلّ من يقلّل من هذا اللقاء ويحاول تشويه إطاره، إلا أن الأهم هو أن يفتخر الكورد بوصول نفطهم لأسواق النفط العالمية وأن تشهد هذا الإقبال العظيم.

فقبل كلّ شيء، ينبغي أن نوضّح أن الموقف العدواني للـ PKK تجاه إقليم كوردستان، والسيناريوهات المفبركة والمضلّلة التي تحيكها لا يستفيد منها أحد سوى إيران وتركيا، فالـ PKK تسير وفق أجندات هذه الدول في إقليم كوردستان، ولا تسمح للاستقرار أن يخيّم على إقليم كوردستان حتى يزاول الإقليم سياسته المعتدلة والمرنة، كما أن العداوة المفرطة لإيران تجاه إقليم كوردستان إنما تقف وراءه الـ PKK، فالـ PKK استولت على المفصل الأساسي لسياسة الإقليم تجاه إيران، فالـ PKK قد عقّدت كثيراً من محاولات الإقليم الرامية لبناء علاقات طبيعية ومتوازنة مع تركيا.

فكما قال عبد الله أوجلان لتركيا في سجنه بإيمرالي: “لن نسمح للبارزاني بتنفس الصعداء، سنجبرهم على الالتجاء إليكم” فكذلك كرّر جميل بايك نفس أقواله لإيران

فالسبب الحقيقي وراء شنّ الـ PKK لهذا الكمّ الهائل من الهجمات على إقليم كوردستان بجانب أعظم قوتين إقليميتين (إيران وتركيا) إنما هو لإرسال رسالة لهما مفادها “إنّني هنا، لن أسمح لكم بالاحتياج للبارزاني، بل سأخنقهم، فلا وجود لإقليم كوردستان!” فالحق أن ما تفعله الـ PKK يتعدّى أطر الجحوشية والارتزاق بأشواط، فالـ PKK تقتات على الاعتداء على الكورد.

فلا تفسيرات لعداوة الـ PKK لإقليم كوردستان سوى ما ذكرناه، ولا توجد أية أسباب منطقية أو تغييرات براغماتية، بل السبب الوحيد هو أن الـ PKK ترى وجودها على دمار الكورد كما بنت وجودها على القضاء على إقليم كوردستان،

فمنذ عام 2000 ولغاية الآن، لم يستشهد أي گريلا على يد بيشمركة كوردستان، كما لم يقدّم أية معلومات للجيش التركي، والـ PKK تعلم هذا جيداً إلا أنها وكما قلنا تقتات على الأكاذيب والافتراءات.

فهناك أطراف إقليمية ودولية معادية للكورد تقف وراء هجمات الـ PKK على إقليم كوردستان، ونحن نعرف هذا حقّ المعرفة، وما تنشره الـ PKK من ادّعاءات حول حقوق المرأة والمساواة والأزمات الاقتصادية والديمقراطية كلهاّ محض أكاذيب، بل الحقيقة الكامنة وراء هجمات الـ PKK العدوانية على إقليم كوردستان هو وقوفها في جبهة من يحاول القضاء على إقليم كوردستان، ولهذا نقول وبلا أدنى تردّد إن الـ PKK حركة ارتزاق وجحوشية، ترتبط بإيران وتركيا عن طريق سرّتها!

مقالات ذات صلة